-A +A
صالح عبدالرحمن المانع
ألقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان كلمة ضافية أمام الاجتماع الدوري لمجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة، والذي كان يبحث مبادرة السلام العربية وفي الوقت ذاته يتداول موضوع عزم الفلسطينيين عرض حقهم المشروع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر هذا الشهر، في اعتراف كامل للأمم المتحدة بدولتهم المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد بدأت الضغوط الإسرائيلية والأمريكية على الفلسطينيين منذ الربيع الماضي في محاولة لثنيهم عن توجههم السياسي الجديد. فقد أدرك الفلسطينيون والشعوب العربية بأن مسار السلام قد انتهى وقوده، ولم تتمكن تلك المحادثات التي استمرت طوال عقدين من الزمن سوى في تحقيق قيام سلطة تنفيذية غير مستقلة على أرض محتلة في الضفة الغربية، وقيام حكومتين فلسطينيتين إحداهما في الضفة الغربية والأخرى في قطاع غزة.

وفي الوقت الذي تمارس فيه الإدارة الأمريكية الضغوط على الفلسطينيين يأتي أردوغان إلى محفل الجامعة العربية ليعلن دعمه للقضية الفلسطينية، ودعمه لمشروعهم الاستقلالي في الأمم المتحدة، وليعلن استنكاره لمحاصرة القطاع وتجويع أهله. فقد أخطأت إسرائيل خطأ تاريخيا بمهاجمتها لقافلة الحرية وسفينة مرمرة، وقتلها لتسعة من المواطنين الأتراك، ووصل الأمر بنتانياهو أن يتبجح بأنه لن يعتذر عن قتل هؤلاء المدنيين.
غير أن إسرائيل تحصد اليوم ما زرعته بنفسها من عنف واستعلاء واستخفاف بأرواح البشر، سواء كانوا فلسطينيين أو مصريين أو أتراكا. وها هي تقف اليوم منبوذة، وتحاول في الوقت نفسه مد نفوذها البحري في معظم الأجزاء الشرقية للبحر الأبيض المتوسط بما فيها المياه الإقليمية الفلسطينية واللبنانية، وحتى المياه الإقليمية لشمال قبرص ولتركيا نفسها. وهي بعد أن شبعت من احتلال مدن الفلسطينيين وبناء المستوطنات على أراضيهم ومزارع الزيتون فيها، تلتفت إلى البحر لمد نفوذ مياهها الإقليمية ومناطق نفوذها الاقتصادي على هذا البحر للحصول على الغاز الذي يكمن في قاعه، ولاستخدام المياه الدولية كمناطق استراتيجية لتفرض فيها إرادة القوة والغطرسة على جيرانها من العرب والأتراك.
مثل هذه الأعمال الاستفزازية من قبل الإسرائيليين أثارت ثائرة الشعب التركي وزعامته السياسية، وهو الذي عبر عنه بكل قوة أردوغان، كما أن موقف رئيس الوزراء التركي من القضية السورية بوصفها قضية إنسانية، أمر يثير الإعجاب والفخر.
فتركيا، كما قال رئيس وزرائها تشارك العرب مصيرهم وهمومهم وثقافتهم ودينهم، وهي تنظر إلى المستقبل نظرة تفاؤلية، برغم الصعاب والعوائق القائمة أمامنا اليوم.
وقد آن لنا أن نمد يدنا إلى تركيا مثلما تمد يدها إلينا، ونحيي فيها هذه الإرادة السياسية القوية.