لم ينكسر الدكتور محمد حبيب البخاري الخبير المائي والزراعي أمام هجوم معارضيه، ولم يحن رأسه للريح التي كانت ومازالت تهب لتسفه أفكاره التي تسير على طرفي نقيض مع رؤية وتخطيط بعض المشاريع الزراعية والمائية في المملكة التي وصفها بالتخبط والفوضى واتهمها بهدر المال العام. أبدى استغرابه من عدم وجود مهندس سعودي واحد متخصص في السدود في وزارة الماء والكهرباء وكشف عن فشل نظرية السدود السطحية لمعارضتها قول الله تعالى في سورة الرعد (وما أنتم له بخازنين)، مشيرا إلى النهاية المؤلمة لمشاريع كلفت الدولة مئات الملايين من الريالات لتكون في النهاية مرمى للنفايات. البخاري الذي اضطر للخروج من الباب الواسع لإيمانه بصحة أفكاره تساءل عن أسباب إقفال مصنع جامعة الملك فيصل لصناعة العلف قبل 25 عاما والملايين المهدرة على المحاجر الطبية في كل من الصومال وجيبوتي منوها باستعداده لفتح هذه الملفات في هيئة مكافحة الفساد. أما عن جدة فتحدث الرجل بسوداوية، وحذر من مغبة حدوث ماهو أسوأ مستقبلا نتيجة هطول الأمطار مؤكدا في الوقت نفسه: إنه لم تتخذ أي احتياطات حقيقية حتى الآن.. حوار صارخ يحتاج إلى محطات توقف عند كل الرؤى والمعلومات الواردة فيه، بدأه ضيفنا الذي كان يتمنى أن يكون طبيبا بشريا بالحديث عن قدره الذي أوقعه ليغوص في حبائل الزراعة والمياه قائلا:
لم تكن الزراعة هدفي الذي تطلعت إليه منذ الصغر، فقد كنت أحلم بأن أكون طبيبا لكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن، فقد شاءت إرادة الله أن يصاب والدي بجلطة في القلب فصرفنا النقود التي جمعها رحمه الله ليدخلني كلية الطب على علاجه. وفي صباح اليوم التالي لدخوله المستشفى ذهبت متأخرا لامتحان مادة الفيزياء فواجهني رئيس لجنة الاختبارات وزير الحج الأسبق عبدالوهاب عبدالواسع رحمه الله بشدة ثم سمح لي بدخول الامتحان فنجحت بمبدأ (النجاح جوازا) الذي كان مطبقا في تلك الفترة دون مجموع أو مؤهل فالتحقت ضمن الدفعة الأولى التي ضمت 19 طالبا بكلية الزراعة في الرياض وكان عميدها د.عبدالله الحمدان وبعد التخرج فوجئنا بنقل خدماتنا إلى وزارة المعارف لنسد خانة شاغرة بعد سفر الكثير من المعلمين المصريين إثر أزمة حرب اليمن مع عبدالناصر ولم ينقذنا من ورطتنا سوى الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ رحمه الله الذي وافق على عودتنا للعمل في الزراعة كفلاحين ومهندسين ومنها انطلقنا إلى أفق أرحب تمنينا فيه أن نكون سندا للجهود التي تبني لبنة في صرح هذا الوطن ولكن!
• ما الذي تقصده بـ لكن؟
ــ للأسف أنني لم أشعر بقيمتي وإنسانيتي بالاعتراف بما أنجزته من دراسات لصالح بلدي بسبب الحسد والغيرة والمصالح الشخصية مع أنني لم أرد من وراء كل ماطرحته إلا الإصلاح ما استطعت.
• ماهي مشكلتهم معك تحديدا؟
ــ المشكلة أن أفكاري التي أطرحها لا تظهر في حينها وإنما بعد فترة من الوقت، وكمثال فعندما اكتشفت السد الجوفي في تربة عام 1390هـ لم أكن أعرف أنه سد وإنما وجدته جدارا مبنيا في الأرض فذهبت وحفرت وعرفت الحقيقة وشاء الله في عام 1999م أن أطلع على بحث تمت كتابته من قبل شركة يابانية كبيرة تطلب فيه القيام بتنفيذ تسعة سدود جوفية في المملكة بتكلفة تسعة مليارات ريال، حيث أرسل لي لإبداء الرأي فيه من السيد بكري شطا نائب رئيس مجلس الشورى سابقا، فقلت له إن أجدادنا من قبل بنوا سد وادي تربة الذي قامت الحكومة بترميمه مشكورة وخزن خلفه 20 مليون م3 ماء وهو مفيد الآن لمنطقة الباحة. وهذا السد الجوفي طوله 652م وعمقه في التربة 15م. وأن العرض الياباني مبالغ فيه جدا.
وكنت قد كتبت مطالبا بإقامة 74 سدا جوفيا في جنوب المملكة، ولدي دراسات تمت في جامعة الملك عبدالعزيز تؤكد أن وادي الليث يجري 113 مرة في السنة بمعنى أنه يجري مابين 8ـ10 مرات كل شهر تقريبا ولكن مياهه تذهب حاليا إلى البحر فلماذا لا نجمعها في التربة، وربنا يقول في القرآن الكريم (وأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين) وهذا يعني أن السدود السطحية التي أقمناها كلها لا قيمة لها، ثم يأتي وزير المياه ليعلن أننا بحاجة لـ490 مليارا لإقامة سدود في المملكة، وأنا لا ألوم الوزير ولكن من أشار عليه بذلك. ومن المؤسف والغريب في نفس الوقت أنه لا يوجد في الوزارة المسؤولة عن بناء السدود مهندس سعودي واحد متخصص في هذا المجال فكل الطاقم الذي تعتمد عليه الوزارة من الأتراك والفرنسيين. بل أن السعودي الوحيد الحاصل على ماجستير في السدود وهو الدكتور حمود الثبيتي خرج من الوزارة وفتح له مكتبا خاصا.
• هل خرج لاختلافه مع سياسة الوزارة أيضا؟
ــ نعم.
• بمعنى أنها جهة طاردة للكفاءات السعودية؟
ــ لا، ليست طاردة بالمعنى الصحيح وإنما تتدخل في أعمالها الأغراض الشخصية لبعض القياديين.
• والنتيجة؟
ــ إنهم يسيرون في اتجاه خاطئ، وكمثال فالسدود السطحية التي بلغ عددها الآن في المملكة 300 سد يفترض أن يكون المخزون المائي خلفها مليار متر مكعب من المياه ولكن لا يوجد بها سوى 100 مليون متر مكعب فقط لأنها بنيت بطريقة خاطئة وبسبب عدم وجود أمطار أيضا.
• والسبب؟
ــ غياب مبدأ الثواب والعقاب فتح الباب دائما لمثل هذه التجاوزات، والغريب أن أحدهم يقول: بأنه ليست لديه فكرة عن السدود الجوفية فيما هو يعرف كل شيء ولدي ورقة منه بهذا الموضوع، وأذكره بماقام به الدكتور غازي القصيبي رحمه الله عندما تولى وزارة الزراعة فوقع عقدا لإنشاء أول سد جوفي في المملكة في وادي مردة فجاءت شركة لتنفيذ السد في تلك الفترة وكنت وقتها أعمل متعاونا مع مركز أبحاث المياه في جامعة الملك عبدالعزيز وكان هناك فريق من ستة أشخاص في طريقهم لزيارة سدود أبها فمروا على الشركة التي تبني السد الجوفي فالتقوا مع مدير المشروع الذي قال لهم إنه استلم مواصفات لبناء السد من الهواء فقام بتصميم عملية بنائه بطريقته الخاصة، والآن يعملون أمام كل سد سطحي سدا جوفيا وطبقت هذه العملية في الليث وحلي والمرواني، ولكنها عمليا لا تفيد وفيها هدر كبير للأموال. وعليك أن تحكم على الأمور بمشاهدة سد كلاخ في الطائف الذي تحول إلى مرمى نفايات والحال نفسه في تربة، أما في جازان فلم يستطيعوا أن يفعلوا له شيئا بعد أن امتلأ بالطين ويحتاج تنظيفه إلى 200 مليون ريال تقريبا.
• لماذا لم تخاطب مجلس الشورى بهذا الشأن؟
ــ قمت بخطوة في هذا الاتجاه عندما التقيت المهندس محمد القويحص في الغرفة التجارية فقال أعطني دراسة السدود الجوفية وسأجعل مجلس الشورى يعمل عليها ولم يحدث أي شيء وكلما حدثته هاتفيا عن الموضوع يقول: إن شاء الله.. إن شاء الله.
