أكد البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أن دعوة خادم الحرمين الشريفين لانتقال مجلس التعاون من صيغة التعاون إلى «الاتحاد الخليجي» جاءت في توقيت مناسب وهي دعوة منطقية وعملية في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة. وأضاف في حوار أجرته «عكاظ» أن توحيد دول الخليج جغرافيا وسياسيا واقتصاديا يحقق توحيد الصف والجهود معا، مشيرا أن الاتحاد الخليجي تفرضه الحقائق على الأرض، والمخاطر التي باتت تهدد وتحيط بالمنطقة. وقال إن مبادرات خادم الحرمين الشريفين عبدالله عبدالعزيز في دعم وخدمة قضايا المسلمين تاريخية، موضحا أنه تمخض عن هذه المبادرات برنامج العمل العشري كخطة عمل لنهضة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وتصحيح مسارها بما يعتبر بمثابة البعث الجديد للمنظمة نسير اليوم على هداه بما يوصلنا إلى وحدة الصف.. فإلى تفاصيل الحوار:
• يعد خادم الحرمين الشريفين أحد أكثر القادة تأثيرا في العالم، كيف تنظرون لمواقفه على الصعيدين الإسلامي والعالمي؟
ــ قدم خادم الحرمين الشريفين مبادرات تاريخية وبذل جهودا كثيرة مشكورة في مجال دعم وخدمة قضايا المسلمين، منطلقا في ذلك من شخصيته النافذة ومن موقف المملكة لنصرة قضايا الإسلام، وشملت مبادراته البارزة على ساحة العالم الإسلامي دعوته الكريمة لعقد القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة في مكة عام 2005 والتي تمخض عنها برنامج العمل العشري كخطة عمل لنهضة الأمة الإسلامية.
• دعم مجلس التعاون الخليجي دعوة خادم الحرمين الشريفين للانتقال من صيغة التعاون إلى الاتحاد الخليجي، كيف تنظرون لهذه الدعوة؟
ــ الدعوة لانتقال مجلس التعاون الخليجي إلى «الاتحاد الخليجي» منطقية وعملية وضرورية. وأن تجمع دول المجلس جغرافيا وسياسيا يجعل توحيد الصف والكلمة أمرا ممكنا تفرضه الحقائق على الأرض، والمخاطر التي باتت تهدد هذه الدول.
وما من شك في أن توحيد الجهود السياسية والأمنية والعسكرية من شأنها أن تجلب للمنطقة مزيدا من الاستقرار السياسي والسلم والأمن.
• هل لدى المنظمة النية لمحاكاة هذا التوجه بما ينبئ بولادة اتحاد الدول الإسلامية؟
ــ فيما يتعلق بالمنظمة فالوضع مختلف تماما، فأراضي دول المنظمة الأعضاء تمتد بين أربع قارات من أمريكا اللاتينية إلى تخوم الصين، أما سكانها فهم ربع سكان العالم، وهذه المعطيات لا تجعل مثل هذا النموذج متاحا. ولكن هذا لم يمنع من تحقيق تقدم ملموس في مجال وحدة كلمة المسلمين. وتعتبر المنظمة الحاضنة الأمينة للبيت الإسلامي الواحد، وهي تجمع شتات المسلمين تحت سقف واحد، وتصدر قرارات موحدة باسمهم. وأصبح لها تأثير نافذ على المستوى الدولي، وفي المنابر الدولية كما هو الشأن في منظمة الأمم المتحدة، حيث القوة التصويتية للمنظمة تعتبر الآن أكبر قوة تصويتية في هذا المنظمة.
