دخل الوضع في الأراضي الفلسطينية منعطفاً خطيراً من حيث الاختلاف السياسي الذي بلغ حد الصدام العسكري من ناحية وعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني مما أدى الى اضطراب الشارع وخروج الفلسطينيين احتجاجاً على تأخر مستحقاتهم ورواتبهم.ولعل الاشتباكات التي شهدتها غزة أول أمس وأدت الى مقتل تسعة فلسطينيين واصابة ما يزيد على التسعين لا يمكن ارجاع أسبابها الى الضائقة المالية التي أصابت الشعب الفلسطيني وعدم مقدرة الحكومة على صرف الرواتب بقدر ما تعود الى الشرخ العميق الحادث بين الحكومة الفلسطينية والفلسطينيين أنفسهم، بعد أن كانت الحكومة الفلسطينية قد جاءت بناء على انتخابات حرة عبّرت عن ارادة الفلسطينيين أنفسهم واختيارهم للحكومة التي تمثلهم غير أنه من الواضح أن المأزق الذي وجدت فيه الحكومة الفلسطينية نفسها فيه وما حدث لها من محاصرة من القوى العالمية قد أفضى إلى عجزها وزعزعة ثقة الشعب الفلسطيني فيها بعد أن كان قد منحها صوته وثقته.إلى جانب هذا المأزق مع الشارع الفلسطيني هناك مأزق آخر مع السلطة الفلسطينية ممثلة في رئاسة الدولة وهو المأزق الذي عبر عن نفسه في تعثر المفاوضات التي تسعى إلى تشكيل حكومة وحدة فلسطينية.وإذا كان الخلاف بين الحكومة والسلطة مأزقا سياسيا والخلاف بين الحكومة والشارع انفلاتا أمنيا فإن الخلاف بين القوات المسلحة لتكتلات القوى والمؤسسات العسكرية الفلسطينية يشكل تهديدا حقيقيا للفلسطينيين وينذر بحرب أهلية تبدأ من الجنود وتنتهي إلى توظيف الشارع لصالح هذا التكتل أو ذاك.إن الفلسطينيين مطالبون بالاستماع إلى صوت العقل وهم يعلمون أن الخطر الاسرائيلي عليهم لا يقاس بخطر اختلافهم والصراع بين فصائلهم وفئاتهم وانه ما من شيء أشد ضرراً على الفلسطينيين من حرب أهلية تنشأ بينهم إذا فشلوا في حل خلافاتهم.