أدت المخاوف المتزايدة على خطط الأمن الغذائي الوطني والارتفاع المستمر في الأسعار، إلى إعادة النظر مؤخرا في إمكانية إعادة زراعة القمح في المملكة، بعد أن صدر قرار بإيقاف زراعته تدريجيا في عام 2008 وحتى 2015. ولم يكن مستغربا قرار سمو ولي العهد، الذي صدر مؤخرا، تكليف جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بإجراء الدراسة؛ لبحث إمكانية إعادة زراعة القمح، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الأمن الغذائي والمائي معا .
فلم يكن صعبا أن يستشرف الخبراء الصعوبات المقبلة لتوفير الاحتياجات السنوية من القمح، التى تقدر بحوالى 2.5 مليون طن، في ظل التغيرات الكبيرة في المناخ، وفرض بعض الدول المصدرة للقمح قيودا على تصديره، لهذا كان القرار بدراسة إعادة الإنتاج من جديد. خاصة أن الطن الذى يكلف قرابة 400 دولار من الخارج يمكن أن تبلغ كلفته الداخلية 360 دولارا فقط، أى أقل بنسبة 10 في المائة، كما أكدت ذلك الدراسات المقدمة لمنتدى الرياض الاقتصادي مؤخرا .
والحقيقة أن المملكة كانت لها تجربة رائدة في إنتاج القمح في عهد الملك فيصل منذ عام 1975 حتى حققت الاكتفاء الذاتي منه، واتجهت إلى التصدير، لكن حديث بعض الخبراء عن استنزاف القمح للثروة المائية، عجل بصدور القرار الخاص بتقليل إنتاج القمح والاعتماد على الاستيراد من الخارج كليا بحلول عام 2016 . ولم تمض سوى فترة قصيرة على قرار الإيقاف التدريجى لزراعة القمح، إلا وعادت التلميحات من جانب وزارة الزراعة منذ نهاية عام 2010 وهى تشير إلى إمكانية إعادة النظر في زراعة القمح من جديد؛ لتوفير احتياجات السوق المحلية، بعد أن تأكد بأن زراعة القمح لاتستهلك الكميات الكبيرة من المياه، فالقمح كمحصول شتوى، لايحتاج إلا للغمر الدائم، والرى بصورة مستمرة مثل الأرز.
كما أن قرار إيقاف زراعة القمح لايمكن تطبيقه، طالما أن هناك زراعة لمحاصيل أخرى تستنزف المياه كالأرز والشعير والبرسيم، وعلى نطاق واسع .
حس وطني وسلعة استراتيجية
يقول الاقتصادي عدنان شربتلي إن دراسة إمكانية زراعة القمح تعكس حسا وطنيا عاليا، في ظل المخاوف المتزايدة على الأمن الوطني الغذائي، فأهمية القمح تكمن في كونه سلعة استراتيجية حيوية لجميع المواطنين، وفي اعتقادي أن الأهم من ذلك سيكون الحد من الهدر من استخدام الخبز كعلف للمواشى، لانخفاض سعره مقارنة بالأعلاف،بالإضافة إلى استخدام وسائل أكثر تقدما في الري، بما يحد من الهدر في استخدام المياه.
ويرى شربتلي أن الفترة الأخيرة شهدت تحولات كبيرة في سوق الغذاء العالمي، واستدعت ضرورة العودة لإنتاج القمح، في ظل التقلبات الجوية التى أثرت على إنتاج دول شرق آسيا، وإصرار بعض الدول الغربية على استهلاك المحاصيل الزراعية كوقود حيوى، وفرضها بحظر تصدير القمح، كما هو الحال فى روسيا، التى تعد من كبار المنتجين. كما أن الاستمرار في الاعتماد على الواردات الخارجية من الغذاء وبنسبة 90في المائة يشكل خطرا على أمننا الغذائي والوطني، لذا من المهم تشجيع الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي، باعتباره هدفا استراتيجيا.
مضيفا: بدلا من الاعتماد على الخارج الذي سيؤدى إلى ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، وتراجع العملات الأجنبية وخاصة أمام الدولار، يجب إكساب المزارعين المهارات الجديدة، لزيادة المحصولات الرزاعية المحلية، والتوسع أيضا في الصناعات البترولية داخليا، والحد من تصدير النفط الخام للخارج،الذى يعود لنا في صورة سلع مرتفعة الأسعار.
الأمن الغذائي
ويؤكد الاقتصادي محمد العنقري أن عودة إنتاج القمح من جديد ينسجم مع خطة الدولة لتحقيق الأمن الغذائي، ولإنجاح مشروع الخزن الاستيراتجي للسلع الأساسية، كالأرز والحليب والقمح وفول الصويا والشعير. مضيفا أن ذلك سيحمي المملكة من ضغوط الدول المحتكرة للإنتاج، ويجنبها التلاعب الذي يقوم بها المصدرون والمضاربون على أسعار تلك السلع في الأسواق العالمية.