• هل هناك تحرك لدى المنظمة لدعم وتفعيل المبادرة العربية للخروج من الأزمة السورية؟
ــ منذ اندلاع الأزمة في سوريا، نهجت المنظمة التعاون سبل الدعوة للحوار لحل الأزمة وأكدت على رفضها للعنف وضرورة الاستجابة للمطالب والتطلعات المشروعة للشعب في المشاركة السياسية والإسراع بتطبيق الإصلاحات التي تعهدت بها القيادة السورية، وحرصت شخصيا على توخي دبلوماسية هادئة لكنها متواصلة ونشطة عبر الاتصال مع المسؤولين السوريين وحثهم على وقف العنف الذي تجابه به التحركات الشعبية المطالبة بالتغيير. ومع تواصل الأحداث الدامية نتيجة تفاقم العنف ضد التظاهرات الشعبية وسقوط أعداد كبيرة من الأرواح كان من الضروري أن تتحرك المنظمة على غرار بقية المنظمات لتدارس الوضع في سوريا. فجاء اجتماع اللجنة التنفيذية الذي انعقد في مقر المنظمة في جدة، حيث أعربت اللجنة عن بالغ قلقها إزاء الوضع المتردي وعن عميق أسفها إزاء الخسائر في الأرواح وحثت السلطات السورية على التوقف فورا عن استخدام القوة ضد مواطنيها. وكأمين عام للمنظمة أتابع عن كثب الوضع في سوريا بالتشاور والتنسيق مع الجامعة العربية؛ حرصا منا على تجنيب سوريا مخاطر التدخلات الأجنبية.
• البعض يرى أن المنظمة التزمت الصمت حيال الثورات العربية التي شهدتها بعض الدول؟
ــ هذا الرأي يجانب الصواب تماما فالمنظمة لم تلتزم الصمت إزاء الثورات العربية التي شهدتها بعض الدول؛ فقد كانت السباقة ــ على سبيل المثال ــ لإدانة النظام الليبي السابق لدى استعماله القوة المفرطة ضد المواطنين الليبيين الأبرياء عندما تظاهروا مطالبين بالحرية والعدالة يوم 17 فبراير 2011، وعلى الفور خرج صوت المنظمة يوم 22 فبراير، وبذلك كنا أول جهة في العالم تقف مع الشعب الليبي في قضيته العادلة.
كما أيدت المنظمة الحركات المطالبة بالحرية والديمقراطية في بعض البلدان كتونس ومصر مثلا. وقامت بجهود كثيرة لإقناع الساسة السوريين بضرورة إجراء الإصلاحات الضرورية لتعزيز الحريات في سوريا.
• تسببت الثورات العربية في وقوع خلافات بين بعض الدول العربية والإسلامية، كيف يمكن للمنظمة جمع الصف الإسلامي من جديد تحت مظلتها؟
ــ ما يشهده العالمان العربي والإسلامي من أحداث منذ بداية العام المنصرم يشكل منعطفا تاريخيا له أبعاد متعددة في مسار الأمتين العربية والإسلامية، وكان من المتوقع أن يبرز قدر من التباين في المواقف السياسية للدول بحكم أن لكل دولة مصالحها الوطنية والاستراتيجية الخاصة بها. ولاحظنا بالفعل كيف أن مواقف عدد من الدول الإسلامية إزاء الثورات اختلفت بحسب اختلاف البلد الذي يشهد حراكا شعبيا. وهذا أمر يمكن تفهمه في عالم السياسية. أما المنظمة فقد ظلت من جهتها متمسكة بموقف مبدئي وثابت تجاه كل الحركات الشعبية، حيث عبرت في بيانات متتالية عن ضرورة الاستجابة للمطالب المشروعة لهذه الشعوب من خلال تسريع وتيرة الإصلاح الحقيقي في نطاق أحكام وبنود ميثاق المنظمة وبرنامج عملها العشري. كما أننا دعونا إلى ضرورة الحوار بين الدول الأعضاء في المنظمة وتنسيق المواقف بما يخدم المصالح العليا بعيدا عن الحسابات أو الحساسيات الظرفية، وذلك تجسيدا لروح ومبدأ التضامن الإسلامي وتنسيق وتقريب المواقف والعمل على إيجاد أرضية توافقية تجاه مختلف القضايا التي تهم الأمة الإسلامية.
