لم أتوقع حجم التغيير الهائل الذي أتيح لي رصده خلال الأربع وعشرين ساعة «المزدحمة» التي قضيتها قبل يومين في القاهرة لألتقي شخصية وضعتها الأحداث في واجهة مسؤولية تاريخية لبلد يضم أعرق حضارات العالم..
لأن مصر التي خبرتها.. وعرفتها.. بل وعشت فيها إبان سنوات الدراسة.. غير مصر التي شاهدتها بأم عيني.. ولأني لم أزر مصر منذ عدة سنوات لألحظ حجم النمو المتحقق على أرض الواقع مقارنة بأحجام الفساد التي تنامت وتضخمت وبلغت حد الانفجار.. وأحدثت انفجار الثورة.
بل إني لم أتوقع يوما أن أجري حديثا صحفيا مهما على إيقاع أنغام الشعارات التي أطلقها المتظاهرون المحتشدون أمام بوابة أعرق مباني رئاسة الوزراء في مصر الذي دشنه ـ نوبار باشا عام 1825 - 1899 أول رئيس وزراء في عهد محمد علي باشا..
واستمر تصاعد هتافات المتظاهرين الشباب بتلك الشعارات التي تخللتها عبارات «عايزين حقوقنا.. عايزين حقوقنا» طيلة مكوثي في دار مجلس الوزراء الشهيرة بميدان التحرير الذي شهد أكبر وأغرب أحداث التحول في بلد احتل فيه رجل الأمن والعسكر مقعدا مرموقا طيلة ستة عقود..
لقد جاء التغيير بهذا الحجم الكبير وبتلك الأساليب الشبابية ــ المدهشة بل والمذهلة.. ليشهد التاريخ ولادة الجمهورية المصرية الثانية.. ورغم احتشاد تلك المظاهرة واستمرارها زمنا طويلا «يوم الخميس الماضي» إلا أن كل ذلك لم يمنع الرجل الهادئ عصام شرف.. والمرشح المتوقع لكرسي الرئاسة من مواصلة أعماله وبل إنه لم يغير أي شيء في جدوله سوى إجبار المظاهرة له على الخروج من الباب الخلفي ليحضر اجتماعا طارئا للمجلس العسكري.. الأمر الذي عجل بإنهاء اللقاء.. لأعود مرة أخرى لقراءة ملامح التغيير التي أفرزتها ثورة الشباب وأدت إلى إعادة بناء معادلة الحكم في مصر.
صحيح أن التغيير تم بأقل قدر من الخسائر وصحيح أن الشباب عبروا عن تطلعاتهم وآمالهم بكل وضوح.. ولكن الأصح أن التغيير الذي حدث كان ينبغي حدوثه في ظل تصاعد معاناة الإنسان المصري الذي بات الانتقال إلى المجهول بالنسبة له أمرا مقبولا إزاء كل تلك العناءات التي كان يصادفها..
فهل يفضي ذلك المجهول الذي يترقبه الجميع إلى المشروع الحلم.. أم يتحول الحلم إلى كابوس..
لعل دولة القانون وحدها تملك الرد على كل الأسئلة الصعبة والحائرة كما ذكر لي ذلك ولزميلي فهيم الحامد، دولة الدكتور عصام شرف أول رئيس وزراء في عهد ما بعد الثورة.
• دولة رئيس الوزراء تقلدتم منصب رئيس الوزراء في مرحلة تعتبر الأكثر حساسية وخطورة في تاريخ مصر، إلى أين تتجه مصر بعد ثورة 25 يناير؟ وكيف ستتعاملون مع تركة النظام السابق، وما هي أولوياتكم في الداخل والخارج ؟
- بداية أؤكد على أن مصر بعد ثورة 25 يناير، تسير في الاتجاه الأفضل، ولقد عاهدنا أنفسنا كمصريين أن نجعل عهد الثورة، بداية الانطلاقة الكبرى نحو مستقبل تنعم فيه مصر بالحرية والديمقراطية. والعدالة الاجتماعية.
