يقول الخبر المنشور في صحيفة الرياض قبل شهر تقريبا، إن رجلا وامرأة من بريستول في بريطانيا تزوجا بعد أن بلغ كل منهما سن الحادية والثمانين. هذان الزوجان حسب ما يقول الخبر ربطت بينهما علاقة حب قديمة حين كانا في سن المراهقة لكنهما لم يكتب لهما الزواج، فتفرقت بهما السبل، وتزوج كل منهما من شخص آخر، وكون أسرة خاصة به وصار لهما أولاد وأحفاد، لكن المشاعر بينهما لم تتوقف، وظل كل منهما يتابع الآخر عن بعد، ويكتم في نفسه أملا دفينا أن يضرب الحظ يوما ضربته فيجمعه بحلمه.
في حفل عقد قرانهما، الذي يصفه الخبر بأنه تأخر 65 عاما، قال مايكل عن حبيبة عمره: «إنني أحبها كثيرا، وهي تناسبني. هنالك الكثير الذي يجمع بيننا، تجمعنا ذات القيم الروحية وذات الرؤية للحياة العملية، ميولنا متوافقة وعقولنا متقاربة». ويمضي الخبر ليصف حفل الزواج الذي ضم أولاد وأحفاد العروسين الذين يبلغ عددهم مجتمعين خمسة أولاد وسبعة أحفاد، كانوا جميعهم مبتهجين بهذا الزواج، الذي وصفوه بأنه «بديع ورائع».
لب الموضوع الذي لفت نظري في هذا الخبر، هو ما أبداه أولاد وأحفاد العروسين من تأييد وتقبل وتفاعل جميل مع هذا الزواج. تخيلت لو أن مثل هذا الزواج وقع في مجتمعنا، كيف سيكون تفاعل الناس معه!! في غالب الأمر إننا لن نسمع سوى عبارات الإنكار وترديد: «يا الله حسن الخاتمة، وشيبون بعد!» غالبا، يلام مثل هذين الزوجين ويوصفان بأنهما يتشبثان بالدنيا، وكان حقهما الالتفات إلى الآخرة والتفرغ للقاء الله والاستعداد لمقابلة الموت الذي بات يحوم قريبا منهما.
الثقافة العربية لا تعترف بالعواطف، بل تزدريها وتميل إلى قمعها وكبتها في إنكار بالغ للمشاعر الإنسانية، فالذين ينكرون الزواج لمن هم في مثل هذه السن المتقدمة، ينكرونه لأنهم لا يقيمون وزنا للمشاعر، هم لا يرون غاية للزواج سوى الإنجاب وتكوين أسرة والإحصان من الوقوع في الفاحشة، ومن تجاوز الثمانين لم تعد له غاية في شيء من ذلك. فما جدوى الزواج في هذه السن! إنكار المشاعر يجعل الناس ينسون أن الحب بين الرجل والمرأة ليس غايته الوحيدة إشباع رغبة الجسد، هناك احتياجات أخرى روحية ونفسية أمتن وأقوى تربط بين الاثنين.
يغيب عن الناس أن الجانب الجميل في الحياة يرتبط بالمشاعر أكثر من ارتباطه بالجسد، وأن الطاقة للعبادة أو العمل تتولد عبر المشاعر لا بأمر العقل، وأن التمتع الطويل بالصحة والنشاط تكون احتمالاته أكبر عندما تبيت المشاعر راضية ومشبعة.
في أواخر العمر، تبدو حاجة الإنسان إلى الإشباع العاطفي ودفء الحب أكبر من حاجته إلى ذلك في سن الشباب. في سن الشباب يتوفر للإنسان الكثير مما يشبع احتياجاته العاطفية من خلال إنجازاته المتعددة، وتعلق أسرته به وشعوره باعتمادها عليه واحتياجها لوجوده في حياتها، ومن خلال ما ينعم به من طاقة بدنية وذهنية، وما يرتسم أمامه من آمال طويلة في السنين المقبلة. أما في آخر العمر، فلا شيء من هذا، لا شيء سوى الفراغ. فالأولاد يكبرون ويبتعدون منشغلين بأمور حياتهم ومسؤولياتهم تجاه أسرهم التي كونوها، والبدن يضعف، والطاقة الذهنية تفتر، والآمال المشرقة في المستقبل تذبل، فلا يبقى شيء، لاشيء عدا الشعور بالخواء العاطفي والاستعداد للاكتئاب والضيق، ما لم يكن هناك شريك قريب إلى النفس يدفئ المشاعر ويشبعها حبا واهتماما.
لكن الثقافة القاسية لا تعترف بهذا، فتنظر إلى الزواج في سن متأخرة بتهكم واستخفاف، لا ترى فيه سوى خروج عن الصواب وبعد عن العقل والحكمة. وغالبا أول المنكرين هم الأولاد أو الأحفاد الذين إن تسامحوا على مضض مع زواج الأب، فإنهم بلا تردد ينكرون كليا مثل هذا الزواج على الأم.
فاكس 4555382-01
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة
في حفل عقد قرانهما، الذي يصفه الخبر بأنه تأخر 65 عاما، قال مايكل عن حبيبة عمره: «إنني أحبها كثيرا، وهي تناسبني. هنالك الكثير الذي يجمع بيننا، تجمعنا ذات القيم الروحية وذات الرؤية للحياة العملية، ميولنا متوافقة وعقولنا متقاربة». ويمضي الخبر ليصف حفل الزواج الذي ضم أولاد وأحفاد العروسين الذين يبلغ عددهم مجتمعين خمسة أولاد وسبعة أحفاد، كانوا جميعهم مبتهجين بهذا الزواج، الذي وصفوه بأنه «بديع ورائع».
لب الموضوع الذي لفت نظري في هذا الخبر، هو ما أبداه أولاد وأحفاد العروسين من تأييد وتقبل وتفاعل جميل مع هذا الزواج. تخيلت لو أن مثل هذا الزواج وقع في مجتمعنا، كيف سيكون تفاعل الناس معه!! في غالب الأمر إننا لن نسمع سوى عبارات الإنكار وترديد: «يا الله حسن الخاتمة، وشيبون بعد!» غالبا، يلام مثل هذين الزوجين ويوصفان بأنهما يتشبثان بالدنيا، وكان حقهما الالتفات إلى الآخرة والتفرغ للقاء الله والاستعداد لمقابلة الموت الذي بات يحوم قريبا منهما.
الثقافة العربية لا تعترف بالعواطف، بل تزدريها وتميل إلى قمعها وكبتها في إنكار بالغ للمشاعر الإنسانية، فالذين ينكرون الزواج لمن هم في مثل هذه السن المتقدمة، ينكرونه لأنهم لا يقيمون وزنا للمشاعر، هم لا يرون غاية للزواج سوى الإنجاب وتكوين أسرة والإحصان من الوقوع في الفاحشة، ومن تجاوز الثمانين لم تعد له غاية في شيء من ذلك. فما جدوى الزواج في هذه السن! إنكار المشاعر يجعل الناس ينسون أن الحب بين الرجل والمرأة ليس غايته الوحيدة إشباع رغبة الجسد، هناك احتياجات أخرى روحية ونفسية أمتن وأقوى تربط بين الاثنين.
يغيب عن الناس أن الجانب الجميل في الحياة يرتبط بالمشاعر أكثر من ارتباطه بالجسد، وأن الطاقة للعبادة أو العمل تتولد عبر المشاعر لا بأمر العقل، وأن التمتع الطويل بالصحة والنشاط تكون احتمالاته أكبر عندما تبيت المشاعر راضية ومشبعة.
في أواخر العمر، تبدو حاجة الإنسان إلى الإشباع العاطفي ودفء الحب أكبر من حاجته إلى ذلك في سن الشباب. في سن الشباب يتوفر للإنسان الكثير مما يشبع احتياجاته العاطفية من خلال إنجازاته المتعددة، وتعلق أسرته به وشعوره باعتمادها عليه واحتياجها لوجوده في حياتها، ومن خلال ما ينعم به من طاقة بدنية وذهنية، وما يرتسم أمامه من آمال طويلة في السنين المقبلة. أما في آخر العمر، فلا شيء من هذا، لا شيء سوى الفراغ. فالأولاد يكبرون ويبتعدون منشغلين بأمور حياتهم ومسؤولياتهم تجاه أسرهم التي كونوها، والبدن يضعف، والطاقة الذهنية تفتر، والآمال المشرقة في المستقبل تذبل، فلا يبقى شيء، لاشيء عدا الشعور بالخواء العاطفي والاستعداد للاكتئاب والضيق، ما لم يكن هناك شريك قريب إلى النفس يدفئ المشاعر ويشبعها حبا واهتماما.
لكن الثقافة القاسية لا تعترف بهذا، فتنظر إلى الزواج في سن متأخرة بتهكم واستخفاف، لا ترى فيه سوى خروج عن الصواب وبعد عن العقل والحكمة. وغالبا أول المنكرين هم الأولاد أو الأحفاد الذين إن تسامحوا على مضض مع زواج الأب، فإنهم بلا تردد ينكرون كليا مثل هذا الزواج على الأم.
فاكس 4555382-01
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة