-A +A
هشام عليوان (بيروت)
تجدد حرب الساحات بين القوى السياسية المتنازعة هل يثير احتمال عودة الحرب الأهلية؟ الاحتشاد الجماهيري في مواقع طائفية مختلفة وتحت خطابات متناقضة يزيد من نسبة التوتر الداخلي الى الذروة خاصة ان خطاب رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع في مهرجان حريصا رد بحدة على خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله، منتقدا عددا من المقولات التي اطلقها في مهرجان النصر. من ثنايا الخطابات الحادة وردت فقرات ايجابية قد تكون مطمئنة الى هذا الحد أو ذاك، فحسن نصرالله أكد ان سلاح المقاومة لن يكون ابدا سلاحا في الداخل مستندا في ذلك الى التجربة السابقة للحزب، اما سمير جعجع ورغم تأكيده ان المقاومة المسيحية ستستمر لكنه شدد ان هذه المقاومة ستكون سلمية وديمقراطية، من جهة أخرى أثار نصرالله المخاوف باصراره على اسقاط الحكومة الحالية التي تستند الى أكثرية نيابية مع كشفه ان حزب الله يمتلك الآن اكثر من 20 الف صاروخ فيما ارسل جعجع رسالة تحذير ان من يحاول التغيير بوسائل غير سلمية وغير ديمقراطية فسوف يواجهه هو وحلفاؤه ولم يقل كيف؟
اسقاط حكومة الاكثرية مع انسداد افق الحوار الوطني لا يعني في هذه الظروف سوى النزول الى الشارع، كما اسقطت الحشود حكومة الرئيس عمر كرامي عام 2005 وكانت المعارضة آنذاك اقلية نيابية، وكانت الاكثرية الى جانب الحكومة كما هي الحال الان، لكن السؤال هو هل تتشابه الظروف والنتائج؟

أوساط قوى 14 آذار تؤكد ان المزاج الشعبي كان مع المعارضة آنذاك، وبخاصة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فلم تعد الأكثرية النيابية تعبر عن اكثرية شعبية حقيقية بل ان التمثيل كان مشكوكا فيه بسبب الوجود السوري في لبنان انذاك اما الحالة اليوم فمختلفة جذريا فثمة استقطاب سياسي وشعبي حاد، ولا يستطيع حزب الله الادعاء بان الاكثرية الشعبية هي معه، باعتبار انه متحالف مع التيار الوطني الحر الذي حصد اكبر نسبة اصوات المسيحيين في الانتخابات بالعام الماضي، ذلك ان المزاج المسيحي قد تغير كثيرا منذ عام 2005 ولا سيما بعد الحرب الأخيرة مع اسرائيل وجاء مهرجان القوات اللبنانية في حريصا يرسم علامات استفهام حول الاكثرية المسيحية التي كان عون يمثلها هل بقيت مكانها أم تراجعت والى اي حد؟
وفي ظل هذا الغموض الكبير فان محاولة حزب الله وحلفائه النزول الى الشارع لاسقاط الحكومة الحالية ستكون مغامرة أخرى وقد تؤدي الى صدام لان قوى 14 آذار لن تتفرج على ما يجري، وتترك حلفاء سوريا ينقضون على أهم انجازات انتفاضة الاستقلال.وفقا لذلك، فان نجاح القوات اللبنانية في حشد أكبر عدد ممكن من انصارها ومنتسبيها في مهرجان حريصا اعاد خلط الأوراق من جديد، وقد يكون عاملا أساسيا في التهدئة في المرحلة المقبلة، فأمين عام حزب الله حسن نصر أكد في مهرجان النصر ان الانقسام في لبنان ليس طائفيا بل سياسي، باعتبار ان كل معسكر يضم من كل الطوائف لكن تغير ميزان القوى المسيحية لمصلحة جعجع وبقية قوى 14 آذار سوف يحرم حزب الله من الغطاء المسيحي الحقيقي وسيجعل اي تحرك سياسي في الشارع وخارجه ذا طابع مذهبي باعتبار ان القوة الضاربة ستكون شيعية بمواجهة قوى الاكثرية النيابية التي تستند الى قوة سنية ضاربة. اما المخرج المطلوب من السجال السياسي حسب عضو كتلة التغيير والاصلاح النائب فريد الخازن فهو تحديد خارطة طريق لاعادة بناء الدولة وقال ان الحوار المطروح يفتقد الى النوايا الحسنة للدخول فيه كما انه يفتقد الى اجندة وجدول اعمال. واكد الخازن ان حركة التبريد المطلوبة للشروع في اية محاولة للحوار هي وقف اطلاق النار بين الاطراف المشاركة في الحكومة، لافتا الى جهود مطلوبة لايجاد مناخ ملائم للبدء باي حوار وهو ليس متوافرا حتى الساعة الا ان الرئيس نبيه بري يقوم بهذه المهمة.
وختم النائب الخازن بالقول المطلوب الان هو العمل الجدي وهذا امر غير ممكن في تركيبة الحكومة الحالية. من جهتها ردت حركة التوحيد الاسلامي - مجلس القيادة على كلام النائب وليد جنبلاط الذي قال «ان الرئيس السوري بشار الاسد استقبل اصوليين واعطاهم المال والسلاح لكي يقوموا بفتنة في الشارع السني في وجه النائب سعد الحريري» وقالت في بيان امس ان الشارع السني لن يدخل في فتنة او اي عمل من شأنه تقويض السلم الاهلي وان اهل السنة واعون تماما للدور الذي تقوم به مجموعة من الاكثرية الوهمية وهي خلق اجواء فتنة واشعال حرب مذهبية طائفية تكون قد حققت بها مآرب اسرائيل عندما عجزت في عدوانها الاخير على لبنان عن تحقيقه.
واضاف البيان :ان اهل السنة في لبنان كانوا وما زالوا على الدوام عروبين ووطنيين وحاضنين للقضايا العربية والاسلامية كافة في لبنان.