ولقد بدأنا في وضع الأرضية لنظام سياسي جديد، من خلال إقرار التعديلات الدستورية، وإصدار قانون الأحزاب، وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، وتهيئة الأجواء المناسبة، واتخاذ الإجراءات اللازمة للإعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، التي سيشارك فيها ملايين المصريين المقيمين في الخارج للمرة الأولى في التاريخ المصري، علاوة على جعل التنمية الاجتماعية، والنهوض بالمستوى المعيشي للمواطن المصري، مسألة ذات أولوية خاصة فيما يتعلق بالتعليم والصحة، فضلا عن وضع الأسس اللازمة، لإعادة بناء الاقتصاد المصري، الذي تضرر كثيرا، بفعل الممارسات الاقتصادية الخاطئة للعهد السابق وتفشي الفساد.
ولأن التركة ثقيلة، والمسؤوليات كبيرة، فإننا نتحرك على عدة محاور أساسية من ضمنها التركيز على المستوى الداخلي، بشقيه السياسي والاجتماعي، مع الاهتمام اقتصاديا بتعويض الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها مصر على مدى الأشهر الأخيرة، عبر دفع عجلة الإنتاج وتنشيط الصادرات، وإعادة الحياة لقطاع السياحة.
ويركز المحور الخارجي على التحرك على المستوى العربي، والدولي للتعامل بفاعلية أكبر مع الملفات الحيوية بالنسبة لمصر، كتعزيز التضامن العربي المشترك، والاهتمام بملف مياه النيل، والسودان، واستعادة علاقات مصر الأفريقية.
وفي الحقيقة لدينا مبادئ أساسية واستراتيجية نريد تحقيقها، وسنمضي جاهدين في اتجاه تنفيذها، ومصر أصبحت الآن دولة القانون، وتحت هذه المظلة، نريد أن تتجه لتحقيق العدل الاجتماعي، والسياسي من خلال إرساء قواعد الديمقراطية.
ولهذا أعتقد أن مصر، وإن كانت تمر في مرحلة حرجة، إلا أننا نتوقع مستقبلا باهرا جدا، من خلال تعاوننا مع العالم بأجمعه، وخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي، التي تتمتع معها بعلاقات خاصة وحميمية جدا.
متجهون نحو الاستقرار
• هل تتوقعون دولتكم ملامح استقرار داخلي على المدى القريب؟
- في الواقع إن ما يحدث حاليا هو شيء طبيعي، وعادة ما تظهر بعض الظواهر بعد حدوث الثورات، وما نسعى إليه في هذه المرحلة، هو إيجاد حالة الاستقرار الكاملة، خصوصا أن هناك أمورا كثيرة تحتاج إلى إصلاح ومعالجة. وإن شاء الله نحن متجهون نحو الاستقرار الداخلي.
التركة ثقيلة
• دولة رئيس الوزراء، أنتم جزء لا يتجزأ من الثورة، هل تشعرون بثقل المسؤولية على كاهلكم وفي حالة فشلكم، لا سمح الله، ماذا ستقولون لشباب الثورة، الذين خاطبتموهم في أول يوم تقلدتم فيه منصب رئيس الوزراء ووعدتموهم بتحقيق مطالبهم؟
- أنا لا أنكر، بل أعترف أن التركة ثقيلة، وهذا ما دفعنا في الحقيقة إلى العمل بأسرع ما يمكن، وبفاعلية أكبر لمواجهة كثير من المشكلات والملفات، التي طفت على السطح بعد الثورة، كمشكلات الفساد، والانفلات الأمني، والمطالب الفئوية التي ظهرت بكثرة، كنتيجة لسياسات استمرت عقودا وتسببت في كثير من المشكلات.
وأؤكد لكم أننا نبذل أقصى ما في استطاعتنا ومع فريق العمل في الحكومة التي أترأسها، من أجل التغلب على تلك المشكلات، وأيضا من أجل تحقيق أهداف الثورة، والتجاوب مع مطالب الثوار، والتي أنجز منها الكثير حتى الآن.
