طالما أن الجميع يزعمون أنهم حققوا انتصاراً في الحرب اللبنانية، فقد فكّرت بمحاولة وضع بعض المعايير المنطقية للحكم على نتيجة هذه الحرب..
في البداية، أعلنت إسرائيل أن هدفها هو تدمير حزب الله، وتمّ تعديل هذا، لاحقاً، إلى إضعاف حزب الله بما يكفي لحماية شمال إسرائيل من صواريخ هذا الحزب.. وتراجع الموقف الإسرائيلي في النهاية إلى القول بأن العملية العسكرية استهدفت إضعاف حزب الله، ثم المبادرة إلى استخدام الدبلوماسية لحماية شمال إسرائيل.
ومن الواضح إذاً، أن الإسرائيليين أخفقوا في تحقيق هدفيهما الأولين، وأن الاستخبارات الإسرائيلية أخطأت في تقييم قدرات حزب الله القتالية، إذ أنه استطاع توجيه 250 صاروخاً ضد إسرائيل في اليوم الأخير من الحرب، أي بعد مضي 34 يوماً من الغارات المتواصلة على مدى ساعات اليوم، من الجو والبحر والبر، وأخيراً في الاجتياح البري..
في غضون ذلك، قتل حزب الله حوالى 120 جندياً إسرائيلياً وأسقط أربع مروحيات أباتشي، وألحق أضراراً فادحة ببارجة عسكرية تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية، كما دمّر أو أصاب حوالى 100 دبابة ميركافا. وبما أن عديد مقاتلي حزب الله لا يتجاوز 5000 شخص، لابد من الإقرار بأنهم حققوا انتصاراً، ولكنه فقط انتصار «سيكولوجي» إنهم «انتصروا» لأنهم استطاعوا الصمود، لكنهم لم يهزموا الجيش الإسرائيلي.
كذلك حافظ حزب الله على محطته التلفزيونية، المنار، وعلى مواصلة بثها طوال الحرب، بالرغم من المحاولات المتكررة من جانب إسرائيل لإسكاتها. كما تمكن كبار القادة في الحزب من النجاة، بالرغم من محاولات إسرائيل المتواصلة لقتلهم أو لاعتقالهم.
أما الرئيس بوش، فبالإضافة إلى إصراره على أن الإسرائيليين انتصروا، لا يزال يعتقد بكل صلافة، أن البنى التحتية المدمرة سوف تدفع باللبنانيين إلى التكتّل ضد حزب الله، ولعله لم يرَ اللافتة العملاقة الموضوعة فوق الركام بالضاحية الجنوبية لبيروت، وعليها عبارة «صُنع في أمريكا».
إن الشعب اللبناني ليس غبياً، فهو قد تعوّد على ردّات الفعل الإسرائيلية الزائدة عن اللزوم، وحزب الله، عندما اختطف الجنديين الإسرائيليين، كان يهدف لإجراء عملية تبادل للأسرى، ولم يتوقع من إسرائيل مهاجمة لبنان كله، وهذا كان فشلاً واضحاً في المعلومات الاستخباراتية للحزب.
غير أن الشعب اللبناني يعرف من دمّر منازله ومصانعه ومحلاته التجارية. ويعرف أننا نحن الأمريكيين قد زوّدنا إسرائيل بالقنابل والتجهيزات العسكرية الأخرى. ويعرف أننا نحن، أخّرنا صدور قرار وقف إطلاق النار. ويعرف أيضاً، بالرغم من مزاعمنا حول الحرص على السيادة اللبنانية، أن الولايات المتحدة، كانت صامتة خلال احتلال إسرائيل لجنوب لبنان طوال مدة 18 سنة، بما يتعارض مع القرارات الدولية، واستمر ذلك الصمت حتى بعد اندحار إسرائيل من لبنان عام 2000.
وإذا كان الرئيس بوش يعتقد فعلاً أن الولايات المتحدة خرجت رابحة من هذه الحرب، فإنه يكون أشد صلافة مما كنت أعتقد.
وباعتقادي أن ثمة أمرين مؤكدين من أي شيء آخر في الشرق الأوسط، الأول هو أن سمعتنا ومصداقيتنا هما الآن تحت الأرض في المنطقة، والثاني هو أن أسطورة «إسرائيل التي لا تُقهر» قد تحطمت وتلاشت.. أو بكلام أكثر دقة، يعتقد الشارع العربي أنها تحطّمت.
وباختصار مفيد أقول إن أحداً لم ينتصر أو يربح، وعلى الأخص من بين شعوب المنطقة على جميع جوانب الحدود.
ترجمة: جوزيف حرب
في البداية، أعلنت إسرائيل أن هدفها هو تدمير حزب الله، وتمّ تعديل هذا، لاحقاً، إلى إضعاف حزب الله بما يكفي لحماية شمال إسرائيل من صواريخ هذا الحزب.. وتراجع الموقف الإسرائيلي في النهاية إلى القول بأن العملية العسكرية استهدفت إضعاف حزب الله، ثم المبادرة إلى استخدام الدبلوماسية لحماية شمال إسرائيل.
ومن الواضح إذاً، أن الإسرائيليين أخفقوا في تحقيق هدفيهما الأولين، وأن الاستخبارات الإسرائيلية أخطأت في تقييم قدرات حزب الله القتالية، إذ أنه استطاع توجيه 250 صاروخاً ضد إسرائيل في اليوم الأخير من الحرب، أي بعد مضي 34 يوماً من الغارات المتواصلة على مدى ساعات اليوم، من الجو والبحر والبر، وأخيراً في الاجتياح البري..
في غضون ذلك، قتل حزب الله حوالى 120 جندياً إسرائيلياً وأسقط أربع مروحيات أباتشي، وألحق أضراراً فادحة ببارجة عسكرية تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية، كما دمّر أو أصاب حوالى 100 دبابة ميركافا. وبما أن عديد مقاتلي حزب الله لا يتجاوز 5000 شخص، لابد من الإقرار بأنهم حققوا انتصاراً، ولكنه فقط انتصار «سيكولوجي» إنهم «انتصروا» لأنهم استطاعوا الصمود، لكنهم لم يهزموا الجيش الإسرائيلي.
كذلك حافظ حزب الله على محطته التلفزيونية، المنار، وعلى مواصلة بثها طوال الحرب، بالرغم من المحاولات المتكررة من جانب إسرائيل لإسكاتها. كما تمكن كبار القادة في الحزب من النجاة، بالرغم من محاولات إسرائيل المتواصلة لقتلهم أو لاعتقالهم.
أما الرئيس بوش، فبالإضافة إلى إصراره على أن الإسرائيليين انتصروا، لا يزال يعتقد بكل صلافة، أن البنى التحتية المدمرة سوف تدفع باللبنانيين إلى التكتّل ضد حزب الله، ولعله لم يرَ اللافتة العملاقة الموضوعة فوق الركام بالضاحية الجنوبية لبيروت، وعليها عبارة «صُنع في أمريكا».
إن الشعب اللبناني ليس غبياً، فهو قد تعوّد على ردّات الفعل الإسرائيلية الزائدة عن اللزوم، وحزب الله، عندما اختطف الجنديين الإسرائيليين، كان يهدف لإجراء عملية تبادل للأسرى، ولم يتوقع من إسرائيل مهاجمة لبنان كله، وهذا كان فشلاً واضحاً في المعلومات الاستخباراتية للحزب.
غير أن الشعب اللبناني يعرف من دمّر منازله ومصانعه ومحلاته التجارية. ويعرف أننا نحن الأمريكيين قد زوّدنا إسرائيل بالقنابل والتجهيزات العسكرية الأخرى. ويعرف أننا نحن، أخّرنا صدور قرار وقف إطلاق النار. ويعرف أيضاً، بالرغم من مزاعمنا حول الحرص على السيادة اللبنانية، أن الولايات المتحدة، كانت صامتة خلال احتلال إسرائيل لجنوب لبنان طوال مدة 18 سنة، بما يتعارض مع القرارات الدولية، واستمر ذلك الصمت حتى بعد اندحار إسرائيل من لبنان عام 2000.
وإذا كان الرئيس بوش يعتقد فعلاً أن الولايات المتحدة خرجت رابحة من هذه الحرب، فإنه يكون أشد صلافة مما كنت أعتقد.
وباعتقادي أن ثمة أمرين مؤكدين من أي شيء آخر في الشرق الأوسط، الأول هو أن سمعتنا ومصداقيتنا هما الآن تحت الأرض في المنطقة، والثاني هو أن أسطورة «إسرائيل التي لا تُقهر» قد تحطمت وتلاشت.. أو بكلام أكثر دقة، يعتقد الشارع العربي أنها تحطّمت.
وباختصار مفيد أقول إن أحداً لم ينتصر أو يربح، وعلى الأخص من بين شعوب المنطقة على جميع جوانب الحدود.
ترجمة: جوزيف حرب