تظل تنمية الصناعة السعودية للمساهمة في تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل خيارا استراتيجيا لا حياد عنه. ولأن المدن الصناعية في المناطق هي الأساس الذي تنطلق منه التنمية الصناعية، كان علينا أن نبحث عن أحوال تلك المدن لمعرفة حالة الصناعة لدينا، ومدى قدرة المصانع على تحقيق الإستراتيجية الصناعية التي وضعتها الدولة، وبحث المعوقات التي تعترض سبيل انطلاق المصانع والصناعيين.
واللافت أننا حينما بحثنا هذا الأمر مع عدد من الصناعيين وكان سؤالنا الأساس لهم: "ما هي الصعوبات والمعوقات التي تواجه الصناعة السعودية؟ فوجئنا بقائمة من الصعوبات لها بداية ولكن لم نستطع الوقوف على نهايتها، بدءا من البنية التحتية المتردية في المدن الصناعية، طول الدورة الإجرائية للحصول على التراخيص اللازمة لكثرة الاشتراطات، ضعف الدعم، خصوصا للمصانع الصغيرة، وصعوبة الحصول على تمويل من البنوك لكثرة الاشتراطات المطلوب توافرها للرهون، صعوبة الحصول على عمالة.
ولفت الصناعيون إلى أنه رغم كثرة المعوقات فإن الصادرات السعودية غير البترولية، ومعظمها منتجات صناعية استطاعت، وفقاً لتقديرات مؤسسة النقد العربي السعودي"ساما"، أن تصل قيمتها في العام 2010 م إلى 124 مليار ريال، بزيادة نسبتها 14 في المائة عن العام السابق.
بعدما أنهينا جولتنا على المدن الصناعية، أو الأراضي المخصصة لكي تكون مدنا صناعية نموذجية، توجهنا إلى الصناعيين نستمع إليهم وننقل همومهم لعلها تجد صدى لدى المسؤولين، لعلنا نقدم بذلك ولو جزء يسيرا يصب في مصلحة الوطن.
لا يوجد غير الغبار
كانت البداية مع عضو الغرفة التجارية الصناعية في جدة أحمد المربعي الذي تساءل عن مدينة جدة الصناعية قائلا: هل المنفذ في جدة 2 هو عمل ثلاث سنوات؟ وأضاف نتمنى أن تعجل هيئة المدن الصناعية ومراكز التقنية في الانتهاء من البنية التحتية لتقوم الصناعة بشكل سريع.
وأضاف أن من يرغب في بناء مصنع في جدة 2 الآن لن يجد غير الغبار، فالبنية التحتية غير موجودة والشوارع غير مكتملة، مستدركا بقوله: قبل أن نبدأ في جدة 2 يجب أن تكتمل جدة 1، ونتمنى من هيئة المدن أن يكون عندها جدول يبين لنا متى تنجز وعودها، فلو نعلم أن هذا الشارع سينتهي بعد 8 أشهر، سنتظر الثمانية أشهر.
10 ريالات لجدة سعر عادل
وتابع متسائلا: "لماذا سعر تخصيص متر الأرض في جدة بخمسين ريالا، فيما لا يتجاوز في مدن صناعية آخرى أربعة ريالات إذا لم تساعد الهيئة أصحاب المصنع فمن هو الذي يساعدها، الأولى أن يستفيد صاحب المصنع من المبلغ في الأعمال الإنشائية، من هنا نطلب في جدة أن نعامل أسوة ببقية المدن في المملكة، ولا يزيد سعر تخصيص الأرض عن عشرة ريالات، وهو سعر عادل وأكثر من ذلك ظلم، خصوصا بالنسبة إلى المدن الجديدة في جدة 2 و3 و4 إذ أن الأراضي التي تجاورها أرخص منها".
وزارة للصناعية
ولا يكتمل الحديث عن الصناعة من دون أن يكون لعضو اللجنة الصناعية في غرفة جدة حسين أبو داود، فيه رأي، إذ يصف الصناعة بأنها تمر في حالة من التردي منذ فترة طويلة خصوصا بعد دمج الصناعة مع التجارة وهو الأمر الذي انعكس على قلة الميزانية المخصصة للصناعة.