وأعتقد أن نجاح الحكومة في مهمتها مرهون بمساندة الشعب لها، وهو ما أثق في تحققّه، والمهم أن تمنح الحكومة الوقت الكافي لتعمل وتنجز ما وعدت به.
أتطلع للقاء الملك عبدالله
• تتجهون دولتكم للتواصل مع القيادات الخليجية قريبا، ومن المؤكد أنكم تتطلعون إلى لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ما الذي ستقولون للملك عبدالله على ضوء موجة المتغيرات التي تجتاح بعض دول العالم العربي؟
- نحن نتطلع بكل اهتمام للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي نعتبره الأخ الأكبر لمصر، وللعرب جميعا. وسنحرص خلال لقائنا مع الملك عبدالله، للتأكيد على المناخ الجميل والإيجابي من التعاون والمصالح المشتركة وتعزيز العلاقة بين البلدين في جميع الميادين، والتأكيد أيضا على أننا نتطلع إلى دعم المملكة في هذه المرحلة التي نمر بها، وسنطمئن السعوديين حول مناخ الاستثمار في مصر، والذي سيتجه نحو الأفضل بكثير. وإن شاء الله ستستمر العلاقات التجارية والاسثتمارية إلى مزيد من التعاون. ونؤكد على أن العلاقات ستكون أفضل من المرحلة الماضية.
التعاون مع المملكة مستمر
• تقومون دولتكم بأول زيارة للمملكة غدا، ما هي أهداف الزيارة التي تعتبر الأولى، لرئيس وزراء مصر في مرحلة ما بعد الثورة؟
- في الحقيقة، إن زيارة أي مسؤول مصري للرياض، هو أمر طبيعي على ضوء ما يربط بين مصر والسعودية من علاقات أخوة، وشراكة وتعاون. فالبلدان يعرف كل منهما قدر الآخر، وهناك حرص دائم من البلدين على التنسيق فيما بينهما فيما يخص الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وفي الحقيقة إن زيارتي للمملكة، لا تنفصل عن الرغبة في تأكيد التعاون واستمرار التنسيق المصري السعودي، من خلال التواصل مع القيادة السعودية، والتي نقدر لها حرصها الدائم على أمن واستقرار المنطقة.
تعزيز العمل العربي المشترك
• ما هي القضايا التي ستكون محور النقاش خلال لقاء دولتكم، مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وكيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات السعودية المصرية في المرحلة الجديدة؟
- في الواقع إن اللقاء سيكون مفتوحا على كل الموضوعات والقضايا التي تشكل هما مشتركا للبلدين، فقضايا التعاون الاقتصادي، وتنشيط الاستثمارات السعودية في مصر، ستتصدر المناقشات. وكذلك ما يخص دعم العمل العربي المشترك، والتنسيق حول بعض القضايا والملفات الإقليمية والعربية المهمة، كالقضية الفلسطينية، العراق، اليمن، ليبيا ستكون ضمن المناقشات المستفيضة. وأنتهز هذه الفرصة لأعبر عن تفاؤلي بالمرحلة القادمة في العلاقات المصرية ـ السعودية.
أمن الخليج خط أحمر
• إذن ما هي رؤيتكم حول العلاقة المصرية الخليجية، على ضوء التوترات التي تشهدها مع إيران؟
- ما من شك في أن العلاقات المصرية الخليجية هي علاقات تتسم بدرجة عالية من التميز والاستمرارية، فهي تقوم على أسس راسخة قوامها قناعة مصر بأن أمن الخليج خط أحمر، خاصة أن منطقة الخليج العربي تمثل عمقا استراتيجيا أساسيا للأمن القومي المصري، ويعد الحفاظ على استقرار الخليج التزاما قوميا وضرورة لتحقيق استقرار المنطقة، وكثيرا ما ساندت مصر أشقاءها الخليجيين في عملية البناء، وفي مواجهة كثير من الأزمات. كما أن هناك تقديرا مصريا لدول الخليج ودورها الريادي.
