اكد صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل وزير الخارجية ان المملكة تعد الدراسات المطلوبة لتغيير الوضع المأساوي الذي اربك شعوب المنطقة وعرضه على قادة الدول العربية للنظر فيه.وقال سموه ان تقسيم الدول العربية الى رجعية وتقدمية ودول للصمود والتصدي ادى الى شلل العمل العربي المشترك.
وجاء في البيان الصحفي الذي تلاه سموه امس:
تشهد المنطقة نشاطاً سياسياً مكثفاً لتثبيت وقف اطلاق النار وتطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701، وبحث العملية السياسية برمتها في ضوء الهزة الاخيرة التي تعرضت لها المنطقة.ونعتقد باهمية الاجتماع الاستثنائي الاخير لمجلس الجامعة العربية وما تمخض عنه من قرارات من اهمها تأكيد التضامن العربي الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له للحفاظ على وحدته الوطنية وأمنه واستقراره وسيادته واعادة اعماره. اضافة الى دعوة مجلس الامن الدولي للنظر في الصراع العربي الاسرائيلي بشكل جذري وشامل في ضوء الخطورة البالغة التي يمثلها استمرار الوضع الراهن على السلم والامن الاقليمي والدولي.في ما يتعلق بالدعوة لعقد قمة عربية استثنائية، فكما يعلم الجميع انه لم يكن هناك أي تحفظ لدى المملكة سوى شرط واحد- كما ذكرت في الاجتماع- وهو الاعداد الجيد الذي يستجيب لطموحات القمة العربية في قرارات تعالج الوضع العربي بشكل جوهري وتخلق نقلة نوعية في التعامل.
والمطلوب في هذه المرحلة هو التقييم الاساسي الموضوعي لدور الجامعة واعضائها وتحديد منهجية العمل الفعال المثمر لتمكينها من القيام بذلك الدور. ان المطلوب حالياً هو تجاوز اجتماعات ردود الفعل والشجب والاستنكار وتخطيها الى العمل الايجابي الملموس في عالم اليوم بما يستجيب لتطلعات شعوب الامة العربية وينتشلها من حالة اليأس والاحباط التي تعيشها.
عندما بدأت الجامعة العربية اسست على شكل حلف يحدد علاقات الدول الاعضاء البينية وعلاقاتها مع الاطراف الاخرى، وكان هناك اجماع على طبيعة ومكامن الخطر والتطلعات المشتركة عن امكانية التعاون، الا انه مع توسع الجامعة وتوسع العضوية فيها وما لحق بالدول العربية من تقلبات سياسية ادت الى ضغوطات داخلية اثرت على المسار العربي المشترك.
فعلى سبيل المثال قسمت الدول العربية الى رجعية وتقدمية، ودول الصمود والتصدي وتصنيفات اخرى مما ادى الى شلل العمل العربي المشترك حيث اصبح يتعامل بشكل ردود فعل مرتجلة مع ما يواجهه من مشاكل وازمات بدلا من التعاطي معها وفق منظور استراتيجي مشترك ينسجم مع انتمائنا العربي، وقد كان تطلع خادم الحرمين الشريفين الى العودة دائما للوضوح في تحديد ذاتنا العربية والروابط التي تجمعنا في عالم متغير ومتبدل بين اقطاب القوة وساحات العولمة.
اننا امام تهديد فقداننا هويتنا وأضحت بعض الدول تنشئ علاقات مع أطراف أخرى على حساب العلاقات بين الدول الأعضاء لذلك فقد وجه خادم الحرمين الشريفين بأن تعد الدراسات المطلوبة لتغيير هذا الوضع المأساوي الذي جعل شعوب المنطقة في حيرة وارتباك حول مصالحها ونظرتها للعجز الظاهر في تعاطي حكوماتها مع التحديات، وهذا ما نقوم الآن بعمله وسيعرض عند انتهائه على قادة الدول العربية للنظر فيه وهذا لا يعني اننا سنقف عقبة أمام عقد أي مؤتمر استثنائي عاجل يدعو اليه أي طرف من الاطراف.ان المرحلة الراهنة تستدعي منا العمل الجاد والدؤوب لاستعادة ثقة شعوبنا العربية واكتساب احترام المجتمع الدولي وهذا الأمر لن تحققه الامنيات وانما العودة الى انتمائنا العربي والعمل الجاد على توضيح الرؤى وتوحيدها تجاه متطلبات هذا الاهتمام.
وفي اجابته على سؤال حول ما أفرزته حرب لبنان على صعيد الوضع العربي وبروز تيار عقلاني قال سموه:
ـ اتمنى ان تكون هناك توجهات عقلانية لان ايا من هذه التوجهات يظهر في اي دولة عربية هو عنصر مهم ونتمنى ان ينتشر بطبيعة الحال وسنتعامل معها وبالنسبة للاوضاع الاخرى والتهديدات فإننا امام خلل في المنهجية العربية كنا نعرف هويتنا ونعرف مكامن الخطر هل لو اجتمعنا اليوم في العالم العربي ستكون نظرتنا واحدة امام مكامن الخطر اين هي؟ وكيف يجب ان نواجهها؟. هل لدينا استراتيجية لمواجهة مكامن الخطر.. والخطر من المفروض يجب ان نكون متفقين عليه فمنذ (60) سنة لم يحدث حوار حول هذا الموضوع او توجه في تعريف الماهية العربية.. علاقتنا والتزاماتنا ببعضنا البعض وامام الغير.. الى حد ان هناك علاقات بين دول عربية ودول أجنبية على حساب العلاقات العربية ببعضها البعض، وهذا لم يحصل عن قصد وانما بالتعاطي مع الامور بشكل ارتجالي وبدون تخطيط، وهذا هو المأمول معالجته بالتوفيق، وهذا ما عكف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على معالجته بالمقترح الذي قدمه للقمة العربية وادى الى تحسين الاداء في العمل العربي المشترك الذي نراه، على الاقل هناك نوع من التعامل الذي يجري في العراق..
وحول سؤال عما يتردد عن ضربة عسكرية قد تقوم بها اسرائيل ضد ايران وعقوبات اقتصادية من امريكا على ايران
قال سموه: يجب ان يطرح هذا السؤال على ايران.
نحن لسنا ايران ولانقوم نيابة عنهم لأن ايران دولة اسلامية نتعامل معها على هذا المستوى.
دولة جارة نتعامل معها ولكن لها سياساتها الخاصة ولها مواقفها الخاصة ولها علاقاتها بالاخرين ولها استراتيجياتها في المنطقة اذا عرضت ايران التهديدات التي تواجهها على الدول الجارة والصديقة سننظر فيها اما ان نجتهد من عندنا فالخروج عما يقال في مثل هذه التهديدات والاستجابة لها استباق للاحداث والتعدي على دور ايران باعتبارها دولة مستقلة ولها الحق في الرد على كل تهديد يواجهها.
وفيما يتعلق بمرحلة ما بعد وقف الحرب الاسرائيلية ضد لبنان وتفادي حرب مستقبلية قال سموه: إن هذا ما تسعى له المملكة في تعريف ما هي الأسس التي يجب ان يبنى عليها العمل العربي المشترك والاستراتيجيات التي تتطلبها حتى لايكون هناك ردود فعل وحتى لانستعد فقط للازمات بل ونستبق حدوثها ووقوعها بالتخطيط السليم والمنهجية الواضحة.
تحدث الرئيس السورى عن اتصالات مع المملكة ومصر ويلاحظ انها محاولة لاحتواء الأزمة ونستشف ذلك من بيانكم الصحفي؟ ويلاحظ ان الاتصال عبر السفراء؟
- هل أنا قلت ذلك.. أنت تستشف ما تستشفه.. أنا لا أقول الا ما قلته في البيان.. ولم أسمع عن مثل هذا التصريح ولا تعليق لي عليه.
خلال الأربع سنوات كنا نتحدث عن تعريف للارهاب.. هل نحن بحاجة الى تعريف للانتصار أو غيره بعد حرب اسرائيل على لبنان؟
- في الواقع نحن في المجتمع العربي لا تهمنا هذه الجدليات.. المعارك مع اسرائيل لم تبدأ هذا العام بل منذ عام 48.. وهناك صراع مستمر بين اسرائيل والفلسطينيين والدول العربية، وهناك الحرب بطبيعة الحال خصوصا في هذا العصر نعرف مآسيها ولكن تعريف الانتصار والهزيمة دائما يشوبه الكثير من المحاذير، نحن نبارك صمود الشعب اللبناني لردة الفعل الاسرائيلية التي لا تواكب الحدث الذي وقع. دمرت بلدا بأكمله وقضي على قرى بأكملها. والحديث عن حادث لبنان هو تركيز على المأساة وكيفية معالجة النتائج أهم في نظري والانتصار الحقيقي للبنان هو عندما يعيد بناء ما دمر ويلتف حول بعضه البعض وتكون هناك وحدة حول الموقف اللبناني ويكتسب لبنان شرعية وسيادة الحكومة على كامل الاراضي اللبنانية.
