-A +A
عبد الله بن سعد الأحمري*
على الرغم من التوجه السائد حاليا لفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل المدن بهدف تشجيع البناء وزيادة المعروض من الوحدات السكنية لحل الأزمة السكانية، إلا أنه لا ينبغى التسرع بالجزم بحدوث ذلك؛ لأن المشروع مازال في طور التوصيات في لجنة الخبراء في مجلس الوزراء، ونخشى أيضا أن يواجه مصيرا ضبابيا مثل الرهن العقاري الذى هللنا له منذ سنوات ولم نر له أثرا للآن. وإذا كان إقرار هذا المشروع يصب باتجاه أهداف الدولة بتوفير السكن لكل مواطن وكسر موجة «تصقيع» الأراضي من أجل رفع أسعارها فقط، فإنه لا ينبغى أن نقلل من شأن وجهة النظر الأخرى التى ترى أن فرض رسوم بنسبة 2 في المائة سنويا على سبيل المثال ستؤدي إلى رفع الأسعار على المشترين.
لقد كشفت تجارب السنوات الماضية أن تجميد الأراضي البيضاء والمضاربة عليها كان ذا تأثير سلبي للغاية على الباحثين عن سكن من ذوي الدخل المحدود، حيث ارتفعت أسعار هذه الأراضي بأرقام فلكية، ما حول حلم الحصول على مسكن إلى ما يشبه المستحيل .. ولعل من الإشكالات التى ستبرز عند التطبيق ــ لو حدث ــ كيفية التأكد من أن هذه الأرض للتجارة، وما هي المساحة التي يمكن اعتبارها للمسكن الشخصي وللتجارة خاصة في ظل اختلاف المفاهيم، وما هي النسبة المناسبة التى ينبغي فرضها على هذه الأراضي بما يحقق مصلحة جميع الأطراف ويحمي الملكية الفردية أيضا في إطار القاعدة الشرعية المعروفة «لا ضرر ولا ضرار».

وإذا كنا بتطبيق هذه الرسوم لا نأتي بجديد عن العديد من الدول على اعتبار أن بعض هذه الأراضي يمكن أن ينطبق عليها عروض التجارة بالمعنى الدقيق للكلمة إلا أن المشروع رغم أهميته البالغة في اعتقادي الشخصي ومعي الكثير من العقاريين، ينبغي أن يدرس بعناية بالغة لسبب رئيس هو الحرص على أن يخرج محققا للعدالة المنشودة في إطار المصلحة العامة. كما أن صدور الموافقة وحدها لا يكفي بل يجب أن يكون ذلك مرتبطا بالتزام الجميع بالتنفيذ وسد كافة الثغرات التي سيعمد البعض إلى التهرب من خلالها، وبالإضافة إلى ذلك لا ينبغي أن نعول على هذا الأمر وكأنه نهاية المطاف، بل ينبغي أن نتجه إلى إحداث حلول تكاملية لأزمة الإسكان على صعيد التوسع في بناء ضواحي المدن ومد شبكة الخدمات إلى عشرات المخططات المهجورة من أصحابها والتوسع في البناء الرأسي للحد من ارتفاع تكلفة إيصال الخدمات إلى عشرات الأحياء التى تظهر بسرعة الصاروخ.