-A +A
هدى أبلان
ما حدث في ميدان السبعين يوم 21مايو من مجزرة بشعة بحق جنود أبرياء في حالة سلم وأمان لا يمكن أن يمر هكذا لمجرد أنه قد تم تدبيج مقالات الرثاء والاستنكار. المسألة أبعد وأعمق من ذلك. إنها تمس جوهر الاستقرار الذي يتأسس بوجود ثقافة الحوار والقبول بالآخر، والاختلاف بوسائل سلمية بعيدا عن التكفير والعنف.
وفي ظل وجود مثل هكذا جماعة تعتبر دماء الأبرياء طريقا إلى مرضاة الله على حد زعمهم وهو أبعد مايكون لأن قتل وإزهاق النفس هو الجرم الأكبر عند الله . ولابد من إعادة تقييم الخطاب التحريضي القائم في المجتمع وبالذات في وسائل الإعلام والمناهج التربوية والتثقيفية وبرامج الأحزاب، وقبل كل أولئك دور العلماء السلبي والإيجابي تجاه هذه الإشكالية.

واعتبر أن لقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي بالعلماء مؤخرا واحدة من الخطوات المدروسة لوضع هذه الشريحة أمام مسؤولياتها وواجباتها الدينية والأخلاقية. ذلك أن تأثيرها يصل إلى كل بيت، وإلى كل فرد ولابد من جعل الخطاب الإرشادي عقلانيا ومتسقا مع الواقع وآلياته بعيدا عن المفترض ومتاهاته، لأن الإسلام هو دين معاملة وأخلاق وحرمة للأرواح والدماء فالموت المجاني وبالجملة لمجرد افتراضات محلقة يعمل البعض على تغذيتها بعيدا عن حدود الواقع وإمكانياته وأطرافه وتعددية الحياة المدنية وتنوعها والاعتماد على جوهر البرامج الانتخابية كآلية حضارية لأي فكر أو فئة.
إن البعض من العلماء لعبوا دورا سلبيا في الأمس القريب بسبب انقسامهم وعدم اجتماعهم على كلمة واحدة تبعدهم عن أهوائهم السياسية والمطلوب منهم ونحن في مرحلة بناء دولة مدنية حديثة أن يكونوا صوتا للحياة لا للموت، وأن يجرموا ويفتوا ماهو حكم الله فيمن أزهق أرواح الجنود في ميدان السبعين وغيرهم من اليمنيين في أبين والجوف قبل أن تتسع دائرة الفتنة، ويصبح القتل حقا لكل يد قادرة على صناعته.