المحاولة الفاشلة التي قام بها الإيرانيون لقتل سفيرنا في واشنطن عادل الجبير أثناء تواجده في مطعم في مدينة واشنطن دي سي، ومحاولة استئجار تجار مخدرات مكسيكيين للقيام بهذه العملية، تدل على حزمة من التغيرات الراديكالية في عمل الإدارة الإيرانية، وهذه التغيرات جديرة بالتأمل. فهذه المحاولة هي نقلة عنيفة في التكتيك الإيراني، بحيث إنها أصبحت تقوم بالأعمال القذرة بنفسها بدلا من إسناد مثل هذه العمليات سيئة السمعة إلى عملائها وخدمها المنتشرين في كل مكان، فاعترافات منصور اربابسيار الذي اعتقل في مطار جون اف كنيدي قد قادت إلى أسماء في الحكومة الإيرانية وإلى فرقة القدس القلب النابض للعمل العسكري الإيراني. وهذه النقلة تقودني إلى القول إن مثل هذا التحول الحاد يدل على شعور بالوحدة والعزلة التي يشعر بها الساسة الإيرانيون، خصوصا أن ذراع إيران الضاربة في الشرق الأوسط المتمثلة في حزب البعث السوري مشغولة الآن بمحاولة التملص من الجماهير السورية الشريفة التي بدأت منذ أشهر في لي تلك الذراع وتصحيح وضع خاطئ استمر خطؤه أكثر من ثلاثين عاما. هذه التصرفات الإيرانية الهوجاء لا تدل إلا على شيء واحد، هو اليأس والإحباط؛ فمثل هذا التخبط وتورط حكومة ما لمستوى التعامل مع تجار المخدرات لتنفيذ عملية اغتيال سياسي، لا يدل على أن هذه الحكومة في أحسن حالاتها، بل يدل على أن هذا النظام قد تم حبسه في الزاوية. المشهد الإيراني اليوم لا يدل إلا على حالة من حالتين، فإما أن التمزق والانهيار قد حدث بالفعل من الداخل لدولة الثورة الإسلامية، أو أن الحرس الجمهوري قد استولى فعلا على زمام الأمور وهو يسعى بكل جهده لتفجير المنطقة وتثويرها كنوع من الهروب إلى الأمام وذلك من خلال محاولة إحداث الفوضى، والتي جاءت محاولة قتل السفير السعودي وإهانة الأمريكان بارتكاب هذه الجريمة على أرضهم كجزء من كل متكامل من هذه المحاولات. إيران بطبيعة الحال ستستمر في رسم ابتسامة الطفل البريء التي تشتهر بها بينما تحيك المكائد والدسائس في الخفاء، لكن هذه الحال لن تستمر طويلا بعد اليوم، ولم يبق إلا أن تقوم الجماهير الإيرانية بإنهاء هذا النظام المتخلف الهالك.