-A +A
محمد العثيم
ليس الربيع ربيعنا العربي كما حاول كثيرون تحديده، فظاهرة القلق الاجتماعي في كل مكان من العالم بعد الأزمة المالية العالمية، التي بدأت تداعياتها قبل عام 2008م بقليل، وتفاقمت في عالمنا العربي على شكل انهيارات نظمت في العام الفائت (2011م) وهي منقولة الآن بكل ردود أفعالها للعام الجديد (2012م) ولعقد قادم. لسنا -نحن العرب- من يتغير، فالغرب أيضا يتغير بطريقة مختلفة عن طريقتنا العربية بفعل أزمته المالية، فأوروبا وأمريكا ما زالتا تواجهان تداعيات مالية واجتماعية، وبدون إمكانية قريبة للحلول الجذرية، وهو ما يرتد في عالمنا العربي صداه، حيث مررنا بعام حافل بالفوضى والثورات، وكلها منشأها فساد اقتصادي في المقام الأول، له طرف خارجي، وطرف عربي مرتبط به. وتنقلب (الروزنامة) لعام جديد الآن، ولا نتوقع في عامنا هذا نهاية للأزمات المتناسلة من عباءة الفساد الاقتصادي الدولي، وليس من الصعب أن نقرأ العام الجديد (2012م) على أنه استمرار للعام الصعب (2011م) الذي مر به عالمنا العربي، وأنه قد يكون أيضا نهاية لبعض الأحداث، أو حصد نتائج لها، ولكن أهم التوقعات تؤكد أن عامنا القادم عام التغيير الاجتماعي الحاد، والمؤلم في كل الدول العربية، حتى التي لم تجتحها اضطرابات شعبية، أو ما يسمونه تفاؤلا الربيع العربي، فتأثير (أحجار الديمنو) لن يكون في دول الثورات، بل في تعديلات أساسية في حياة المجتمعات التقليدية الراكدة، فالفكر يتغير حول حال الأمن والاستقرار، والحريات الشخصية، والحقوق، والأخطر في كل هذا ما يتعلق بالأمن الوطني. الحاجة ماسة هذا العام في كل دول العالم العربي إلى نظم أكثر استجابة للواقع المتغير، خصوصا إصلاحات مطلوبة لتحسين أداء الاقتصاد والمؤسسات الاجتماعية، كما أن الحاجة ماسة إلى تضييق الخناق على بؤر الفساد في كثير من المواقع الحكومية، وقطاعات الأعمال، لكي نستجيب للمفاهيم الشعبية الجديدة. لا يمكن تشبيه التغيير الارتدادي المتوقع للعام الجديد (2012م) إلا بعبارة «أن المحيط يغير سطحه بموج عارم، يغوص فيه كثير من تلوث السطح ليغرق بالأعماق وتتجدد المياه، وهي ظاهرة كونية إن انطبقت على الطبيعة، فهي اليوم في عالمنا العربي الجامد أكثر وضوحا، حيث تتغير أسطح المجتمعات وتتململ الطبقات، وتغرق المرجعيات السلطوية التي تبنت الضبط لنصف قرن، بعد الحرب العالمية الثانية، والفترة التي عقبتها من الهدوء. التغيير الجارف هو الحال للعقد القادم لتغيير وجه المحيط الاجتماعي، ورجل السلطة. والسياسي الحصيف هو الذي يستجيب للتغيير ليركب الموجة، ولا يقع تحتها، فهناك فساد نما تحت السطح، وهذا الفساد يضيق به الناس ويريدون تغييره، فلندع التغيير يمر بهدوء بطريقة متدرجة تهادن البحر المائج ولا تقع تحت أمواجه بثورات عشوائية شعبية تؤخر النمو فتغرق ويطول الأمر.
Alqulam2@hotmail.com

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة