الاديب العالمي نجيب محفوظ يعتبر «أبو الرواية العربية» الذي تربع على قمتها منذ ما يقرب من ثلاثة ارباع قرن، فهو رائد مدرسة الواقعية التي جسد من خلالها واقع «الحارة» و «المجتمع المصري» بكل تناقضاته وتقلباته، بل وتغيراته السياسية منذ عهد الملكية ومرورا بثورة يوليو وما احدثته من تغيرات وتحولات في المجتمع المصري على مدى عقدين من تاريخ مصر الحديث والمعاصر.فبين عامي 1951 و 1959 كتب نجيب محفوظ عددا من السيناريوهات ومن ذلك على سبيل المثال سيناريو فيلم «لك يوم يا ظالم» عام 1951 و«ريا وسكينة» عام 1953 و «درب المهابيل» عام 1959 .
بدأت علاقة محفوظ بالسينما من خلال تحويل مجموعة من رواياته الواقعية الى افلام على «الشاشة الكبيرة: مثل «بداية ونهاية» و الثلاثية، وثرثرة فوق النيل، واللص والكلاب (وهي ترمز الى الفترة التي مارست فيها حكومة ثورة يوليو نمطا من العسكرية التي حكمت مصر من خلال ما يعرف بالبوليس السياسي اضافة الى رواياته «زوار الفجر» و «الطريق» و «زقاق المدق» و «بين القصرين» وقد اعتبر كثير من النقاد «الثلاثية» بمثابة ملحمة روائية عظيمة ابدعها محفوظ، وهي تصور الواقع الاجتماعي والتجربة الانسانية في الحياة التي عاشها ابطال الثلاثية عبر اجيالها الثلاثة وهي جيل ما قبل ثورة 1919 وجيل ثورة 1952م ثم جيل ما بعد الثورة حيث نجح محفوظ - الى حد بعيد- في رصد وتحليل نمط حياة المجتمع المصري في تلك الفترة.
ونسجل في هذا التحقيق الصحفي بعض انطباعات لاديبات وادباء الكويت الذين تعاملوا مع تجربة محفوظ في مجال الرواية التي كانت محطته للوصول الى جائزة نوبل في الآداب لعام 1988 .
الرائد
تقول الاديبة الكويتية ليلى العثمان: لقد قرأت كثيرا من اعمال اديبنا العربي الكبير وخصوصا في مجال القصة القصيرة منها: دنيا الله، خمارة القط الاسود، تحت المظلة، الجريمة، والشيطان يعظ.
وجذبني الى اسلوب تلك الاعمال سهولة السرد والقدرة على «الحبكة» والوصول الى «المضمون» بطريقة سهلة وذلك بفضل حرص اديبنا الكبير على الالتزام باللغة العربية التي تمثل السهل الممتنع كما يقولون.
تضيف «العثمان» لقد مهد الاديب العربي العالمي نجيب محفوظ الطريق أمام عشرات الكتاب والمبدعين من مختلف الاجيال فاستطاع ان يكون رائدهم ومعلمهم حيث اقتفوا اثره وان اختلفت -بالطبع- تجاربهم الابداعية وحملت العديد من القضايا والهموم الانسانية والوطنية والقومية.
فلسفة الحب
أما الاديبة والكاتبة منى الشافعي فقالت ان ابداع محفوظ القصصي والروائي استطاع ان يضع لنفسه قدما راسخة ومكانة متميزة في الساحة الادبية ليس في مصر وحدها انما على مستوى عالمنا العربي المترامي الاطراف كما ان دراسة الاديب العالمي محفوظ للفلسفة في كلية الاداب التي تخرج فيها عام 1934 قادته الى عالم الابداع الادبي الذي آثر التفرغ له والاخلاص لابداعه وتجربته الروائية الفريدة حتى اليوم.
واضافت: بالنسبة لي قرأت كثيرا من ابداعات واعمال محفوظ الروائية بالذات، وان كنت لم اهمل اعماله القصصية الاخرى، وقد افادني هذا كثيرا في اسلوبي الصحفي والادبي الذي كتبت به اعمالي القصصية التي حاولت التعبير من خلالها عن مفهومي «لفلسفة الحب» بكل مشتملاته، سواء حب الحياة او حب الاشخاص بعضهم لبعض، واستطعت من خلال هذا كله الخروج برؤية وتجربة ابداعية اعتقد انني اجد بصماتها واضحة في مجموعاتي القصصية التي اعتز بها كثيرا.
الثلاثية
بدوره قال الاديب اسماعيل فهد اسماعيل: لقد بدأت في قراءة نجيب محفوظ في خمسينات القرن الماضي حيث قرأت روايته «كفاح طيبة» ورادوبيس التي فاز عنها بجائزة ادبية آنذاك، وقرأت له همس الجنون، ثم قرأت له بعد ذلك روايته «بداية ونهاية و السراب قبل ان اقرأ عمله الروائي الضخم «الثلاثية» التي بدأت قراءتها في اواخر الخمسينات واوائل الستينات من القرن الماضي، وفيها عرفت القاهرة بحواريها وشوارعها حيث جسدت «الثلاثية» تاريخ مصر وتفاعلاتها السياسية وظهور حزب الوفد، وتمثل «الثلاثية» من وجهة نظري نموذج الواقعية النقدية الاجتماعية.
يضيف اسماعيل: عند قراءتنا لاعمال محفوظ نشعر ان كتاباته كانت تبشر بقدوم ثورة يوليو 1952 بعد ذلك حدث تحول فني في مشروعه الروائي الكبير، ونجد ذلك في روايته ثرثرة فوق النيل التي استوقفتني تقنياتها الفنية العالية خصوصا ان بها طابعا فلسفيا، ثم اعدت قراءة محفوظ مرة ثانية في الفترة من 1965 - 1966 وكتبت وقتها مقالا بعنوان (ان لم يتجه نجيب محفوظ الى العبث فانه كان سينتحر)!! وقدمت المقال الى سهيل ادريس رئيس تحرير مجلة الاداب البيروتية فرفض نشره.
وذكر اسماعيل انه تابع اصدارات نجيب محفوظ حيث اتيحت له زيارة القاهرة، وقال: واصلت قراءة محفوظ وإن ما لفت نظري هو روايته الأخيرة التي نشرت بالأهرام في بداية فترة التسعينات من القرن الماضي وهي بعنوان «اصداء السير الذاتية» التي تتسم بتسجيل السيرة الذاتية لنجيب محفوظ في اسلوب روائي ممتع، وهكذا نجد انه تبوأ عرش الكتابة وتربع على سدة الرواية العربية في مصر والعالم العربي.
وأكدت الدكتورة سعاد عبدالوهاب استاذة اللغة العربية بجامعة الكويت ان نجيب محفوظ هو شيخ الرواية العربية بلا منازع ودليلنا على ذلك هو هذا «الكم» الهائل من الاعمال والدراسات الادبية والنقدية التي تناولت ابداعه الروائي على مدى نصف قرن أو يزيد في مختلف الجامعات المصرية والعربية، وهي تجربة تعتبر -بحق- من التجارب الابداعية العربية التي حملت النقاد المعاصرين على القول بأن الرواية هي ديوان العرب، وذلك على غرار ما كان يتردد قبل سنوات مضت بأن «الشعر» هو ديوان العرب.
بدأت علاقة محفوظ بالسينما من خلال تحويل مجموعة من رواياته الواقعية الى افلام على «الشاشة الكبيرة: مثل «بداية ونهاية» و الثلاثية، وثرثرة فوق النيل، واللص والكلاب (وهي ترمز الى الفترة التي مارست فيها حكومة ثورة يوليو نمطا من العسكرية التي حكمت مصر من خلال ما يعرف بالبوليس السياسي اضافة الى رواياته «زوار الفجر» و «الطريق» و «زقاق المدق» و «بين القصرين» وقد اعتبر كثير من النقاد «الثلاثية» بمثابة ملحمة روائية عظيمة ابدعها محفوظ، وهي تصور الواقع الاجتماعي والتجربة الانسانية في الحياة التي عاشها ابطال الثلاثية عبر اجيالها الثلاثة وهي جيل ما قبل ثورة 1919 وجيل ثورة 1952م ثم جيل ما بعد الثورة حيث نجح محفوظ - الى حد بعيد- في رصد وتحليل نمط حياة المجتمع المصري في تلك الفترة.
ونسجل في هذا التحقيق الصحفي بعض انطباعات لاديبات وادباء الكويت الذين تعاملوا مع تجربة محفوظ في مجال الرواية التي كانت محطته للوصول الى جائزة نوبل في الآداب لعام 1988 .
الرائد
تقول الاديبة الكويتية ليلى العثمان: لقد قرأت كثيرا من اعمال اديبنا العربي الكبير وخصوصا في مجال القصة القصيرة منها: دنيا الله، خمارة القط الاسود، تحت المظلة، الجريمة، والشيطان يعظ.
وجذبني الى اسلوب تلك الاعمال سهولة السرد والقدرة على «الحبكة» والوصول الى «المضمون» بطريقة سهلة وذلك بفضل حرص اديبنا الكبير على الالتزام باللغة العربية التي تمثل السهل الممتنع كما يقولون.
