حذر مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي البارحة من أن الأزمة السورية ستخرج عن السيطرة قريبا إذا فشل الضغط الدولي على دمشق في تحقيق نتائج سريعة. وطلب عنان من القوى الكبرى إبلاغ الرئيس السوري بشار الأسد بأن عدم احترام خطة النقاط الست للسلام ستكون له نتائج واضحة. وأضاف: «يجب أن يمارس مجلس الأمن ضغطا على دمشق بطريقة موحدة». وشدد عنان على أنه « كلما انتظرنا وقتا أطول كلما كان مستقبل سورية مظلما».
وطالبت المملكة المجتمع الدولي، ممثلا في مجلس الأمن الدولي، بتحمل مسؤولياته حيال الأزمة السورية وعدم السماح بسفك المزيد من الدماء، وذلك بإقامة منطقة عازلة توفر ملاذا آمنا للمواطنين السوريين. ودعا نائب سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأمم المتحدة عبداللطيف سلام في كلمة المملكة أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة البارحة، الدول التي تساند الحكومة السورية إلى إعادة النظر في سياساتها وحماية الشعب السوري الذي يواجه خطر إبادة جماعية على يد النظام. وحث المجلس على التصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في ظل استمرار المذابح وعدم تنفيذ خطة مبعوث الأمم المتحدة كوفي عنان المكونة من ست نقاط.
لكن الصين أكدت رفضها القاطع لحل الأزمة السورية عن طريق «تدخل عسكري خارجي» أو محاولة «تغيير النظام بالقوة».. و قال المندوب الصيني الدائم في الأمم المتحدة لي باودونغ بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية: «نحن نرفض رفضا قاطعا حل الأزمة السورية عن طريق تدخل عسكري خارجي أو أي محاولة للتشجيع على تغيير النظام بالقوة».
وأضاف الدبلوماسي الصيني: إن بكين ترغب في لعب «دور إيجابي وبناء في البحث عن حل سريع، سلمي ومناسب للمسألة السورية»، من دون أن يلحظ خطة النقاط الست للسلام المقدمة من مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية عنان.. وفي ذات السياق قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أمس إنه يضمن أن مجلس الأمن الدولي لن يسمح بأي تفويض لتدخل خارجي في سورية.. ونقلت وكالة أنباء نوفوستي الروسية عن لافروف قوله للصحافيين في العاصمة الكازاخستانية أستانة: «لن يكون هناك أي تدخل خارجي من قبل مجلس الأمن، أنا أضمن لكم هذا» .
من جهة أخرى، أجمع المتحدثون أمام جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة تداعيات الأزمة السورية أمس على إدانة المجزرة التي وقعت في بلدة القبير في ريف حماة. وقال أمين عام المنظمة الدولية بان كي مون في كلمة ألقاها في الجلسة: إن الوضع في سورية يواصل تدهوره.. واصفا مجزرة القبير بأنها مروعة ومقززة.
وأضاف مون: «منذ أشهر كثيرة، بات جليا أن الرئيس الأسد وحكومته فقدوا كامل الشرعية».. وتابع قائلا: «أي نظام أو زعيم يتحمل مثل هذا القتل للأبرياء فقد إنسانيته الأساسية».. وأدان «المجزرة المثيرة للصدمة»، في القبير، قائلا: «نجدد التزامنا بمحاسبة المسؤولين عن هذه المجزرة البربرية».. وأشار إلى أن مراقبي الأمم المتحدة تعرضوا خلال توجههم إلى المكان لإطلاق نار من أسلحة خفيفة. واعتبر أن عدم قدرة النظام السوري والمعارضة على الدخول في أي حوار سياسي مجدٍ يؤزم الوضع بشكل كبير، مضيفا أنه كلما طالت مدة هذا النزاع، كلما زادت صعوبة السير نحو السلام والمصالحة.
وقال: إن على «المجتمع الدولي أن يعي هذه الحقائق ويتحرك بوحدة وإرادة جماعية» .. وأضاف: «إن أولوياتنا تبقى واضحة وهي وقف العنف، وحماية الشعب السوري وحقوقه، وتوصيل المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها، والدفع قدما نحو حل سياسي للأزمة».
وقال: «لا يمكن لأحد التنبؤ بما سيؤول إليه الوضع. علينا الاستعداد لأي احتمال. علينا الاستعداد للرد على كثير من السيناريوهات المحتملة». وأضاف: إن على الدول المجاورة لسورية مسؤولية خاصة.. محذرا من أن أخطار الانزلاق إلى حرب أهلية في سورية باتت وشيكة وحقيقية.
من جانبها، قالت نائبة المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السفيرة روزماري دي كارلو في الاجتماع إن «العبء بلا شك يبقى على الحكومة السورية لإنهاء حربها الوحشية ضد الشعب السوري واتخاذ خطوات فورية من أجل وقف العنف». وأضافت إذا لم تفعل ذلك، فإنه يجب على المجتمع الدولي اتخاذ المزيد من الخطوات لزيادة الضغط للتأكد من تنفيذ خطة السلام.
وأوضحت «إننا نسعى إلى موقف مجتمع دولي موحد من شأنه أن يساعد عملية الانتقال السياسي التي تلبي التطلعات الديمقراطية المشروعة للشعب السوري». وأضافت دي كارلو «نحن متيقظون على حقيقة أنه ليس هناك إمكانية المضي قدما في الحوار الذي يحقق هذا الهدف حتى يظهر النظام السوري ما يدل على تقدم حقيقي وملموس نحو واجباته والتزاماته».
في سياق متصل، أفاد رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سورية الجنرال مود: «إن البعثة أوفدت مراقبين إلى القبير للتحقق مما تردد عن حدوث عمليات قتل واسعة النطاق في القرية إلا أن عدة عوامل تعرقل وصولهم إلى البلدة».. بينما أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة أن المراقبين الدوليين سيحاولون مجددا اليوم الوصول إلى قرية القبير.. وقال المتحدث فرحان حق: إن قافلة من أربع سيارات مصفحة تابعة لمهمة المراقبة الدولية في سورية تعرضت أمس إلى إطلاق نار «من سلاح خفيف» أثناء محاولتها الوصول إلى البلدة، فعادت أدراجها..
كما أدان البيت الأبيض بشدة ما وصفه بالقتل المستهدف الفظيع للمدنيين في القبي داعيا كل الدول لوقف دعم النظام السوري «غير الشرعي»، وتضافر الجهود لدعم انتقال سياسي في سورية.. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني في بيان: إن بلاده «تدين بشدة القتل المستهدف الفظيع للمدنيين بينهم نساء وأطفال في القبير بحماة.. وأضاف: إن هذا الأمر الذي يتزامن مع رفض النظام السوري للسماح لمراقبي الأمم المتحدة بالدخول إلى المنطقة لتأكيد هذه التقارير.. «هو انتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة».