-A +A
أنور ماجد عشقي
تعتبر الانتخابات الأمريكية من أكثر الانتخابات تعقيدا، فالرئيسان أوباما ورومني لم يكن متصورا أن يدخلا الانتخابات قبل 11 سبتمبر، فالأول من أصول أفريقية، والثاني من مذهب المورمن، إذ كانت الرئاسة محتكرة في الماضي دينيا للبروتستانت، ولم يشذ عن القاعدة سوى جون كيندي الكاثوليكي، أما الرؤساء فكانوا من أصول إيرلندية.
إن من أثر في تغيير التوازن هو أحداث سبتمبر، فرأت الولايات المتحدة أنها في خطر، لأن مكامن الضعف تتمثل في عاملين، هما: الأقليات التي قد تمزق أمريكا، والضرائب التي قد تفجر الأوضاع فيها.

لهذا بدأ التغيير في أمريكا فتهيأت الأمور لرئيس من أصول أفريقية، وذلك من خلال أربعة أفلام بعد 11 سبتمبر تظهر رئيسا أفريقيا لأمريكا، وبذلك هيأ الإعلام المجتمع الأمريكي لتقبل رئيس من أصول أفريقية، لكن الضرائب تظل موضع اهتمام كبير.
ونشرت واشنطن بوست في أحد أعدادها مؤخرا قائلة: «إن الانتخابات سوف تحدد الملامح الاستراتيجية القادمة للبيت الأبيض، والموقف الأمريكي حيال الهجوم على إيران، وتخفيض الأسلحة النووية بين أمريكا وروسيا، ودعم الثوار في سورية بالسلاح والمال، ومصداقية الانسحاب من أفغانستان، والضغط على إسرائيل من أجل السلام، وهناك أمور أخرى تتوارى خلف هذه المسائل لا تريد أمريكا إبداءها في الانتخابات ولا تتطرق إليها في العلن، لأنها ستغير في المعادلة».
إن هذه الإشارة تدل على أن الأهداف الاستراتيجية الأمريكية تختلف عن الأهداف السياسية، فمنذ أربع سنوات كنت في مؤتمر دولي في أنطاليا، وكنا في زيارة إلى أفيسوس وهي إحدى المدن الأثرية بتركيا، وشاهدنا قصر الإمبراطور والطريق التجاري ومساكن التجار والقادة والعوام. وفي القصر شاهدت تمثالا، فسألت المرشد: هل هذا للإمبراطور ؟ قال: لا، الجسم ثابت، أما الرأس فكلما جاء إمبراطور غيروا الرأس. عندها أدركت أن الأهداف الاستراتيجية تظل ثابتة، أما الأغراض السياسية فهي التي تتغير بتغير الإمبراطور والرؤساء، فالرئيس الأمريكي لا يغير الأهداف الاستراتيجية، لكنه يتعامل مع الأهداف السياسية التي تحقق الأهداف الاستراتيجية.
وهكذا نرى الانتخابات لا تخوض في الأهداف الاستراتيجية بل تتعامل مع الأغراض السياسية، فالذي لا يعرف أهداف أمريكا الاستراتيجية لن يتوصل إلى معرفة السياسة الأمريكية القادمة ولا من سيفوز فيها.