• إلى أي مدى مارسنا الهدر في مخزوننا المائي؟
ــ هذه المسألة تحديدا سيدفع ثمنها أولادنا وأحفادنا مستقبلا فالمملكة التي يوجد بها ثمانية مخزونات مائية أهدرنا منها حتى الآن ثلاثة إلى أربعة تريليون متر مكعب على القمح لكي يعطوننا ورقة من روما بأننا اكتفينا بزراعة القمح، والآن يخرج علينا أحد المسؤولين في وزارة المياه ليقول إننا ننتج 17 في المائة من المياه المحلاة في العالم والسؤال: وما الفائدة من هذه الإحصائية إذا كنا لا نستطيع أن نشرب، وفي ظل وجود 30 محطة تحلية على البحر في كل مناطق المملكة حاليا فإن الحاجة مستقبلا تستدعي إقامة 70 محطة جديدة وهذا أمر مكلف، خصوصا إذا عرفنا أن تكلفة صيانة محطات التحلية مرتفعة جدا. وقد سألت المهندس محمد بغدادي مدير فرع المياه بالمنطقة الغربية سابقا عن أسباب عدم تصنيع قطع الغيار في المملكة وكلها تتعلق بالغلايات فكان يقول بأنها أسرار وأنه لا يمكن الحصول عليها من المصنعين. واستغرب أن يخرج مسؤول في المياه ليقول إننا أكثر دول العالم استهلاكا للمياه في اليوم حيث يستهلك الفرد الواحد 250 لترا، وهذا غير صحيح فقد درست الموضوع ووجدت أن الفرد الواحد يستهلك 93 لترا في جدة فيما يذهب 35 في المائة من مياه الشبكة نتيجة التسرب.
• هذا الأمر بخلاف الهدر المائي على النخيل والزيتون أيضا؟
ــ بدون شك، وهو نتيجة طبيعية لعدم وجود استراتيجية أو خطط واضحة المعالم عدا التخبط والإهمال والاجتهادات الخاطئة.
• لكن وزير الزراعة قال قبل شهرين في الصحف: أوقفوا زراعة النخيل؟
ــ تصور بعد كل هذه السنوات من الصراخ، الآن عرف الوزير حجم المشكلة. وأنا أدعوه لإيقاف الإعانات عن المزارعين لأنها تسببت في زيادة أعداد النخيل والتوسع في زراعتها. وربما لا يعلم الكثيرون أن مزرعة من مزارع بسيطة خارج الرياض يزرع بها نخل وزيتون وخلافه تستهلك من المياه نفس الكمية التي يستهلكها كل سكان الرياض، أما زراعة الزيتون فهي المشكلة القادمة حيث يوجد لدينا الآن عشرة ملايين شجرة نرويها من مخزوننا المائي بينما النوعية الجيدة من الزيتون تروى بماء الأمطار في بعض الدول العربية مثل سوريا ولبنان ومصر.
• بمعنى أن البدوي في الصحراء يفهم نظرية المياه أفضل منا؟
ــ هذا صحيح، وقد أخبرتهم بهذه الحقيقة وقلت لهم اعملوا عقوما ترابية كما كان يفعل أهل البادية، وحرام أن تدفع مئات الملايين في سدود مثل سد وادي بيشة أكبر سد في المملكة وليس فيه ماء، والمزارعون هناك يبكون دما على نخيلهم التي ذهبت ضحية لذلك وعددها أكثر من مليوني نخلة واضطروا لبيع النخلة الواحدة بـ100 ريال فقط في مقابل أن لا تموت لأنها مثل أولادهم لتذهب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وكنت اعمل مديرا لشركة بيشة للتنمية الزراعية فرأيت المر الذي ذاقه المزارعون، أما وادي بيشة فقد أصبح أجردا من كل شيء.
• وماهي قصة السد المرواني في خليص؟
ــ عندما بنوا السد عملوا أمامه سدا جوفيا تطبيقا للفكرة التي طرحتها من قبل فعندما حفروا سقطوا على مجاري عين الخوار فكسروها وهذه العين وقفت عليها وهي تعطي 700 ألف جالون في الدقيقة ثم تصب كل هذه المياه في البحر، فهذا هدر حقيقي للمياه الجوفية.
