-A +A
سعد عطية الغامدي
البشر من ماء .. ينطق كما ينطقون .. ويغضب كما يغضبون ويرضى أيضا كما يرضون، لكنهم ذوو لغات شتى لا يكاد بعضهم يعرف لغة بعض فيلجأون إلى وسائط أخرى للتعبير.
أما الماء فلغته واحدة إن رضي وإن غضب، إلا أنه يصمت أحيانا حين يغضب ولا يبوح بأسماء حتى يترك للبشر أن يبحثوا عما يفجره بينهم من أسرار، لعلهم حين يصلون إلى حقيقة معاناتهم يصلبون من أغرقهم حين غضب الماء عليهم وكشف لهم عن المستور.
عاشت جدة مأساتها قبل عام وذهب من شهداء الغرق من ذهب وانطلقت وعود واستبشر من بقي حيا حتى وإن ناله من المأساة ما ناله، ثم صمت الماء يترقب أن تعلن أسماء وأن يحاسب مفسدون، ومضت الشهور بانتظار أن يتحقق ذلك.
ثم كانت الجولة الثانية ولم يقتصر هذه المرة في التعبير على شرق جدة بل كان لغربها ووسطها وجنوبها نصيب كبير وصمت بانتظار أن تظهر أسماء ويحاسب مفسدون وإنما هي الوعود من جديد.
قد تعود السيول إلى جدة من جديد بعد عام أو ربما بعد عشرة أعوام لتطلق مرة أخرى إنذارا بالغضب لأن شيئا لم يحدث على أرض جدة، ولم يستفد الناس من تقنيات بسيطة في علاج المشكلات باستئصال جذورها والبحث من خلال .. لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ حتى الوصول إلى قلب المشكلة.
الجميل أنه كلما غضب الماء في جدة أسقط أسطوانة المواطن والمقيم حيث يهب الجميع كأنهم أسرة واحدة يؤوي بعضهم بعضا ويحمل بعضهم بعضا وينقذ بعضهم بعضا لأنهم يجدون في أصلهم المائي عاملا يؤلف بينهم ويربطهم بمصير واحد وتسقط مقولات الترف والمترفين.


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 241 مسافة ثم الرسالة