-A +A
كونداليزا رايس
عملت الولايات المتحدة بسرعة فائقة خلال الشهور الأربعة الماضية لانهاء أعمال العنف التي فرضها حزب الله والدول الراعية له على لبنان واسرائيل. وفي الوقت نفسه أكدنا وشددنا على أن وقف اطلاق النار الفعال حقيقة تتطلب تغييرا حاسما من الوضع الذي كان قائما قبل اندلاع الحرب بين حزب الله واسرائيل.

اتخذنا خطوة هامة يوم الجمعة قبل الماضي نحو ذلك الهدف مع الموافقة الاجماعية على قرار الأمم المتحدة رقم 1701. وتبدأ الآن المهمة الشاقة والحرجة لتنفيذ القرار.

ويشتمل الاتفاق الذي توصلنا اليه على ثلاثة مكونات أساسية:

-أولا: أقر وقف الأعمال العدائية بصورة كاملة.. كما أصررنا على اطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين المخطوفين بدون شروط. ويجب على حزب الله وقف هجماته على اسرائيل فورا والتوقف عن عملياته العسكرية الهجومية في لبنان، مع احتفاظ أية دولة ذات سيادة بحق الدفاع عن نفسها. وقد دخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ يوم الاثنين الماضي، بعد موافقة الحكومة اللبنانية واسرائيل على شروطه.

-ثانيا: سيساعد هذا القرار حكومة لبنان المنتخبة ديمقراطيا على بسط سلطتها السيادية. وبفرض المجتمع الدولي حظرا على جميع الأسلحة المتجهة الى لبنان بدون موافقة الحكومة اللبنانية. وسيكون لقوات «يونيفيل» الدولية الجديدة -المقرر نشرها في جنوب لبنان- تفويضاً قوياً، مزودة بأفضل المعدات, لا يقل عدد أفرادها عن 15 ألف جندي.. وستنتشر القوات المسلحة اللبنانية مع هذه القوة الدولية في الجنوب لحماية الشعب اللبناني ومنع الجماعات المسلحة، مثل حزب الله من زعزعة أمن المنطقة. ومع حدوث هذا الانتشار ستنسحب اسرائيل الى ما وراء «الخط الأزرق» وسيصمد وقف اطلاق نار دائم.

- أخيرا: وَضَعَ هذا القرار المبادئ السياسية بصورة واضحة لتحقيق سلام دائم. لا قوات أجنبية ولا أسلحة ولا سلطة في لبنان سوى الحكومة اللبنانية ذات السيادة. وتلقى هذه المبادئ السياسية اجماعا دوليا منذ مدة طويلة، جرى تأكيده واعادة تأكيده على مدى عدة عقود زمنية لكنه لم ينفذ بصورة كاملة أبدا. وقد وضع المجتمع الدولي الآن وللمرة الأولى ثقله الكامل خلف اطار سياسي عملي لمساعدة الحكومة اللبنانية على تحقيق هذه المبادئ السياسية، بما في ذلك نزع سلاح جميع الميلشيات العاملة فوق التراب اللبناني، ولا تستفيد لبنان واسرائيل من تنفيذ قرار 1701 فحسب، بل يحتوي أيضا على مضامين اقليمية. اذ يعد القرار نصرا لجميع أولئك الملتزمين بالاعتدال والديمقراطية في الشرق الأوسط، وهزيمة لأولئك الذين يرغبون في تقويض هذه المبادئ بواسطة العنف، خاصة حكومتي سوريا وايران.

وبينما أمضى العالم أجمع الشهر الماضي في العمل من أجل السلام، فان نظامي سوريا وايران سعيا لاطالة وتكثيف الحرب التي بدأها حزب الله. وكان توسط الولايات المتحدة للوصول الى وقف اطلاق النار بين سوريا واسرائيل منذ 10 سنوات مضت المرة الأخيرة لحدوث مثل هذا التطور في المنطقة.. ولعب الآخرون اللعبة الدبلوماسية على حساب اللبنانيين. ولم يعد لسوريا أي جندي الآن في لبنان ويساعد المجتمع الدولي الحكومة اللبنانية لايجاد ظروف السلام الدائم المتمثلة في الاستقلال الكامل والسيادة التامة والديموقراطية الحقيقية الفعالة، وحزب الله الضعيف مع أقل فرص اعادة تسليح نفسه. وعندما يتم تنفيذ هذه الأمور، فانها ستشكل نكسة استراتيجية كبرى لنظامي ايران وسوريا.

ويعد الاتفاق الذي توصلنا اليه الاسبوع الماضي خطوة اولى جيدة، ولكنها مجرد خطوة اولى. ومع أننا نأمل أن الاتفاق سيؤدي الى وقف اطلاق نار دائم وصامد، فلا ينبغي أن يتوقع أي شخص وقفا فوريا لكافة اعمال العنف.. لأن وقف النار هش، وينبغي لجميع الأطراف دعمه وتعزيزه. لقد ساعدت دبلوماسيتنا على انهاء الحرب.. ويأتي الآن العمل الشاق والطويل لضمان وتحقيق السلام المنشود.ويتمثل التحدي الملح الذي نواجهه في مساعدة مئات الآلاف من النازحين اللبنانيين على العودة الى ديارهم واعادة بناء حياتهم. وستقود الحكومة اللبنانية جهود اعادة الاعمار، ولكن هذه المهمة الصعبة تتطلب ايضا مساهمة وسخاء العالم أجمع. وفيما يخص الولايات المتحدة، فانها تساعد في تزعم جهود اغاثة شعب لبنان الذي سندعمه بصورة كاملة في اعادة بناء بلده.

وكخطوة أولى على طريق هذا الدعم، قمنا بزيادة مساعداتنا الانسانية الى 50 مليون دولار ويجب أن يخرج اللبنانيون من هذا النزاع لمزيد من الفرص ورفاهية أكبر من أجل تحقيق مكاسب السلام. لقد عانى الأبرياء كثيرا في المنطقة من أعمال المتطرفين وحان الأوان للتغلب على الأنماط القديمة للعنف وتحقيق سلام عادل ودائم وشامل. هذا هو هدفنا، ووضعنا الآن خطوات تحقيق هذا الهدف. ونعترف بأن سياستنا طموحة وصعبة التحقيق.. ولكنها صحيحة وواقعية. وتعد الطريق الوحيد الفعال الى مستقبل اكثر ازدهارا وواعدا، في نهاية الأمر.



* وزيرة الخارجية الأمريكية

نقلا عن «واشنطن بوست» ترجمة: محمد بشير