-A +A
محمد بن عبدالله المشوح
في سنة 1344هـ أصدر محمد رشيد رضا رحمه الله كتابه «الوهابيون والحجاز» .. ولم يكن الشيخ رشيد رضا تلميذا للمدرسة الوهابية أو متخرجا منها. لكن ما دعاه إلى إصدار هذا الكتاب الذي كانت له أصداء بالغة آنذاك خصوصا أنها كانت عبارة عن مقالات نشرت في المنار والأهرام. هو ما أشار إليه في مقاله حين قال «وقد بقي من يسيؤون الظن بالوهابية ويظنون أنهم أصحاب مذهب مبتدع في الإسلام وذلك بتأثير الدعاية المنتشرة منذ قرن وربع قرن في الطعن فيهم». ثم أورد كلاما للشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب حين سئل عن مذهبه فقال «مذهبنا في الأصول مذهب أهل السنة والجماعة وطريقتنا طريقة السلف التي هي الطريقة الأسلم والأعم والأحكم» ثم قال «ونحن في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولا ننكر على من قلد أحدا من الأئمة الأربعة دون غيرهم». إلى آخر ما ورد من تفاصيل أوردها الشيخ محمد رشيد رضا وهو يتحدث حديث المنصف عن التهم المتعاقبة التي كانت تكال عن الدولة السعودية منذ نشأتها وولادتها. تذكرت تلك المقدمة ونحن نطالع مؤخرا العديد من التهم التي تم تحميلها لبلادنا وقادتنا وعلمائنا بل وصل الأمر إلى أن كل خطب أو نازلة أو مشكلة تقع في بلد عربي إلا ونرمى بها وأننا السبب في ذلك.
التصريحات التي أطلقها القيادي في حزب النهضة التونسي عبدالفتاح مورو وكذلك ما نسب من تحذيرات أطلقتها وزارة الثقافة التونسية. وهو ما حظي بتعليقين مهمين من سعادة د. هاشم عبده هاشم والدكتور حمود أبو طالب. هي في الحقيقة ليست جديدة وقد تعودنا عليها فنحن نحمل كل وزر ويرفع عنا كل خير.
الدعوة التي تحملها المملكة العربية السعودية منذ مئات السنين هي دعوة خالصة صادقة تحمل صفاء العقيدة ونقاء الفكر ومد يد العون والخير لكل عربي ومسلم وهو ما صرح به الشيخ محمد رشيد رضا المنصف وهو يقول: إن كتبه ــ يقصد الشيخ محمد بن عبدالوهاب ــ صارت تطبع وتلاقي من الرواج والانتشار عند أولي الاستقلال في الفهم والاهتداء بالعلم ما لم تلاقِهِ كتب غيره سوى شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
نعم إن الإقبال والرغبة في التلقي من علماء هذه البلاد والثقة بهم لم يكن مصدره يوما حملات ترويجية أو مبالغ نقدية خصوصا ونحن في زمن الشبكات المعلوماتية ووسائل الاتصال الحديثة ولكن الرغبة في التلقي عن علماء هذه البلاد هو نابع من الثقة التي يحملونها وخصوصا العلماء الموثوقين.
والمطلع على الموقعين الالكترونيين لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله وغيرهما، والمستفيدون من تلك المواقع في أنحاء العالم يدرك أنه لم يكن هناك ثمة حملات تسويقية لذلك ولكنه الفهم السليم الذي دل أولئك للأخذ عن العقول والأفهام الصحيحة. ما تبذله جهات مشبوهة وخصوصا إيران أو ما كان يروجه ويطبقه القذافي عن كتابه الأخضر لا يمثل أي نسبة أمام أعمالنا ودعاتنا. ومع ذلك لم يكن لها أي تأثير لدى العقلاء من الناس. أما ما يحدث من بعض الأفراد ممن يسيؤون للدعاة ويقومون بأعمال مخالفة فهناك جهات معنية تحاسب أولئك على ما يصدر من تجاوز حيث إن الدعوة بالحسنى ولا ينبغي أن ننصاع لتلك الأبواق التي تلمز على أي حال. الدعوة إلى الله مسؤولية كبرى تتحمل بلادنا بصفتها قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم مسؤولية كبرى في ذلك خصوصا في خضم الدعوات المغرضة والأصوات المشبوهة التي تسعى إلى نشر مذاهب ضالة أو أفكار منحرفة هدفها بث الفرقة بين المسلمين أو نشر التشيع بين أفرادهم وإحداث الخلاف بينهم.
هناك تجاوزات قد تصدر من جماعات وأفراد في بعض الدول فلماذا تحمل بلادنا وزر تلك الأعمال. الدعوة التي قامت عليها هذه البلاد ومازالت بحمد الله لم تستخدم القسر والعنف وسيلة بل قامت على المقارعة بالعقل والعلم وهو ما لاقت خلاله القبول في كل مكان. والحادثة الشهيرة قبل ما يقارب خمسة وأربعين عاما في المدينة المنورة حين انبرى أشخاص لتغيير المنكر بالقوة والطواف بالأسواق وتكسير الصور كان موقف العلماء والدولة واضحا وحازما لم يقبل المساومة فرفضوا ذلك رفضا قاطعا مهما كانت المبررات والأسباب ومهما تكن مكانة القائمين على ذلك ثم تتابعت وقفات العلماء أمام أي فكر متشدد يحمل الغلو. ومن هنا فإن على الجهات المسؤولة عن الدعوة في بلادنا أن تقوم بدور توعوي تنشر من خلاله الدعوة الصحيحة التي حملنا إياها التي نقوم بها. وأن تتبرأ من الأفراد والجهات الذين يمارسون فكرا خارجا ومتشددا.. دعوة الإسلام وهي التي تنعم بها بلادنا دعوة تسامح ومحبة ولين ورفق بالناس مهما غوى بهم الشيطان بعيدا عن ذلك التنكب في الطريق والتعسف في المنهج والغلظة في الأسلوب الذي رفضه الإسلام بقوله تعالى «ادع إلى سبيلِ ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين».
d-almushaweh@hotmail.com
فاكس: 014645999


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة