كشفت إحصائيات جديدة صادرة عن مستشفيات الأمل في عدد من المناطق عن ارتفاع نسبة تعاطي وإدمان المخدرات بين النساء إلى 20 في المائة عنه في الأعوام الماضية، ووصلت في العام الحالي إلى 320 حالة، جرى علاج 290 حالة منها، فيما بقيت 30 حالة تحت العلاج.
وتزامنا مع ذلك كشفت وزارة الداخلية الأسبوع الماضي عن أضخم عملية تهريب مخدرات استهدفت البلاد في الشهور الأربعة الماضية، إذ حاول 475 تاجرا ومهربا إدخال مخدرات تبلغ قيمتها السوقية 1,7 مليار.
وأعلنت وزارة الداخلية القبض على 204 من المواطنين، و72 يمينا، و199 من جنسيات مختلفة، بتهم تهريب ونقل واستقبال المخدرات بطرق وأساليب متفاوتة، لكن يقظة رجال الأمن أوقفت هذه العمليات عبر جهود ذاتية، وتنسيق دولي.
وبحسب بيان وزارة الداخلية، واجه رجال الأمن في بعض العمليات مقاومة مسلحة من المهربين والمروجين، وبلغ إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية في العمليات 15.9 كيلو جرام من الهيروين الخام، وكيلو واحد من الهيروين المعد للاستعمال، و25.2 كيلو من قرصان من الأمفيتامين.
وأفصح البيان عن كميات أخرى تم ضبطها منها 8.3 كيلو من الحشيش المخدر، و1.6 مليون من الأقراص الخاضعة لتنظيم التداول الطبي، كما تم ضبط مبالغ مالية نقدية في حوزة المتهمين تبلغ 6.6 مليون ريال.
هذه الأرقام المخيفة، والعصابات التي تتربص بالوطن وأبنائه، تعطي مؤشرا عن خطورة وتفشي إدمان المخدرات حد استهداف شباب وشابات الوطن حتى أصبح تناول العقاقير المنبهة والمنشطة خطرا يفرض حضوره بين صغار السن وبين الطلاب والطالبات على مقاعد الدراسة، فيما يتسلل هذا السيناريو خلسة بين الطلاب والطالبات، ففي الأسبوع الماضي ضبطت إحدى المعلمات فتاة بحوزتها سيجارة حشيش وأحالتها للجهة المختصة، فيما يشكل نحو 40 في المئة من نزلاء دار الملاحظة الاجتماعية قضايا المخدرات. ما يتطلب أن يكون المجتمع في أقصى درجات الحيطة والحذر، حيث بين المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي، أن الهدف من وراء عمليات التهريب الضخمة التي ضبطتها الأجهزة الأمنية أخيرا، هو القضاء على المجتمع، وتوريط الشباب والفتيات حتى لا يكون لهم دور في بناء هذا الوطن.
من جهة أخرى، كشفت دراسة عن الاتجاه العام للمخدرات على عينة من طلاب المدارس الثانوية (الثالث الثانوي)، أنه يوجد 62 طالبا (37 في المئة) لديهم اتجاهات قوية وقريبة من تعاطي المخدرات، وأن 52 طالبا (35 في المئة) لديهم اتجاهات قوية وقريبة من أشخاص ممن يتعاطون المخدرات، و72 طالبا (38 في المئة) لديهم اتجاهات قوية وقريبة نحو مروجي المخدرات، وأوصت الدراسة بإقامة برامج تربوية وقائية لمواجهة تعاطي المخدرات، شريطة أن تكون بأسلوب مشوق يضمن جذب انتباه المستهدفين، كما أوصت الدراسة بضرورة رعاية الأسرة لأبنائها ومتابعتهم والجلوس معهم لمعرفة مشكلاتهم الشخصية، والعمل على تقوية الوازع الديني، وركزت التوصيات على ضرورة منح التائبين الفرصة في الحياة الاجتماعية والعملية من خلال إلغاء صحيفة السوابق ومساعدة التائب في الحصول على عمل، فيما اتجه بعض الشباب والشابات الذين تورطوا في تناول وتعاطي هذه السموم، إلى مستشفى الأمل ليبدأوا رحلة العلاج من الإدمان.
طلاب مدمنون
يقول ماجد (طالب في الثانوية)، إنه بدأ بتعاطي الحبوب المنشطة في السنة الأولى من المرحلة المتوسطة، عندما عرضها عليه أحد زملائه قبيل اختبار مادة الفيزياء، وكان يستذكر دروسه معه في منزله وبعدها كرت السبحة وأصبح لا يستغني عن هذا الوهم، معترفا بأن أغلب المتعاطين لهذه الحبوب هم من الطلاب المتقاعسين والكسالى، الذين يحاولون التعويض بوسيلة غير مجدية تضر بصحتهم.
وقال حسن (طالب بالمرحلة الثانوية) إنه تعرف على هذه الحبوب من خلال زملائه، فيما ينشط سوق هذه المنشطات أيام الاختبارات.
ويروي عادل تجربته مع المنشطات، أنه كان يتمشى مع أحد أصدقائه، وأثناء ذلك قدم لهم شخص بعض الحبوب المنبهة وتمكن من مواصلة السهر، وبعد الاختبارات بدأ النوم يفر من عينيه ولم يتمكن من استيعاب مادة الاختبار الثاني فأخفق في الاختبارات، في حين بدأ عبد الله التعاطي بالحشيش ثم حبوب الكبتاجون المخدرة منذ ثلاثين عاما، وكان يبحث من وراء ذلك عن النشاط والتركيز الذهني خلال المذاكرة، ولم يكن يدري أن ذلك سيقوده للهاوية وللإدمان والأمراض والنهاية السيئة، وقال: «كان هناك نوع من الراحة الزائفة أو هكذا يخيل لي نفسيا عند استعمال هذه الآفة المخدرة، وكان زملاء ورفقاء السوء يزينون لي الأمر ويهونونه علي حتى وقعت في حبائلهم «وأكد أنه بفضل الله ثم بفضل القائمين على المستشفى كان له الخلاص والعودة إلى الله وإلى نفسه وعقله سليما صحيحا».
ويشرح تائب آخر قصة وقوعه بالخطر قائلا: «في بدايات عملي الوظيفي عملت في منطقة نائية فاستأجرت سكنا؛ ولأن الوحدة قاتلة، صرت أستضيف بعضا ممن تعرفت عليهم وكانوا يتناولون مشروبات لا أعرف عنها شيئا، وعندما لاحظوا انقباض نفسي وانكسار خاطري، أخذوا يقنعونني بأن هذا الشراب ويسمونه (العرق) يطرد الهواجس! فجربته مرة واثنتين وتحت إلحاحهم صرت أتناول المسكر والحشيش المخدر، وعندما أفقده أصاب بالإحباط والضيق فأبحث عنه بأي ثمن وبأي طريقة، ولكن مع تزايد حالتي واجهت مواقف متشددة من الأهل وصلت حد المواجهة الحاسمة وأدخلت للمستشفى بعد 11 عاما من التعاطي والضياع، وكان أن فصلت من عملي وزادت مشكلاتي، بعد أن نجح الاختصاصيون بإقناعي بالإقلاع عن المسكرات، وبالتوجه الديني السليم تحسنت حالتي وخرجت من المستشفى، ولكن مقابلة السيئين من القرناء، أعادتني مرة أخرى للطريق المظلم: طريق الألم والضياع. والآن عدت سليما معافى من السموم والأمراض، ولكن مازال في نفسي شيء من الألم والندم على تصرفات اقترفتها بحق والدي وأهلي وإخوتي بسبب جنون المخدرات».
هاني شاب آخر تعاطى المنشطات والكحول حينما كان يدرس في الصف الأول الثانوي، واستمر على ذلك 13 عاما بتشجيع من رفقاء السوء، ولعدم التحاقه بعمل أو نشاط اجتماعي يملأ فراعه ويشغله عن تلك السموم، مشيرا أن زملاء له أصغر منه سنا، كانوا يتعاطون المخدرات بتشجيع من رفاق سبق أن تورطوا بتعاطيها.
وأمضى ناصر، العائد من رحلة الإدمان سنة ونصف في مستشفى الأمل وهو يمر بمرحلة نهائية، بعدها يكون خروجه سليما معافي واعدا نفسه وذويه بعدم الانتكاس والنكوص مرة أخرى.
الحي يحمي شبابه
مدير الدراسات والمعلومات باللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الدكتور سعيد السريحة، قال: إن الإقبال على العلاج في حد ذاته خطوة إيجابية، مبينا أن هناك زيادة في مستوى الوعي في المجتمع بشكل عام.
وحول كيفية وصول المخدرات لفئة صغيرة السن، أوضح السريحة، أن التعاطي محليا وعالميا يبدأ في سن العاشرة؛ لوجود عضو في الأسرة غالبا ما يتعاطى المخدرات، أو بسبب ترك أدوية العلاج النفسي في المنزل، مبينا أن نسبة الأطفال دون سن الثالثة عشرة عاما لم تتصاعد في السعودية، وهذا مؤشر إيجابي، وأشار إلى أنه سيتم قريبا إطلاق برنامج «الحي يحمي شبابه» لتوعية الأسر لمخاطر الأدمان وكيفية الحد منه.
أعراض الإدمان
ومن جهته، أوضح الدكتور محمد الغامدي، (استشاري نفسي) أن من السهل معرفة ما إذا كان الابن مدمنا من خلال الأعراض الخارجية التي تظهر عليه، وتتمثل في إغفال الوجبات المدرسية، وعدم الانخراط في الأعمال المنزلية، وعدم تعاونه مع أفراد أسرته، وميله دائما للعزلة والانطواء، وتأخره في التحصيل الدراسي (متمرد ــ عاص ــ عاق) وعزوفه عن الأكل، إضافة إلى امتقاع في لون الجسم، وزوغان العينين، وفقدان القدرة على التركيز، وتغليف حياته بقدر من السرية.
آثار الإدمان
أما الدكتورة رفعة المطيري، (اخصائية سلوك وطب نفسي) فقد بينت أن تعاطي المخدرات والإدمان ليست سلوكا شخصيا يقتصر أثره على صاحبه، بل هو كارثة تصل آثارها إلى المجتمع كافة، ومن أهم هذه الآثار زيادة الجرائم الاجتماعية كالقتل والسرقة والهروب من المدارس والعنف داخل الأسرة وخارجها، وعدم الأمان في الأسرة لكثرة تفتيش المنزل من جانب أجهزة الأمن، وعدم قدرة عائل الأسرة على حمايتها إذا كان هو المدمن، وقد ينتج عن الظاهرة إفراز أطفال منحرفين وولادة أطفال مشوهين إذا كانت الأم الحامل مدمنة، وفقدان الأبناء للحب والحنان داخل الأسرة، ضعف إنتاج الفرد وتغيبه عن العمل وزيادة طلب الإجازات المرضية.
وأضافت: إذا عرفت الأسرة أن ابنها أصبح مدمنا للمخدرات، عليها في هذه الحالة التأكد ما إذا كان ابنها مدمنا، فقد تكون الأعراض التي تلاحظها عليه ترجع لمشكلة وقع فيها الفتى، فعلى الأب والأم محاولة التقرب برفق ومعرفة سبب هذه لأعراض، لكن إذا أثبتت التحاليل وجود المخدر في دم الابن، فعلى الوالدين في هذه الحالة أن يتصفا بالشجاعة في مواجهة هذه الكارثة: كأن يبدأ كل منهما في إعادة النظر في علاقتهما بعضهما مع بعض، وكذلك علاقتهما مع الأبناء، فمن الممكن أنهما انصرفا عن الأبناء وأعطيا اهتماماتهما لأشياء أخرى أقل أهمية، فيبدأ كل منهما بالتقرب من الأبناء والحوار المستمر معهم، وعليهما باللجوء للطبيب لاتخاذ خطوات العلاج والتي تحتاج إلى صبر وتحمل كبيرين من كل أفراد الأسرة، وليعلم الوالدان أنه لا يوجد حل لكثير من أمور حياتنا إلا بتضحية شديدة، وجزء من علاج المدمن أن يفضح أمره فلا داعي للحزن والضيق من هذا الأمر، ولا ينفصل دور المجتمع في مواجهة هذه الكارثة عن دور الأسرة فلا بد من التكاتف لعلاج المدمن بتسهيل خطوات العلاج لأسرة المدمن وعدم عرقلة مراحل الانتقال من خطوة لأخرى.
