تأمل العالم طويلا المشهد الانتخابي الإيراني المتقدم مدفوعا بثقل آلة النظام وولاية فقيهه الذي أرخ للانتخابات الأخيرة باعتبارها «الفاصلة بين الحق والباطل». ذلك المشهد الطويل يأتي في ظل حراك عربي أقل ما يقال عنه أنه يحمل شرعية شعبية واسعة وتعددية نوعية واعية فلم تعكس أي من البرلمانات العربية الثورية الحديثة تفردا لحزب واحد، وإن تفاوتت في أحجامها فضمت في عداد برلماناتها تيارات المجتمع الأهلي المتنوع من أقصى اليمين إلى اليسار مرورا بالوسط فضلا عن روح التعاون والرغبة في مشاركة الجميع التي تمثلها حزب النهضة التونسي المنتخب لرئيس يساري التوجه وآخر جمهوري وطني لرئاسة برلمانه. فيما تستمر الثورات العربية في إعادة رسم للخارطة السياسية بما يعيد الدينامية والحيوية للعالم العربي بعدما أفقدته الأنظمة السياسية الكثير من حيويته وحضور شعوبه ضاربة بذلك أسس التنمية المستدامة فيه. المشهد الإيراني الانتخابي أدخل هذا البلد في خريف تنفتح آفاقه على احتمالات سلبية شتى أما المستقبل العربي فقدره أن يستقر طويلا في ربيعه حتى يثمر وتتفتح أزهاره. لكن تبقى العين مفتحة على المعادلة الجديدة التي فرضها الأداء العربي الرسمي مؤخرا بإزاء التحديات التي تواجه عالمنا العربي والمآسي التي تمر على بعض أقطاره لا سيما الجرح الدامي النازف في سوريا الغارق بتبعيته العمياء لإيران ومحور الشرور العالمي والموغل في البطش والإرهاب وسياسة القتل والاستعباد لشعبه غير آبه بالمستقبل وتداعيات الأزمات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية. إيران استبدلت شعاراتها التاريخية لتحمل سياسة تصدير القمع للشعوب والانقضاض على أحلامها وخنق طموحاتها متجاوزة سنن التاريخ والاجتماع والكون متنكرة للقيم والأعراف والقوانين وحقوق الإنسانية. فهل يمكن لإيران المستقبل استعادة خطاب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في الهيئة العامة للأمم المتحدة عام 1997 حول تواصل الحضارات في مقابل صراعها أم أن قدر إيران أن تدخل خريفا طويلا يجعل من ثورتها لعنة تلاحق أتباعها في الأرض؟
رئيس مركز طرابلس للدراسات ــ بيروت
رئيس مركز طرابلس للدراسات ــ بيروت