أما زيارتي للمملكة فهي تنطلق من قناعة بضرورة تطوير العلاقات من أجل الوصول إلى آفاق أرحب، لاسيما في ظل ظروف المرحلة الراهنة التي تمر بها المنطقة والتحديات التي تواجهها.
التنسيق مع الرياض لم ينقطع
• التنسيق السعودي المصري حيال تعزيز العمل العربي المشترك، جزء أساسي في المحيط العربي، كيف يمكن تفعيل هذا الدور، وإعادته إلى مساره الصحيح، بهدف إرساء الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط، وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة، وإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ؟
- سبق أن أشرت في إجابة سابقة إلى أن هناك حرصا من جانب مصر على التنسيق بين البلدين، وهذا التنسيق يتجاوز العلاقات بين البلدين، ليمتد إلى كل ما يدعم العمل العربي المشترك، وذلك من منطلق حجم وثقل البلدين داخل المنظومة العربية، والذي يجعل لهما كلمة مسموعة في كل ما يتعلق بشؤون المنطقة.
وفي اعتقادى أن تجاوز حالة عدم الاستقرار الحالية التي تمر بها المنطقة لن يتم إلا بتعاون مصر والسعودية، فهما الأقدر على حشد الدول العربية في اتجاه تحقيق طموحات شعوبها، كما أنهما بما لهما من تأثير على الصعيد الدولي الأكثر قدرة على نقل وجهة النظر العربية فيما يخص العديد من القضايا القومية المصيرية، وهو ما ينطبق على القضية الفلسطينية التي لم نتوان يوما عن تقديم التأييد والمساندة لها، من أجل تحقيق طموح الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
دعم مرشح الجامعة
• هل تتوقعون دعما محددا من المملكة حول ترشيح أمين عام جديد للجامعة العربية؟
- بالتأكيد وسوف نناقش هذا الموضوع مع المسؤولين السعوديين.
أرسينا مبدأ القانون
• موجة المحاكمات التي تشهدها مصر مع رموز النظام السابق، ألا ترون أنها قد تفضي لفتح ملفات قد لا يستحسن فتحها في الوقت الراهن، خاصة أن مصر متجهة نحو الاستقرار؟
- في الحقيقة نحن أرسينا مبدأ دولة القانون، فلنجعل القانون يأخذ مجراه، وإن شاء الله نوايانا جيدة.
إعفاء مبارك
• هل سينال الرئيس السابق حسني مبارك إعفاء فيما لو طرح الموضوع؟
- هذا الموضوع يحدده القانون، ولست أنا من يحدد ذلك، ولا نستطيع الحديث بالنيابة عن القانون أو أي إجراءات قانونية.
لا للانتقام
• ثمة قطيعة كبيرة مع الماضي، من محاكمات لكبار المسؤولين في النظام السابق وآخرهم الرئيس المصري السابق مبارك ونجلاه، هل باتت ثورة الشباب هي من تقود البلاد بعقلية الانتقام، أم أن ما يجري هو نتيجة الثورة ومبدأ المحاسبة والشفافية ؟
- أتحدث معكم بصراحة، إن القول بأن ثورة الشباب تقود البلاد بعقلية الانتقام، هو قول لا يعكس الحقيقة، ولايعني تقديم الرئيس السابق ونجليه إلى المحاكمة من قبيل التشفي والانتقام، ففترة حكم مبارك التي امتدت إلى ثلاثة عقود، كانت تشوبها الكثير من المخالفات والانتهاكات، وصور الفساد على مختلف الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والحقوقية، ومن حق الشعب بعد الثورة أن يحاسب رموز النظام السابق، ويسائلهم عن هذه المخالفات والانتهاكات باعتبار أن رأس الدولة هو المسؤول الأول أمام الشعب
لا للتدخل الإيراني
• هناك توجه مصري بالاقتراب أكثر تجاه إيران، هل هذا التوجه يعكس سياسة مصرية جديدة، وهل سيكون ذلك على حساب علاقات القاهرة بالدول العربية والخليجية، وما هي ملامح هذه العلاقة وأطرها؟
- دعونا نتفق أن العلاقات المصرية الإيرانية، شهدت الكثير من المشكلات خلال العقود الثلاثة الماضية، ومصر بعد الثورة ترغب في تحسين علاقاتها مع جميع دول العالم، والانفتاح على الجميع، وتدعيم العلاقات مع طهران بشرط عدم التدخل في الشؤون الداخلية المصرية أو في شؤون دول المنطقة.