الحكم الشرعي
ويوضح القاضي تركي القرني قاضي المحكمة الجزئية في جدة الحكم الشرعي في هذه القضية، مبينا أن الإسلام قد حرم تناول جميع أنواع المسكرات، سواء كانت خمرا أو مخدرات، وسواء كانت الكمية قليلة أو كثيرة؛ وذلك لما تسببه من أضرار على الفرد والمجتمع الإسلامي بصفة عامة.
الآثار الأمنية لتعاطي لمخدرات
ومن ناحيته، أوضح الدكتور محمد أيمن (استشاري الطب النفسي) أن الآثار الأمنية الناجمة عن تعاطي لمخدرات تتمثل في ازدياد العلاقة بين التعاطي وجرائم إزهاق الأرواح وهتك الأعراض والدعارة؛ لأن المخدر يبعد الإنسان عن واقعه ويضعه في عالم من الوهم ينسى معه وجوده وفضائله، وينـسى معه ارتباطه بمجتمعه، وإن تكرار هذا الانفصال عن الواقع يجعل متعاطي المخدر هاربا هروبا مزمنا من محيطه ومن واقعه، والشواهد على مدى ارتباط المخدرات بالانحراف الاجتماعي والسلوكي للأفراد كثيرة، وبينت دراسة على تعاطي الحشيش أن 76 في المئة من أفراد العينة متهمون بارتكاب جرائم وأكثرها الاعتداء المباشر على النفس أو الشروع في القتل، وتبين أن 58في المئة من قضايا القتل العمد ارتكبت فيها الجريمة بسبب المعتقد الخاطئ بالخيانة الزوجية وقتلت الزوجة في 31 في المئة من هذه القضايا، وقد أثبتت البحوث التي عنيت بتفسير السلوك الإجرامي في المجتمع السعودي أن هناك علاقة قوية بين ميل الفرد إلى شرب الكحول والخمر وممارسته للجريمة والإنحراف.
وفي دراسة أجريت على المجرمين من الجنسين في المجتمع السعودي، ظهر من نتائج البحث أن الغالبية (78 في المئة ) من المحكوم عليهم في جرائم جنسية كانوا يتعاطون المسكرات والمخدرات.
آثار المنبهات
وإلى ذلك, يوضح الدكتور محمد الأحمد اخصائي الطب النفسي ــ أن استخدام المنبهات والمواد المنشطة بدأ تتضح معالمه بصورة متزايدة في السنوات الأخيرة، مرجعا أسباب اتجاه الناس إلى استعمال هذه العقاقير وخاصة منهم الطلبة والطالبات، إلى الرغبة في زيادة طاقة الاستذكار، واليقظة في بعض الأعمال الليلة كالسائقين لمسافات طويلة أو بغرض فقدان الشهية بالنسبة لحالات السمنة لما تعطيه أو تمنحهم من قوة وهمية ونشاط ذهني.
وأهم هذه العقاقير الامفيتامينات كمنشطات والكوكايين والكانيين والنيكوتين كمنبهات أو الكوكايين باعتباره من المواد المخدرة الخطيرة ويصاحب استخدامه زيادة الحركة والهياج الحركي وتقليل الشهية وسرعة ضربات القلب، إضافة إلى حدوث اضطراب في التنفس وارتفاع ضغط الدم، وتشوش الأفكار والهلاوس السمعية، وبطء الحركة وصعوبة الكلام والترنح والخمول وحدوث اضطرابات عقلية والعته المبكر والجنون والإضرار بالنخاع الشوكي والشلل المفاجئ لعضلات القلب والوفاة المفاجئة والإصابة بأمراض الكبد الوبائي من نوع ب ومرض فقدان المناعة المكتسبة نتيجة لاستخدام الكوكايين بإبر ملوثة عن طريق الوريد، وضربات القلب وهبوط نسبة التنفس والتدهور العقلي والتشنجات والغيبوبة والإحساس بالأرق والقلق والتوتر ونقص كريات الدم البيضاء في الجسم واعتلال الصحة والسلوك الهستيري دون وعي والميل إلى ارتكاب جرائم السرقة والسلوك الإجرامي واضطراب السلوك، وإهمال العمل، وبسبب الاعتماد على الامفيتامينات، عادة ما ينتج عنه الإحساس بالنعاس والكسل والاكتئاب وكثرة الأحلام المزعجة والكوابيس وحدوث خلل في الجهاز التنفسي وضربات القلب، كما يؤدي إلى التعلق والرجفة والغثيان وفقدان الشهية.
