الذكرى السابعة، هذا يومها يشرف بأضواء شموس السنوات المنقضية، التي شهدت مع كل إشراقة لها حدثا تحقق، ليس تلك الأحداث المؤلمة أو المحيرة، بل جميعها أحداث عن إنجازات وتحقيق أهداف وخطوة جديدة نحو المستقبل، وربما تكون هناك تساؤلات حيرة أحيانا، لكنها بصيغة كيف تمكن حبيب الشعب من تحقيق كل ذلك في سبع سنوات فقط؟. قيادة مسيرات التقدم والتطور ليست سهلة في موازين الأمم، والإشراف على تنفيذ مشروعاتها ليس سهلا أيضا على أرض الواقع، ومراقبة تنفيذها ومتابعتها والتأكد من تحقيقها لأهدافها أصعب من السابقتين، ولهذا يكون السؤال مشروعا في كيفية تحقيق كل هذا في سنوات. الإجابة تكمن في أن كل تلك المهام تحتاج نوعا من الشخصيات المتفردة المتفهمة أولا لاحتياجات الوطن والشعب، والتي تهدف ثانيا لخدمة هذا الوطن وهذا الشعب، وثالثا أن تكون تلك الشخصية قادرة على القيادة والإشراف والمتابعة بروح تسودها الرغبة الجامحة في تحقيق كل مايتطلع إليه الناس في حياتهم حاضرا ومستقبلا، وفي تحقيق كل المطلوبات التي يحتاجها الوطن والتي عادة ماتكون أساسا يجب أن يكون متينا يمكنها من احتلال المكانة اللائقة في الصفوف المتقدمة بين الدول الرائدة قيادتها للعالم. والوضع كذلك ومانشهده منذ تولي خادم الحرمين الشريفين لمقاليد حكم هذه البلاد الطيبة، فإن الوقائع وأقصد هنا وقائع ماتحقق على الأرض، ومايتم تحقيقه حاليا، وماسوف يتم تحقيقه لاحقا ضمن الخطط المتزامنة للتطور والنماء، كلها دلائل على أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليس ملكا بالدرجة الأولى، ولا مسؤولا بالدرجة الأولى كذلك، بل هو مواطن قبل كل ذلك، لأن الإنجازات التي تمت، كانت موجودة في ذات كل مواطن، وكانت لاتعدو أكثر من كونها مجرد خيالات يتحدث مع نفسه فيما لو «ياليتها تحققت»، مايشير إلى أن الملك عبدالله مواطن في حقيقة ذاته قبل أن يكون ملكا أو مسؤولا، يحس بما يحسه أي مواطن أو مواطنة، يشعر بما يتمناه أي مواطن أو مواطنة، يتمنى تحقيق كل مايصب في خدمة الناس، كونه مواطن بالدرجة الأولى، يحلم بأحلام الناس، يعيش معاناتهم، تمنياتهم، مشاكلهم، ظروفهم، وسعادتهم وشقائهم. وفي حب الملك عبدالله يمكن أن تنظم كتب من القصائد والشعر، ويمكن أن يعجز اللسان عن المدح والثناء الذي هو أصلا ليس في حاجة له، لأنه يعتبر أن مدحه وثنائه وحمده لايكون إلا بالإنجازات، وعندما يرى الإنجاز متحققا على الأرض، عندها فقط «ربما» يقبل الثناء أو التقدير، هذا على المستوى المحلي. وإذا أخذنا جانبا آخر نحو مستوى الخليج العربي، فإن السؤال الحائر «إياه» والذي ورد في بداية حديثي، لأن الحيرة الأولى كانت داخليا على صعيد الوطن، ولكن الحيرة هذه المرة أشمل وأوسع إذ أنها على مستوى الإقليم، وأعني منطقة الخليج العربي، ودول مجلس التعاون الخليجي، والحيرة هنا تتمثل في السؤال: كيف تمكن خادم الحرمين من احتواء كل التداعيات التي واجهتها دول التعاون الخليجي بالتعاون مع قادته، وكيف استطاع توجيه هذه الدفة المهمة في هذا البحر المتلاطم الأمواج نحو بر الأمان، حتى أن هذا الأمان المترامي الأطراف في هذه المنطقة الحساسة من العالم أصبح يمكنه من التحول إلى الاتحاد بدلا من التعاون كما اقترح خادم الحرمين الشريفين؟. الإجابة هي أنه، مما لاشك فيه، أن قادة دول التعاون من أولئك القادة المميزين، الذين يتصفون بالحكمة والاتزان، والذين يغلبون مصالح دولهم وشعوبهم على أية مصالح أخرى مهما كانت، ورغم ذلك حدثت تداعيات بين عدد من دول الخليج وخلافات لاتعدو كونها خلافات أخوة اعتيادية، لكن خادم الحرمين الشريفين، تمكن بحكمة وروية يتميز بها، من احتواء كل تلك الخلافات وتقريب وجهات النظر وصولا إلى الحلول النهائية والجذرية التي كانت بمثابة قطع للطريق أمام كل مزايد ومتشاءم أو شامت، ومن هذا المنطلق، فإن الملك عبدالله يعد قائدا فذا، يصفه البعض بأنه يملك أصابع سحرية يمكنها تحقيق المستحيل في وقت وجيز خصوصا عندما يتعلق الأمر بدول الخليج الشقيقة، وعليه فقد وجه دعوته الكبرى وطرحها رغبة منه في تحقيق الوحدة الخليجية المتكاملة مايعني أن الملك عبدالله كان يعمل طوال السنوات حتى قبل توليه مقاليد الحكم باتجاه تحقيق هذا الحلم الخليجي، ليس على صعيد الأحلام الشخصية أو الأهواء الذاتية، بل هو تفكير استراتيجي مستقبلي متعمق، لأنه لاقوة ولامنعة ولاسؤدد من دون الاتحاد، ولا وجود قوي بين الأمم المتقدمة والمتطورة والمسيطرة ماليا واقتصاديا وسياسيا إذا لم يكن هناك تفاهم مشترك ووحدة متينة، ولايمكن مواجهة مايشهده العالم اليوم من تداعيات ومشاكل وتقاطعات في المصالح والأهواء، مايتطلب أيدي مجتمعة تعمل معا في اتجاه واحد، تتجه ناحية تحقيق اقتصاد قوي يحقق الرخاء لشعوب التعاون، ويضمن لهذه الدول منعة اقتصادية دولية. وعندما نأخذ الاتجاه الأعم، الاتجاه العالمي والذي يحتل فيه الملك عبدالله مكانة عظمى، فالعالم يهتم بشخصية الملك عبدالله، والعالم واثق من حكمته، ورؤيته البعيدة في إصلاح «الخراب»، يعتمد عليه في أحيان كثيرة جدا في الرأي والمشورة خصوصا فيما يتعلق بالأحداث في المنطقة العربية، ويجد أساطين العالم في فكر خادم الحرمين الشريفين ورأيه ورؤيته حبل النجاة الذي يمكن الاعتماد عليه شكلا وموضوعا في الأمور التي يستطلعون رأيه فيها، فهو يعطيهم الحلول المنطقية القابلة للتطبيق والمنطلقة من فهمه العميق لطبيعة المنطقة وخصوصيتها، ورؤيته التاريخية المتجذرة في عمقها، وهو الذي دائما مايسعى لحماية كل العرب، وحماية مكتسباتهم وتقاليدهم وأعرافهم، وحمايتهم حتى من أنفسهم عندما تسير الأمور باتجاه معاكس لمصلحة الأمة العربية والإسلامية، إذ لاهم له غير الوصول بهذه الأمة إلى المكانة العليا التي تستحقها بين الأمم، أو كما يرى هو (يحفظه الله)، من حق أمتنا أن تستعيد مكانتها وتاريخها الذي شهد له القاصي والداني في التاريخ القديم والحديث. هذا جزء فقط من شخصية هذا الملك الفذ، ولذلك وفي ذكرى بيعته، ولهذه السيرة العطرة المخلصة، تعيش هذه البلاد الطيبة المباركة في حب عبدالله، حب خادم الحرمين الشريفين.