تزحف الساعات ببطء على أروى ذات السبعة والعشرين عاما. تتهجد القلوب ليلا طمعا في فرج الله. عجز الأطباء عن تخليصها من آلامها وهم الذين أودعوها الظلام. ذات يوم أدخلت صغيرة في العاشرة من عمرها مستشفى خاصا في جدة بسبب بياض في عينيها ففقدت الإبصار ليسكن البياض قلب أروى. شبت الفتاة وهي تتلمس بأطراف أصابعها جدران الزمن وفي لحظة طاف في رأسها صداع قاس، حاولت التخلص منه بمهدئات، لكنه كان أقوى من كل الحلول، قصدت مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة وشخص الأطباء الصداع على أن منبعه أكياس هواء ضاغطة على الدماغ، تزداد في حالة الحركة وبناء على هذا التشخيص نومت لمدة شهر ومن ثم تم إخراجها لتعود إلى المشفى بعد شهر من خروجها ليعاد تشخيص مرضها على أنه انسداد في الشرايين الموصلة إلى المخ مما يسبب انقطاع الأوكسجين لفترة قصيرة، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تشنجات، وأثناء مراجعة أروى للمستشفى ظهر أمر جديد في غاية الخطورة، إذ أصيبت بفايروس نادر تسبب في تآكل عظام مقدمة الرأس، فتدخل الأطباء لإجراء عملية إزالة ما تبقى من عظام الجبهة وتعقيم المكان لمنع انتشار الفيروس.
تقول أروى «ظللت بعد ذلك أصارع المرض وأجريت لي عملية ترقيع للجبهة، حيث أخذت قطعة من الفخذ لتغطية المخ بدلا من العظم الذي تآكل، ولكن الفايرس أكل الرقعة الجديدة فأصبح المخ مكشوفا لا يغطيه سوى قطعة من الشاش وبقيت داخل المستشفى خمسة أشهر على أمل أن تجرى لي عمليه تجميلية لتغطية منطقة الجبهة بعظام صناعية ولكن بعد انتظار طويل أكد الأطباء أن الإمكانيات داخل المملكة لا تسمح بعمل مثل هذه العمليات.
تبليغ الأطباء لأروى دفع والدها إلى إرسال برقية لطلب علاجها في الخارج بناء على التقارير الطبية ولكنه فوجئ برد وزارة الصحة المؤكد عدم حاجتها إلى السفر وإحالتها من جديد إلى المستشفى التخصصي بالرغم من أن التقارير الطبية الصادرة من المستشفى التخصصي تفيد بحاجتها الماسة إلى السفر وعدم جدوى علاجها داخل مستشفيات المملكة. ترقب أروى الأمل كل ليلة وتتهجد عل الله يأتي بفرج قريب.