الانتصار دائماً على النفس، دائماً اصعب من الانتصار على العدو وما يحتاجه لبنان هو الانتصار على النفس اكثر من اي شيء آخر.
هل تعني مبادرة خادم الحرمين الشريفين تكليفاً لطرحها لاصلاح جامعة الدول العربية وهل تعد مبادرة ثانية من المملكة؟
- أنا لم أقل مبادرة بقدر ما هو اعداد العدة للمؤتمر الذي دعت اليه المملكة لاعداد الدراسات المطلوبة لتعيد اللحمة العربية والهوية العربية في التعامل مع القضايا والمنهجية العربية.
يعترف كثير من المراقبين أن هناك مشروعات شرق أوسطية جديدة ويتساءل عن الدور العربي في المنطقة؟
- العالم العربي ليس لقمة سائغة للاطراف المختلفة لكي تتصارع عليه.. الأمة العربية ذات حضارة وذات اعتزاز بامكانياتها وقدراتها مهما بلغت الخلافات والاختلافات التي ادت الى هذا التشرذم العربي المشترك، إلا أنها اثبتت ان التحديات تجمعها دائما، واذا كان هناك تحد سيجمعها ان شاء الله انها ستستطيع أن تحافظ على مصالحها ولن تكون لقمة سائغة لأ يطامع فيها.
زيارة خادم الحرمين الشريفين الى تركيا هل سيكون لها اثرها في اعطاء تركيا دوراً في المنطقة؟
- تركيا ليس جديداً انها دولة تلعب دورا في المنطقة ومصالح تركيا تراعيها الدول الجارة لها.. وهناك علاقات وثيقة بينها وبين الدول العربية وخاصة مع المملكة.. وزيارة المليك الاخيرة لها ادت الى تقوية هذه الاواصر وتعميقها في مجالات مختلفة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية. وهذا يبشر بالخير بطبيعة الحال.
ماموقف المملكة من بعض الاصوات التي تحدثت عن اموال نظيفة؟
- كل اموالنا نظيفة.. ولا اعرف ما هو المقصود بالمال النظيف. ولكن المال السعودي في لبنان يسعى للخير كل الخير للبنانيين وليس لفئة دون فئة وهذا ما ستستمر فيه المملكة من دعم سيكون لكل اللبنانيين.
فرضت اسرائيل الحصار على لبنان وفرضت مراحل استفزازية.. ما موقف المملكة من ذلك؟
- بطبيعة الحال.. صدر بيان من الحكومة في مجلس الوزراء الفائت عن الخروقات الاسرائيلية للاتفاق حول وقف أعمال العنف ولا يجب ان تعطى فرصة لاسرائيل ان تستبيح اراضي الغير متى ما شاءت بذريعة الأمن لاسرائيل..
وفي رده على سؤال لـ «عكاظ» حول تجاهل مجلس الأمن لمطالب اللجنة العربية الخاصة بالسودان والمنثبقة عن القمة العربية والتي دعت الى تأجيل الاجتماع لتدارس الوضع في دار فور وعدم نشر قوات دولية في الاقليم كيف تنظرون لذلك؟
الانتشار الدولي لم يقر حتى الآن ونحن الآن نعتقد ان السودان الذي طالب بعدم نشر هذه القوات محق فالمطلوب التهدئة وليس المطلوب الاستفزاز خاصة اذا كان هناك طرف من الاطراف المتنازعة يأخذ موقفاً من القوات الدولية وخاصة عندما تذهب بدون وفاق سياسي يسبقها انها تخلق مشاكل أكثر مما تحلها ونأمل ان ينظر المجتمع الدولي ومجلس الأمن بمطالب السودان بنظرة جدية وان لا يغامر بإجراءات تزيد المشكلة تعقيدا.
وفي رده على سؤال لـ«عكاظ» حول زيارة الامين العام للامم المتحدة للمنطقة والملفات التي سيبحثها قال سموه:
ـ انا متأكد أن ملفات المنطقة بأكملها سيتم بحثها مع الامين العام.
دار حديث عن مبادرة عربية جديدة.. ما هي ملامحها وهل تختلف عن مبادرة قمة بيروت؟
ـ في الواقع ليس هناك مبادرة سعودية في هذا الاطار هناك مجهود عربي ينطلق من اجتماع الجامعة العربية الاخير ينظر في موضوع الية للعودة الى طريق السلام والارتكاز على مشروع السلام العربي. وهذا ما ستقدمه الدول العربية لمجلس الامن الذي طلبت عقد جلسة لمجلس الامن للنظر في هذا الموضوع ووضع آلية للعودة الى طريق السلام.