-A +A
زياد الحارثي
خرجت من أحد المساجد في شهر رمضان فوجدت فضوليا يقدح قدحا شديدا في إمام المسجد، وينتقد كل تصرفاته، ويقول لو كان كذا وكذا، فنظرت إليه وقلت ما رأيك أن أستأذن لك الإمام وتصلي بنا أسبوعا، ضحك وقال أرجوك لا تحرجني !!.. لقد تعودنا على نمط معين في هذه الحياة، لنجد النقد اللاذع ممن لا يفقه في العلم شيئا، إنها ثقافة تشبعنا بها.. يقول الكاتب مصطفى أمين: « إذا قمت بعمل ناجح وبدأ الناس يلقون عليك الحجارة فاعلم أنك وصلت بلاط المجد وأصبحت المدفعية تطلق إحدى وعشرين طلقة احتفاء بقدومك» .. إلى متى والبعض ينتقد المبدعين والمصلحين، ينقدهم في أعمالهم وفي عباداتهم وفي حركاتهم وسكناتهم، بل وتجده يثبط العزم، ويحط من قدره، فيرى الأخطاء في كل مكان وعلى مستوى الجماعات والشعوب، وقد نسي أن الإنسان من طبيعته الصواب والخطأ، ولكنه تعود على أسلوب التجريح، فخرج به إلى أبعد من ذلك، خرج إلى الغيبة والعياذ بالله، ودخل في باب الكذب وصفات المنافقين، أين هو من المواجهة والنصح والتوجيه.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن مرآة أخيه» ، ويقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه حينما تولى الخلافة: «إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني» .. وهل الحكم على الناس بالأمر اليسير ؟!، وقد يزعم البعض من هذه الفئة أن نقده من باب كشف الخطأ والزيف والغيرة وتحقيق المصلحة، فلا يعجبه سوق ولا مستشفى ولا مدرسة ولا جامعة ولا مؤسسة عامة أو خاصة، إنها نقطة سوداء في حياته. لا ننكر أن كل المجتمعات والشعوب يعتريها النقص، فالكمال لله وحده، ولكن بتضافر الجهود تستطيع المجتمعات تحقيق مصالحها، كل فيما يخصه، فلابد للناقد أن يراقب الله فيما يقول ويكتب، وأن يلتزم بآداب الخطاب وضوابطه لإحقاق الحق وإبطال الباطل، دون التسلق على أكتاف الآخرين، فالحصافة في النقد المتوازن مطلب، فتكفيك الإشارة العابرة.