هذه رواية بيضاء كحمامة وحزينة كمطر أزرق وصادقة كنبض.. رواية على قدر ما يجذبك عطرها على قدر ما يؤلمك وخز أحداثها تستطعم مذاق الحزن والتعب فيها لا رغبة في العذاب بل هو تشوق في استكمال الرواية.. تعتبر هذه الرواية واحدة من أعذب النماذج التي قرأتها في وصف (الزهايمر) وعلى نحو بالغ الشفافية.. بل من وجهة نظري أفضل ما كتب كرواية في وصف تفاصيل هذا المرض وتطوره على الإطلاق وبلغة لا تشبهها لغة..
الكاتب هو الطاهر بن جلون الأديب والمفكر المغربي الفرنسي صاحب طفل الرمال وليلة القدر وليلة الغلطة وتلك العتمة الباهرة وأن ترحل.. كتبها بالفرنسية وترجمها للعربية (رشيد بن حدو) الرواية عبارة عن مذكرات صادقة وحميمية عبر فيها الطاهر عن الخسارة المدمرة التي حلت به والحب الطاهر الذي يكنه لأمه.. يتحدث وبنغمة حزينة عن شعوره عند سماعه لهذه الكلمة التي تحير العقول، وعن ما انطوت عليه ومازالت تنطوي عليه من معان يقول: ما اسم هذا المرض الزهايمر؟ أحيانا تمر أمي بلحظات صحو وانسجام كاملين لايهم الاسم الذي أطلق على هذا المرض فما هي فائدة تسميته.. تقول: لقد فقدت ذاكرتي حدتها وتوهجها وأصبح رأسي مع تقدمي في السن صغيرا لايقوى على حفظ كل شيء.. ما أكثر الأشياء التي يخزنها رأسي؟ هيا أسألني لأرى مازلت أتذكر !! ثم تشرع في سرد أسماء أبنائها وأحفادها وتخلط السنوات والمدن بعضها ببعض وتصحح لنفسها أخطاءها وتضحك من شيخوختها وتحتج كون التلفزيون المغربي لم يعد يبث أغانيها المفضلة..
لم تعد أمي تصلي فهي التي لم تفتها أبدا صلاة واحدة أصبحت تنسى ولا تعرف كيف تتيمم بالحجارة الصقيلة ولا ما ستقوله في ركوعها وسجودها قالت لي كلثوم الخادمة: إنها تقضي حاجتها تحتها وتعرف أنها يتعذر عليها أن تصلي بسبب نجاستها نفد صبرها تصرخ وتسخط حين تطلب شيئا ما..
كلثوم نفسها فقدت قدرتها على التحمل فأن تعتني أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين ساعة بامرأة مسنة فهذا يحتاج إلى أكثر من صبر أيوب يحدث لها أن تفقد السيطرة على أعصابها تطالب بفترة عطلة مستخدمة ذلك كأسلوب مراوغ لطلب زيادة في أجرتها وهو ما أقبله دون تفكير فما تقوم به لا يقدر بثمن أن تحمل بين ذراعيها امرأة مسنة إلى الحمام وتنظفها وتلبسها ثيابها وتطمئنها وتجيب للمرة العاشرة عن السؤال نفسه وتعيدها إلى غرفتها وتناولها أدويتها وتهيئ طعامها وتسهر عليها ولا تفارقها..
وحدها ابنتها ثريا هي التي يجب عليها أن تفعل كل هذا لكن ثريا تعاني من انهيار عصبي يعجزها عن الصبر على الاعتناء بأمها.. رواية عميقة واقعية رائعة تحس فيها بالحنان يرفرف حولك كفراشة من نور رغم الألم الذي ينقر عشب روحك..
تتحدث عن مرض عضال لا يقتل الشهية فقط بل يمزق الحلق وينقل الإنسان إلى واحات ضائعة.. مرض تغيب فيه الذاكرة وتنحسر الأفكار والكلمات والأحباب والأصحاب والمعارف والأسماء والأقارب وأدق الأشياء وأهمها ويترنح الماضي ويرتعش الحاضر.. وقد تسألونني وما هو سر اهتمامك الدائم بهذا المرض!!.