ويرى العنقري أن هذا التوجه تعززه الدراسات التى ناقشها منتدى الرياض الاقتصادي مؤخرا، والتي أوصت بأن كلفة إنتاج القمح في المملكة تقل 40 دولارا للطن الواحد، في حالة استيراده من الخارج، كما لفتت الدراسات إلى أن ذلك يوفر 2.6 مليار ريال خلال خمس سنوات على الدولة .
مطالبا بأهمية العودة سريعا لإنتاج القمح، في ظل الإمكانات الزراعية التي تمتاز بها المملكة،خاصة أن التقديرات تؤكد ارتفاع الاستهلاك المحلي من القمح إلى 3.2 مليون طن في عام 2016.
وأشار العنقري إلى أن المعادلة صعبة، كونها تقوم على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي والمائي معا، لأهميتهما البالغة للوطن والمواطنين، لاسيما أن كميات المياه المستخدمة في الزراعة تراجعت من 23 مليار م 3 إلى 14 مليار فقط . ولذا وجب تشجيع الاستثمارات الزراعية في الخارج، وتمويلها من صندوق التنمية الزراعية، مع تشديد الرقابة عليها لضمان عدم انحراف المشروع عن أهدافه.
الشفافية مطلوبة
ويطالب عبدالوهاب العلي الاقتصادي المعروف، بضرورة أن تحدد الدراسة المقترح إجراؤها وبدقة حجم المياه المستهلكة سنويا، ولكل محصول زراعي، لاسيما أن الدراسات تشير على سبيل المثال إلى أن البرسيم يستهلك مياها أكثر من القمح، وزراعته تتم على نطاق واسع وطوال العام، بالإضافة إلى تربية المواشى وإنتاج الألبان التي كان الواجب الاكتفاء ذاتيا منها، فهي أيضا تستهلك كميات ضخمة من المياه، بعكس القمح الذى يزرع في فصل الشتاء ولاتستمر زراعته سوى خمسة أشهر فقط. ودعا العلي إلى إعادة النظر أيضا في زراعة الأرز بمساحات كبيرة في جازان والأحساء. مشيرا ألى أن تحويل التربة الرملية إلى طينية يمكن أن يقلل من استهلاك المياه بكميات كبيرة، وأن الاستثمار الزراعى في الخارج ينبغى أن يركز على السودان بالدرجة الأولى باعتبارها سلة الغذاء للوطن العربي؛ لوجود أكثر من200 مليون فدان صالحة للزراعة، فضلا عن التنوع المناخي لإنتاج مختلف المحاصيل .
وأضاف أن التحديات التى تواجه المملكة تشمل ارتفاع الطلب العالمي والشره الاستهلاكي إلى حد الهدر. وهو ما يتطلب ضبط الاستهلاك، والدعوة لذلك من خلال الوسائل الإعلامية والبرامج الدينية،إلى جانب جهود الدولة لضبط الأسعار التي ينبغى تعزيزها.
فلم يكن صعبا أن يستشرف الخبراء الصعوبات المقبلة لتوفير الاحتياجات السنوية من القمح، التى تقدر بحوالى 2.5 مليون طن، في ظل التغيرات الكبيرة في المناخ، وفرض بعض الدول المصدرة للقمح قيودا على تصديره، لهذا كان القرار بدراسة إعادة الإنتاج من جديد. خاصة أن الطن الذى يكلف قرابة 400 دولار من الخارج يمكن أن تبلغ كلفته الداخلية 360 دولارا فقط، أى أقل بنسبة 10 في المائة، كما أكدت ذلك الدراسات المقدمة لمنتدى الرياض الاقتصادي مؤخرا .
والحقيقة أن المملكة كانت لها تجربة رائدة في إنتاج القمح في عهد الملك فيصل منذ عام 1975 حتى حققت الاكتفاء الذاتي منه، واتجهت إلى التصدير، لكن حديث بعض الخبراء عن استنزاف القمح للثروة المائية، عجل بصدور القرار الخاص بتقليل إنتاج القمح والاعتماد على الاستيراد من الخارج كليا بحلول عام 2016 . ولم تمض سوى فترة قصيرة على قرار الإيقاف التدريجى لزراعة القمح، إلا وعادت التلميحات من جانب وزارة الزراعة منذ نهاية عام 2010 وهى تشير إلى إمكانية إعادة النظر في زراعة القمح من جديد؛ لتوفير احتياجات السوق المحلية، بعد أن تأكد بأن زراعة القمح لاتستهلك الكميات الكبيرة من المياه، فالقمح كمحصول شتوى، لايحتاج إلا للغمر الدائم، والرى بصورة مستمرة مثل الأرز.
كما أن قرار إيقاف زراعة القمح لايمكن تطبيقه، طالما أن هناك زراعة لمحاصيل أخرى تستنزف المياه كالأرز والشعير والبرسيم، وعلى نطاق واسع .
حس وطني وسلعة استراتيجية
يقول الاقتصادي عدنان شربتلي إن دراسة إمكانية زراعة القمح تعكس حسا وطنيا عاليا، في ظل المخاوف المتزايدة على الأمن الوطني الغذائي، فأهمية القمح تكمن في كونه سلعة استراتيجية حيوية لجميع المواطنين، وفي اعتقادي أن الأهم من ذلك سيكون الحد من الهدر من استخدام الخبز كعلف للمواشى، لانخفاض سعره مقارنة بالأعلاف،بالإضافة إلى استخدام وسائل أكثر تقدما في الري، بما يحد من الهدر في استخدام المياه.
ويرى شربتلي أن الفترة الأخيرة شهدت تحولات كبيرة في سوق الغذاء العالمي، واستدعت ضرورة العودة لإنتاج القمح، في ظل التقلبات الجوية التى أثرت على إنتاج دول شرق آسيا، وإصرار بعض الدول الغربية على استهلاك المحاصيل الزراعية كوقود حيوى، وفرضها بحظر تصدير القمح، كما هو الحال فى روسيا، التى تعد من كبار المنتجين. كما أن الاستمرار في الاعتماد على الواردات الخارجية من الغذاء وبنسبة 90في المائة يشكل خطرا على أمننا الغذائي والوطني، لذا من المهم تشجيع الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي، باعتباره هدفا استراتيجيا.
مضيفا: بدلا من الاعتماد على الخارج الذي سيؤدى إلى ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، وتراجع العملات الأجنبية وخاصة أمام الدولار، يجب إكساب المزارعين المهارات الجديدة، لزيادة المحصولات الرزاعية المحلية، والتوسع أيضا في الصناعات البترولية داخليا، والحد من تصدير النفط الخام للخارج،الذى يعود لنا في صورة سلع مرتفعة الأسعار.
الأمن الغذائي
ويؤكد الاقتصادي محمد العنقري أن عودة إنتاج القمح من جديد ينسجم مع خطة الدولة لتحقيق الأمن الغذائي، ولإنجاح مشروع الخزن الاستيراتجي للسلع الأساسية، كالأرز والحليب والقمح وفول الصويا والشعير. مضيفا أن ذلك سيحمي المملكة من ضغوط الدول المحتكرة للإنتاج، ويجنبها التلاعب الذي يقوم بها المصدرون والمضاربون على أسعار تلك السلع في الأسواق العالمية.
ويرى العنقري أن هذا التوجه تعززه الدراسات التى ناقشها منتدى الرياض الاقتصادي مؤخرا، والتي أوصت بأن كلفة إنتاج القمح في المملكة تقل 40 دولارا للطن الواحد، في حالة استيراده من الخارج، كما لفتت الدراسات إلى أن ذلك يوفر 2.6 مليار ريال خلال خمس سنوات على الدولة .
مطالبا بأهمية العودة سريعا لإنتاج القمح، في ظل الإمكانات الزراعية التي تمتاز بها المملكة،خاصة أن التقديرات تؤكد ارتفاع الاستهلاك المحلي من القمح إلى 3.2 مليون طن في عام 2016.
وأشار العنقري إلى أن المعادلة صعبة، كونها تقوم على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي والمائي معا، لأهميتهما البالغة للوطن والمواطنين، لاسيما أن كميات المياه المستخدمة في الزراعة تراجعت من 23 مليار م 3 إلى 14 مليار فقط . ولذا وجب تشجيع الاستثمارات الزراعية في الخارج، وتمويلها من صندوق التنمية الزراعية، مع تشديد الرقابة عليها لضمان عدم انحراف المشروع عن أهدافه.
الشفافية مطلوبة
ويطالب عبدالوهاب العلي الاقتصادي المعروف، بضرورة أن تحدد الدراسة المقترح إجراؤها وبدقة حجم المياه المستهلكة سنويا، ولكل محصول زراعي، لاسيما أن الدراسات تشير على سبيل المثال إلى أن البرسيم يستهلك مياها أكثر من القمح، وزراعته تتم على نطاق واسع وطوال العام، بالإضافة إلى تربية المواشى وإنتاج الألبان التي كان الواجب الاكتفاء ذاتيا منها، فهي أيضا تستهلك كميات ضخمة من المياه، بعكس القمح الذى يزرع في فصل الشتاء ولاتستمر زراعته سوى خمسة أشهر فقط. ودعا العلي إلى إعادة النظر أيضا في زراعة الأرز بمساحات كبيرة في جازان والأحساء. مشيرا ألى أن تحويل التربة الرملية إلى طينية يمكن أن يقلل من استهلاك المياه بكميات كبيرة، وأن الاستثمار الزراعى في الخارج ينبغى أن يركز على السودان بالدرجة الأولى باعتبارها سلة الغذاء للوطن العربي؛ لوجود أكثر من200 مليون فدان صالحة للزراعة، فضلا عن التنوع المناخي لإنتاج مختلف المحاصيل .
وأضاف أن التحديات التى تواجه المملكة تشمل ارتفاع الطلب العالمي والشره الاستهلاكي إلى حد الهدر. وهو ما يتطلب ضبط الاستهلاك، والدعوة لذلك من خلال الوسائل الإعلامية والبرامج الدينية،إلى جانب جهود الدولة لضبط الأسعار التي ينبغى تعزيزها.