وتزامنا مع ذلك كشفت وزارة الداخلية الأسبوع الماضي عن أضخم عملية تهريب مخدرات استهدفت البلاد في الشهور الأربعة الماضية، إذ حاول 475 تاجرا ومهربا إدخال مخدرات تبلغ قيمتها السوقية 1,7 مليار.
وأعلنت وزارة الداخلية القبض على 204 من المواطنين، و72 يمينا، و199 من جنسيات مختلفة، بتهم تهريب ونقل واستقبال المخدرات بطرق وأساليب متفاوتة، لكن يقظة رجال الأمن أوقفت هذه العمليات عبر جهود ذاتية، وتنسيق دولي.
وبحسب بيان وزارة الداخلية، واجه رجال الأمن في بعض العمليات مقاومة مسلحة من المهربين والمروجين، وبلغ إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية في العمليات 15.9 كيلو جرام من الهيروين الخام، وكيلو واحد من الهيروين المعد للاستعمال، و25.2 كيلو من قرصان من الأمفيتامين.
وأفصح البيان عن كميات أخرى تم ضبطها منها 8.3 كيلو من الحشيش المخدر، و1.6 مليون من الأقراص الخاضعة لتنظيم التداول الطبي، كما تم ضبط مبالغ مالية نقدية في حوزة المتهمين تبلغ 6.6 مليون ريال.
هذه الأرقام المخيفة، والعصابات التي تتربص بالوطن وأبنائه، تعطي مؤشرا عن خطورة وتفشي إدمان المخدرات حد استهداف شباب وشابات الوطن حتى أصبح تناول العقاقير المنبهة والمنشطة خطرا يفرض حضوره بين صغار السن وبين الطلاب والطالبات على مقاعد الدراسة، فيما يتسلل هذا السيناريو خلسة بين الطلاب والطالبات، ففي الأسبوع الماضي ضبطت إحدى المعلمات فتاة بحوزتها سيجارة حشيش وأحالتها للجهة المختصة، فيما يشكل نحو 40 في المئة من نزلاء دار الملاحظة الاجتماعية قضايا المخدرات. ما يتطلب أن يكون المجتمع في أقصى درجات الحيطة والحذر، حيث بين المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي، أن الهدف من وراء عمليات التهريب الضخمة التي ضبطتها الأجهزة الأمنية أخيرا، هو القضاء على المجتمع، وتوريط الشباب والفتيات حتى لا يكون لهم دور في بناء هذا الوطن.
من جهة أخرى، كشفت دراسة عن الاتجاه العام للمخدرات على عينة من طلاب المدارس الثانوية (الثالث الثانوي)، أنه يوجد 62 طالبا (37 في المئة) لديهم اتجاهات قوية وقريبة من تعاطي المخدرات، وأن 52 طالبا (35 في المئة) لديهم اتجاهات قوية وقريبة من أشخاص ممن يتعاطون المخدرات، و72 طالبا (38 في المئة) لديهم اتجاهات قوية وقريبة نحو مروجي المخدرات، وأوصت الدراسة بإقامة برامج تربوية وقائية لمواجهة تعاطي المخدرات، شريطة أن تكون بأسلوب مشوق يضمن جذب انتباه المستهدفين، كما أوصت الدراسة بضرورة رعاية الأسرة لأبنائها ومتابعتهم والجلوس معهم لمعرفة مشكلاتهم الشخصية، والعمل على تقوية الوازع الديني، وركزت التوصيات على ضرورة منح التائبين الفرصة في الحياة الاجتماعية والعملية من خلال إلغاء صحيفة السوابق ومساعدة التائب في الحصول على عمل، فيما اتجه بعض الشباب والشابات الذين تورطوا في تناول وتعاطي هذه السموم، إلى مستشفى الأمل ليبدأوا رحلة العلاج من الإدمان.
طلاب مدمنون
يقول ماجد (طالب في الثانوية)، إنه بدأ بتعاطي الحبوب المنشطة في السنة الأولى من المرحلة المتوسطة، عندما عرضها عليه أحد زملائه قبيل اختبار مادة الفيزياء، وكان يستذكر دروسه معه في منزله وبعدها كرت السبحة وأصبح لا يستغني عن هذا الوهم، معترفا بأن أغلب المتعاطين لهذه الحبوب هم من الطلاب المتقاعسين والكسالى، الذين يحاولون التعويض بوسيلة غير مجدية تضر بصحتهم.
وقال حسن (طالب بالمرحلة الثانوية) إنه تعرف على هذه الحبوب من خلال زملائه، فيما ينشط سوق هذه المنشطات أيام الاختبارات.
ويروي عادل تجربته مع المنشطات، أنه كان يتمشى مع أحد أصدقائه، وأثناء ذلك قدم لهم شخص بعض الحبوب المنبهة وتمكن من مواصلة السهر، وبعد الاختبارات بدأ النوم يفر من عينيه ولم يتمكن من استيعاب مادة الاختبار الثاني فأخفق في الاختبارات، في حين بدأ عبد الله التعاطي بالحشيش ثم حبوب الكبتاجون المخدرة منذ ثلاثين عاما، وكان يبحث من وراء ذلك عن النشاط والتركيز الذهني خلال المذاكرة، ولم يكن يدري أن ذلك سيقوده للهاوية وللإدمان والأمراض والنهاية السيئة، وقال: «كان هناك نوع من الراحة الزائفة أو هكذا يخيل لي نفسيا عند استعمال هذه الآفة المخدرة، وكان زملاء ورفقاء السوء يزينون لي الأمر ويهونونه علي حتى وقعت في حبائلهم «وأكد أنه بفضل الله ثم بفضل القائمين على المستشفى كان له الخلاص والعودة إلى الله وإلى نفسه وعقله سليما صحيحا».
ويشرح تائب آخر قصة وقوعه بالخطر قائلا: «في بدايات عملي الوظيفي عملت في منطقة نائية فاستأجرت سكنا؛ ولأن الوحدة قاتلة، صرت أستضيف بعضا ممن تعرفت عليهم وكانوا يتناولون مشروبات لا أعرف عنها شيئا، وعندما لاحظوا انقباض نفسي وانكسار خاطري، أخذوا يقنعونني بأن هذا الشراب ويسمونه (العرق) يطرد الهواجس! فجربته مرة واثنتين وتحت إلحاحهم صرت أتناول المسكر والحشيش المخدر، وعندما أفقده أصاب بالإحباط والضيق فأبحث عنه بأي ثمن وبأي طريقة، ولكن مع تزايد حالتي واجهت مواقف متشددة من الأهل وصلت حد المواجهة الحاسمة وأدخلت للمستشفى بعد 11 عاما من التعاطي والضياع، وكان أن فصلت من عملي وزادت مشكلاتي، بعد أن نجح الاختصاصيون بإقناعي بالإقلاع عن المسكرات، وبالتوجه الديني السليم تحسنت حالتي وخرجت من المستشفى، ولكن مقابلة السيئين من القرناء، أعادتني مرة أخرى للطريق المظلم: طريق الألم والضياع. والآن عدت سليما معافى من السموم والأمراض، ولكن مازال في نفسي شيء من الألم والندم على تصرفات اقترفتها بحق والدي وأهلي وإخوتي بسبب جنون المخدرات».
هاني شاب آخر تعاطى المنشطات والكحول حينما كان يدرس في الصف الأول الثانوي، واستمر على ذلك 13 عاما بتشجيع من رفقاء السوء، ولعدم التحاقه بعمل أو نشاط اجتماعي يملأ فراعه ويشغله عن تلك السموم، مشيرا أن زملاء له أصغر منه سنا، كانوا يتعاطون المخدرات بتشجيع من رفاق سبق أن تورطوا بتعاطيها.
وأمضى ناصر، العائد من رحلة الإدمان سنة ونصف في مستشفى الأمل وهو يمر بمرحلة نهائية، بعدها يكون خروجه سليما معافي واعدا نفسه وذويه بعدم الانتكاس والنكوص مرة أخرى.
الحي يحمي شبابه
مدير الدراسات والمعلومات باللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الدكتور سعيد السريحة، قال: إن الإقبال على العلاج في حد ذاته خطوة إيجابية، مبينا أن هناك زيادة في مستوى الوعي في المجتمع بشكل عام.
