-A +A
إبراهيم سنان
حين كان الدكتور محمد مرسي الرئيس المصري المنتخب يلقي خطابه في ميدان التحرير، كان المغردون جميعا يتبادلون الآراء حول خطابه، ولفت انتباهي أن أحد الأصدقاء أخذ في رأيه منحنى المقارنة بين خطاب مرسي وخطابات جمال عبدالناصر، ووجدت نفسي بالفعل أنساق في هذه المقارنة ولكن من زاوية أخرى ليست عن جمال ولا عن مرسي بل عن الجماهير، أخذت أتطلع إلى كل هؤلاء الجماهير في ميدان التحرير وأتذكر شريطا بالأبيض والأسود لجماهير قديمة كانت تلتف حول جمال وهو يلقي خطاباته، ووجدت أن الاختلاف ليس في الرؤساء ولكن في الشعب نفسه، الشعب الذي تحول في ثلاثين سنة إلى أجيال جديدة من الفهم والوعي والقدرة على التغيير، شعب لم تعد الخطابات تأخذه إلى عوالم خيالية أو مستحيلة، شعب انطلق من رفض الواقع ليعيد تصحيح الواقع فقط.
شعب لا يمكن لعاطفته أن تختطف بالشعارات القومية أو الدينية أو أي كانت، عاطفته فقط تفهم الكرامة والحرية وتعطيها للقادر على تحقيقها.

جمال كان يخطب في الناس بأحلامه وينتظر منهم تحقيقها له، ومرسي يخطب في الناس بأحلامهم وهم ينتظرون منه تحقيقها لهم،
جمال حضر مع الضباط الأحرار كخيار واحد كحزب واحد وتوجه واحد ليقرر مصير كل المصريين حينها، ومرسي يأتي بعد حضور متعدد التوجهات والتيارات، حضور متعدد الأحزاب والأشخاص، مرسي يأتي من ضمن عدة خيارات أتيحت للشعب، لم يعد هناك مكان للانفراد بالسلطة والرأي في مصر، لقد عرف الشعب هناك مدى قوته وقدرته على التغيير، ولم يعد بحاجة إلى ضباط يمثلونه وينقلبون عسكريا. جمال كان تاريخا أتى في نهاية سياقه حسني مبارك وانتهى به، واليوم مرسي يبدأ سياقا جديدا قرره له الشعب ولن ينتهي إلا بنهاية الشعب نفسه والشعوب لا تنتهي، جمال كان يخطب في الناس وهو الثائر من أجلهم، ومرسي يخطب في الناس وهم الثائرون من أجله.