وأضاف طالبنا الوزير بوضع حد لهذا التردي فأجابنا بأنه طلب 16 مليارا من أجل المدن الصناعية. والسؤال كم من المبلغ المطلوب اعتمد لهذه المدن لأننا لا نرى عملا على الأرض، حسب تعبيره!. وقال لماذا تطلب هيئة المدن 50 ريالا سعر تخصيص المتر في جدة، والبنية التحتية صفر؟ هل جدة ليست من المملكة لماذا المناطق الأخرى لا تطالب بمثل هذا السعر؟.
وأضاف، وعلامات الانفعال بادية عليه، "المشكلة الأساسية في عدم وجود من يهتم بالصناعة، يجب تخصيص وزير خاص للصناعة فوكالة في الوزارة لا ترتقي إلى مستوى ما يحتاجه الصناعيون في المملكة، يجب أن تكون هناك وزارة تختص بالصناعة وتطويرها ودعمها".
البتروكيماويات ليست كل شيء
وتابع قائلا: الدولة لا تقصر في دعم الصناعيين في الجبيل وينبع، واعتمدت لهم الميزانية 7 مليارات ريال، إضافة إلى تخصيص "الجبيل 2"، ومع هذا لم يعتمد نفس المبلغ لكل المدن الصناعية في المملكة، ولا في السنة التي قبلها، وهذا دليل على أن هناك أناسا يؤمنون بأن صناعة البتروكيماويات هي المستقبل، والصناعة القائمة، التي تسمى الصغيرة، هي مجرد كلام مع أنها هي العمود الفقري وهي التي تقدم المنتج النهائي للمستهلك.
أموال صندوق التنمية
وتطرق إلى صندوق التنمية الصناعية فرأى أن معظم أمواله تذهب، ليس إلى المصانع الصغيرة، وإنما إلى لشركات الكبيرة أبو مائة مليون وأكثر، والتي تعود ملكيتها لأصحاب الأموال المتنفذين،على حد تعبيره، مضيفا إذا سألنا عن المبالغ التي أعطيت إلى المصانع الصغيرة، والمليارات التي صرفت للمصانع الكبيرة، ستجد إن المصانع الصغيرة لم تحصل إلا على الفتات، فإذا ذهبوا إلى البنوك لا يحصلون على قروض إلا بألف رهن ورهن، وبالتالي كيف تستطيع هذه المصانع أن تنطلق وتتقدم في ظل هذه المعوقات.
وقال إنه إذا طلبنا من وزارة التجارة والصناعة أن تطبع كتيبا عن المصانع وأصحاب المصانع للصناعات الوطنية بعناوين صحيحة ومواقع صحيحة، ستجد أنه لا يوجد إلا خمسة في المائة حقيقي والبقية هي عبارة عن تراخيص وهمية تستخدم لاستقدام العمالة.
الاستعانة بالمنظمات العالمية
وأضاف أن عدم وجود وزارة لديها الإمكانيات المالية والفنية، وعدد كاف من الموظفين للإشراف على المصانع القائمة، أو التي ستنشأ في المستقبل وتقديم الاستشارات الفنية، لهم يجعلنا لا نرى ضير في الاستعانة بالمنظمات العالمية الدولية، فهناك الكثير منها مستعدة لمساعدة المصانع الصغيرة بالاستشارات من غير تكلفة، مطالبا بوقفة تصحيحية، ومحاسبة المقصرين عن الحال المتردي الذي وصلت له الصناعة.
وعن الحل قال إنه يكمن في دعم الصناعيين بإيجاد وزارة للصناعة والصادرات، وإلغاء هيئة الصادرات السعودية الموجودة في وزارة التجارة، واعتماد مركز تنمية الصادرات الموجود في الغرف التجارية كأساس لهيئة جديدة يعمل على دعمها من خلال فرض رسم على كل عملية تصدير قدرها 1 في الألف يحصل لهيئة الصادرات التي تتبع القطاع الخاص حتى يمكن محاسبتهم. وإضافة إلى ذلك إنجاز وتعديل تنظيم هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية، بوضع ميزانية لها، وتطبيق التزام وزارة المالية في مشترياتها من المنتجات المحلية من خلال إلزام جميع مقاولي الدولة بهذه المنتجات، و تخصيص ميزانية 20 مليار لهيئة المدن الصناعية في السنوات الخمس المقبلة وإلزامها بتطوير وبناء مدن صناعية في جميع إنحاء المملكة وخصوصا في المناطق النائية.
مصلحة وطن
أما رئيس اللجنة الصناعية في غرفة جدة عبدالعزيز السريع فقال إن الصناعة ليست لمصلحة شخص، إنما هي لمصلحة وطن، مشيرا إلى أن الصناعة عندنا تعاني كثيرا خصوصا في عدم توفر أراض صناعية ومطورة ومجهزة ببنية تحتية باسعار منافسة، بهدف توسع المصانع أو إنشاء مصانع جديدة، وكذلك تعاني من مشاكل خاصة بالإعفاءات الجمركية سواء بالتاخير أو عدم إعفاء بعض المواد غير المصنعة داخليا، ومشاكل في نظام السعودة حيث انه لا توجدد نسب معينة لكل قطاع صناعي على حدة, ونقص العمالة السعودية المؤهلة والمدربة لشغل بعض الوظائف بالقطاع الصناعي.
وأضاف أن هناك أيضا مشاكل في التصدير حيث لاتوجد حوافز لتشجيع الصادرات، فضلا عن مشكلة المركزية في اتخاذ القرارات من قبل وزارة التجارة والصناعة، حيث أن أبسط الأمور الصناعية تجري في المركز الرئيسي في الرياض، فيما أصبحت فروع وزارة التجارة والصناعة مجرد مكاتب مراسلات ليس لها أن تتخذ أبسط القرارات.
وإذ شكر هيئة المدن الصناعية على سعيها وجهدها الحثيث لتطوير المدن الصناعية، رأى أن ليس هناك فائدة من هذا الجهود إذا كانت هناك ملايين الأمتار من الأراضي الصناعية غير مطورة ببنية تحتية قوية, خصوصا أن توفير الاراضي الصناعية غير المطورة لا يدعم الصناعة. وسأل: هل لدى هيئة المدن الدعم المالي الكافي لتطوير هذه الأراضي؟ وكيف يمكن حل المشاكل الصناعية القائمة والتوسع في نفس الوقت؟ وقال إن الإستراتيجية المثلى هي أن تعمل هيئة المدن أو شركات خاصة على تطوير هذه الأراضي الصناعية، وبناء البنية التحتية الملائمة للصناعة، ومن ثم عرض هذه الأراضي لتأجير منته بالتمليك, لأن هذا الأمر سيشجع الجميع على الايجار والدفع على عدة سنوات، كما يمكن ان تنشئ هيئة المدن او الشركات المطورة، مبان صناعية نموذجية تؤجر على المصانع، وبهذا نكون شجعنا الاستثمار في الصناعة ووفرنا للصناعيين جزء من رأس المال يمكن استثماره في الآلات والمواد الخام بدل صرفه في البناء والتجهيز. كما أن تخصيص الاراضي الصناعية يكون حسب الصناعة، وفصل الصناعات الخفيفة عن المتوسطة، عن الثقيلة في أماكن مختلفة سيساعد أكثر على التنظيم، وتحديد احتياج القطاع الصناعي بمختلف أحجامه.
وأعرب عن اعتقده بأن الخلل الكبير هو عدم وجود خطة واضحة ومكتوبة لها تاريخ بداية ونهاية ومقسمة الى مراحل ومبينة لخدمة الجميع، وفي نفس الوقت البطئ الشديد في انجاز الاعمال، والروتين الكبير، وعدم التنسيق بين كثير من الدوائر المعنية، وأعتقد أنه يكمن معالجة هذا الموضوع بوضع خطة واضحة للجميع تغطي حاجات المصنعين إلى خمسين سنة تحدد فيها المسؤوليات والواجبات بدقة، ويكون هناك مركز معلومات مجدد ومحدث باستمرار يخدم جميع المصنعين ويلبي احتياجاتهم المعلوماتية.
