-A +A
محمد المصباحي
** برغم أن الحديث الشريف (رب درهم سبق ألف درهم) يؤصل ثقافة البذل ولو بالقليل.. لكن البعض فهمه بطريقة خاطئة فأغلق باب الخير أمام رجال الأعمال عندما فسر الحديث دوماً بأن الفقير المتصدق بالريال أعظم أجرا من غني يملك الملايين ولا يتصدق إلا بالمبلغ الزهيد..
** ولا أعرف على ماذا ارتكز المروجون وجزموا في تفسيرهم السابق للحديث رغم تصدره - أي الحديث - لكلمة رب والتي تعني أيضا أن ألف درهم ربما تسبق الدرهم الواحد..

** ولا أعلم أيضا لم التقليل من صدقة الثري الذي يقدم مبلغا لا يتناسب مع وضعه المالي برغم أنه ساهم وبذل وبرغم أن المسألة ترجع إلى النية قبل الكم..
** والحقيقة تجد حتى المنتقدين أنفسهم عندما يتصدقون فإنهم يبذلون القليل من مجمل ما يملكون - هذا إن تصدق - ومع ذلك لا أدري لم يقصرون هجومهم على الأغنياء رغم أن الزكاة والصدقة لا تعني أن يؤخذ من الإنسان كل أمواله بل حتى الرسول صلى الله عليه وسلم سمح بالوصية بالثلث واعتبرها كثيرة أيضا..
** المجتمعات - وللأسف - تغفل أحيانا عن جهود رجل الأعمال فيظنون أن صدقته مقصورة على المكان الذي علموا به ويطلقون عليه أوصافاً كالبخيل دونما معرفة بأن لهذه الفئة إسهامات هنا وهناك.. و البخيل كما يسمونه ربما يدخل الجنة قبلهم بنيته..
** يتناسى المجتمع أن الصدقة أجرها وفضلها بحجم فائدتها لا بمقدار مبلغ الشيك..
** ينبغي أن نوسع من مداركنا فلو انتقذنا قلة إسهام الغني، فلا نغفل عند انتقادنا له عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)..
** من الحكمة أن نعلم أن قلة مقدار الصدقة أو كثرتها مرهونة قبل كل شيء بالنية.. وأن الإسهامات القليلة من الأغنياء مرهونة أحيانا بكثرة صدقاتهم هنا وهناك..