• ألا تعتقد أننا نخاطر بقرار إيقاف زراعة النخيل مستقبلا؟
ــ لو حسبت تكاليف استخراج الماء من الآبار مع المحروقات والصيانة وقطع الغيار والعمالة.. إلخ لوجدت بأن تكلفة الإنتاج للمتر الواحد من الماء قد يعادل (1 ريال سعودي/م2) وهذا يعني بأن تكلفة إنتاج م2 ماء لري نخلة واحدة 120 ريالا في السنة بدون حساب قيمة الماء نفسه ولكن قيمة الماء عالية وقد تصل إلى خمسة ريالات/طن وقد تصل في أماكن أخرى إلى عشرة ريالات/طن كما في بيشة. ومن ثم فإن تكلفة إنتاج الكيلو الواحد من التمر قد تساوي 20 ريالا.
ولطالما هذا هو الوضع فلماذا التوسع في زراعة النخيل طالما لا نستطيع تسويق إنتاجنا من التمر في الأسواق العالمية، أو استخدامه في الصناعات؟ وماحدث العام الماضي في مايسمونه في القصيم (بورصة التمور) أكبر دليل على ذلك عندما ارتفعت الأصوات التي تدندن بأننا بعنا 200 ألف طن بقيمة 950 مليون ريال تقريبا لكن في المقابل قامت إسرائيل ببيع خمسة آلاف طن من التمور بقيمة مليار ريال تقريبا والسبب أننا لا نجيد عملية تسويق منتجنا كما أننا نعاني من كثرة الأصناف الرديئة في منتجنا السنوي والتي أحرجتنا أما بعض الدول والمستوردين.
• مامدى صحة بيع اسرائيل لتمور خليجية في الخارج؟
ــ هذا الأمر صحيح وموثق وهناك شكاوى مسجلة فيه، فاسرائيل تبيع التمور لأنه لا يوجد تسويق ولا توجد هيئة تحمي المنتج السعودي في الخارج.
• لماذا طالبت بقصر زراعة النخيل في المدينة المنورة على العجوة فقط؟
ــ أعتقد أن زراعة العجوة في المدينة فقط خير للناس لأن فيها حديث نبوي ومن ثم على المزارعين هناك أن يركزوا على هذه النوعية النادرة التي لاتخرج إلا من أرض المدينة المنورة.
• وضعت حلولا لمشكلة الأعلاف ولم يؤخذ بها، لماذا؟
ــ مشكلة الأعلاف قدمت حلولها قبل 20 سنة تقريبا قبل حدوثها لأن هناك من كان يتوقع المشكلة في ذلك الوقت 1985م وتم وضع الحلول لها وكان الدكتور عناب بخاري الرجل الذي أجرى تجاربه على نبات (البلوبانك) ولعدد من السنين قضاها الرجل في تجارب على هذا النبات في جميع أنحاء المملكة. وقد ساهم معه بعض الشباب السعوديين ــ مهندسون زراعيون ــ قد وجد بأن هذا النبات يعتبر أفضل مصدر للأعلاف للثروة الحيوانية في المملكة لتحمله للأملاح في التربة ومقاومته لأمراض الحشرات وإمكانية حصاده كل 19يوما في المناطق الدافئة المعتدلة أي 30 مرة في السنة كما يتميز بحفظه التربة من الانجراف بعد الزراعة. علما بأنه يتم دفع ستة مليارات ريال إعانة سنوية للمزارعين أيضا. كما أن هناك حلولا أخرى لتوفير الأعلاف فلدينا بداية 80 ألف طن من التمور التي لا تؤكل ولا تباع ويمكن تحويلها إلى أعلاف ومادام لدينا 30 مليون نخلة فكل نخلة يمكن أن تعطيني خمسة من الجريد الذي يطحن فيصبح علفا بحيث يكون إجمالي مانحصل عليه من نتاج هذه العملية مايقارب من 700 ألف طن ولا تنسى أن لدينا أيضا تبن القمح وقد قمت بتجربته بنفسي مع أحد المهتمين بهذا الجانب وهو المهندس عبدالرحيم العمودي رحمه الله الذي كان يعمل مهندسا للصوت في المسجد الحرام وقد وجد رحمه الله طحلبا في بحرة فقام بتسجيله في هولندا ثم سجل في مصر أيضا واستخرج منه مادة تسمى اليوريا الخضراء وهي مادة نادرة لا توجد إلا في شجرة النيم حيث يخلطها الهنود مع الكبريت لإصلاح التربة ليرفعوا نسبة البروتين، والحال كذلك في أمريكا، فنحن نضعه على التلي الذي يوجد فيه 2 في المائة من البروتين فترتفع النسبة إلى 30 في المائة فيكون لدينا علف من أفضل الأنواع، ولكنهم لا يريدون هذا الأمر لأن لهم مصالح.
• أعتقد أن جامعة الملك فيصل بدأت هذه الفكرة منذ ربع قرن تقريبا؟
ــ الأدهى من هذا أن جامعة الملك فيصل أنشأت مصنعا من كوريا الجنوبية ودفعت فيه مبلغ 16 مليون ريال لكي يصنعوا العلف من الجريد وفجأة وبقدرة قادر تم نقل المصنع إلى صوامع الغلال وأقفلت أبوابه حتى أصابها الصدأ دون أن يعمل عليه أحد.
• ما الذي يعنيه ذلك؟
ــ كل التفاصيل والوثائق سأقولها لهيئة مكافحة الفساد في هذا الموضوع وغيره من المواضيع التي تؤلم القلب.
• وأين دور وزارة الزراعة؟
ــ وزارة الزراعة منذ أن سحبت منها المياه والسدود لم يعد لديها مسؤولية، كما أن الكادر الذي يعمل في الوزارة غير مؤهل وليست لديهم خبرات، على عكس الذين كانوا يديرون مشاريع الوزارة عندما كنت أعمل بها عام 1400هـ من حملة شهادتي الماجستير والدكتوراه ومن أصحاب الخبرات ممن عملوا في الحقول والمزارع.
• ماهي انعكاسات تحذيرك من الحيوانات التي ترسل لنا كلحوم أضاحي من بعض البلدان الأوروبية؟
ــ مازال الوضع على ماهو عليه لم يتغير، وللأسف أن بعض رجال جمع المال وليس رجال الأعمال يساهمون في هذا الموضوع بنهمهم وراء الفلوس وسعيهم وراء أرخص شيء وعدم أمانتهم مع أنفسهم ومع المستهلكين.
• وأين اللجان التي تضبط هذه الأمور؟
ــ ليست موجودة، ومن الطريف أن وزارة الزراعة أنشأت محجرا بيطريا في جيبوتي بكلفة 47 مليون ريال لكي تمر الأغنام المصدرة للمملكة بهذا المحجر فتفرز هناك قبل دخولها للمملكة والغريب أن الأغنام إلى اليوم تصل إلى ميناء جدة وتعاد فأين ذهب ذلك المحجر المكلف، ثم يتم بعد ذلك إنشاء محجر آخر في الصومال ولك أن تفسر المشهد بما تراه.
• إلى أين وصل مشروعك المسمى (أطلس الزراعة)؟
ــ للأسف أنني عملته عام 2003م بحيث تزرع كل منطقة في المملكة مايناسبها وبالكميات المائية المتوفرة فيها وقمت بنشره في أكثر من صحيفة محلية ثم فوجئت منذ شهرين بوكيل وزارة الزراعة لشؤون الأبحاث يتحدث عن بحث تم إعداده مع معهد الملك عبدالله للبحوث وهو نفس البحث الذي قدمته فأين حقوقي؟ وكنت قد قدمت المشروع عام 1426هـ لعميد كلية الزراعة في جدة السابق الدكتور عطا الله أبو حسن عضو مجلس الشورى حاليا فأعطاني خطابا يثبت ذلك.
• هل مازلت متخوفا من تحذيرك السابق عن وجود 150 مخططا في جدة على مجاري أودية؟
ــ صدقني لم أبالغ في تحذيري وستحدث مصائب أكثر وأتوقع ماهو أسوأ.
• رغم الاحتياطات التي اتخذت؟
ــ لم تتخذ أية احتياطات حتى الآن.
