-A +A
خالد الشلاحي (المدينة المنورة) مفرح الرشيدي (حائل) عارف العضيلة (القصيم) هاني اللحياني (مكة المكرمة) عبدالرحمن القرني (أبها) فاطمة باسماعيل (الرياض) محمد عضيب (الدمام)تصوير:سامي الغامدي،صالح باهبري
من خلف عباءة الاعراف والتقاليد وعتمة الحياة الاجتماعية تنهض قضية الطلاق لعدم تكافؤ النسب بصورة محمومة وساخنة مثل نهارات الصيف الحارقة... قضية شائكة ترمي بثقلها على حياة الأزواج من ضحايا عدم «التكافؤ» وتجهز على حمائم السعادة بسهام قاتلة فيهطل مطر الحزن على العش الوردي وتعصف رياح التفريق وانفصام عرى الحياة الزوجية بالاطفال، وبعيدا عن المنظور الديني في هذه المسألة فإن السؤال الذي يرفع «عقيرته» باحثا عن اجابات شافية يتمثل في ماهية الاسباب التي تقف وراء اشتعال فتيل عدم التكافؤ وهل لأهل الزوج أو الزوجة الحق في فصم عرى الحياة الزوجية بين الشركاء.

انطلاقا من تنسيق جمعية حقوق الانسان مع وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية لاجراء دراسة متكاملة عن امكانية اعادة النظر في بعض الاحكام المتعلقة بالطلاق لعدم تكافؤ النسب، فإن طرح مثل هذه القضية من الأهمية بمكان خاصة ان هناك حالات طلاق وقعت نتيجة لعدم التكافؤ في النسب.

وفي سياق هذه القضية فإن للشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- فتوى ذكر فيها ان الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم لم يكونوا يبالون بأمر النسب اذا استقام أمر الدين.

وتواصلا مع قضية عدم التكافؤ يتحدث عدد من أهل الرأي حيث يدلي كل منهم برأيه في شفافية مطلقة عابرين حواجز الاعراف والتقاليد بمرئيات تضع النقاط فوق الحروف.



مأساة أبو محمد

ثمة حالات كثيرة للطلاق لعدم التكافؤ تشرئب في افق الحياة ومنها قصة أبو محمد الذي لديه خمس بنات أصغرهن في مستهل دراستها الجامعية ورغم تقدم العمر ببناته الا ان أيا من ابناء عمومتهن أو أخوالهن لم يطرق بابه لطلب يد واحدة من بناته وعندها اشتكى همه لإمام المسجد فرشح له احد الشباب من اصحاب الاخلاق العالية ولكنه بين له ان العريس ليس «قبيليا» ولكنه على خلق ودين وفعلا تقدم الشاب ووافقت عليه البنت وابتسمت حياتهما الزوجية بالسعادة ولكن ظل أخوة والدالبنت يطاردونه ويقفون له بالمرصاد لكي يطلق ابنته من ذلك الرجل ولكن رفض الأب الانصياع لهم وبعد فترة تقدم زميل لزوج البنت الأولى واقترن باحدى شقيقاتها وهكذا تواصلت قطيعة الأسرة للأب وبناته وفي خضم هكذا قطيعة تقدم احد ابناء إخوة الأب للزواج من احدى بنات عمه فوافقت البنت ولكن لم يكن هو الرجل الذي تمنته الزوجة.

يقول الأب انه لا يؤمن بالاعراف والتقاليد وهو يزوج بناته لمن يرتضي دينه وخلقه.

وفي قصة مغايرة تكررت مع وداد التي تزوجت شابا وقف أهله في طريقه وبعد ان انجبت بنتا عادت الى بيت أهلها وهي تحمل لقب مطلقة بسبب عدم التكافؤ في النسب.



قصة موجعة

غير ان ماجدة تعيش قصة اخرى موجعة حيث ان والدتها ارتبطت بوالدها على غير رغبة أسرتها وفي نهاية المطاف تنكر لها وكان يعايرها دوما بأنها ما قبلت الزواج منه الا لانه لم يتقدم لها عريس من أفراد قبيلتها.

