-A +A
رياض سهيل(بغداد)
ما زالت ازمة العلم العراقي تتفاعل في الاوساط السياسية والشعبية ، وما زالت الاراء حولها تتفاوت بين من يعتبرها خطرا كبيرا يهدد وحدة العراق ، وبين من يعتبرها ازمة عابرة قد يتجاوزها السياسيون مع مرور وقت.
غير ان توقيت اعلان البارزاني عن انزال العلم العراقي في اقليم كردستان هو الذي كان له التأثير الاكبر ، وهو الذي طرح التساؤلات المتعددة .

ويقول المحلل السياسي والخبير القانوني الدكتور نزار السامرائي في حديث لـ«عكاظ» ان وراء توقيت هذا الاعلان اسباب ثلاثة لا بد من توضيحها :
1-ان العلم العراقي لم يرفع فوق اربيل التي تقع تحت نفوذ البارزاني منذ سنوات طويلة ، فيما كان العلم العراقي يرفع في منطقة السليمانية التي يتزعمها جلال الطالباني من دون كلمة «الله اكبر» .
وبعد دمج الادارتين مؤخرا، واستلام البارزاني رئاسة اقليم كردستان، اراد البارزاني ان يشعر الطالباني انه لا يستطيع بعد اليوم فرض اي قرار في الاقليم، وان الاخير لم تعد له اية سلطة على اراضي كردستان ، امعانا منه باشعار الطالباني بالحرج ، وصولا الى مستوى التحدي بينهما .
2-اراد البارزاني ان يوجه رسالة قوية الى الحكومة المركزية يذكرها من خلالها ان الاكراد ما زالوا يستطيعون فعل الكثير اذا ما بقيت تلك الحكومة على تغاضيها عن موضوع كركوك الذي يتمنى الاكراد حسمه بأسرع وقت ممكن .
3- بعد صدور تقرير البنتاجون الاخير، الذي يتحدث عن احتمال نشوب حرب اهلية في العراق، وبعد اعلان البارزاني في وقت سابق انه في حال نشوب تلك الحرب في العراق فان الاكراد سيعلنون انفصالهم ، جاءت هذه الخطوة لتؤكد استعداد البارزاني لمثل هذا الموقف ، كما جاءت لتؤكد ان الاكراد هم على قاب قوسين من هذا الانفصال، وهم ينتظرون الوقت المناسب.
ويقول السامرائي ان ما يحصل اليوم في العراق يشكل مؤشرا سلبيا على الانفلات الديمقراطي، خاصة ان الاقليات تحاول فرض سيطرتها على الاكثرية ، وهذا ما يعيد خلط الكثير من الاوراق في ظل وجود الاحتلال الاميركي . ان الرغبة بتقسيم العراق وتفتيته تزداد يوما بعد يوم، ونحن نرى العديد من الاطراف تصر على الفيدرالية التي لن توصل العراق الا الى التقسيم لعدم نضوج ظروف العمل بمبدأ الفيدرالية .
ان المرض يعدي، والصحة معافاة للجميع. فمرض التقسيم لن ينحصر في العراق، بل ستنتقل عدواه الى الدول المحيطة ، وبالتالي على اخواننا العرب ان يتنبهوا لما يحاك للعراق ، وان يحاولوا ان يتداركوا هذه الاخطار قبل استفحالها .
وينهي السامرائي حديثه بانه يأمل خيرا من مبادرة يقوم بها حاليا الدكتور اياد علاوي لاستيعاب تداعيات هذه الازمة ، وان العراق يكفيه الان ما يتخبط به من ازمات ، وليس بحاجة الى المزيد منها .
اما الدكتور في العلوم السياسية نبيل محمد سليم، فقد اكد لـ«عكاظ» ان البارزاني بتوقيته اعلان انزال العلم العراقي في كردستان، انما جاء بهدف تصدير الازمات الداخلية التي يعاني منها الاكراد الى خارج اطار الاقليم. وهذا ما ساعد عليه ضعف السلطة المركزية حيث ان لاسلطة للدولة على اي امر، وهي تتخبط بالعديد من المشاكل التي لا تجد لها الحلول الناجعة.
ويضيف الدكتور نبيل ان مشكلة التقسيم والانفصال وطرح موضوع الاقاليم تتفاقم مثلها مثل المشكلة الامنية ، التي نراها من دون حلول حتى الان . وعلينا ان نبحث قبل كل شيء على المتغير الاساسي الذي يقف خلف كل هذه الامور، وهو الاحتلال الاميركي الذي يمسك حتى الان بكل الاوراق، وهو الذي يخلق المسببات ويطرح الحلول حين يشاء . ان الاميركيين ما زالوا يمسكون بكافة خيوط اللعبة السياسية في العراق ، وسنجدهم خلف كل ما يحصل ، وهم الاقدر على افتعال الازمات السياسية او طمرها .
بدوره قال عضو مجلس النواب عن قائمة جبهة التوافق العراقية حسين الفلوجي إن جبهته ستتحرك للحوار مع الائتلاف العراقي الموحد لسحب الفيدرالية من الاكراد في خطوة اولى لالغاء الفيدرالية كمشروع سياسي.
وأوضح الفلوجى أن جبهة التوافق لديها العديد من المشاريع البديلة عن قانون الاقاليم التي يمكن أن تعطي ضمانات بعدم عودة الدكتاتورية التي يخشى عودتها الشيعة والسنة على حد سواء.
وأضاف أن من بين هذه المشاريع تقوية النظام اللامركزي وترك الفيدرالية من خلال اجراء تعديلات على الدستور.
وأشار إلى أن سبب تغيير جبهة التوافق موقفها من مسألة فيدرالية كردستان هو نكوث القادة الاكراد بتعهداتهم بالحفاظ على وحدة العراق وأن قضية العلم ، رغم رمزيتها وبساطتها، الا انهم اصروا على ان يظهروا للعالم أنهم لا يحترمون السلطة المركزية للبلاد.