وجوابي: لأن أغلى الناس عندي من الأحياء مصابة به، فأنا أعلم وهي لا تعلم.. والله بكل شيء عليم..
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة
الكاتب هو الطاهر بن جلون الأديب والمفكر المغربي الفرنسي صاحب طفل الرمال وليلة القدر وليلة الغلطة وتلك العتمة الباهرة وأن ترحل.. كتبها بالفرنسية وترجمها للعربية (رشيد بن حدو) الرواية عبارة عن مذكرات صادقة وحميمية عبر فيها الطاهر عن الخسارة المدمرة التي حلت به والحب الطاهر الذي يكنه لأمه.. يتحدث وبنغمة حزينة عن شعوره عند سماعه لهذه الكلمة التي تحير العقول، وعن ما انطوت عليه ومازالت تنطوي عليه من معان يقول: ما اسم هذا المرض الزهايمر؟ أحيانا تمر أمي بلحظات صحو وانسجام كاملين لايهم الاسم الذي أطلق على هذا المرض فما هي فائدة تسميته.. تقول: لقد فقدت ذاكرتي حدتها وتوهجها وأصبح رأسي مع تقدمي في السن صغيرا لايقوى على حفظ كل شيء.. ما أكثر الأشياء التي يخزنها رأسي؟ هيا أسألني لأرى مازلت أتذكر !! ثم تشرع في سرد أسماء أبنائها وأحفادها وتخلط السنوات والمدن بعضها ببعض وتصحح لنفسها أخطاءها وتضحك من شيخوختها وتحتج كون التلفزيون المغربي لم يعد يبث أغانيها المفضلة..
لم تعد أمي تصلي فهي التي لم تفتها أبدا صلاة واحدة أصبحت تنسى ولا تعرف كيف تتيمم بالحجارة الصقيلة ولا ما ستقوله في ركوعها وسجودها قالت لي كلثوم الخادمة: إنها تقضي حاجتها تحتها وتعرف أنها يتعذر عليها أن تصلي بسبب نجاستها نفد صبرها تصرخ وتسخط حين تطلب شيئا ما..
كلثوم نفسها فقدت قدرتها على التحمل فأن تعتني أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين ساعة بامرأة مسنة فهذا يحتاج إلى أكثر من صبر أيوب يحدث لها أن تفقد السيطرة على أعصابها تطالب بفترة عطلة مستخدمة ذلك كأسلوب مراوغ لطلب زيادة في أجرتها وهو ما أقبله دون تفكير فما تقوم به لا يقدر بثمن أن تحمل بين ذراعيها امرأة مسنة إلى الحمام وتنظفها وتلبسها ثيابها وتطمئنها وتجيب للمرة العاشرة عن السؤال نفسه وتعيدها إلى غرفتها وتناولها أدويتها وتهيئ طعامها وتسهر عليها ولا تفارقها..
وحدها ابنتها ثريا هي التي يجب عليها أن تفعل كل هذا لكن ثريا تعاني من انهيار عصبي يعجزها عن الصبر على الاعتناء بأمها.. رواية عميقة واقعية رائعة تحس فيها بالحنان يرفرف حولك كفراشة من نور رغم الألم الذي ينقر عشب روحك..
تتحدث عن مرض عضال لا يقتل الشهية فقط بل يمزق الحلق وينقل الإنسان إلى واحات ضائعة.. مرض تغيب فيه الذاكرة وتنحسر الأفكار والكلمات والأحباب والأصحاب والمعارف والأسماء والأقارب وأدق الأشياء وأهمها ويترنح الماضي ويرتعش الحاضر.. وقد تسألونني وما هو سر اهتمامك الدائم بهذا المرض!!.
وجوابي: لأن أغلى الناس عندي من الأحياء مصابة به، فأنا أعلم وهي لا تعلم.. والله بكل شيء عليم..
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة