-A +A
إبراهيم عبدالله مفتاح
في رسالة لجوال منطقة جيزان ــ ما زلت أحتفظ بها في مرآة هاتفي المحمول ــ يقول نصها: «110389» وظيفة حجبتها جهات حكومية، وتم صرف رواتبها من قبل «وزارة المالية».
أين ذهبت مرتبات تلك الوظائف؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا الحجب، في ظل تنامي نسبة البطالة في المملكة إلى نحو 10 في المائة؟!، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد تداعت إلى ذهني العديد من القضايا والاختلاسات المشابهة لما جاء في هذا الخبر، ورغم أن أبرز عيوبي هو عدم احتفاظي بنصوص أخبار هذه الأفعال القبيحة، واعتمادي على ما يعلق بذاكرتي التي غربلت قاعها مسامير ما تنشره وسائل إعلامنا، وما يتناوله العدد الكبير من أقلام كتابنا ومثقفينا.. أقول ــ رغم ذلك كله ــ فقد استعادت هذه الذاكرة ــ التي تخونني في كثير من الأحيان ــ بعض الأشياء الجنائية في حق هذا الوطن ومسؤوليه ومواطنيه، لعل من أبرزها ما كشفته بعض أجهزتنا الأمنية والرقابية من تهريب وتسويق للمنتجات البترولية، عن طريق بعض عديمي الذمة والضمير وعدم مخافة الله ثم عقاب الدولة، التي وضعت ثقتها في مثل هؤلاء الخونة الذين لا تهمهم إلا مصالح أنفسهم الشخصية وتنمية ثرواتهم.. وليس ببعيد عن ذلك ما تفعله بعض الشركات والمؤسسات، التي يعهد إليها بتنفيذ المشاريع العملاقة ــ التي تعتمد لها مليارات الريالات ــ من أجل بناء الخدمات التي تعود على الوطن ومواطنيه بالخير والنماء، والارتقاء به إلى مصاف الدول الأخرى، ثم تكون النتيجة ــ كما يحدث في مشاريع الصرف الصحي ــ خلطات كميات قليلة من الأسمنت والخرسانة وأغطية حديدية لمواقع صرف صحي وهمي لا توجد به ماسورة تصريف واحدة، وإن وجدت، فهي مواسير تغلقها كميات قليلة من الأذى.. وقياسا على ذلك ما يحدث في بناء الجسور والأنفاق التي أرادت القدرة الإلهية أن تكشف عوراتها ساعات قليلة من المطر، دفع بعض المواطنين حياتهم وأموالهم وممتلكاتهم ثمنا لذلك، مثلما حدث ما قبل العام الماضي وفي هذا العام في مدينة جدة التي أعتقد أن الخيانات التي كشفتها الأمطار فيها ما هي إلا أنموذج لخيانات كثيرة في مختلف المواقع والأرجاء، التي تسعى الدولة جاهدة ــ من خلالها ــ بأن يحلق هذا الوطن بأجنحة عملاقة في فضاء المتغيرات العصرية التي يشهدها عصرنا الحديث. إنه لشيء يثلج الصدر أن نرى ــ في بعض الأحيان ــ عناوين عريضة في صحفنا المحلية تشير إلى محاكمة ومحاسبة أناس ممن خانتهم ضمائرهم، ودفعتهم إلى خيانة الأمانة التي وضعتها الدولة في أعناقهم، إلا أن الذي يبدو أن ما يتم كشفه حتى الآن لا يتناسب مع كثافة أعداد المتورطين والعابثين بثقة الدولة ومقدرات الوطن ومصالحه في مختلف المواقع.. أخيرا، أعود إلى العنوان الذي بدأت به هذه الزاوية، وأسأل كما سأل قبلي جوال جيزان: أين ذهبت هذه الوظائف ومرتباتها؟ وهل تم حساب من تسببوا في حجبها في زمن يتكدس فيه العاطلون؟.


للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة