يأتي موسم التخفيضات والعروض على المنتجات الغذائية مع قرب شهر رمضان المبارك ليكشف عن سلوكيات التسوق الخاطئة التي لا تلحظها الكثير من الأسر وهي تنكب على أرفف المتاجر لشراء السلع والمستلزمات الرمضانية.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه المختصون على أهمية تنظيم ميزانية الأسرة لاستيعاب أكثر المتطلبات ولتحجيم السلوكيات العشوائية في الشراء يرى كثير من المتسوقين أن «ثقافة التسوق» تحكمها القدرة الشرائية والوعي في ترشيد الاحتياجات وتجاوز ذلك يعد إسرافا مهما كانت المبررات والمغريات.
تقول ابتسام (عاملة في قطاع التعليم) لا أعتبر أن شراء مشتريات رمضان يعد من السلوك الاستهلاكي العشوائي لأن المرأة ذات الوعي الاقتصادي تستهلك وفقا لاحتياجات الأسرة الرمضانية، حيث تود المرأة إظهار مهاراتها في طبخ عدد من الأصناف على مائدة السحور أو الفطور. مؤكدة تأثرها بالنشرات الدعائية الملحقة بالصحف التي تدفعها للشراء، لكن وفق ميزانية محددة.
فيما ترى سوسن (موظفة قطاع خاص) أن ما تشهده المحلات التجارية، لا سيما الخاصة بالملابس والأواني المنزلية ومتاجر المنتجات الغذائية، من تخفيضات يعد محفزا على الشراء، لحرص المرأة على الترشيد في الميزانية، وهناك بالفعل فرق في الأسعار قبل وبعد التخفيضات، وبالتالي فإن وعي المرأة الاقتصادي هو الدافع لها لتنظيم المشتريات وفقا للاحتياجات.
من جانبها تضيف حنان (ربة منزل) بأنها غالبا تلتزم بالميزانية التي يحددها زوجها لشراء احتياجات رمضان. مضيفة: لا أنكر أن هناك العديد من العروض التي تجذب المستهلكات فيما يخص المواد الغذائية، لكن في ظل الميزانية المحددة، فالمرأة الواعية هي التي تسجل فائضا في ميزانية الأسرة، حتى لا يلجأ الزوج للاقتراض.
أما نهلة (موظفة) فتؤكد أن اختلاف أذواق أفراد الأسرة في الطعام يعد مشكلة تواجهها المرأة عند تسوقها وشرائها للسلع الغذائية وخاصة في رمضان، الأمر الذي يضاعف من حجم الإنفاق.
من جهته قال خالد حسن (موظف قطاع خاص): جئت لأشتري الاحتياجات بنفسي، لأن المرأة إذا تركت للتسوق فهي تشتري خارج نطاق الحاجة وتفاقم من كلفة الميزانية.
ويرى سعيد عبدالرحمن (موظف) أن شراء مستلزمات رمضان يجب أن يكون بالاتفاق بين الزوجين وفقا للميزانية المحددة، وأن ينحصر على المواد الغذائية الضرورية. مشيرا إلى أهمية استغلال أوقات التخفيضات لما تقدمه من عروض جيدة.
بدورها أرجعت أستاذة السلوك التنظيمي في كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة سوزان محمد القرشي أسباب النهم الاستهلاكي إلى ثقافة الاستهلاك المرتبطة بالعادات الغذائية في شهر رمضان، إضافة إلى أن الترشيد الاستهلاكي ينبثق من التربية الشرائية، حيث إن مستوى الاستهلاك للفرد يعبر عن شخصيته وثقافته، إضافة إلى عوامل أخرى مكتسبة تتعلق بعوامل جذب الإعلانات التلفزيونية والنشرات الدعائية للمنتجات الغذائية، التي تحفز الأسرة وخاصة المرأة على الشراء. وتضيف: إن من جملة الأسباب السلوكيات الخاطئة في الشراء واتساع دائرة تبادل الزيارات وارتباطها بمفهوم كرم الضيافة، إلى جانب الانتشار الواسع للبازارات في المراكز التجارية التي تضم العديد مما يلفت نظر المرأة من مأكولات معلبة توفر الوقت والجهد على المرأة، خاصة إذا كانت عاملة، وهي جميعا عوامل ومحفزات شرائية تتجه إليها المرأة، التي غالبا ما يوكل إليها التخطيط لميزانية ومصروفات الأسرة.
وتشدد الدكتورة سهير القرشي على أهمية أن تحدد الأسرة أولوياتها الشرائية وذلك بتخصيص ميزانية أسبوعية، والالتزام بها، خاصة في ظل ما تشهده الأسرة من مصروفات بعد رمضان استعدادا للعيد وعودة المدارس.
وللوقوف على الجانب النفسي وتسليط الضوء على الدوافع النفسية نحو الاستهلاك العشوائي ترى الأستاذ المشارك للصحة النفسية في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتورة هدى المشاط، أن هناك عوامل محفزة تدفع المرأة نحو الشراء، منها إشباع غرورها وإبراز ما تقتنيه خلال الزيارات الاجتماعية في شهر رمضان المبارك، الذي يعد فرصة أيضا لجعل الزوج ينفق على مشتريات المنزل، أو لاسترجاع ما تصرفه المرأة على البيت والأبناء من خلال سلوك استهلاكي مبطن، وطريقة لا شعورية، يلعب فيها عامل الغيرة لدى الزوجة من المحيطين بالأسرة دورا بارزا في الاتجاه نحو الشراء غير المقنن.