القضية الفلسطينية مرتبطة بأمن مصر
• في الشأن الفلسطيني، هل سيحظى الملف الفلسطيني الداخلي بنفس الاهتمام لدى الحكومة الحالية ؟ وما هي الرؤية المصرية تجاه المصالحة الفلسطينية ؟
- ظلت القضية الفلسطينية وستظل دائما في صميم اهتمامات الشعب المصري، لأننا نعتبر هذه القضية مرتبطة بأمن مصر القومي. والكل يعلم أن مصر ومنذ أن طفت القضية الفلسطينية على السطح وهي تتحمل العبء الأكبر في التصدي لها، وفي تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني.
ونحن لا ننكر أن جهود حل القضية واجهت ومازالت تواجه الكثير من العراقيل بسبب مواقف وسياسات مختلف الأطراف المعنية، وإذا كانت إسرائيل تتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية عن عرقلة تلك الجهود، فإن الفلسطينيين يتحملون أيضا جانبا مهما من المسؤولية، فالتناحر بين الفصائل الفلسطينية أضعف الموقف الفلسطيني.
لذا فإن المسارعة بالمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وإعادة الوحدة إلى الصف الفلسطيني هي أولى الخطوات نحو استعادة الفلسطينيين لحقوقهم، وهو أمر تسعى الحكومة المصرية الحالية إلى إنجازه وتحقيقه في الفترة الحالية، حيث التقيت مؤخرا الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» وهناك اتصالات مع قيادات حركة حماس من أجل إنجاز هذه الخطوة المهمة وهناك خطوات إيجابية كثيرة سيعلن عنها في حينها.
إعادة صياغة علاقاتنا الخارجية
• كانت مصر حليفا سياسيا وإستراتيجيا مهما بالنسبة للإدارات الأمريكية المتعاقبة، هل ستستمر في ذات الإستراتيجية والتحالف أم أنها ستتجه أكثر نحو العمق الإفريقي والعربي ؟
- تشهد علاقات مصر الخارجية إعادة صياغة في مرحلة ما بعد الثورة، وأولوياتنا العربية لم تتغير وسيتم الاهتمام بالعمق الأفريقي، خاصة أن العلاقات مع السودان تأتي في مقدمة أولوياتنا خلال المرحلة الحالية، بالإضافة إلى إعادة التوازن إلى علاقات مصر الخارجية من أجل استعادة الرصيد الذي فقدته مصر في أفريقيا والعالمين العربي والإسلامي، مع الاحتفاظ في نفس الوقت بعلاقات جيدة ومعتدلة، مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية بما يصب في النهاية في خدمة مصر ومصالحها العليا.
ملتزمون بالمعاهدات الدولية
• اختلطت الأوراق بالنسبة للتعامل مع إسرائيل، وتل أبيب تعيش حالة من القلق، ما هي التوجهات السياسية المصرية، حيال التعامل مع إسرائيل ؟
- لقد كان موقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة قاطعا وحاسما، حينما أعلن الالتزام بكافة المعاهدات والاتفاقيات التي عقدتها مصر في المرحلة السابقة.
بداية التغيير الشامل
• بصراحة، هل تغيرت مصر أم تغير نظام الحكم فقط، وإن تغيرت فعلا فما هو الجديد ؟
- أؤكد لكم أن إسقاط النظام السابق، هو بداية لعملية تغيير شاملة في مصر وهذه العملية لم تقف عند حدود التخلص من النظام ورموزه، بل هي عملية متواصلة من أجل إحداث تغيير عميق على كل المستويات، وهو ما يستلزم وقتا ورؤية وأهدافا نسعى إلى تحقيقها، وفي مقدمة ذلك سيادة القانون والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وهو ما يتم بشكل متواصل.
ويكفي أنه مع كل يوم يمر هناك جديد على الساحة المصرية، فخطوات التغيير متتابعة سياسيا، واقتصاديا وجميعها تصب في خانة ترسيخ الحريات، ودعم عملية التحول الديموقراطي من قبيل إقرار التعديلات الدستورية، ومشاركة المصريين في الخارج في التصويت والانتخاب في جميع الانتخابات التي تشهدها مصر، ووضع قانون جديد للأحزاب، ومحاكمة رموز الفساد في النظام السابق.
التنمية الاجتماعية
• ما هي الأولويات الآن، أهي للسياسة أم للاقتصاد، وما الذي تحتاجه مصر بالتحديد في هذه المرحلة ؟
- لقد زعم النظام السابق أن الاقتصاد له الأولوية على السياسة، بمعنى أن الإصلاح الاقتصادي، مقدم على الإصلاح السياسي، فإذا به يفشل في تحقيق أي إنجاز على الصعيد الاقتصادي أو السياسي.
وأنا أعتقد أن طبيعة المرحلة الحالية، تتطلب السير في طريقين متوازيين، الطريق الأول هو طريق التغيير السياسي، بكل ما يعنيه ذلك من وضع أسس سليمة لنظام سياسي جديد يستمد شرعيته من الشعب وتحظى مفرداته (رئيس، حكومة، برلمان) بالقبول..
أما الطريق الثاني، فهو طريق التنمية الاجتماعية، بالتركيز على التعليم والصحة، ثم يأتي البعد الاقتصادي بما يعنيه ذلك من خلق الأجواء المحفزة للإنتاج، والمشجعة للتصدير والجاذبة للاستثمار بما يساهم في خلق المزيد من فرص العمل، ومحاربة البطالة. وفي الواقع فإن هذا هو ما تحتاجه مصر وتسعى الحكومة جاهدة إلى تحقيقه.
عصام شرف .. في سطـــــور
تدرج عصام شرف في مناصبه، لتضيف كل محطة من هذه المحطات العلمية والأكاديمية إلى خبرته العملية، وعيا مسؤولا عن متطلبات الإدارة الحديثة. الذي تتطلع إليه مصر ما بعد مبارك.
# عمل أستاذا زائرا في جامعة بيردو عامي 1984 و1985، ثم مدرسا في كلية الهندسة في جامعة القاهرة بين عامي 1986 و1991، وأستاذا مساعدا بكلية الهندسة بجامعة الملك سعود في المملكة بين عامي 1990 و1996.
# وتقلدشرف منصب وزير النقل والمواصلات في أول حكومة شكلها الدكتور أحمد نظيف في يوليو 2004، إلا أنه أقيل منها في ديسمبر 2005.
# بصمة النزاهة، ميزت شرف في حقبة الرئيس السابق حسني مبارك، إذ تقدم شرف باستقالته من وزارة النقل ثلاث مرات احتجاجا على السياسات التي كانت تدار بها الوزارة السابقة، وخاصة بعد حادث قطار قليوب، كما استقال من منصبه كرئيس لجنة التسيير في نقابة المهندسين مرتين بسبب إصرار الدولة على فرض الحراسة القضائية على النقابة.
# شارك عصام شرف في اعتصامات ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير التي كانت السبب في إجبار الرئيس محمد حسني مبارك على التنحي، بما يجعله أحد الوزراء السابقين القلائل الذين أعلنوا تأييدهم لثورة 25 يناير منذ أيامها الأولى.
# في 3 مارس 2011 أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبول استقالة الفريق أحمد شفيق من رئاسة الوزراء، وتكليف الدكتور عصام شرف وزير النقل الأسبق بتشكيل الحكومة الجديدة..