-A +A
موفد «عكاظ»: محمد طالب الأحمدي

يطلقون عليه في العراق وفي خارج العراق «السفاح».. وينظرون إليه كأقوى رئيس وزراء عرفته السلطة منذ الغزو الأمريكي للعراق حتى وإن مارس السطوة.. وهيمن على كل مرافق الدولة وجمع بين يديه أكثر من حقيبة.. وتداخل مع كل وزارة ومصلحة وجهاز. لكن الوضع في العراق يظل خطيرا رغم كل المحاولات لإقناع الزائر بأنه أصبح أكثر استقرارا.. وأنه لا مخاوف لا على الزعماء العرب عند انعقاد القمة المقررة هناك من السابق.. ولا على الاستثمارات العربية والأجنبية التي يسعون إلى جلبها.. ولا في ظل بروز الطائفية والمذهبية بين جنبات العراق.. بكل ما قد يؤدي إليه من حروب أهلية.. وانشطار العراق إلى دويلات لا رابط بينها إلا الدم.. ناهيك عن المخاوف التي تسود الحياة العامة من احتمال وقوع تفجير هنا أو هناك. ورغم هذه الأجواء.. والتوترات التي يصفها المالكي بأنها مصطنعة وأن من يثيرونها يريدون حرمان العراق من عقد القمة العربية على أراضيه.. إلا أن كل شيء في العراق ما زال يمر بمرحلة الاختبار وإن مارست الدولة قبضة حديدية على بعض مرافق الحياة فيه. ووسط هذه الأجواء والمخاوف دخلت العراق.. وشعرت وأنا هناك بأنني أعاني من القلق عند كل تحرك وإن طمأنني رئيس الوزراء نوري المالكي وأنا أجلس إليه وأتحدث معه.. وأحس برغبة قوية لديه في الاقتراب أكثر من أشقاء العراق.. وفي العمل أكثر معهم.. وإن لم يجب على أسئلتي المباشرة عن علاقة بلاده المتميزة مع إيران.. وما ترتب أو يترتب عليها من صفقات.. وما تعود إليه من حساسيات حتى داخل العراق نفسه.



ومع كل ذلك فقد جرى الحوار بيننا هادئا في أكثر الأوقات.. وفيما يلي نص الحديث:











• نبدأ بالعلاقات السعودية ــ العراقية .. كيف تجدون واقعها وما هي قراءتكم لمستقبلها؟



• توقعاتنا لمستقبلها بحكم الضرورة التي تلزمنا وتلزم إخواننا في المملكة أن تكون علاقات طيبة، لأن الجوار والتحديات المشتركة والمصالح المشتركة والتاريخ والأصل والانتماء كلها تفرض علي أن نكون على درجة عالية من العلاقات الطيبة، وقد بدأناها ولا بد أن نستمر، نعمل ونتواصل من أجل أن نكمل، فأول زيارة بدأت بها إلى الخارج كانت إلى المملكة وبالتأكيد هذا يعكس شعورنا بأهمية المملكة في المنطقة وأثرها على الاستقرار والأمن، لذلك أرى أن الخطوات الأخيرة التي حصلت بعد كثير من الأحاديث المباشرة وغير المباشرة تبشر بخير، فلدينا سفير في المملكة، وهذا السفير محترم من قبل المسؤولين، وهو رجل جيد، والمملكة ردت بتسمية سفير لها في بغداد وإن لم يكن مقيما، فهذه خطوة كبيرة لتثبيت العلاقات على مستوى التبادل الدبلوماسي العالي، وبعثنا الآن وفدا لزيارة المملكة ليتباحث في قضايا تعاونية أمنية وغير أمنية، على اعتبار أن الأمن يشكل هاجسا في المنطقة لنا وللسعودية ولكل دول المنطقة التي نحن فيها. وهناك علاقات متينة بين البلدين أيضا تتمثل في العلاقات الشعبية الجماهيرية، وهي علاقات طيبة، ففيها تواصل وترابط عشائري وانتماء قبلي بين قبائل عراقية وقبائل سعودية، كما أن هنالك رجال أعمال وشركات سعودية تعمل في العراق.. وهذه كلها تشكل جسورا وقنوات تفرض نفسها على البلدين والقيادتين في البلدين على أن يتجهوا نحو العلاقات الثنائية التكاملية التي تحقق مصلحة الطرفين.



العراق اليوم يؤمن بعدم التدخل في شؤون الآخرين، ليس كما كان لدى النظام السابق، ونحن نبحث عن علاقات طبيعية قائمة على أساس المصالح المشتركة والحوار والمشتركات التي تجمع وتوحد بين الأطراف، سيما بيننا وبين إخواننا في المملكة.



متفائل بتطور علاقتنا مع المملكة



• أشرتم في إجابتكم إلى تعيين سفير للمملكة في بغداد.. فمن أي زاوية تقرأون هذه الخطوة؟



• أنا أعتقد أنها خطوة متقدمة جاءت في الوقت المناسب، وهي تعبر عن شعور لدى الخارجية السعودية بأن الأوضاع في العراق أوشكت أن تكون طبيعية ولا سيما ونحن نقبل على الإعداد لمؤتمر القمة العربية في بغداد، من لوازمها أن تكون للدول العربية سفارات وسفراء موجودون في بغداد، ونعتقد بأن ما حصل بسبب الظروف التي مر بها العراق من قوات أجنبية إلى إرهاب إلى التباس بالحالة السياسية دعت الدول العربية إلى التردد في عقد القمة لدينا، والحقيقة أن الكثير من الشبهات التي كانت تثار على العراق انتهت، وبدأت سفارات الدول العربية تعود، فكنا نحزن حينما نلتقي بالسفراء الأجانب ولا نجد سفيرا عربيا في بغداد، ونحن بلد عربي وعضو مؤسس في الجامعة العربية، ويتطلع إلى دعم وتفاعل وتعاون كل الدول العربية.



وفدنا مرتاح لاستقباله بالرياض



• ما الخطوات التي في نظركم تسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين؟



• العلاقات حتى تتوطد لا بد أن نأتي على النقاط التي هي مثار إشكال أو مثار عدم وضوح، نعم هنالك قضايا مادية وتجارية وتبادل وكذا وكذا وهذه كلها مهمة، ولكن الأهم منها أن تقام العلاقة على أساس واضح، وترفع كل المعوقات والتحديات التي بعضها قائم على فهم معين، أو منقول بشكل غير دقيق لنا ولإخواننا في المملكة، فهذه المسألة تحتاج منا حوارا بشكل مباشر وليس عبر الوسطاء، فالوسطاء عادة ما يفسدون العلاقة بين الدول، وليس بيننا وبين إخواننا في السعودية حواجز حتى لا نتحدث مباشرة. والوفد العراقي الموجود الآن في المملكة يتحدث عن استقبال وأجواء إيجابية طيبة، وذلك بالاقتراب من بعضنا والحوار في كل ما يمكن أن يعكر صفو هذه العلاقة.



قدمت المملكة على زيارة دول أخرى



• ذكرتم بأن أول زيارة لكم كانت إلى المملكة، فما هي الأسباب التي دعتكم لأن تكون المملكة هي محطتكم الأولى؟



• هدفت الزيارة إلى إرسال عدة رسائل مقصودة وليست عفوية، لأنني كنت مدعوا من كثير من الدول، ولكن قلت أبدأ بالمملكة، للإشعار بأن العراق العربي يريد أن ينفتح على محيطه العربي أولا، ثم كانت بعد السعودية زيارتي للأردن والإمارات، قبل أن أذهب إلى دولة إسلامية أخرى أو في العالم، ثانيا ما بدأ يشاع ويتحدث عنه البعض عن القضايا المذهبية والطائفية، فأردت أن أعطي رسالة بأن ليس بيننا وبين إخواننا في المملكة خنادق طائفية، فنحن نحترم بعضنا بعضا ولا يحاسب أحد على قضية انتمائه، ولذلك أردت أن أكسر الحواجز الطائفية التي شبت نارها في العراق بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين، حتى حصلت عندنا أحداث طائفية مريرة، وأردت بهذه الخطوة أن أكسر الحاجز الطائفي أو الخنادق الطائفية، والنقطة الأخرى هي موقع المملكة العربية السعودية، باعتبارها دولة كبرى بالمنطقة ولا بد أن تكون لها أثر يتناسب مع حجم التأثير.



فرص تطوير التعاون كبيرة



• كيف يمكن تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، خصوصا في مكافحة الإرهاب، وتأسيس اتفاقيات تدعم عملية تسليم المطلوبين؟



• الجامعة العربية لديها اجتماعات خاصة بوزراء الداخلية العرب، ونعرف أنها أنجح من كل اللقاءات، لأنها تعنى بهاجس كل الدول، ألا وهو الأمن، وهذا الاجتماع لديه بروتوكول واتفاقية متفق عليها في مجال تبادل الخبرة والتعاون وتسليم المطلوبين وإلى غير ذلك من أمور أمنية مشتركة بين الطرفين، وثانيا هو بحاجة إلى مباشرة بين دول الجوار باعتبارها على تماس أمني معنا أكثر من الدول البعيدة، مما يوجب قيام لقاءات مباشرة لنتعرف ونقف على حجم المشاكل والتحديات الأمنية لدينا وفي المملكة، ونتعاون من خلال المعلومات المتاحة، لأن مقاومة منظمة القاعدة والتنظيمات الإرهابية تتم عن طريق المعلومة الاستخباراتية، فالتعاون الأمني أساسه بيننا وبين جيراننا وبيننا وبين المملكة العربية السعودية هو بتبادل المعلومات والخبرات وما يلزمه من لقاءات.



حتى جدول أعمال القمة وضعناه



• ماذا أعددتم للقمة العربية؟



• حسب قول الأمين العام للجامعة العربية ونائب الأمين العام بأن العراق جاهز، وأن أهم ما نريد أن نخرج به من هذه القمة هو تقييم ما يسمى بالربيع العربي وكيفية توظيفه وتوجيهه بالشكل الذي يحقق أهداف الشعوب الذي طالبت وبما لا يربك حالة الاستقرار في المنطقة والمنطقة العربية تحديدا، وقد أعددنا كل الترتيبات، حتى الجدول الذي هو ليس من اختصاصنا وإنما من اختصاص الجامعة العربية اقترحنا عليها بعض المفردات، من بينها تفعيل التعاون في مجال الإعلام، وفي مجال مكافحة الإرهاب، وفي المجالات الاقتصادية لأنها تشكل قنوات تغذية للإرهاب، إضافة للموضوعات المطروحة من قبل الجامعة.



توقعات عدم انعقاد القمة ضعيفة



• وما تقييمكم لاستجابة الدول الأعضاء؟



• لم ينعكس علينا عدم استجابة دولة من الدول الأعضاء، وأبلغنا من قبل الجامعة بأن 13 دولة سوف يمثلها ملوك أو رؤساء ودول أخرى يمثلها رؤساء وزراء أو وزراء خارجية.



• بعض المراقبين يستبعدون انعقاد القمة في بغداد لعوامل خارجية وداخلية.. فهناك دول تمر بظروف أمنية أو سياسية حرجة، وهناك الوضع المتفجر في سوريا، وهناك الوضع الأمني في العراق نفسه.



• هذه التوقعات لا نريد أن نقول عنها أنه ليس لها أساس، ربما يكون لها أساس، لكننا نعتقد أن الأساس ضعيف، فهم يعتقدون بالأوضاع الأمنية التي تحصل بالعراق، ولكن عندما تأتي الجامعة إلى العراق لتشاهد عالما آخر غير ما يشاهد من خلال الإعلام وشاشات التلفزيون، وبعضهم يتحدث ــ كما تفضلت ــ عن دول لم ينحسم أمرها تجاه اختيار رئاستها، ولكن لديهم رؤساء موجودون حاليا، سواء كانوا رؤساء وزراء أو مجلس عسكري، فهؤلاء هم من يمكن أن يمثلوا دولهم في القمة، ونحن ليس لدينا شعور بالنقص في أن يمثل الدولة من يستلمون إدارة الأمور في تونس ومصر وليبيا الحاليين وأن يكونوا مشاركين في القمة، فهذا شيء طبيعي. وأنا أعتقد أن المبررات والمخاوف ضعيفة جدا سيما عندما نجد إصرارا عربيا جيدا على الحضور في قمة بغداد، لما للقمة من معطيات ورسائل كبيرة في أن العراق العربي يستضيف القمة العربية.



تفجيرات العراق سياسية



• تطرقتم لما يبث عبر الإعلام.. ولكن العراق شهد يوم الخميس 22 فبراير خلال وجودي بينكم 22 حادثة تفجير في 19 منطقة بين العاصمة بغداد وست محافظات، فأي استقرار تتحدثون عنه؟



• هذه التفجيرات سياسية، وأعقد الأعمال الأمنية الإرهابية حينما يكون لها غطاء سياسي يمنحها قدرة ونفوذا ويختلق لها بعض المواقف، هذه مشكلة موجودة في العراق ونتمنى أن لا تكون موجودة في أية دولة أخرى، وللأسف فإن بعض من في الحكم يسهل لمن يريد أن يضرب الحكم. فالذي حصل في بغداد رغم مأساويته بالنسبة لنا لأنه يؤدي إلى سقوط شهداء، لكن أيضا حجم الشهداء مضروب بثلاثة، من 20 إلى 60 مما يؤكد أن بعض هذه التفجيرات هي عبوات توضع في مكان وتنفجر، وبعضها له صوت لمجرد الإشعار بأننا نحن هنا، وبعضها لا .. مما أدى إلى تفجير ثلاث سيارات.. فالحقيقة هم كانوا يقصدون بذلك إعطاء صورة بأن العراق غير آمن، لكن لو أردت أن تتفقد وترى أين توجد مواقع التفجيرات، وفي أي مكان يمكن أن تؤثر على القمة العربية وسكن الضيوف وإقامتهم وحركتهم ودخولهم وخروجهم؟، نعم هم يريدون أن يعطوا رسالة عدم استقرار في الوضع العراقي، لكن الشيء اللطيف أن هذه التفجيرات حصلت والمبعوث الأمني في الجامعة العربية كان في بغداد، وقال سأحمل رسالتي وأقول لم أر ولم ألمس تأثيرا لهذه التفجيرات على حالة الاستقرار والأمن المقصود بالنسبة للقمة العربية.



تغييرات شعبية بدلا من الانقلابات العسكرية



• دعني أسألكم عن رأيكم في الوضع العام في الإقليم؟



• الإقليم والمنطقة مقبلة على تغييرات، فالتغيرات في مرحلة من المراحل كانت ثورات أو انقلابات، مذ بدأت من مصر والسودان والعراق وليبيا وسوريا، وهي انقلابات عسكرية لتغيير الأنظمة، بينما الموجة التي تحصل اليوم في العالم العربي هي تغييرات شعبية، فجمهور الناس يخرج ليعبر عن رغبته لأن المرحلة والحقبة التي مثلتها الأنظمة ربما كانت جيدة في جانب منها حينما قضت على أنظمة سابقة وغيرت، لكنها أكلت نفسها بنفسها، ولم تعد قادرة على إدارة الأمور والمضي بالمنطقة والإقليم إلى ما هو أفضل، لذلك حصلت ردة وانتقام من قبل الجماهير عند تغيير هذه الأنظمة. نحن نعتقد بأن ما يسمى بربيع العرب أو رياح التغيير كما حصلت في السابق ثورات وانقلابات الآن ستحصل هذه الموجات من الانتفاضات الشعبية لتغيير الأنظمة باتجاه الديمقراطية وباتجاه الانتخابات والحريات، والعراق يعد واحدا من الدول التي سبقت في هذا المجال للظروف التي مرت، حيث توفرت فيه حريات كبيرة جدا، وإعلام حر، وتنظيمات حزبية، وتنظيمات نقابية ومهنية، وانتخابات وتشكيل حكومة وتنافس على السلطة، ونحن نختلف فيما بيننا وحينما نختلف نذهب للقضاء.. فهذا أنموذج أعتقد بأنه سيمضي في الكثير من الدول العربية، وإذا ما أتقنت حركة هذا الأنموذج قد تؤدي إلى إضعاف الوضع العربي.



لسنا مع النظام السوري ولا ضد الشعب



• أشرتم إلى الوضع في سوريا.. فما هو موقف العراق منه؟



• كانت بيننا وبين سوريا خلافات كبيرة جدا وعميقة جدا، واليوم ضمن رياح التغيير التي نؤيد نحن فيها مع مطالب الشعب السوري بأن تكون له حريته ودستوره وأن يكون مبدأ المواطنة أساسا وليس التمييز وليست دولة الحزب الواحد، فالتغيير ضرورة ولا يمكن أن تستمر الحالة دون تغيير. أعود مرة أخرى إلى مخاوفنا، نخشى أن يجرنا التغيير إلى ما هو أعقد مما هو عليه الوضع الحالي، ولا سيما إذا كان فيه ما يوحي بالتدخلات لدول لها مصالح معينة تفكر في امتدادات معينة، أو أن الحركة الداخلية محتقنة بخلفيات طائفية، وهذه الخلفيات الطائفية نخشى من أن تكون مدعاة لاستقطاب طائفي، وبالتالي تتحول إلى قتال طائفي وحرب أهلية، وتستدعي هذه الحرب الأهلية تدخل قوات خارجية، فهذا كله يقلقنا، وبالتالي نحن مع الجامعة العربية في رأيها بإيجاد الحل السلمي عبر الحوار الوطني على الأرض السورية وبإشراف دولي وعربي، كمنح الحريات الكافية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية بكل المكونات بداية، وإجازة الأحزاب، وإجراء انتخابات نزيهة تحت إشراف أممي وجامعة عربية، وأن ينتخب مجلس وطني يقر الدستور أو يقرر دستورا جديدا للبلاد، وبالتالي نكون قد حققنا مطلب الشعب وتجنبنا حالات الاصطدام التي نراها في كل يوم لأنها تتجه نحو القتال الطائفي.. فهذا هو الخطر الذي يدعونا للحزن، وإلا فنحن لسنا من الذين يدافعون عن أي نظام حينما يريد الشعب أن يقرر. ومبدأ التدخل في شؤون الدول أو النيابة عن الشعب عمل غير جيد، وهذا ما عانينا منه في العراق، لنقف جميعا مع الشعب السوري في مطلبه ولكن عبر الحوار، وألا نتجه إلى اتجاهات استدراج الجهد العسكري الدولي لضرب سوريا، لأن ما حصل في العراق كارثة نتمنى أن لا تحصل في دولة أخرى. فهذا الذي يجعلنا حذرين في التعامل مع الملف السوري، لأن سوريا على حدود العراق، وإذا اشتعلت فيها الحرب الأهلية الطائفية ستنتقل مباشرة إلى العراق، وستؤثر على استقراره ووحدته، وستنتقل إلى دول أخرى كالأردن ولبنان، هذا ما يجعلنا نتأمل ونفكر كثيرا في أن نجد حلا حتميا للمشكلة ولكن عبر الحوار والضغط على الطرفين بأن يجلسوا على طاولة الحوار ونصل إلى حلول تحفظ لنا سوريا وتجنبنا الحرب الطائفية.



