-A +A
ثامر عدنان شاكر
ماذا سيحدث لك لو جربت الهاناتا؟! يا ترى ماذا سيكون شعورك لو أنك لم تمارس الهاناتا كل يوم، وهل ترا تقدر أن تعيش يوما واحدا بلا هاناتا؟!
ستتعجب إن عرفت أن ردود الأفعال على الأسئلة الآنفة الذكر كانت تتراوح ما بين الغضب والاستياء أو الوعيد الشديد والحزن المرير، وستصعق أكثر إذا ما عرفت أن إجابات الأسئلة أعلاه كانت حاسمة حازمة تتفاوت ما بين من أقسم أن حياته لن تسوى يوما يعيشه بلا هاناتا وبين من تحسر على زمن الهاناتا مرورا بمن هدد بإلقاء اليمين على زوجته إن لم تأت بالهاناتا.. انتهاء بمن قرر أن يهاجر بلا رجعة إن لم توفر بلاده الهاناتا، مطالبا على الملأ بهاناتا لكل مواطن!

لكن الدهشة الأكبر والأعظم ستصيبك حين تدرك أن الهاناتا ليست شيئا ولا فعلا ولا حتى صنفا مضروبا يتداوله أصحاب المزاج، ستندهش حقا حين تعرف أنها ليست سوى اسم هلامي اخترعه برنامج تلفزيوني ساخر على غرار الفنكوش الشهير وأن الفريق الذكي قرر أن يجوب الشوارع ليسأل الناس عشوائيا ليثبت شيئا واحدا فقط: من يا ترى يمتلك الشجاعة على أن يقول لا أعرف!
الحقيقة كانت صادمة، لم يجرأ أحد أن يسأل ما هي هذه الهاناتا، وتجاوز الحد إلى تمثيل أدوار واستدعاء مشاعر واستحضار أحاسيس ورسم ملامح زائفة لا أساس لها من الصحة.
لقطة ساخرة في أحد شوارع عربنا البائس، لكن الفاجعة التي تجعلك تتوقف عندها فعلا وتثير فيك ألف سؤال وسؤال، ما الذي يجعلنا ندعي العلم ونحن لا نعرف، وما الذي يدفعنا أن نفتري ونحن نجهل؟! كيف باتت الأمانة حتى في القول مغيبة بلا ضمير أو وعي؟!
إن أردت أن تسمو يجب أن تعرف أكثر، وإن أردت أن تتذمر من واقعك يجب أن تعيش الواقع ولا تفر منه بحجة اليأس والهزيمة، يجب أن تكون قويا ملما عارفا مدركا أن الحياة في خنادق الجهل والظلام موت محتوم وأن أصوات الأموات لا تجدي أو تترك أثرا.
هو جهلنا الذي جعلنا نخفي ما لا نعرفه؛ لأننا بتنا لا نعرف الكثير، ودفعنا أن نخجل من أنفسنا فباتت الشعوب ساكنة لا يسمع لها صوت وإن سمع فهو لا يتجاوز الهمس بلا معنى.
لا تتطور الأوطان من فوق لتحت ولا بهمجية فجة بلا علم ووعي، ولا تتغير المجتمعات بمعجزة إلاهية تنتظرنا عند سفح جبل أو على ضفاف نهر، أو تحت شجرة معمرة، بل هو الفرد ذلك العنصر القادر على فعل المستحيل بجده وكفاحه وإتقانه وإخلاصه ومثابرته، تحفه مباركة رب العالمين..
«كل هاناتا وأنتم طيبين...»