أبو زهير من الجنوب قال انه اقترن بزوجة من الجنسية البرماوية لسبب واحد هو أنه عندما تقدم لطلب يد احدى بنات قبيلته طالبوه بمائة ألف ريال فيما راتبه لا يزيد عن 2000 ريال ولا يملك السكن لذا عرض عليه احد ابناء قريته ممن عاش التجربة الى ان يتزوج من فتاة من الجنسية البرماوية حيث كلف الزواج بما فيه المهر والحفلة 9000 آلاف ريال وقد قدمت له فوق ذلك هدية عبارة عن لباس كامل وقال ان الظروف ساهمت في ان يعيش الواقع وان يتكيف والحمد لله أنا سعيد في زواجي فرغم عدم تكافؤ النسب الا ان حفظ زوجتي لكتاب الله جعلها عندي مفضلة، مؤكدا على ان كثيرا من اصحاب الرواتب المتدنية تزوجوا بزوجة غير متكافئة من حيث النسب بسبب الظروف المادية.

فيما يحكي احد المواطنين قصة فتاة تزوجت من رجل قبل سنوات عدة وأنجبت منه طفلين وترفض التفريط في زوجها الذي يراه أهلها غير الكفء في النسب وانه جلب لهم الكثير من التحقير و«المعايرة» من أقاربهم وبحجة انه أقل منهم اجتماعيا وماديا، وتم تطليقها بعد الضغط على الزوج واتخاذ أساليب التهديد بعد اللجوء للقضاء ولم يشفع لها طفلاها ولا رغبتها في مواصلة العيش مع زوجها بعد عشرة دامت خمس سنوات لم يتوقعوا بأن تتحول الى مأساة وطلاق بحجة واهية.



متناقضات عديدة

وفي سياق قضية عدم التكافؤ يقول الباحث الاجتماعي فائز الخالد انه من خلال بحث ورصد تاريخي واجتماعي نلاحظ ان هذا الموضوع ليس بالجديد على المجتمع بل هو متغلغل في القدم حيث نرى ان القبائل العربية قبل الاسلام وبعده كانت تجعل من الأصل درجة من درجات المكانة والتقدير الاجتماعي وفي حالة انتفاء الأصل العربي أو قلة درجته فإنه بالتبعية تقل المكانة ويظهر التميز جليا في حالات التزاوج حيث يكون الأصل هو المقياس الأهم والأبرز.

واضاف ان هذا التقليد والنهج بات عرفا اجتماعيا سائدا بل وقويا لدرجة ان هناك مقولة يرددها البعض وهي ان «العرف أقوى من الشرع» وطبعا هذه المقولة مردودة وليست مقبولة للانسان الذي يفكر بعقله.

واستطرد ان مسألة عدم التكافؤ تكتنفها العديد من المتناقضات حيث ان هذه القضية لا تظهر في مسألة زواج المواطن من جنسية اخرى لا تمنح للنسب أهمية وقد تكون الزوجة مجهولة النسب ورغم ذلك يتواصل الزواج بينما يفتح الزواج من مواطنة معروفة النسب والأصل أبواب عدم التكافؤ.

وعن امكانية زوال مثل هذا العرف قال: انه من الصعوبة بمكان ان نستأصل عرفا مترسخا في النفوس.

واستطرد ان عددا من الباحثين الاجتماعيين يشيرون الى «موجة» العودة الى النسب في مجتمعنا حيث بدأت تظهر قبل 15 عاما في الحياة الاجتماعية.



تعميق الهوة

وعلى الصعيد الاجتماعي يرى الباحث احمد العقيل ان المجتمع السعودي يعيش العديد من الحالات على أصعدة مختلفة تساهم في تعميق الهوة بين افراد المجتمع في الوقت الذي تتطلب الامور ردم الهوة وعدم تجاوز الامور الشرعية بلا دليل عقلي او شرعي وان نستأصل الموروثات الشعبية التي لاقيمة لها وهي نفس الامور التي كانت تعيش فيها اوروبا في عصر الظلام.

واضاف ان المحكمة الشرعية في القصيم تنظر في قضيتين فيهما طلب تفريق الاولى من عم احدى الزوجات رفع قضية طلبا للتفريق بين ابنة اخيه وزوجها رغم ان الاب هو من وافق على الزواج ولا يزال موافقا ومتمسكا بزوج ابنته والثانية لاخ غير شقيق يطالب فيها ايضا بالتفريق بين الزوجة والزوج لذات السبب رغم ان الزوج دخل بزوجته وهي في منزل زوجها ولا تزال الجلسات القضائية مستمرة.

وتساءل العقيل عن ما يريده الذين يسعون لخراب البيوت وتصدعها لاسباب غير مبررة واعراف عفى عليها الزمن.

ومن جانبه قال سعود رشيد الاخصائي النفسي: بعيدا عن حيثيات الحكم وملابسات الموضوع فلابد من النظر ايضا في الحالة النفسية للزوج والزوجة حال التفريق بينهما وهما الراغبان ببعضهما وهما اللذان يبنيان عش الزوجية على السعادة ويرزقان باطفال يأتي من يدعي ويطالب بالتفريق بين زوج وزوجته بداعي عدم التكافؤ بالنسب لكن دعونا نحاول تلمس الحالة النفسية التي سينشأ عليها الاطفال وحتى بعد الكبر اذا علموا ان سبب التفريق هو ان والدهم ليس كفؤاً لوالدتهم في النسب في مقابل ان احد اخوالهم اصحاب النسب متزوج من امرأة عربية من بلد مجاور دون ان يبحث عن النسب وهذا لاشك ان له آثار نفسية مدمرة ليس على الافراد بل على المجتمع.



قضايا نادرة

فيما يقول المهندس يحيى سيف رئيس الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية بمنطقة المدينة المنورة ان قضايا الطلاق لعدم تكافؤ النسب تظل نادرة الحدوث في المقام الاول ولكن ان وقعت فهي في نطاق ضيق ومن الصعب ادراجها ضمن القضايا والحالات الاجتماعية التي تصل لحد الظاهرة ولكن لحالات الطلاق لعدم تكافؤ النسب انعكاسات سلبية على الاسرة والابناء اولا والمجتمع ثانيا، حيث تؤدي لتشتت افراد الاسرة وكذلك لها اضرار نفسية على الابناء والزوجة التي غالبا هي المتضرر الاول من قضية الطلاق لعدم تكافؤ النسب حيث كما يقال ان الرجل لا يعيبه شيء كما ان لدينا العديد من الامثلة من الصحابة ا لذين تزوجوا ليس فقط من خارج القبيلة بل من اجناس والوان اخرى مثل سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه الذي تزوج بامرأة من اصول العرب، وكذلك اسامة بن زيد رضي الله عنه المعروف بانه أدم شديد سواد البشرة وتزوج ولم ينظر احد للون بشرته في تطبيق لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال «من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».

فيما يقول المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز التويجري بانه لم يسبق له المرافعة في اية قضية طلاق تتعلق بعدم تكافؤ النسب، حيث لا تشكل هذه القضايا وان كانت موجودة في مجتمعنا ويقرها الشرع في جانب معين منه سوى نسبة ضئيلة جدا لاتكاد تذكر من جملة قضايا الطلاق، ويستطرد التويجري: ولكن ابرز مسببات حالات الطلاق بحجة عدم تكافؤ النسب هي «التحقير» والتنقيص من قدر احد الزوجين للآخر او العائلة او القبيلة ولكن هذه الامور لاتمنح القاضي رخصة بان يصدر حكما لاحد الزوجين بالطلاق وانما يتم الاخذ بجانب الوساطات وتدخل الاقارب ومحاولة الاصلاح بينهما لكي لا يعم الضرر الابناء ان وجدوا، ويضيف: فيما يرى غالبية اهل الرأي ورجال الدين الطلاق لعدم تكافؤ النسب هو فصل موجود في الشريعة الاسلامية ضمن ابواب الطلاق المتعددة، ولكن لم ينصح به لما له من اضرار على الاسرة وعلى المجتمع وانما هو يمثل طريقا للخلاص لدى حالات معينة في المجتمع.



انعكاسات سلبية

وقال استاذ التاريخ بجامعة الملك خالد الدكتور غيثان علي الجريسي ان الطلاق لعدم التكافؤ في النسب من الامور التي يتوجب تجاوزها لما لها من انعكاسات سلبية على الاسر وتصدع بنيان البيوت وتشريد الابناء.

واضاف انه بعيدا عن الرصد الاكاديمي فانه توجد مسائل مشابهة بين القبائل فهناك مثلا «تدقير» او التقليل من وضع بعض القبائل وتبقى الاسباب غير واضحة ويعزو البعض ذلك لاسباب تاريخية لتبرير هذا التضييق غير الانساني المجحف واضاف ان الطلاق لعدم تكافؤ النسب يتوجب ان تتم معالجته ليس من وجهة نظر دينية ولكن كفكر اجتماعي غير مستحب لان مثل هذه المسائل تجرح المشاعر لذا فلابد من الخوض في فصول التاريخ للبحث عن حلول لمثل هذه المسائل الشائكة.