وعن المصانع المتعثرة دعا إلى إشاء هيئة يرجع اليها جميع الصناعين في حالة التعثر، مهمتها إجراء الدراسات لمعرفة أسباب هذا التعثر إذا كانت مالية أو إدارية أو تسويقية، والعمل على حلها، مشددا على ضرورة تفعيل برامج تشجيع الصناعات الوطنية من خلال إلزام الجهات الحكومية بشراء هذه المنتجات، خصوصا أنه صدرت بهذا الأمر عدة قرارات وزارية لتشجيع المشتريات الحكومية لتكون من المصانع والصناعات الوطنية.
مصانع على الورق
من جانبها كشفت نائبة رئيس اللجنة الصناعية في غرفة جدة ونائبة رئيس اللجنة العليا لإتحاد المستثمرات العرب الفت قباني، عن أن مدينة جدة وحدها شهدت في الآونة الأخيرة إفلاس 15 مصنعاً، في حين يوجد أكثر من ألف مصنع على الورق لا تجد مساحات أرض لإنشائها. وأضافت أن الصناعات الثقيلة هي سبيل المملكة الوحيد للحاق بركب العالم الأول، كاشفة عن أبرز المشاكل التي تواجه الصناع السعوديين وخصوصاً في مدينة جدة، مشيرة أن المشاكل هي نفسها التي يتحدثون عنها منذ (10) سنوات بدون تغيير.
وشددت على أن المشكلة التي تواجه صناع السعودية، وهي منهم، ليست في الإمكانات، بل في الأنظمة التي لم تحدث خلال السنوات الطويلة الماضية، والمركزية التي تعطل سير الصناعات القائمة وتعوق إنشاء صناعات حديثة.
وأضافت أنه لا يختلف إثنان على أن الوضع الاقتصادي في أي بلد يعزز الوضع السياسي، والصناعة هي الدعامة الرئيسية للاقتصاد السعودي وطريقه للمنافسة العالمية، وشخصياً أرى أن أهم المعوقات التي تواجه الصناع في المنطقة الغربية عموما ومدينة جدة خصوصاً، تتمثل في عدم وجود أرض لاستيعاب المصانع الجديدة، فالجميع يعلم أن هناك أكثر من ألف ترخيص لمصانع مازالت على الورق بسبب عدم وجود مكان، ونأمل أن يكون هناك تطوير للمدن الصناعية من خلال تفعيل دور جميع الجهات المعنية وخصوصاًُ وزارة المالية وهيئة تطوير المدن الصناعية لحل هذه المعضلة خصوصاً أن هناك وعود بتمهيد مدينة صناعية متكاملة.
ورأت أن المشكلة ليست في المرافق فقط (الماء والكهرباء والصرف الصحي) بل في المدينة الصناعية نفسها، فهي لم تعد قادرة على استيعاب أي مصنع جديد، والكثيرون مصالحهم معطلة لأنهم يريدون إنشاء مصانع ولا يجدون مكاناً لها، والغريب في الأمر أن مشاكل الصناعيين هي نفسها لم تتغير منذ عشر سنوات، وبصراحة لا نجد التعاون الكافي من الجهات الحكومية، وعلى سبيل المثال أنظمة الاستقدام في مكاتب العمل لا تفرق في إجراءات الاستقدام بين طلب مقدم من بقالة أو حلاق وبين شركة صناعية عملاقة، فالطلب واحد والإجراءات واحدة، وكذلك الحال في بقية الإدارات والجهات الحكومية ذات العلاقة وفي بقية الأنظمة الصناعية، كما أن الأنظمة أصبحت، للأسف الشديد، مترهلة تمثل عائقا أمام تحقيق أهداف التنمية الشاملة، وللأسف هذا هو الواقع، ومن يريد الحل يجب عليه أن يضع يده على الجرح، ولا بد من تفعيل الإستراتيجية الوطنية لتحقيق النمو في القطاع الصناعي إن أردنا أن تصبح المملكة بلداً واعداً في الصناعة، ونحن نكرر كصناعيين في كل لقاء "المشكلات ذاتها ولم يتغير الأمر".
