يجهل الكثيرون أبعاد ما يسمى بـ«الوكالات الشرعية» أو «الوكالات العامة» والتي تمنح الوكيل صلاحيات، الأمر الذي أوقع البعض في مشاكل لا حصر لها مع وكلائهم، فيما يستغل بعض الوكلاء الوكالات الشرعية في الاستيلاء على حقوق موكليهم من أموال وعقارات ونحوها، فيما يحدث ذلك في ظل غياب توفر المعلومة عن مدى صلاحية الوكالة وغياب الجانب التقني والإلكتروني فيها، ورغم أن الكثير من الوكالات الشرعية قد ألغي، إلا أن بإمكان الوكلاء استخدامها متى ما أرادوا وكيفما اتفق.
الحكومة من جانبها أولت اهتماما كبيرا بالتحول نحو التعاملات الإلكترونية لما تقدمه من فوائد كبيرة للإقتصاد الوطني، حيث صدر الأمر السامي الكريم في10/7/1424هـ المتضمن وضع خطة لتقديم الخدمات والمعاملات الحكومية إلكترونيا من قبل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بهدف توفير المعلومات المطلوبة، وإدخال الوكالات الشرعية الحيز الإلكتروني تجنبا لأي استغلال، وسهولة إلغائها وسحب الصلاحيات من الوكيل في حال اكتشاف أي تلاعب من جانبه.
ضحايا الوكالات الشرعية والعامة منها على وجه الخصوص كثيرون، ومعاناتهم مع إلغائها مستمرة، فيما هم يبحثون عن حلول تضمن لهم حقوقهم.
إبراهيم مفتي (44 عاما) من جدة يقول: أعطى والدي أخي وكالة شرعية عامة لمتابعة شكوى لدى إحدى الدوائر الحكومية، لكن أخي تصرف بطريقة أغضبت والدي باستغلاله لتلك الوكالة، ما دفع والدي لإبعاده عن القضية، ورغم إلغاء الوكالة إلا أن أخي مازال مستمرا في تصرفاته، فهناك تجار لا يعرفون أن وكالته قد ألغيت وما زالوا يتعاملون معه بناء على تلك الوكالة، ولم نتمكن من إيقافه إلا بعد فترة لوجوده خارج مدينة جدة، مطالبا بإيجادآلية أكثر فاعلية لإيقاف التوكيل في أي لحظة، بحيث لا يمكن للوكيل أن يستفيد من الوكالة عند إلغائها، ولن يتم ذلك في نظره إلا بالدخول في التعاملات الإلكترونية والاستغناء عن الوكالات الورقية.
إلغاء الوكالة
ومن واقع تجربته العملية، يؤكد محمد ظاهر العلياني أنه حتى في حالة إلغاء الوكالة يتم استخدامها في عدة جهات، فإذا ما ذهب الوكيل إلى بنك أو معرض سيارات على سبيل المثال أو دائرة حكومية بخلاف المحاكم وكتابة العدل، فإنهم لا يسألونه سوى عن تاريخ الوكالة، وهل هي محددة المدة أم لا، والتحقق من هويته في وقت يكون الموكل قد ألغى الوكالة أصلا، إلا أن تلك الجهات لا تتعامل إلا بما هو أمامها وليس لديها الوقت للبحث عن سلامة التوكيل. وأضاف إن ما يسهل عمليات الاستيلاء والسرقةعدم وجود ربط آلي بين الدوائر الحكومية (الحكومة الإلكترونية)، وفيما لو وجد ذلك الرابط لما سمعنا عن قصص ذهب ضحيتها الكثير من الموكلين.
اجتهادات شخصية
ويؤكد بندر مسعود الوذيناني أن إلغاء الوكالة في المحاكم يعتبر إجراء روتينيا؛ لأنه لا يلغيها في الواقع، بل إن الأمر يعتمد على بعض الاجتهادات الشخصية من الموكل لوقف الوكيل عن التصرف في أي شيء، ومن هذه الاجتهادات محاولة الاستيلاء احتيالا على أصل الوكالة أو الصور المصدقة وغير المصدقة التي بحوزته وإتلافها عن بكرة أبيها، كذلك الإعلان عن أنه لا يمثل الموكل من تاريخ فسخ الوكالة مع ذكر رقمها وتاريخها مع الاحتفاظ بنسخة من الصحيفة التي نشر فيها الإعلان، وكذا الإعلان عن التجار ومن يتوقع التعامل معهم باسم الموكل.
حفظ الحقوق
إلى ذلك، أوضح الشيخ إبراهيم الزهراني القاضي في المحكمة الكبرى في جدة أن الوكالة لا تخول الوكيل إلا على ما نص عليه في الوكالة، فإذا أراد البيع أو الشراء أو الإقرار أو السحب من البنك أو غير ذلك، فلا بد من النص على كل تصرف على حدة في الوكالة، ولا يوجد في الوزارة شيء اسمه وكالة عامة، وإنما الموكل هو الذي يخول وكيله على ما يشاء من التصرفات، مؤكدا ورود تعاميم تنص عند الوكالة على البيع والإفراغ أنه لابد من تحديد رقم وتاريخ ومصدر الصك المراد إفراغه، كما نص نظام المرافعات في مادته رقم 49 على أن الوكيل ليس له حق الإقرار في الحق المدعى به، أو التنازل أو الصلح أو قبول اليمين ونحو ذلك ما لم يكن مفوضا تفويضا خاصا في الوكالة، وهذا لحفظ حقوق الناس والذين لا يحسنون أو لا يقدرون أبعاد الوكالات المطلقة، وأشار إلى أنه لا بد من تقييد الوكالة لمن أراد حفظ حقه، ولا نعتمد على الثقة فكم ضاعت حقوق بسبب بعض الوكالات واسعة الصلاحيات بناء على الثقة، كما أنه لا بد من مراعاة تحديد معيار الثقة والأمانة من ناحية التجربة في المعاملة، إذ إن بعض الناس يمنح الثقة بمجرد ظواهر وليس عن خبرة وتجربة الوكيل وهذا خطأ.
بطاقة إلكترونية
ومن جانبه أوضح عبدالإله بن ناصر الخريف أستاذ في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن الوكالات الشرعية تتسم حاليا بشيء من العمل التقليدي الذي لم يطرأ عليه تغيير كبير، خصوصا في الاستفادة من التقنية لتحقيق المصالح الأخرى المترتبة على إصدار الوكالة، مشيرا أن الوكالة ليست ورقة تخول الوكيل لأداء عمل الموكل والتصرف بما هو مقرر في صلاحيات الوكيل فقط، بل يتعداه إلى تحقيق مصلحة أكبر وهي المرونة في القيام بأعمال الموكل وعدم خيانته واستخدام الوكالة في معاملات لا ترضيه، ومن هنا تتمثل فكرة التطوير في تغيير الصكوك الخاصة بالوكالات إلى بطاقات صغيرة الحجم ذات الشريط الممغنط إلكترونيا مزودة بأرقام خاصة بالوكالة، فتتكون البطاقة من اسم الموكل وهويته واسم الوكيل وهويته فقط، ومن ثم تعطى هذه البطاقة للوكيل (بصفته وكيلا رسميا) بعد تصديقها واعتمادها إلكترونيا من كتابات العدل، ويتم تخزين هذه البيانات في قاعدة معلومات تابعة لوزارة العدل وتحظى بحماية فائقة من الاختراقات أو لمحاولات للعبث في معلوماتها، ويتم إعداد قاعدة تواصل يمكن إتاحتها لكافة القطاعات الحكومية والخاصة تكون على شكل أجهزة تقرأ ما هو مدون في «بطاقة الوكالة» ويمكن لهؤلاء الاطلاع على كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بالوكالة من «نوع الوكالة، مدة سريانها، وغيرها...»، للتحقق من الوكيل والصلاحيات الممنوحة له، وبهذا النظام الإلكتروني يمكن للموكل التعديل على الوكالة أو إلغائها أو تمديد سريانها عبر موقع على شبكة الإنترنت مخصص لذلك عبر إدراج اسم المستخدم والرقم السري، كما هو مطبق حاليا في البنوك، أو تخصيص مركز للاتصال الهاتفي والرقم السري، كما هو مطبق حاليا في البنوك، أو تخصيص مركز للاتصال الهاتفي على مدار الساعة يلبي ما يطلبه الموكل تجاه الوكالة وتكون بإشراف من وزارة العدل، ويمكن تطبيق الخدمة في كتابات العدل حينما يأتي الموكل والوكيل لإجراء الوكالة فيفتح له كاتب العدل حسابا خاصا فيه (كما هو معمول به في البنوك) ويحصل على رقم سري خاص بالوكالة ليستطيع الموكل التعديل على الوكالة بإضافة بنود أخرى أو إلغائها أو تمديد سريانها أو أي إجراء آخر في أي وقت دون الحاجة إلى كاتب العدل من جديد، على أن يتم حفظ كل تعديل في قاعدة بيانات الوزارة للعودة إليها متى ما دعت الحاجة، وبعد تطبيق هذا النظام الجديد يمكن مستقبلا تطويره بعد تجربته وتفادي الأخطاء والسلبيات التي تحدث بشكل طبيعي حين تطبيق أي نظام جديد، فيكون التطوير عبر تخصيص نموذج إلكتروني يوضع على موقع الوزارة ويقوم الموكل بإجراء أي وكالة لأي شخص بعد تطبيق شروط الوزارة، وهي ما يتعلق بالجانب الأمني والتقني لئلا يساء استخدامه، وأيضا تتيح للموكل إرسال الوكالة للوكيل في أي مكان بالعالم بدلا من إرسالها بطريقة تقليدية تتسم بطول وقت وصولها للوكيل وتأخر المصالح المترتبة على ذلك، فهي تفيد المواطنين على كافة احتياجاتها، خاصة ما يتعلق بالاستقدام أو الشراء والبيع في خارج المملكة.
مكاتب المحاماة
وفي سياق ذلك أشار المحامي عبدالعزيز النقلي إلى أن هناك توجها من وزارة العدل لإسناد بعض الأعمال والخدمات التي تضطلع بها وزارة العدل إلى مكاتب المحاماة، ومنها الوكالات الشرعية، واصفا ذلك التوجه بأنه خطوة تصب في مصلحة العمل القضائي وتسهل إجراءات المواطنين، مؤكدا على ضرورة أن تكون هناك أسس ومعايير وضمانات لضمان عدم إساءة استخدام هذا الحق من قبل مكاتب المحاماة.
وأضاف: أؤيد بشدة مثل هذه القرار لأنه يعكس نظرة جديدة لوزارة العدل لدور ومكانة المحامي في المجتمع، وتمكن مكاتب المحاماة من تقديم خدمات شبيهة بالخدمات المقدمة من المحامين في معظم دول العالم، ويحسن من بيئة ومناخ الاستثمار والعمل في القضايا والحقوق بشكل عام، وبالتالي هذا القرار لا يحمل في طياته إلا الإيجابيات، مشيرا أن إيجابيات إصدار هذا القرار والموافقة عليه تكمن في تخفيف العبء والعمل عن كتابات العدل، وتوفير فرص عمل لتوظيف المحامين لإصدار الوكالات، وتخفيف العبء عن المواطنين الراغبين في إصدار الوكالات في جميع مناطق المملكة، كما يعزز ذلك من دور ومكانة المحامي في المجتمع، وخضوعه مكاتب للتأديب والمساءلة والحساب مثل القاضي وكاتب العدل، متوقعا أن يتمكن المحامي من إصدار جميع أنواع الوكالات.
حالات الإلغاء
ومن ناحيته أوضح المحامي والمحكم الدولي المعتمد سلطان البراك، أن فسخ الوكالة يتم بطلب من الموكل أو الوكيل، ولا يخلو إجراء فسخ الوكالة وتبليغ الجهة المختصة من أربع حالات:
أولا: إذا تقدم أحد طرفي الوكالة بطلب إلغائها من الجهة التي أصدرتها وأصلها معه فإن كاتب العدل يأخذ إقراره عليها والتهميش على سجلها ويحفظ الأصل لديه في ملف يخصص لهذا الغرض.