• ما أسباب غياب المنظمة عن طرح المبادرات وإيجاد السبل الكفيلة لحفظ أمن واستقرار بعض الدول الإسلامية؟
ــ أشير إلى بعض المبادرات الفاعلة والمؤثرة التي أطلقتها المنظمة على المستوى السياسي سعيا منها لتحقيق الأمن والاستقرار، وأبرزها المبادرة التي بلورتها المنظمة في منتصف 2006، حيث كانت الفتنة الطائفية في العراق في ذروتها وتهدد بالزج بالبلاد في أتون الحرب الأهلية والتشرذم. وقتها بادرت بإرسال بعثة لتقصي الحقائق من كبار المسؤولين في المنظمة إلى العراق في محاولة للتعرف على ما يمكن للمنظمة أن تقوم به بشكل فاعل لوأد الفتنة. وبعد ذلك بوقت قصير قمنا بالدعوة إلى عقد مؤتمر لكبار علماء العراق من الشيعة والسنة في نهاية شهر أكتوبر من عام 2006 في مكة المكرمة.
• وماذا عن الوضع في الصومال غير المستقر سياسيا وأمنيا؟
ــ تتابع المنظمة بشكل دقيق وفاعل المستجدات في المشهد الصومالي فقد بادرنا منذ احتدام الأزمة وبروز المحاكم الإسلامية في منتصف 2006 باتصالات مكثفة معه قادة المحاكم وواصلنا الجهود والمبادرات مع المعارضة إلى أن تم التوقيع على وثيقة المصالحة الصومالية في جيبوتي عام 2007، والتي بموجبها استلم شريف رئاسة الحكومة الانتقالية. ومن الواضح أن مبادرة المنظمة ودورها الفاعل ساهم في الوصول إلى هذه المحطة الفاصلة لإيجاد مخرج للأزمة المزمنة في الصومال. ونعمل حاليا مبادرة من المنظمة على إعداد خارطة طريق للمسار السياسي وتحقيق المصالحة بين الفرقاء الصوماليين على ضوء التطورات الأخيرة التي تعرفها الصومال ومنطقة القرن الإفريقي بشكل عام.
• شهد الصومال مجاعة ذهب ضحيتها آلاف من أطفال المسلمين، لكن الحراك العالمي لم يكن موازيا لتلك الكارثة، البعض يشير إلى تجاهل المنظمة للأوضاع الإنسانية في الصومال؟
ــ لابد أن أشير أولا إلى أن المنظمة كانت سباقة في متابعة تطورات الكارثة الإنسانية الأخيرة في الصومال أكثر من كل المنظمات الإنسانية الدولية الأخرى؛ وذلك لأن المنظمة افتتحت مكتبا لتنسيق الجهود الإنسانية في الصومال منذ مطلع مارس 2010م، أي قبل حوالى أربعة أشهر من الإعلان عن المجاعة في الصومال. ويعتبر هذا المكتب هو أول مكتب متخصص في الشؤون الإنسانية تفتتحه منظمة دولية في الصومال نظرا لتعقيدات الوضع الأمني في ذلك ا لوقت.
• اللغة التي تتعامل بها إيران تجاه بعض الدول العربية والإسلامية لم تجد لها صدى يوازي قوتها من قبل المنظمة، لماذا؟
ــ تعتبر المنظمة البيت الجامع للأمة الإسلامية، تحتضن شعوبها وتدافع عن مصالحها وترعى قضاياها العادلة عبر التضامن والتوافق. وقد أكد «برنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الأمة في القرن الحادي والعشرين»، الذي اعتمدته الدورة الاستثنائية الثالثة لمؤتمر القمة الإسلامية على «تحقيق التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية ومنع النزاعات بينها» وكذلك على «تأكيد التضامن بين الدول الأعضاء في المنظمة إزاء التحديات والتهديدات التي تواجهها أو تتعرض لها الأمة الإسلامية»، وفي هذا الإطار فإن الخلافات بين الدول تجد حلها الأمثل داخل العائلة الإسلامية الكبيرة التي تمثلها المنظمة، وأريد أن أؤكد في هذه المناسبة بأن كافة الدول الأعضاء ملتزمة باحترام السيادة الوطنية لجميع الدول الأعضاء واستقلالها ووحدة أراضيها وصونها والدفاع عنها، كما نص على ذلك ميثاق منظمة التعاون الإسلامي الذي أكد أيضا على تعزيز الثقة بين الدول الأعضاء وبينها ولا مجال في العلاقات بين الدول الأعضاء في المنظمة حسب اعتقادي إلا لعلاقات أساسها الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتفعيل التضامن والتعاون بين الدول الأعضاء.
• تتعرض المقدسات للعبث المستمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي في القدس، أليس لدى المنظمة موقف حازم تجاه تلك الاعتداءات؟
ــ لقد عبرت المنظمة عن رفضها وإدانتها لكل هذه الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية وسياسة التهويد، المتمثلة في مصادرة الأراضي وتزوير الحقائق والحفريات تحت المسجد الأقصى، وطرد المقدسيين وبناء الجدار العنصري والمستوطنات، بهدف تغيير الواقع الديمغرافي وخلق وقائع جديدة على الأرض.
• كيف تنظرون إلى مستقبل المنظمة، وهل هناك نية لإعادة النظر في إحداث هيكلة إدارية جديدة داخلها؟
ــ مستقبل المنظمة زاهر إن شاء الله، إن استمرت روح العمل الجدي التي تواكب عمل المنظمة وتحرص عليه، وإن تواصلت المنجزات العديدة التي تحققت في السنوات الأخيرة. وقد اتسقت ثقافة العمل المجدي في المنظمة وترسخت بإحداث هيكلة إدارية جديدة داخل المنظمة. والدليل على ذلك أن الدول الأعضاء، إدراكا منها لحسن أداء المنظمة، وفعالية أنشطتها تقوم بأداء المساهمات المالية المقررة عليها بانتظام، كما أن العديد من الدول الأعضاء أخذت تطلب استضافة العديد من أنشطة المنظمة في بلادها. أما الدول غير الأعضاء والمنظمات الدولية، فقد أخذت تحاول ربط علاقات مميزة مع المنظمة لما تراه من تعاظم دور المنظمة على النطاق الدولي، ومدى تأثيرها في مجال اتخاذ القرارات الدولية المهمة.
• يعد خادم الحرمين الشريفين أحد أكثر القادة تأثيرا في العالم، كيف تنظرون لمواقفه على الصعيدين الإسلامي والعالمي؟
ــ قدم خادم الحرمين الشريفين مبادرات تاريخية وبذل جهودا كثيرة مشكورة في مجال دعم وخدمة قضايا المسلمين، منطلقا في ذلك من شخصيته النافذة ومن موقف المملكة لنصرة قضايا الإسلام، وشملت مبادراته البارزة على ساحة العالم الإسلامي دعوته الكريمة لعقد القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة في مكة عام 2005 والتي تمخض عنها برنامج العمل العشري كخطة عمل لنهضة الأمة الإسلامية.
• دعم مجلس التعاون الخليجي دعوة خادم الحرمين الشريفين للانتقال من صيغة التعاون إلى الاتحاد الخليجي، كيف تنظرون لهذه الدعوة؟
ــ الدعوة لانتقال مجلس التعاون الخليجي إلى «الاتحاد الخليجي» منطقية وعملية وضرورية. وأن تجمع دول المجلس جغرافيا وسياسيا يجعل توحيد الصف والكلمة أمرا ممكنا تفرضه الحقائق على الأرض، والمخاطر التي باتت تهدد هذه الدول.
وما من شك في أن توحيد الجهود السياسية والأمنية والعسكرية من شأنها أن تجلب للمنطقة مزيدا من الاستقرار السياسي والسلم والأمن.
• هل لدى المنظمة النية لمحاكاة هذا التوجه بما ينبئ بولادة اتحاد الدول الإسلامية؟
ــ فيما يتعلق بالمنظمة فالوضع مختلف تماما، فأراضي دول المنظمة الأعضاء تمتد بين أربع قارات من أمريكا اللاتينية إلى تخوم الصين، أما سكانها فهم ربع سكان العالم، وهذه المعطيات لا تجعل مثل هذا النموذج متاحا. ولكن هذا لم يمنع من تحقيق تقدم ملموس في مجال وحدة كلمة المسلمين. وتعتبر المنظمة الحاضنة الأمينة للبيت الإسلامي الواحد، وهي تجمع شتات المسلمين تحت سقف واحد، وتصدر قرارات موحدة باسمهم. وأصبح لها تأثير نافذ على المستوى الدولي، وفي المنابر الدولية كما هو الشأن في منظمة الأمم المتحدة، حيث القوة التصويتية للمنظمة تعتبر الآن أكبر قوة تصويتية في هذا المنظمة.
• هل هناك تحرك لدى المنظمة لدعم وتفعيل المبادرة العربية للخروج من الأزمة السورية؟
ــ منذ اندلاع الأزمة في سوريا، نهجت المنظمة التعاون سبل الدعوة للحوار لحل الأزمة وأكدت على رفضها للعنف وضرورة الاستجابة للمطالب والتطلعات المشروعة للشعب في المشاركة السياسية والإسراع بتطبيق الإصلاحات التي تعهدت بها القيادة السورية، وحرصت شخصيا على توخي دبلوماسية هادئة لكنها متواصلة ونشطة عبر الاتصال مع المسؤولين السوريين وحثهم على وقف العنف الذي تجابه به التحركات الشعبية المطالبة بالتغيير. ومع تواصل الأحداث الدامية نتيجة تفاقم العنف ضد التظاهرات الشعبية وسقوط أعداد كبيرة من الأرواح كان من الضروري أن تتحرك المنظمة على غرار بقية المنظمات لتدارس الوضع في سوريا. فجاء اجتماع اللجنة التنفيذية الذي انعقد في مقر المنظمة في جدة، حيث أعربت اللجنة عن بالغ قلقها إزاء الوضع المتردي وعن عميق أسفها إزاء الخسائر في الأرواح وحثت السلطات السورية على التوقف فورا عن استخدام القوة ضد مواطنيها. وكأمين عام للمنظمة أتابع عن كثب الوضع في سوريا بالتشاور والتنسيق مع الجامعة العربية؛ حرصا منا على تجنيب سوريا مخاطر التدخلات الأجنبية.
• البعض يرى أن المنظمة التزمت الصمت حيال الثورات العربية التي شهدتها بعض الدول؟
ــ هذا الرأي يجانب الصواب تماما فالمنظمة لم تلتزم الصمت إزاء الثورات العربية التي شهدتها بعض الدول؛ فقد كانت السباقة ــ على سبيل المثال ــ لإدانة النظام الليبي السابق لدى استعماله القوة المفرطة ضد المواطنين الليبيين الأبرياء عندما تظاهروا مطالبين بالحرية والعدالة يوم 17 فبراير 2011، وعلى الفور خرج صوت المنظمة يوم 22 فبراير، وبذلك كنا أول جهة في العالم تقف مع الشعب الليبي في قضيته العادلة.
كما أيدت المنظمة الحركات المطالبة بالحرية والديمقراطية في بعض البلدان كتونس ومصر مثلا. وقامت بجهود كثيرة لإقناع الساسة السوريين بضرورة إجراء الإصلاحات الضرورية لتعزيز الحريات في سوريا.
• تسببت الثورات العربية في وقوع خلافات بين بعض الدول العربية والإسلامية، كيف يمكن للمنظمة جمع الصف الإسلامي من جديد تحت مظلتها؟
ــ ما يشهده العالمان العربي والإسلامي من أحداث منذ بداية العام المنصرم يشكل منعطفا تاريخيا له أبعاد متعددة في مسار الأمتين العربية والإسلامية، وكان من المتوقع أن يبرز قدر من التباين في المواقف السياسية للدول بحكم أن لكل دولة مصالحها الوطنية والاستراتيجية الخاصة بها. ولاحظنا بالفعل كيف أن مواقف عدد من الدول الإسلامية إزاء الثورات اختلفت بحسب اختلاف البلد الذي يشهد حراكا شعبيا. وهذا أمر يمكن تفهمه في عالم السياسية. أما المنظمة فقد ظلت من جهتها متمسكة بموقف مبدئي وثابت تجاه كل الحركات الشعبية، حيث عبرت في بيانات متتالية عن ضرورة الاستجابة للمطالب المشروعة لهذه الشعوب من خلال تسريع وتيرة الإصلاح الحقيقي في نطاق أحكام وبنود ميثاق المنظمة وبرنامج عملها العشري. كما أننا دعونا إلى ضرورة الحوار بين الدول الأعضاء في المنظمة وتنسيق المواقف بما يخدم المصالح العليا بعيدا عن الحسابات أو الحساسيات الظرفية، وذلك تجسيدا لروح ومبدأ التضامن الإسلامي وتنسيق وتقريب المواقف والعمل على إيجاد أرضية توافقية تجاه مختلف القضايا التي تهم الأمة الإسلامية.
• ما أسباب غياب المنظمة عن طرح المبادرات وإيجاد السبل الكفيلة لحفظ أمن واستقرار بعض الدول الإسلامية؟
ــ أشير إلى بعض المبادرات الفاعلة والمؤثرة التي أطلقتها المنظمة على المستوى السياسي سعيا منها لتحقيق الأمن والاستقرار، وأبرزها المبادرة التي بلورتها المنظمة في منتصف 2006، حيث كانت الفتنة الطائفية في العراق في ذروتها وتهدد بالزج بالبلاد في أتون الحرب الأهلية والتشرذم. وقتها بادرت بإرسال بعثة لتقصي الحقائق من كبار المسؤولين في المنظمة إلى العراق في محاولة للتعرف على ما يمكن للمنظمة أن تقوم به بشكل فاعل لوأد الفتنة. وبعد ذلك بوقت قصير قمنا بالدعوة إلى عقد مؤتمر لكبار علماء العراق من الشيعة والسنة في نهاية شهر أكتوبر من عام 2006 في مكة المكرمة.
• وماذا عن الوضع في الصومال غير المستقر سياسيا وأمنيا؟
ــ تتابع المنظمة بشكل دقيق وفاعل المستجدات في المشهد الصومالي فقد بادرنا منذ احتدام الأزمة وبروز المحاكم الإسلامية في منتصف 2006 باتصالات مكثفة معه قادة المحاكم وواصلنا الجهود والمبادرات مع المعارضة إلى أن تم التوقيع على وثيقة المصالحة الصومالية في جيبوتي عام 2007، والتي بموجبها استلم شريف رئاسة الحكومة الانتقالية. ومن الواضح أن مبادرة المنظمة ودورها الفاعل ساهم في الوصول إلى هذه المحطة الفاصلة لإيجاد مخرج للأزمة المزمنة في الصومال. ونعمل حاليا مبادرة من المنظمة على إعداد خارطة طريق للمسار السياسي وتحقيق المصالحة بين الفرقاء الصوماليين على ضوء التطورات الأخيرة التي تعرفها الصومال ومنطقة القرن الإفريقي بشكل عام.
• شهد الصومال مجاعة ذهب ضحيتها آلاف من أطفال المسلمين، لكن الحراك العالمي لم يكن موازيا لتلك الكارثة، البعض يشير إلى تجاهل المنظمة للأوضاع الإنسانية في الصومال؟
ــ لابد أن أشير أولا إلى أن المنظمة كانت سباقة في متابعة تطورات الكارثة الإنسانية الأخيرة في الصومال أكثر من كل المنظمات الإنسانية الدولية الأخرى؛ وذلك لأن المنظمة افتتحت مكتبا لتنسيق الجهود الإنسانية في الصومال منذ مطلع مارس 2010م، أي قبل حوالى أربعة أشهر من الإعلان عن المجاعة في الصومال. ويعتبر هذا المكتب هو أول مكتب متخصص في الشؤون الإنسانية تفتتحه منظمة دولية في الصومال نظرا لتعقيدات الوضع الأمني في ذلك ا لوقت.
• اللغة التي تتعامل بها إيران تجاه بعض الدول العربية والإسلامية لم تجد لها صدى يوازي قوتها من قبل المنظمة، لماذا؟
ــ تعتبر المنظمة البيت الجامع للأمة الإسلامية، تحتضن شعوبها وتدافع عن مصالحها وترعى قضاياها العادلة عبر التضامن والتوافق. وقد أكد «برنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الأمة في القرن الحادي والعشرين»، الذي اعتمدته الدورة الاستثنائية الثالثة لمؤتمر القمة الإسلامية على «تحقيق التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية ومنع النزاعات بينها» وكذلك على «تأكيد التضامن بين الدول الأعضاء في المنظمة إزاء التحديات والتهديدات التي تواجهها أو تتعرض لها الأمة الإسلامية»، وفي هذا الإطار فإن الخلافات بين الدول تجد حلها الأمثل داخل العائلة الإسلامية الكبيرة التي تمثلها المنظمة، وأريد أن أؤكد في هذه المناسبة بأن كافة الدول الأعضاء ملتزمة باحترام السيادة الوطنية لجميع الدول الأعضاء واستقلالها ووحدة أراضيها وصونها والدفاع عنها، كما نص على ذلك ميثاق منظمة التعاون الإسلامي الذي أكد أيضا على تعزيز الثقة بين الدول الأعضاء وبينها ولا مجال في العلاقات بين الدول الأعضاء في المنظمة حسب اعتقادي إلا لعلاقات أساسها الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتفعيل التضامن والتعاون بين الدول الأعضاء.
• تتعرض المقدسات للعبث المستمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي في القدس، أليس لدى المنظمة موقف حازم تجاه تلك الاعتداءات؟
ــ لقد عبرت المنظمة عن رفضها وإدانتها لكل هذه الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية وسياسة التهويد، المتمثلة في مصادرة الأراضي وتزوير الحقائق والحفريات تحت المسجد الأقصى، وطرد المقدسيين وبناء الجدار العنصري والمستوطنات، بهدف تغيير الواقع الديمغرافي وخلق وقائع جديدة على الأرض.
• كيف تنظرون إلى مستقبل المنظمة، وهل هناك نية لإعادة النظر في إحداث هيكلة إدارية جديدة داخلها؟
ــ مستقبل المنظمة زاهر إن شاء الله، إن استمرت روح العمل الجدي التي تواكب عمل المنظمة وتحرص عليه، وإن تواصلت المنجزات العديدة التي تحققت في السنوات الأخيرة. وقد اتسقت ثقافة العمل المجدي في المنظمة وترسخت بإحداث هيكلة إدارية جديدة داخل المنظمة. والدليل على ذلك أن الدول الأعضاء، إدراكا منها لحسن أداء المنظمة، وفعالية أنشطتها تقوم بأداء المساهمات المالية المقررة عليها بانتظام، كما أن العديد من الدول الأعضاء أخذت تطلب استضافة العديد من أنشطة المنظمة في بلادها. أما الدول غير الأعضاء والمنظمات الدولية، فقد أخذت تحاول ربط علاقات مميزة مع المنظمة لما تراه من تعاظم دور المنظمة على النطاق الدولي، ومدى تأثيرها في مجال اتخاذ القرارات الدولية المهمة.