وحول كيفية وصول المخدرات لفئة صغيرة السن، أوضح السريحة، أن التعاطي محليا وعالميا يبدأ في سن العاشرة؛ لوجود عضو في الأسرة غالبا ما يتعاطى المخدرات، أو بسبب ترك أدوية العلاج النفسي في المنزل، مبينا أن نسبة الأطفال دون سن الثالثة عشرة عاما لم تتصاعد في السعودية، وهذا مؤشر إيجابي، وأشار إلى أنه سيتم قريبا إطلاق برنامج «الحي يحمي شبابه» لتوعية الأسر لمخاطر الأدمان وكيفية الحد منه.
أعراض الإدمان
ومن جهته، أوضح الدكتور محمد الغامدي، (استشاري نفسي) أن من السهل معرفة ما إذا كان الابن مدمنا من خلال الأعراض الخارجية التي تظهر عليه، وتتمثل في إغفال الوجبات المدرسية، وعدم الانخراط في الأعمال المنزلية، وعدم تعاونه مع أفراد أسرته، وميله دائما للعزلة والانطواء، وتأخره في التحصيل الدراسي (متمرد ــ عاص ــ عاق) وعزوفه عن الأكل، إضافة إلى امتقاع في لون الجسم، وزوغان العينين، وفقدان القدرة على التركيز، وتغليف حياته بقدر من السرية.
آثار الإدمان
أما الدكتورة رفعة المطيري، (اخصائية سلوك وطب نفسي) فقد بينت أن تعاطي المخدرات والإدمان ليست سلوكا شخصيا يقتصر أثره على صاحبه، بل هو كارثة تصل آثارها إلى المجتمع كافة، ومن أهم هذه الآثار زيادة الجرائم الاجتماعية كالقتل والسرقة والهروب من المدارس والعنف داخل الأسرة وخارجها، وعدم الأمان في الأسرة لكثرة تفتيش المنزل من جانب أجهزة الأمن، وعدم قدرة عائل الأسرة على حمايتها إذا كان هو المدمن، وقد ينتج عن الظاهرة إفراز أطفال منحرفين وولادة أطفال مشوهين إذا كانت الأم الحامل مدمنة، وفقدان الأبناء للحب والحنان داخل الأسرة، ضعف إنتاج الفرد وتغيبه عن العمل وزيادة طلب الإجازات المرضية.
وأضافت: إذا عرفت الأسرة أن ابنها أصبح مدمنا للمخدرات، عليها في هذه الحالة التأكد ما إذا كان ابنها مدمنا، فقد تكون الأعراض التي تلاحظها عليه ترجع لمشكلة وقع فيها الفتى، فعلى الأب والأم محاولة التقرب برفق ومعرفة سبب هذه لأعراض، لكن إذا أثبتت التحاليل وجود المخدر في دم الابن، فعلى الوالدين في هذه الحالة أن يتصفا بالشجاعة في مواجهة هذه الكارثة: كأن يبدأ كل منهما في إعادة النظر في علاقتهما بعضهما مع بعض، وكذلك علاقتهما مع الأبناء، فمن الممكن أنهما انصرفا عن الأبناء وأعطيا اهتماماتهما لأشياء أخرى أقل أهمية، فيبدأ كل منهما بالتقرب من الأبناء والحوار المستمر معهم، وعليهما باللجوء للطبيب لاتخاذ خطوات العلاج والتي تحتاج إلى صبر وتحمل كبيرين من كل أفراد الأسرة، وليعلم الوالدان أنه لا يوجد حل لكثير من أمور حياتنا إلا بتضحية شديدة، وجزء من علاج المدمن أن يفضح أمره فلا داعي للحزن والضيق من هذا الأمر، ولا ينفصل دور المجتمع في مواجهة هذه الكارثة عن دور الأسرة فلا بد من التكاتف لعلاج المدمن بتسهيل خطوات العلاج لأسرة المدمن وعدم عرقلة مراحل الانتقال من خطوة لأخرى.
الحكم الشرعي
ويوضح القاضي تركي القرني قاضي المحكمة الجزئية في جدة الحكم الشرعي في هذه القضية، مبينا أن الإسلام قد حرم تناول جميع أنواع المسكرات، سواء كانت خمرا أو مخدرات، وسواء كانت الكمية قليلة أو كثيرة؛ وذلك لما تسببه من أضرار على الفرد والمجتمع الإسلامي بصفة عامة.