كلام المنحة لسوريا باطل



• لقد أصبحتم الآن في عزلة بعد امتناعكم عن التصويت بشأن تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية.. فما تعليقكم؟



• حقيقة من يعبر عن الموقف بأنه انعزال لا يقدر طبيعة العمل المشترك، فإذا كان العمل المشترك في الجامعة العربية بأننا نبصم ونوقع بدون أن نعطي رأيا فلا الجامعة ستنمو ولا العرب سيستفيدون منها، إنما يجب أن يكون هناك الرأي الآخر، وهو موجود، والذي يعبر عنه العراق هو الرأي الآخر، لذلك اتفقنا معهم على أصل المبادرة، وتبنينا المبادرة العربية، لكن اختلفنا في بعض التفاصيل، وهي تسليح المعارضة ودعوة مجلس الأمن لضرب سوريا، والرأي الآخر ينطلق من حيثيات واقعية وليس من خلفيات كما يقولون بأن العراق يدعم سوريا، ويمنحه عشرة مليارات دولار، بعد أن تطورت القضية من خمسة مليارات إلى عشرة مليارات، وهذا كلام باطل، والجامعة العربية لا ينبغي لها أن تكون جامعة بحيث ما يقول به طرف يؤيده الآخرون بلا تدقيق وتمحيص، لأننا سنمضي في هذه الحالة إلى حيث لا ندري، أما وجود رأي آخر فلا يعني انعزالا، نؤيده في جانب ونخالفه في جانب آخر، كما فعلت دول أخرى، فلماذا العراق فقط يكون منعزلا وقد عارضت دول أخرى مثل الجزائر والسودان ومصر ولبنان، ولم تتعرض للعزلة.



حزب البعث عاث في الأرض فسادا



• الحكومة العراقية فيما تبدو أنها تقف على طرفي نقيض، بين تأكيداتها على طمس حزب البعث في العراق وبين حرصها على توثيق علاقاتها مع الحزب في سوريا.. فكيف يمكن المواءمة بين الصورتين؟



• لا، هذا كلام بحقنا غير صحيح أبدا، نحن ضد حزب البعث في أي بقعة على وجه الأرض، نقولها لك بصراحة، وهذا ما قلناه حتى لسوريا، لأن حزب البعث عاث في الأرض فسادا، فلا ندافع عن حزب البعث، ولا نرى ضرورة لبقائه، لكن لا نستطيع أن نكون بديلا عن الشعب السوري في رفض حزب البعث، فمن جانبنا نرفضه، ولا نريد أن يبقى حزب البعث، أما ما هي قضية سوريا فنحن نتحدث عن دولة عربية سورية نخشى عليها من التمزق وليس من حزب البعث، فليذهب حزب البعث ولا يبقى، وأنا أعتقد أن لا ضرورة لبقاء الحزب إلا إذا أراد أن يبقى كواحد من الأحزاب التي تتنافس، ورأينا فيه غير إيجابي.



ليس لدينا عشرة ملايين لنعطيها للسوريين



• وكيف تفسرون الاتهام لكم بدعم النظام السوري بمبلغ عشرة مليارات دولار؟



• العالم يتصور أن العراق مثل عراق صدام حسين أو بعض الدول العربية تعتقد أن بإمكان الرئيس أو المسؤول أن يوقع شيكات بعشرة ملايين دينار مو دولار، فالعراق اليوم لا يصرف فيه شيء إلا بقانون، فهو تحت سيطرة مالية مركزية، ولا إنفاق إلا بقانون من أي مورد وباب من أبواب فصول الموازنة العراقية أستطيع أن أصرف، أنا الآن لا أستطيع أن أصرف على معالجة مريض إلا وفق القانون وسياقات قانون الإدارة المالية.. فكيف نعطي عشرة مليارات؟ ثم هل العراق لديه إمكانية يقدم عشرة مليارات؟ لا طبعا، نحن تبرعنا بخمسة ملايين دولار في القمة العربية إلى الصومال وكذا في فلسطين لم تدفع إلا بعد صدور قرارات وتصويت مجلس النواب حتى استطعنا أن نصرف المبلغ الذي تبرعنا به في القمة. 

 


غدا في الحلقة الثانية:


*حقيقة تدخل ايران في شؤون العراق.


*مخاوف من انفصال إقليم كردستان.


*أين تذهب عوائد النفط؟


*من يحرك الصراع الطائفي والعراقي.