واللافت أننا حينما بحثنا هذا الأمر مع عدد من الصناعيين وكان سؤالنا الأساس لهم: "ما هي الصعوبات والمعوقات التي تواجه الصناعة السعودية؟ فوجئنا بقائمة من الصعوبات لها بداية ولكن لم نستطع الوقوف على نهايتها، بدءا من البنية التحتية المتردية في المدن الصناعية، طول الدورة الإجرائية للحصول على التراخيص اللازمة لكثرة الاشتراطات، ضعف الدعم، خصوصا للمصانع الصغيرة، وصعوبة الحصول على تمويل من البنوك لكثرة الاشتراطات المطلوب توافرها للرهون، صعوبة الحصول على عمالة.
ولفت الصناعيون إلى أنه رغم كثرة المعوقات فإن الصادرات السعودية غير البترولية، ومعظمها منتجات صناعية استطاعت، وفقاً لتقديرات مؤسسة النقد العربي السعودي"ساما"، أن تصل قيمتها في العام 2010 م إلى 124 مليار ريال، بزيادة نسبتها 14 في المائة عن العام السابق.
بعدما أنهينا جولتنا على المدن الصناعية، أو الأراضي المخصصة لكي تكون مدنا صناعية نموذجية، توجهنا إلى الصناعيين نستمع إليهم وننقل همومهم لعلها تجد صدى لدى المسؤولين، لعلنا نقدم بذلك ولو جزء يسيرا يصب في مصلحة الوطن.
لا يوجد غير الغبار
كانت البداية مع عضو الغرفة التجارية الصناعية في جدة أحمد المربعي الذي تساءل عن مدينة جدة الصناعية قائلا: هل المنفذ في جدة 2 هو عمل ثلاث سنوات؟ وأضاف نتمنى أن تعجل هيئة المدن الصناعية ومراكز التقنية في الانتهاء من البنية التحتية لتقوم الصناعة بشكل سريع.
وأضاف أن من يرغب في بناء مصنع في جدة 2 الآن لن يجد غير الغبار، فالبنية التحتية غير موجودة والشوارع غير مكتملة، مستدركا بقوله: قبل أن نبدأ في جدة 2 يجب أن تكتمل جدة 1، ونتمنى من هيئة المدن أن يكون عندها جدول يبين لنا متى تنجز وعودها، فلو نعلم أن هذا الشارع سينتهي بعد 8 أشهر، سنتظر الثمانية أشهر.
10 ريالات لجدة سعر عادل
وتابع متسائلا: "لماذا سعر تخصيص متر الأرض في جدة بخمسين ريالا، فيما لا يتجاوز في مدن صناعية آخرى أربعة ريالات إذا لم تساعد الهيئة أصحاب المصنع فمن هو الذي يساعدها، الأولى أن يستفيد صاحب المصنع من المبلغ في الأعمال الإنشائية، من هنا نطلب في جدة أن نعامل أسوة ببقية المدن في المملكة، ولا يزيد سعر تخصيص الأرض عن عشرة ريالات، وهو سعر عادل وأكثر من ذلك ظلم، خصوصا بالنسبة إلى المدن الجديدة في جدة 2 و3 و4 إذ أن الأراضي التي تجاورها أرخص منها".
وزارة للصناعية
ولا يكتمل الحديث عن الصناعة من دون أن يكون لعضو اللجنة الصناعية في غرفة جدة حسين أبو داود، فيه رأي، إذ يصف الصناعة بأنها تمر في حالة من التردي منذ فترة طويلة خصوصا بعد دمج الصناعة مع التجارة وهو الأمر الذي انعكس على قلة الميزانية المخصصة للصناعة.
وأضاف طالبنا الوزير بوضع حد لهذا التردي فأجابنا بأنه طلب 16 مليارا من أجل المدن الصناعية. والسؤال كم من المبلغ المطلوب اعتمد لهذه المدن لأننا لا نرى عملا على الأرض، حسب تعبيره!. وقال لماذا تطلب هيئة المدن 50 ريالا سعر تخصيص المتر في جدة، والبنية التحتية صفر؟ هل جدة ليست من المملكة لماذا المناطق الأخرى لا تطالب بمثل هذا السعر؟.
وأضاف، وعلامات الانفعال بادية عليه، "المشكلة الأساسية في عدم وجود من يهتم بالصناعة، يجب تخصيص وزير خاص للصناعة فوكالة في الوزارة لا ترتقي إلى مستوى ما يحتاجه الصناعيون في المملكة، يجب أن تكون هناك وزارة تختص بالصناعة وتطويرها ودعمها".
البتروكيماويات ليست كل شيء
وتابع قائلا: الدولة لا تقصر في دعم الصناعيين في الجبيل وينبع، واعتمدت لهم الميزانية 7 مليارات ريال، إضافة إلى تخصيص "الجبيل 2"، ومع هذا لم يعتمد نفس المبلغ لكل المدن الصناعية في المملكة، ولا في السنة التي قبلها، وهذا دليل على أن هناك أناسا يؤمنون بأن صناعة البتروكيماويات هي المستقبل، والصناعة القائمة، التي تسمى الصغيرة، هي مجرد كلام مع أنها هي العمود الفقري وهي التي تقدم المنتج النهائي للمستهلك.
أموال صندوق التنمية
وتطرق إلى صندوق التنمية الصناعية فرأى أن معظم أمواله تذهب، ليس إلى المصانع الصغيرة، وإنما إلى لشركات الكبيرة أبو مائة مليون وأكثر، والتي تعود ملكيتها لأصحاب الأموال المتنفذين،على حد تعبيره، مضيفا إذا سألنا عن المبالغ التي أعطيت إلى المصانع الصغيرة، والمليارات التي صرفت للمصانع الكبيرة، ستجد إن المصانع الصغيرة لم تحصل إلا على الفتات، فإذا ذهبوا إلى البنوك لا يحصلون على قروض إلا بألف رهن ورهن، وبالتالي كيف تستطيع هذه المصانع أن تنطلق وتتقدم في ظل هذه المعوقات.
وقال إنه إذا طلبنا من وزارة التجارة والصناعة أن تطبع كتيبا عن المصانع وأصحاب المصانع للصناعات الوطنية بعناوين صحيحة ومواقع صحيحة، ستجد أنه لا يوجد إلا خمسة في المائة حقيقي والبقية هي عبارة عن تراخيص وهمية تستخدم لاستقدام العمالة.
الاستعانة بالمنظمات العالمية
وأضاف أن عدم وجود وزارة لديها الإمكانيات المالية والفنية، وعدد كاف من الموظفين للإشراف على المصانع القائمة، أو التي ستنشأ في المستقبل وتقديم الاستشارات الفنية، لهم يجعلنا لا نرى ضير في الاستعانة بالمنظمات العالمية الدولية، فهناك الكثير منها مستعدة لمساعدة المصانع الصغيرة بالاستشارات من غير تكلفة، مطالبا بوقفة تصحيحية، ومحاسبة المقصرين عن الحال المتردي الذي وصلت له الصناعة.
وعن الحل قال إنه يكمن في دعم الصناعيين بإيجاد وزارة للصناعة والصادرات، وإلغاء هيئة الصادرات السعودية الموجودة في وزارة التجارة، واعتماد مركز تنمية الصادرات الموجود في الغرف التجارية كأساس لهيئة جديدة يعمل على دعمها من خلال فرض رسم على كل عملية تصدير قدرها 1 في الألف يحصل لهيئة الصادرات التي تتبع القطاع الخاص حتى يمكن محاسبتهم. وإضافة إلى ذلك إنجاز وتعديل تنظيم هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية، بوضع ميزانية لها، وتطبيق التزام وزارة المالية في مشترياتها من المنتجات المحلية من خلال إلزام جميع مقاولي الدولة بهذه المنتجات، و تخصيص ميزانية 20 مليار لهيئة المدن الصناعية في السنوات الخمس المقبلة وإلزامها بتطوير وبناء مدن صناعية في جميع إنحاء المملكة وخصوصا في المناطق النائية.
مصلحة وطن
أما رئيس اللجنة الصناعية في غرفة جدة عبدالعزيز السريع فقال إن الصناعة ليست لمصلحة شخص، إنما هي لمصلحة وطن، مشيرا إلى أن الصناعة عندنا تعاني كثيرا خصوصا في عدم توفر أراض صناعية ومطورة ومجهزة ببنية تحتية باسعار منافسة، بهدف توسع المصانع أو إنشاء مصانع جديدة، وكذلك تعاني من مشاكل خاصة بالإعفاءات الجمركية سواء بالتاخير أو عدم إعفاء بعض المواد غير المصنعة داخليا، ومشاكل في نظام السعودة حيث انه لا توجدد نسب معينة لكل قطاع صناعي على حدة, ونقص العمالة السعودية المؤهلة والمدربة لشغل بعض الوظائف بالقطاع الصناعي.
وأضاف أن هناك أيضا مشاكل في التصدير حيث لاتوجد حوافز لتشجيع الصادرات، فضلا عن مشكلة المركزية في اتخاذ القرارات من قبل وزارة التجارة والصناعة، حيث أن أبسط الأمور الصناعية تجري في المركز الرئيسي في الرياض، فيما أصبحت فروع وزارة التجارة والصناعة مجرد مكاتب مراسلات ليس لها أن تتخذ أبسط القرارات.
وإذ شكر هيئة المدن الصناعية على سعيها وجهدها الحثيث لتطوير المدن الصناعية، رأى أن ليس هناك فائدة من هذا الجهود إذا كانت هناك ملايين الأمتار من الأراضي الصناعية غير مطورة ببنية تحتية قوية, خصوصا أن توفير الاراضي الصناعية غير المطورة لا يدعم الصناعة. وسأل: هل لدى هيئة المدن الدعم المالي الكافي لتطوير هذه الأراضي؟ وكيف يمكن حل المشاكل الصناعية القائمة والتوسع في نفس الوقت؟ وقال إن الإستراتيجية المثلى هي أن تعمل هيئة المدن أو شركات خاصة على تطوير هذه الأراضي الصناعية، وبناء البنية التحتية الملائمة للصناعة، ومن ثم عرض هذه الأراضي لتأجير منته بالتمليك, لأن هذا الأمر سيشجع الجميع على الايجار والدفع على عدة سنوات، كما يمكن ان تنشئ هيئة المدن او الشركات المطورة، مبان صناعية نموذجية تؤجر على المصانع، وبهذا نكون شجعنا الاستثمار في الصناعة ووفرنا للصناعيين جزء من رأس المال يمكن استثماره في الآلات والمواد الخام بدل صرفه في البناء والتجهيز. كما أن تخصيص الاراضي الصناعية يكون حسب الصناعة، وفصل الصناعات الخفيفة عن المتوسطة، عن الثقيلة في أماكن مختلفة سيساعد أكثر على التنظيم، وتحديد احتياج القطاع الصناعي بمختلف أحجامه.
وأعرب عن اعتقده بأن الخلل الكبير هو عدم وجود خطة واضحة ومكتوبة لها تاريخ بداية ونهاية ومقسمة الى مراحل ومبينة لخدمة الجميع، وفي نفس الوقت البطئ الشديد في انجاز الاعمال، والروتين الكبير، وعدم التنسيق بين كثير من الدوائر المعنية، وأعتقد أنه يكمن معالجة هذا الموضوع بوضع خطة واضحة للجميع تغطي حاجات المصنعين إلى خمسين سنة تحدد فيها المسؤوليات والواجبات بدقة، ويكون هناك مركز معلومات مجدد ومحدث باستمرار يخدم جميع المصنعين ويلبي احتياجاتهم المعلوماتية.
وعن المصانع المتعثرة دعا إلى إشاء هيئة يرجع اليها جميع الصناعين في حالة التعثر، مهمتها إجراء الدراسات لمعرفة أسباب هذا التعثر إذا كانت مالية أو إدارية أو تسويقية، والعمل على حلها، مشددا على ضرورة تفعيل برامج تشجيع الصناعات الوطنية من خلال إلزام الجهات الحكومية بشراء هذه المنتجات، خصوصا أنه صدرت بهذا الأمر عدة قرارات وزارية لتشجيع المشتريات الحكومية لتكون من المصانع والصناعات الوطنية.
مصانع على الورق
من جانبها كشفت نائبة رئيس اللجنة الصناعية في غرفة جدة ونائبة رئيس اللجنة العليا لإتحاد المستثمرات العرب الفت قباني، عن أن مدينة جدة وحدها شهدت في الآونة الأخيرة إفلاس 15 مصنعاً، في حين يوجد أكثر من ألف مصنع على الورق لا تجد مساحات أرض لإنشائها. وأضافت أن الصناعات الثقيلة هي سبيل المملكة الوحيد للحاق بركب العالم الأول، كاشفة عن أبرز المشاكل التي تواجه الصناع السعوديين وخصوصاً في مدينة جدة، مشيرة أن المشاكل هي نفسها التي يتحدثون عنها منذ (10) سنوات بدون تغيير.
وشددت على أن المشكلة التي تواجه صناع السعودية، وهي منهم، ليست في الإمكانات، بل في الأنظمة التي لم تحدث خلال السنوات الطويلة الماضية، والمركزية التي تعطل سير الصناعات القائمة وتعوق إنشاء صناعات حديثة.
وأضافت أنه لا يختلف إثنان على أن الوضع الاقتصادي في أي بلد يعزز الوضع السياسي، والصناعة هي الدعامة الرئيسية للاقتصاد السعودي وطريقه للمنافسة العالمية، وشخصياً أرى أن أهم المعوقات التي تواجه الصناع في المنطقة الغربية عموما ومدينة جدة خصوصاً، تتمثل في عدم وجود أرض لاستيعاب المصانع الجديدة، فالجميع يعلم أن هناك أكثر من ألف ترخيص لمصانع مازالت على الورق بسبب عدم وجود مكان، ونأمل أن يكون هناك تطوير للمدن الصناعية من خلال تفعيل دور جميع الجهات المعنية وخصوصاًُ وزارة المالية وهيئة تطوير المدن الصناعية لحل هذه المعضلة خصوصاً أن هناك وعود بتمهيد مدينة صناعية متكاملة.
ورأت أن المشكلة ليست في المرافق فقط (الماء والكهرباء والصرف الصحي) بل في المدينة الصناعية نفسها، فهي لم تعد قادرة على استيعاب أي مصنع جديد، والكثيرون مصالحهم معطلة لأنهم يريدون إنشاء مصانع ولا يجدون مكاناً لها، والغريب في الأمر أن مشاكل الصناعيين هي نفسها لم تتغير منذ عشر سنوات، وبصراحة لا نجد التعاون الكافي من الجهات الحكومية، وعلى سبيل المثال أنظمة الاستقدام في مكاتب العمل لا تفرق في إجراءات الاستقدام بين طلب مقدم من بقالة أو حلاق وبين شركة صناعية عملاقة، فالطلب واحد والإجراءات واحدة، وكذلك الحال في بقية الإدارات والجهات الحكومية ذات العلاقة وفي بقية الأنظمة الصناعية، كما أن الأنظمة أصبحت، للأسف الشديد، مترهلة تمثل عائقا أمام تحقيق أهداف التنمية الشاملة، وللأسف هذا هو الواقع، ومن يريد الحل يجب عليه أن يضع يده على الجرح، ولا بد من تفعيل الإستراتيجية الوطنية لتحقيق النمو في القطاع الصناعي إن أردنا أن تصبح المملكة بلداً واعداً في الصناعة، ونحن نكرر كصناعيين في كل لقاء "المشكلات ذاتها ولم يتغير الأمر".