ثانيا: إذا تقدم أحد طرفي الوكالة بطلب إلغائها من غير الجهة التي أصدرتها وأصلها معه فيكلف بإحضار صورة لها مع الأصل ويؤخذ إقراره على الأصل ويهمش على الصورة ويحتفظ بالصورة لدى الإدارة، ويرسل الأصل الملغى إلى الإدارة التي صدرت منها للتهميش على سجلها وحفظ الأصل في ملف الوكالات الملغاة.
ثالثا: إذا تقدم الموكل بطلب إلغاء وكالته من الجهة التي أصدرتها ، وليس معه أصلها لتعذر إحضارها ممن هي في يده فيستعمل نموذج صك إقرار فسخ الوكالة من أصل ثابت ومتحرك يسلم المتحرك لصاحب الوكالة الملغاة، ويفهم بأن عليه الإعلان في الصحيفة عن إلغاء وكالته.
رابعا: إذا تقدم الموكل بطلب إلغاء وكالته من غير الجهة التي أصدرتها وليس معه أصلها لتعذر إحضارها فيطبق في هذه الحالة ما ورد في الفقرة الثالثة مما ذكر، وتشعر الجهة التي أصدرتها بما تم فسخه لها علما أن الوكالة عقد جائز يجوز فسخها من قبل الوكيل أو الموكل، وتفسخ إجباريا في حالة وفاة الموكل أو الوكيل أو فقدان أحدهما أهليته الشرعية، فيما يتوجب عدم جواز استعمال الوكالة إذا توفي الموكل وأن تلغى مباشرة.
نادي الترافع الإلكتروني
وتعليقا على ذلك أكد مصدر مطلع في وزارة العدل أن الوزارة تعمل على جوانب تطويرية عديدة وبمواصفات عالمية، بما في ذلك البنى التحتية التي ستكون مهيأة للاستفادة من كل معطيات التقنية الحديثة، لتدخل الوزارة إلى نادي الترافع الإلكتروني، وتختصر الوقت والجهد من خلال هذه التقنيات الحديثة التي تعالج الكثير من الإشكاليات بأسلوب تقني بما في ذلك شؤون التوثيق، منوها أن التقنية الحديثة تتيح الترافع وتبادل المذكرات وكافة الخدمات التوثيقية المتاحة تقنيا، بما في ذلك الاستعلام عن الوكالات وإلغائها وأخذ (برنت) عن تصرفات الوكيل والإفراغ من أي مكان في المملكة بما يمكن معه إلغاء الولاية المكانية، مؤكدا أن كثيرا من هذه التطورات في مرفق القضاء أصبح جاهزا للدخول إلى حيز التنفيذ.
الحكومة من جانبها أولت اهتماما كبيرا بالتحول نحو التعاملات الإلكترونية لما تقدمه من فوائد كبيرة للإقتصاد الوطني، حيث صدر الأمر السامي الكريم في10/7/1424هـ المتضمن وضع خطة لتقديم الخدمات والمعاملات الحكومية إلكترونيا من قبل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بهدف توفير المعلومات المطلوبة، وإدخال الوكالات الشرعية الحيز الإلكتروني تجنبا لأي استغلال، وسهولة إلغائها وسحب الصلاحيات من الوكيل في حال اكتشاف أي تلاعب من جانبه.
ضحايا الوكالات الشرعية والعامة منها على وجه الخصوص كثيرون، ومعاناتهم مع إلغائها مستمرة، فيما هم يبحثون عن حلول تضمن لهم حقوقهم.
إبراهيم مفتي (44 عاما) من جدة يقول: أعطى والدي أخي وكالة شرعية عامة لمتابعة شكوى لدى إحدى الدوائر الحكومية، لكن أخي تصرف بطريقة أغضبت والدي باستغلاله لتلك الوكالة، ما دفع والدي لإبعاده عن القضية، ورغم إلغاء الوكالة إلا أن أخي مازال مستمرا في تصرفاته، فهناك تجار لا يعرفون أن وكالته قد ألغيت وما زالوا يتعاملون معه بناء على تلك الوكالة، ولم نتمكن من إيقافه إلا بعد فترة لوجوده خارج مدينة جدة، مطالبا بإيجادآلية أكثر فاعلية لإيقاف التوكيل في أي لحظة، بحيث لا يمكن للوكيل أن يستفيد من الوكالة عند إلغائها، ولن يتم ذلك في نظره إلا بالدخول في التعاملات الإلكترونية والاستغناء عن الوكالات الورقية.
إلغاء الوكالة
ومن واقع تجربته العملية، يؤكد محمد ظاهر العلياني أنه حتى في حالة إلغاء الوكالة يتم استخدامها في عدة جهات، فإذا ما ذهب الوكيل إلى بنك أو معرض سيارات على سبيل المثال أو دائرة حكومية بخلاف المحاكم وكتابة العدل، فإنهم لا يسألونه سوى عن تاريخ الوكالة، وهل هي محددة المدة أم لا، والتحقق من هويته في وقت يكون الموكل قد ألغى الوكالة أصلا، إلا أن تلك الجهات لا تتعامل إلا بما هو أمامها وليس لديها الوقت للبحث عن سلامة التوكيل. وأضاف إن ما يسهل عمليات الاستيلاء والسرقةعدم وجود ربط آلي بين الدوائر الحكومية (الحكومة الإلكترونية)، وفيما لو وجد ذلك الرابط لما سمعنا عن قصص ذهب ضحيتها الكثير من الموكلين.
اجتهادات شخصية
ويؤكد بندر مسعود الوذيناني أن إلغاء الوكالة في المحاكم يعتبر إجراء روتينيا؛ لأنه لا يلغيها في الواقع، بل إن الأمر يعتمد على بعض الاجتهادات الشخصية من الموكل لوقف الوكيل عن التصرف في أي شيء، ومن هذه الاجتهادات محاولة الاستيلاء احتيالا على أصل الوكالة أو الصور المصدقة وغير المصدقة التي بحوزته وإتلافها عن بكرة أبيها، كذلك الإعلان عن أنه لا يمثل الموكل من تاريخ فسخ الوكالة مع ذكر رقمها وتاريخها مع الاحتفاظ بنسخة من الصحيفة التي نشر فيها الإعلان، وكذا الإعلان عن التجار ومن يتوقع التعامل معهم باسم الموكل.
حفظ الحقوق
إلى ذلك، أوضح الشيخ إبراهيم الزهراني القاضي في المحكمة الكبرى في جدة أن الوكالة لا تخول الوكيل إلا على ما نص عليه في الوكالة، فإذا أراد البيع أو الشراء أو الإقرار أو السحب من البنك أو غير ذلك، فلا بد من النص على كل تصرف على حدة في الوكالة، ولا يوجد في الوزارة شيء اسمه وكالة عامة، وإنما الموكل هو الذي يخول وكيله على ما يشاء من التصرفات، مؤكدا ورود تعاميم تنص عند الوكالة على البيع والإفراغ أنه لابد من تحديد رقم وتاريخ ومصدر الصك المراد إفراغه، كما نص نظام المرافعات في مادته رقم 49 على أن الوكيل ليس له حق الإقرار في الحق المدعى به، أو التنازل أو الصلح أو قبول اليمين ونحو ذلك ما لم يكن مفوضا تفويضا خاصا في الوكالة، وهذا لحفظ حقوق الناس والذين لا يحسنون أو لا يقدرون أبعاد الوكالات المطلقة، وأشار إلى أنه لا بد من تقييد الوكالة لمن أراد حفظ حقه، ولا نعتمد على الثقة فكم ضاعت حقوق بسبب بعض الوكالات واسعة الصلاحيات بناء على الثقة، كما أنه لا بد من مراعاة تحديد معيار الثقة والأمانة من ناحية التجربة في المعاملة، إذ إن بعض الناس يمنح الثقة بمجرد ظواهر وليس عن خبرة وتجربة الوكيل وهذا خطأ.
بطاقة إلكترونية
ومن جانبه أوضح عبدالإله بن ناصر الخريف أستاذ في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن الوكالات الشرعية تتسم حاليا بشيء من العمل التقليدي الذي لم يطرأ عليه تغيير كبير، خصوصا في الاستفادة من التقنية لتحقيق المصالح الأخرى المترتبة على إصدار الوكالة، مشيرا أن الوكالة ليست ورقة تخول الوكيل لأداء عمل الموكل والتصرف بما هو مقرر في صلاحيات الوكيل فقط، بل يتعداه إلى تحقيق مصلحة أكبر وهي المرونة في القيام بأعمال الموكل وعدم خيانته واستخدام الوكالة في معاملات لا ترضيه، ومن هنا تتمثل فكرة التطوير في تغيير الصكوك الخاصة بالوكالات إلى بطاقات صغيرة الحجم ذات الشريط الممغنط إلكترونيا مزودة بأرقام خاصة بالوكالة، فتتكون البطاقة من اسم الموكل وهويته واسم الوكيل وهويته فقط، ومن ثم تعطى هذه البطاقة للوكيل (بصفته وكيلا رسميا) بعد تصديقها واعتمادها إلكترونيا من كتابات العدل، ويتم تخزين هذه البيانات في قاعدة معلومات تابعة لوزارة العدل وتحظى بحماية فائقة من الاختراقات أو لمحاولات للعبث في معلوماتها، ويتم إعداد قاعدة تواصل يمكن إتاحتها لكافة القطاعات الحكومية والخاصة تكون على شكل أجهزة تقرأ ما هو مدون في «بطاقة الوكالة» ويمكن لهؤلاء الاطلاع على كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بالوكالة من «نوع الوكالة، مدة سريانها، وغيرها...»، للتحقق من الوكيل والصلاحيات الممنوحة له، وبهذا النظام الإلكتروني يمكن للموكل التعديل على الوكالة أو إلغائها أو تمديد سريانها عبر موقع على شبكة الإنترنت مخصص لذلك عبر إدراج اسم المستخدم والرقم السري، كما هو مطبق حاليا في البنوك، أو تخصيص مركز للاتصال الهاتفي والرقم السري، كما هو مطبق حاليا في البنوك، أو تخصيص مركز للاتصال الهاتفي على مدار الساعة يلبي ما يطلبه الموكل تجاه الوكالة وتكون بإشراف من وزارة العدل، ويمكن تطبيق الخدمة في كتابات العدل حينما يأتي الموكل والوكيل لإجراء الوكالة فيفتح له كاتب العدل حسابا خاصا فيه (كما هو معمول به في البنوك) ويحصل على رقم سري خاص بالوكالة ليستطيع الموكل التعديل على الوكالة بإضافة بنود أخرى أو إلغائها أو تمديد سريانها أو أي إجراء آخر في أي وقت دون الحاجة إلى كاتب العدل من جديد، على أن يتم حفظ كل تعديل في قاعدة بيانات الوزارة للعودة إليها متى ما دعت الحاجة، وبعد تطبيق هذا النظام الجديد يمكن مستقبلا تطويره بعد تجربته وتفادي الأخطاء والسلبيات التي تحدث بشكل طبيعي حين تطبيق أي نظام جديد، فيكون التطوير عبر تخصيص نموذج إلكتروني يوضع على موقع الوزارة ويقوم الموكل بإجراء أي وكالة لأي شخص بعد تطبيق شروط الوزارة، وهي ما يتعلق بالجانب الأمني والتقني لئلا يساء استخدامه، وأيضا تتيح للموكل إرسال الوكالة للوكيل في أي مكان بالعالم بدلا من إرسالها بطريقة تقليدية تتسم بطول وقت وصولها للوكيل وتأخر المصالح المترتبة على ذلك، فهي تفيد المواطنين على كافة احتياجاتها، خاصة ما يتعلق بالاستقدام أو الشراء والبيع في خارج المملكة.
مكاتب المحاماة
وفي سياق ذلك أشار المحامي عبدالعزيز النقلي إلى أن هناك توجها من وزارة العدل لإسناد بعض الأعمال والخدمات التي تضطلع بها وزارة العدل إلى مكاتب المحاماة، ومنها الوكالات الشرعية، واصفا ذلك التوجه بأنه خطوة تصب في مصلحة العمل القضائي وتسهل إجراءات المواطنين، مؤكدا على ضرورة أن تكون هناك أسس ومعايير وضمانات لضمان عدم إساءة استخدام هذا الحق من قبل مكاتب المحاماة.
وأضاف: أؤيد بشدة مثل هذه القرار لأنه يعكس نظرة جديدة لوزارة العدل لدور ومكانة المحامي في المجتمع، وتمكن مكاتب المحاماة من تقديم خدمات شبيهة بالخدمات المقدمة من المحامين في معظم دول العالم، ويحسن من بيئة ومناخ الاستثمار والعمل في القضايا والحقوق بشكل عام، وبالتالي هذا القرار لا يحمل في طياته إلا الإيجابيات، مشيرا أن إيجابيات إصدار هذا القرار والموافقة عليه تكمن في تخفيف العبء والعمل عن كتابات العدل، وتوفير فرص عمل لتوظيف المحامين لإصدار الوكالات، وتخفيف العبء عن المواطنين الراغبين في إصدار الوكالات في جميع مناطق المملكة، كما يعزز ذلك من دور ومكانة المحامي في المجتمع، وخضوعه مكاتب للتأديب والمساءلة والحساب مثل القاضي وكاتب العدل، متوقعا أن يتمكن المحامي من إصدار جميع أنواع الوكالات.
حالات الإلغاء
ومن ناحيته أوضح المحامي والمحكم الدولي المعتمد سلطان البراك، أن فسخ الوكالة يتم بطلب من الموكل أو الوكيل، ولا يخلو إجراء فسخ الوكالة وتبليغ الجهة المختصة من أربع حالات:
أولا: إذا تقدم أحد طرفي الوكالة بطلب إلغائها من الجهة التي أصدرتها وأصلها معه فإن كاتب العدل يأخذ إقراره عليها والتهميش على سجلها ويحفظ الأصل لديه في ملف يخصص لهذا الغرض.
ثانيا: إذا تقدم أحد طرفي الوكالة بطلب إلغائها من غير الجهة التي أصدرتها وأصلها معه فيكلف بإحضار صورة لها مع الأصل ويؤخذ إقراره على الأصل ويهمش على الصورة ويحتفظ بالصورة لدى الإدارة، ويرسل الأصل الملغى إلى الإدارة التي صدرت منها للتهميش على سجلها وحفظ الأصل في ملف الوكالات الملغاة.
ثالثا: إذا تقدم الموكل بطلب إلغاء وكالته من الجهة التي أصدرتها ، وليس معه أصلها لتعذر إحضارها ممن هي في يده فيستعمل نموذج صك إقرار فسخ الوكالة من أصل ثابت ومتحرك يسلم المتحرك لصاحب الوكالة الملغاة، ويفهم بأن عليه الإعلان في الصحيفة عن إلغاء وكالته.
رابعا: إذا تقدم الموكل بطلب إلغاء وكالته من غير الجهة التي أصدرتها وليس معه أصلها لتعذر إحضارها فيطبق في هذه الحالة ما ورد في الفقرة الثالثة مما ذكر، وتشعر الجهة التي أصدرتها بما تم فسخه لها علما أن الوكالة عقد جائز يجوز فسخها من قبل الوكيل أو الموكل، وتفسخ إجباريا في حالة وفاة الموكل أو الوكيل أو فقدان أحدهما أهليته الشرعية، فيما يتوجب عدم جواز استعمال الوكالة إذا توفي الموكل وأن تلغى مباشرة.
نادي الترافع الإلكتروني
وتعليقا على ذلك أكد مصدر مطلع في وزارة العدل أن الوزارة تعمل على جوانب تطويرية عديدة وبمواصفات عالمية، بما في ذلك البنى التحتية التي ستكون مهيأة للاستفادة من كل معطيات التقنية الحديثة، لتدخل الوزارة إلى نادي الترافع الإلكتروني، وتختصر الوقت والجهد من خلال هذه التقنيات الحديثة التي تعالج الكثير من الإشكاليات بأسلوب تقني بما في ذلك شؤون التوثيق، منوها أن التقنية الحديثة تتيح الترافع وتبادل المذكرات وكافة الخدمات التوثيقية المتاحة تقنيا، بما في ذلك الاستعلام عن الوكالات وإلغائها وأخذ (برنت) عن تصرفات الوكيل والإفراغ من أي مكان في المملكة بما يمكن معه إلغاء الولاية المكانية، مؤكدا أن كثيرا من هذه التطورات في مرفق القضاء أصبح جاهزا للدخول إلى حيز التنفيذ.