تضيف «العثمان» لقد مهد الاديب العربي العالمي نجيب محفوظ الطريق أمام عشرات الكتاب والمبدعين من مختلف الاجيال فاستطاع ان يكون رائدهم ومعلمهم حيث اقتفوا اثره وان اختلفت -بالطبع- تجاربهم الابداعية وحملت العديد من القضايا والهموم الانسانية والوطنية والقومية.
فلسفة الحب
أما الاديبة والكاتبة منى الشافعي فقالت ان ابداع محفوظ القصصي والروائي استطاع ان يضع لنفسه قدما راسخة ومكانة متميزة في الساحة الادبية ليس في مصر وحدها انما على مستوى عالمنا العربي المترامي الاطراف كما ان دراسة الاديب العالمي محفوظ للفلسفة في كلية الاداب التي تخرج فيها عام 1934 قادته الى عالم الابداع الادبي الذي آثر التفرغ له والاخلاص لابداعه وتجربته الروائية الفريدة حتى اليوم.
واضافت: بالنسبة لي قرأت كثيرا من ابداعات واعمال محفوظ الروائية بالذات، وان كنت لم اهمل اعماله القصصية الاخرى، وقد افادني هذا كثيرا في اسلوبي الصحفي والادبي الذي كتبت به اعمالي القصصية التي حاولت التعبير من خلالها عن مفهومي «لفلسفة الحب» بكل مشتملاته، سواء حب الحياة او حب الاشخاص بعضهم لبعض، واستطعت من خلال هذا كله الخروج برؤية وتجربة ابداعية اعتقد انني اجد بصماتها واضحة في مجموعاتي القصصية التي اعتز بها كثيرا.
الثلاثية
بدوره قال الاديب اسماعيل فهد اسماعيل: لقد بدأت في قراءة نجيب محفوظ في خمسينات القرن الماضي حيث قرأت روايته «كفاح طيبة» ورادوبيس التي فاز عنها بجائزة ادبية آنذاك، وقرأت له همس الجنون، ثم قرأت له بعد ذلك روايته «بداية ونهاية و السراب قبل ان اقرأ عمله الروائي الضخم «الثلاثية» التي بدأت قراءتها في اواخر الخمسينات واوائل الستينات من القرن الماضي، وفيها عرفت القاهرة بحواريها وشوارعها حيث جسدت «الثلاثية» تاريخ مصر وتفاعلاتها السياسية وظهور حزب الوفد، وتمثل «الثلاثية» من وجهة نظري نموذج الواقعية النقدية الاجتماعية.
يضيف اسماعيل: عند قراءتنا لاعمال محفوظ نشعر ان كتاباته كانت تبشر بقدوم ثورة يوليو 1952 بعد ذلك حدث تحول فني في مشروعه الروائي الكبير، ونجد ذلك في روايته ثرثرة فوق النيل التي استوقفتني تقنياتها الفنية العالية خصوصا ان بها طابعا فلسفيا، ثم اعدت قراءة محفوظ مرة ثانية في الفترة من 1965 - 1966 وكتبت وقتها مقالا بعنوان (ان لم يتجه نجيب محفوظ الى العبث فانه كان سينتحر)!! وقدمت المقال الى سهيل ادريس رئيس تحرير مجلة الاداب البيروتية فرفض نشره.
وذكر اسماعيل انه تابع اصدارات نجيب محفوظ حيث اتيحت له زيارة القاهرة، وقال: واصلت قراءة محفوظ وإن ما لفت نظري هو روايته الأخيرة التي نشرت بالأهرام في بداية فترة التسعينات من القرن الماضي وهي بعنوان «اصداء السير الذاتية» التي تتسم بتسجيل السيرة الذاتية لنجيب محفوظ في اسلوب روائي ممتع، وهكذا نجد انه تبوأ عرش الكتابة وتربع على سدة الرواية العربية في مصر والعالم العربي.
وأكدت الدكتورة سعاد عبدالوهاب استاذة اللغة العربية بجامعة الكويت ان نجيب محفوظ هو شيخ الرواية العربية بلا منازع ودليلنا على ذلك هو هذا «الكم» الهائل من الاعمال والدراسات الادبية والنقدية التي تناولت ابداعه الروائي على مدى نصف قرن أو يزيد في مختلف الجامعات المصرية والعربية، وهي تجربة تعتبر -بحق- من التجارب الابداعية العربية التي حملت النقاد المعاصرين على القول بأن الرواية هي ديوان العرب، وذلك على غرار ما كان يتردد قبل سنوات مضت بأن «الشعر» هو ديوان العرب.