• وبحيرة المسك هل انتهت بعد تجفيفها من شركة المياه في ثلاثة أشهر؟
ــ لا ولن تنتهي مشكلتها لأن شركة المياه قامت برمي مياهها في البحر الأحمر الذي أصبح بحر المجاري ولأنها قائمة على قاع صخري مشقق فكانت المياه تتسرب منه وتخرج إلى الأحياء فأصبحت الأراضي مشبعة والمسافة بين البحيرة وهذه الأحياء 18 كم كلها ممتلئة بالمياه المتسربة ومن ثم فتجفيف البحيرة لم يحل المشكلة وستظل المشكلة تتجدد مع كل موسم أمطار.
• والحل؟
ــ أن نصل لطريقة لعمل سد جوفي وأن نكسر الصخر ثم نشده في خط مستقيم لنمنع تسرب المياه الجوفية إلى أحياء جدة ولدي خرائط تجد فيها المياه الجوفية في أحياء جدة بارتفاع 50 سنتمترا ومترين وهناك أماكن يصل فيها عمق التسرب إلى خمسة أمتار والضحية هو الإنسان الذي يريد أن يبني بيتا ويحتاج إلى مضخات لسحب هذه المياه وهي عملية مكلفة، والمشكلة قادمة الآن من محطة التحلية الثلاثية التي انتهى العمل فيها في مطار جدة وستصب مياهها في البحر لتزيد من تلويثه، ولدي تحاليل للبحر الأحمر منذ ربع قرن كان محتوى الملح فيه 27 ألف جزء من المليون فيما أصبح اليوم 43 ألف في المليون ولذلك هرب السمك وغلا سعره. وقد أخبرني أحد الغطاسين قبل أيام انه لم يعد يرى البحر من شدة العكار الموجود فيه، وقد لا تعلم أن في شرم أبحر 11 ألف مجرى حمام تصب فيه، وهذا أمر خطير والواجب أن نقوم بإلزام كل فندق مثلا لعمل محطات تنقية خاصة به وأن يستخدم مياه الدرجة الثالثة التي تخرج من محطة التنقية في دورات المياه ولو حدث هذا الأمر لخفف الشيء الكثير من التلوث الذي يشهده البحر الأحمر حاليا.
• وهل هناك أمل في إصلاح وضع بحيرة الأربعين؟
ــ هذه يسمونها بحيرة الطين ويمكن أن تنظف لكن المجاري مازالت تصب فيها منذ عهد الأتراك حيث توجد قنوات أرضية مبنية من الطوب الأحمر تخرج من حارتي المظلوم والشام.
• شككت في محطات معالجة التنقية الـ13 في جدة؟
ــ ليست مبنية بشكل صحيح والدراسات التي أجراها الدكتور علي عشقي وعينات المياه الداخلة للمحطات والخارجة منها والتي تؤكد أنها تخرج كما تدخل تؤكد أن المحطات ليست مبنية بشكل صحيح.
• لماذا اعترضت في فترة سابقة على فكرة الاستعانة بنبات (ورد النيل) لمكافحة انتشار الناموس في جدة؟
ــ لأن هذا النبات الشيطاني هو أكبر مشكلة تواجه مصر كما تواجه الولايات المتحدة في ولاية فلوريدا وعجزت أن تقضي عليه فالنبتة الواحدة تعطيك 250 ألف بذرة في السنة ويقوم بسد المجاري والقنوات الأرضية وكل شيء ولو زرع في مدينة جدة لدمرها فنويت النية في نفسي وطلبت منهم خطابا بهذه الرغبة فأعطوني الخطاب بتوقيع المهندس خالد أبو رأس الذي كان مسؤولا عن إدارة الطوارىء في أمانة جدة أثناء أزمة حمى الضنك وأخذت الخطاب إلى المحافظ وقمت بشن حملة عليهم في الصحف التي أطلقت عليه الشيطان الأزرق وأمريكا تدفع سنويا ثلاثة مليار دولار للقضاء عليه ولم تنجح في أكثر من قصه وحرقه مع أن فيه أجمل زهرة في الدنيا.