حماية الاطفال

وفي سياق هذه القضية قال الدكتور مفلح القحطاني استاذ القانوني بجامعة الملك سعود ونائب رئيس جمعية حقوق الانسان ان هناك بعض الحالات تتابعها جمعية حقوق الانسان فأين يذهب الابناء وما مصيرهم مؤكدا ان الجمعية سوف تدرس بشكل موسع موضوع طلاق عدم تكافؤ النسب خصوصا للزوجين اللذين امضيا زمنا طويلا في حياتهما الزوجية ونتج عنها اطفال.

واضاف نائب رئيس الجمعية ان هناك اطفالا موجودون حاليا في دور الرعاية الاجتماعية بعد صدور صكوك الطلاق لعدم تكافؤ النسب بعد تمسك الطرفين بعدم الطلاق مؤكدا وجود تداخل بين اكثر من جهة وخاصة اذا دخلت قضية الازواج الى مرحلة التقاضي موضحا على أهمية حماية حقوق الطرفين «الزوجين» والاهم من ذلك حماية حقوق الاطفال.



تذليل العقبات

مدير الشوون الاجتماعية بالمنطقة الشرقية ابراهيم العمير اوضح ان ادارة الحماية الاجتماعية تتدخل في حدوث طلاق لعدم تكافؤ النسب حماية للاطفال والعائلات مؤكدا عدم استقبالهم حالات بمثل هذا النوع حتى الآن مضيفا انه لو حدث لا قدر الله سوف تنسق الشؤون الاجتماعية مع الجهات المسؤولة لتذليل العقبات والتوصل الى حلول مرضية.



اختلاف الفقهاء

الدكتور عبدالرحيم بن محمد المغذوي عضو هيئة التدريس في كلية الدعوة واصول الدين بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة يقول للتعرف على هذه القضية يجدر بنا ان نتفهم اولا الكفاءة حيث انها لغة المماثلة والمساواة وتعني ايضا في الاصطلاح الشرعي المماثلة بين الزوجين دفعا للعار في امور مخصوصة وقد اختلف الفقهاء في الامور المعتبرة في الكفاءة فهي عند المالكية الدين والمال وعند جمهور اهل العلم الدين والنسب والحرية والحرفة اي المهنة والصناعة وقد زاد الحنفية والحنابلة المال كما يراد بالكفاءة بين الزوجين تحقيق المساواة في الامور الاجتماعية لضمان استقرار الحياة الزوجية وتحقيق السعادة بين الزوجين بحيث لاتغير المرأة واوليائها بالزوج حسب العرف وأما آراء الفقهاء في اشتراط الكفاءة فتكمن في ادراجها ضمن قسمين الاول يرى ان الكفاءة ليست شرطا اصلا للزواج وليست شرط لزوم فيصبح الزواج ويلزم سواء اكان الزوج كفؤا للزوجة ام غير كفء فيما الرأي الثاني وهو ما عليه جمهور اهل العلم والفقهاء ومنهم اصحاب المذاهب الاربعة ان الكفاءة شرط في لزوم الزواج لا شرط صحة فيه واستدل كل فريق بادلته المتنوعة كما اتفق الفقهاء على ان الكفاءة حق لكل من المرأة واوليائها فاذا تزوجت المرأة بغير كفء كان لاوليائها حق المطالبة بالفسخ (الطلاق) واذا زوجها الولي بغير كفء كان لها ايضا الفسخ لانه خيار لنقص المعقود عليه ويضيف المغذوي وقد اخذ بمسألة الكفاءة في الزواج بعض التشريعات والقوانين والحاصل ان هذه المسألة مرجعها الى القضاء ولكن ينبغي التنبيه الى ان الاسلام يحرص على بناء البيت المسلم بناء متكاملا ويحض الجميع على توثيقه لا على تقويضه وعلى الحفاظ على افراد الاسرة والابناء وعدم التفريق بينهم.

واضاف المغذوي بأن اغلب المعاملات التي ترد للمحاكم هي قضايا طلاق وانفصال بين الازواج ولكن حالات الطلاق لعدم تكافؤ النسب وان كانت موجودة في علم الفقه الشرعي الذي يعتبر بحرا لا ساحل له الا انها نادرة جدا وقد لاتتجاوز نسبتها من بين قضايا الطلاق الواحد من مليون قضية تقريبا، مضيفا ان العصبية القبلية لدى فئة نادرة من المجتمع هي اكبر مسببات المطالبة بالطلاق لعدم تكافؤ النسب محذرا ان تصبح ذريعة للبعض ونافذة مشرعة امام العديد من الحالات لطلب الطلاق وتحذو حذو قانون الخلع الذي تم اقراره في جمهورية مصر العربية قبل سنوات فرغم انه باب مباح في الشريعة الا ان المحاكم هناك استقبلت بعده قضايا طلاق اكثر من الفترة التي سبقت اقرار القانون.



اعراف اجتماعية

وفي السياق نفسه قال الداعية الشيخ الدكتور فهد الخليف ان القاضي حين يحكم بالطلاق لعدم تكافؤ النسب فإنه لا يرتكب خطيئة بل يراعي اعرافاً اجتماعية سائدة ولا تتغير.. وينظر لما قد يحدث مستقبلا من خلافات أو تداعيات بسبب عدم التكافؤ. كما ان الدين الاسلامي دعا الى ان يكون الزواج متكافئا من جميع النواحي.

ويقترح الخليف ان تتم احالة مثل هذه القضايا قبل صدور الحكم الى لجنة اصلاح ذات البين.. لتدرس الحالة جيدا وتأخذ مرئيات الزوجين والأقارب وتدرس الوضع المالي والاجتماعي للأسرة.. ثم تضع مرئياتها امام القاضي.. فقد يكون هناك حل آخر وأسهل من الطلاق.

وعن وضع الابناء في حالة صدور حكم الطلاق.. يقول الخليف: الزوجة تصبح مطلقة وعليه لا يكون هناك أي مبحث شرعي جديد إذ تكون الحضانة حسب المتبع في حالات الطلاق العادية.

ويعترف ان هناك اعرافا وتقاليد قوية جدا وقد لا تتفق مع الشرع.. وعليه يجب ان لا نضع اللوم على القضاة فهم مجتهدون.

كما لا يجب ان نسعى لاثارة المزيد من العنصرية ولا ننبش بالأمور التي قد تسببها.. فمادام المجتمع قد تعارف على أمر وبات قويا جدا يجب ان نسير أنظمتنا مع الأعراف.



لايجوز الفسخ

وفي حائل قال الشيخ سعيد بن هليل العمر مدير المعهد العلمي ان الله عز وجل اباح نكاح المسلمات ونكاح الكتابيات كما في قوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وكما في قوله (والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم) وحرم نساء اهل الشرك كما في قوله (ولاتنكحوا المشركات حتى يؤمن) وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله (اذا اتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه) فاذا توفر في الخاطب والمخطوبة الضوابط الشرعية جاز النكاح دون اعتبار للنسب فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب القرشية لحبه زيد بن حارثة وزوج ابو حذيفة مولاه سالما والمتأمل في السنن والاثار يجد ان اعتبار النسب معدوم في العصر الاول وانما العبرة بالديانة والخلق اما الحديث الذي جاء بلفظ (العرب اكفاء بعض.. الحديث) فهو حديث في صحته نظر ولو صح فلا يفهم منه اشتراط النسب وإنما غاية ما فيه مدح اصل العرب لكن اذا كان النكاح سيتولد عنه شر وفتنة فان القاعدة الشرعية تقول: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) وهذا الذي كان يعتني به الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله - وعلى اولئك الذين يشترطون النسب في بلاد العقيدة والتوحيد ان يتقوا الله عز وجل في انفسهم فهم لايشترطون ذات الشروط عند الزواج من خارج المملكة بل يفتون بجواز تزوج الشاب من اي بلد عربي دون النظر في النسب وهذا تناقض واضح يبطله الدليل الشرعي والنظر العقلي.

ولايجوز لاهل الزوجة ولا لعموم اوليائها ان يطالبوا بفسخ النكاح الا اذا كان الزوج فيه عيب غير النسب واما قضية التفريق فأرى اعادة النظر في الحكم لان بلادنا ولله الحمد وضع فيها محاكم تمييز للنظر في مثل هذه المسائل المستصعية وكذلك ديوان المظالم لما هو اعظم من ذلك.