الآثار الأمنية لتعاطي لمخدرات
ومن ناحيته، أوضح الدكتور محمد أيمن (استشاري الطب النفسي) أن الآثار الأمنية الناجمة عن تعاطي لمخدرات تتمثل في ازدياد العلاقة بين التعاطي وجرائم إزهاق الأرواح وهتك الأعراض والدعارة؛ لأن المخدر يبعد الإنسان عن واقعه ويضعه في عالم من الوهم ينسى معه وجوده وفضائله، وينـسى معه ارتباطه بمجتمعه، وإن تكرار هذا الانفصال عن الواقع يجعل متعاطي المخدر هاربا هروبا مزمنا من محيطه ومن واقعه، والشواهد على مدى ارتباط المخدرات بالانحراف الاجتماعي والسلوكي للأفراد كثيرة، وبينت دراسة على تعاطي الحشيش أن 76 في المئة من أفراد العينة متهمون بارتكاب جرائم وأكثرها الاعتداء المباشر على النفس أو الشروع في القتل، وتبين أن 58في المئة من قضايا القتل العمد ارتكبت فيها الجريمة بسبب المعتقد الخاطئ بالخيانة الزوجية وقتلت الزوجة في 31 في المئة من هذه القضايا، وقد أثبتت البحوث التي عنيت بتفسير السلوك الإجرامي في المجتمع السعودي أن هناك علاقة قوية بين ميل الفرد إلى شرب الكحول والخمر وممارسته للجريمة والإنحراف.
وفي دراسة أجريت على المجرمين من الجنسين في المجتمع السعودي، ظهر من نتائج البحث أن الغالبية (78 في المئة ) من المحكوم عليهم في جرائم جنسية كانوا يتعاطون المسكرات والمخدرات.
آثار المنبهات
وإلى ذلك, يوضح الدكتور محمد الأحمد اخصائي الطب النفسي ــ أن استخدام المنبهات والمواد المنشطة بدأ تتضح معالمه بصورة متزايدة في السنوات الأخيرة، مرجعا أسباب اتجاه الناس إلى استعمال هذه العقاقير وخاصة منهم الطلبة والطالبات، إلى الرغبة في زيادة طاقة الاستذكار، واليقظة في بعض الأعمال الليلة كالسائقين لمسافات طويلة أو بغرض فقدان الشهية بالنسبة لحالات السمنة لما تعطيه أو تمنحهم من قوة وهمية ونشاط ذهني.
وأهم هذه العقاقير الامفيتامينات كمنشطات والكوكايين والكانيين والنيكوتين كمنبهات أو الكوكايين باعتباره من المواد المخدرة الخطيرة ويصاحب استخدامه زيادة الحركة والهياج الحركي وتقليل الشهية وسرعة ضربات القلب، إضافة إلى حدوث اضطراب في التنفس وارتفاع ضغط الدم، وتشوش الأفكار والهلاوس السمعية، وبطء الحركة وصعوبة الكلام والترنح والخمول وحدوث اضطرابات عقلية والعته المبكر والجنون والإضرار بالنخاع الشوكي والشلل المفاجئ لعضلات القلب والوفاة المفاجئة والإصابة بأمراض الكبد الوبائي من نوع ب ومرض فقدان المناعة المكتسبة نتيجة لاستخدام الكوكايين بإبر ملوثة عن طريق الوريد، وضربات القلب وهبوط نسبة التنفس والتدهور العقلي والتشنجات والغيبوبة والإحساس بالأرق والقلق والتوتر ونقص كريات الدم البيضاء في الجسم واعتلال الصحة والسلوك الهستيري دون وعي والميل إلى ارتكاب جرائم السرقة والسلوك الإجرامي واضطراب السلوك، وإهمال العمل، وبسبب الاعتماد على الامفيتامينات، عادة ما ينتج عنه الإحساس بالنعاس والكسل والاكتئاب وكثرة الأحلام المزعجة والكوابيس وحدوث خلل في الجهاز التنفسي وضربات القلب، كما يؤدي إلى التعلق والرجفة والغثيان وفقدان الشهية.