• هل يمكن أن تشتغل عين زبيدة من جديد؟
ــ نعم، بل يمكن أن تعمل كل العيون الـ37 الموجودة في المنطقة الغربية، وقد قام الدكتور عمر بن سراج أبو رزيزة عندما كان يرأس مركز أبحاث المياه قام بدراسات مستفيضة حول هذا الموضوع اشتركت فيها الكليات المتخصصة بعلمائها ومعاملها فقامت بإعداد دراسة عن الخزن الاستراتيجي للمياه لإمداد المشاعر المقدسة ومكة المكرمة بالمياه عند الحاجة إليها عند حدوث أي طارئ، وقد انتهى التقرير الأول ورفع إلى أمير منطقة مكة المكرمة الذي أوصى بإقامة خزان جوفي في وادي نعمان شرق نقطة التفتيش الجهة الغربية من وادي نعمان، ثم بعد ذلك قام مركز أبحاث المياه بدراسات جيوفيزيائية مستفيضة قام بها فريق متكامل من قسم الجيوفيزياء بكلية علوم الأرض بالجامعة في مشروع عين زبيدة حيث تم تحديد مكان السد الجوفي في وادي نعمان الذي من المؤمل أن يكون مخزونه الاستراتيجي في السنوات العشر القادمة حوالى 50 مليون متر مكعب بل قد يصل إلى أكثر من ذلك. وقد قمت من جانبي بدعوة شركة كورية على حسابي فلما عرف الرجل أنه في مكة المكرمة مع أنه لاديني رفض أخذ تكلفة الدراسة وحضروا خمس مرات لدراسة الموضوع وقال لنا إن المشروع يكلفهم فقط 150 مليون ريال وجاء رجل أعمال وقال سأقوم بتنفيذ المشروع وقفا لله تعالى لأن وزارة الزراعة رفضت تنفيذه وبعد أن بلغنا سمو الأمير خالد الفيصل بالموضوع نكص رجل الأعمال على عقبيه.
• ربما للتكلفة العالية في مقابل الدخل المتوقع من المشروع؟
ــ أنا أعتقد أنه لا يوجد لدينا رجال أعمال وإنما رجال جمع مال. وقد وعدني ابن رجل أعمال كبير بدعم دراسة السدود الجوفية لتكون وقفا باسم والده المتوفى وعندما جاء وقت الجد ذهبت وعوده أدراج الرياح. ومما يؤسف له أن مديرة بنك سويسري جاءت قبل ثلاث سنوات إلى المملكة فسئلت من صحيفة محلية دولية عن أسباب زيارتها للمملكة، فقالت: إن عندها 63 ألف مليونير سعودي وأنها تأتي كل سنة لتضيف 8 في المائة على العدد الذي لديها بمعنى أن نسبة زيادة المليونيرات في المملكة سنويا تصل إلى 8 في المائة تقريبا ولو قاموا بما يتوجب عليهم ولو في مسألة الزكاة لما ارتفع الغذاء عندنا ولوفرت الدولة نصف أموالها.
• مادمت تعيش حالة تضاد من المسؤولين مع أطروحاتك، فلماذا لم تبع أفكارك؟
ــ لا أحد يشتري، وقد حاولت مع بعض رجال الأعمال الذين يوهمونك بعدم جدوى هذه الدراسات، وتفاجأ بعد ذلك أنهم قد سرقوا فكرتك.
• هل وصلت إلى درجة الإحباط؟
ــ لست من النوع الذي يحبط أو ييأس، ولو يئست لكنت مت منذ زمن، لكنني بفضل الله خرجت من كل المواقف أكثر قوة وقناعة، ولست وحدي الذي يعاني من تسفيه أفكاره فهناك من الزملاء من يشكل عزوة لي مثل الدكتور سلمان القاسمي استاذ المغناطيس في جامعة أم القرى الذي اكتشف أن هذه الجبال الموجودة في جنوب المملكة هي عبارة عن رواسي وتحتها أنهار وبحيرات من الماء ولديه بحث كامل في هذا الموضوع وللأسف أن رأيه سفه من قبل عدد من الدكاترة السعوديين ورفضت بعض المجلات العلمية نشر بحثه لأنه استشهد بآيات قرآنية، حيث يقول إن في الليث بحيرات حارة وهذه الحرارة تخرج من مسافة 2000 إلى 3000 متر من تحت الأرض ومن ثم فهناك مياه أيضا في الأسفل والمكان الذي يسمى ذي عين مياهه حارة وهناك من قال إن تحت شرم أبحر نهر جار وبالأمس أرسل لي خريطة لنهر جوفي تحت مدينة الحديدة اليمنية فالمياه موجودة عندنا ولكننا لا نعرف كيف نصل لها أو حتى نؤمن بوجودها، ولكن الله غالب على أمره وستعلمون نبأه بعد حين.