ليس من خلق العالم أن يضع الأسئلة شوارد لا بيت لها، ويغلق الأبواب دون إجاباتها، وليست من آداب العلماء أن يتركوا الحيرة على أفهام طالبي العلم؛ ولذلك، فإن الرجل الصالح عندما أنكر على موسى ــ بدءا وختاما ــ عدم قدرته على الصبر والإحاطة بالمغازي وتأويلات الأحداث، منحه الفرصة تلو الأخرى كيما يتعلم، على أن موسى أدرك مبكرا أن فوق كل ذي علم عليم، وأن ليس للإنسان إلا ما وعى، استبان موسى ذلك بشكل أكبر عندما كشف له الخضر عن أسرار المواقف التي مرت بهما:
• موقف السفينة: وفيه من الحكمة والكياسة، فإن أصحاب السفينة غلمان مساكين، فقدوا مورثهم تاركا لهم هذه السفينة للتكسب منها، وفي ذلك فائدة، وهي أن اليتيم مسكين حتى ولو اغتنى، فلم يبق المال حينئذ مصدرا للغنى تحت ظلال فقد الأركان. ولما كانت السفينة تحتاج إلى عمل تنجو به من طمع مستبد طاغ وجد الخضر حلا استنادا إلى سابق معرفته بملك يأخذ كل سفينة غصبا، وهو أن يحدث عيبا وثقبا في السفينة حين يراه زبانية السلطان يتركوا السفينة.. موسى قام علمه على ما يفهمه قلبه وهو الخشية من الغرق لإنقاذ أرواح المساكين رحمة بهم، والخضر قام علمه على ما يفهمه عقله وهو الأمل في العطب لإنقاذ مال المساكين رحمة بهم، كلاهما كان ينشد الرحمة لأهل السفينة، لكن علم العقل فاق علم القلب، ولذلك قال (فأردت أن أعيبها) بمعنى تعمدت: نسب عمل العيب له ولم يقل «أراد الله» الذي أوحى إليه ليس تأدبا مع الله فحسب، بل لأن إحداث النقص متاح للبشر.
• موقف الغلام: وهذا من العمل بعلم الأخذ بالفتوح والغيبيات، لما كان من علمه الذي فتح الله عليه به أن هذا الغلام سيكون عبئا على والديه الصالحين وسيخالف عقيدتهما ويعقبهما أذى وعقوقا، قام بنزع رأسه عن جسده لعلمه بالغيب مستندا إلى علم ربه، فثار موسى لعلمه بالشهادة متكئا على عاطفته الإنسانية، ولم يقل الخضر هنا (فأردت )، إذ أن إعطاء الولد والصلاح لا يكون إلا من عند الله، لكنه استبدلها بكلمة تدل على الرجاء (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه)، وقال بالجمع؛ لأنه أراد أن يشرك موسى الإنسان في الرجاء وإرادة الخير، وفي قصة الغلام فوائد منها أن المؤمن مطالب بحسن الظن بالله وعدم الجزع من أقداره، وأن الأبوين المؤمنين موعودان بالخلف الطيب بعد الصبر، وأنهما حين الفتنة لا يعلمان ما يعملان ولن يعملا لموت الابن، وأن صلاحهما حجاب عن الأذى والعقوق وأن الإيمان سابق الكفر، هذا هو الأصل، وأن الكفر لا يبدأ الحياة بخير ولا يختمها بسعادة، وأن فقدان الأبناء وموتهم ليس شرطا أن يكون دوما نقصا، فلربما كان للاستبدال، وأن الخوف عليهما من باب خير البر عاجله (فخشينا)، إذ عبر بالفاء الدالة على سرعة الفعل، ولذلك فعلى أي أبوين مؤمنين يفقدان طفلا أن يسلما بما كتب الله وألا يقنطا من روح الله وسابق علمه بالفضل، فلعله أراد أن يبدلهما خيرا وهذا الخير إحلال لن يتم إلا بالإبدال.
• موقف الجدار: اجتمع فيه العلم والحكمة.. الجدار ليس ملكا للبلدة وإنما ليتيمين، وقال «غلامين»؛ لأنهما لو كانتا جاريتين لاختلفت طريقة العمل، فإنهما لما كانا سيصبحان رجلين تم إحكام بناء الجدار، إذ سيقدران على قضه، قوله «في المدينة» إشارة إلى أن الجدار لا ينسب للذين بخلوا، والكنز يحتاج إلى حجبه عن أولئك البخلاء، فلو ترك الجدار لاستولوا عليه، والذي نفع الابنين اليتيمين رحمة الله بهما ثم صلاح أبيهما، وفيه فائدة أن صلاح النفس فيه إصلاح للمال والولد.
• موقف السفينة: وفيه من الحكمة والكياسة، فإن أصحاب السفينة غلمان مساكين، فقدوا مورثهم تاركا لهم هذه السفينة للتكسب منها، وفي ذلك فائدة، وهي أن اليتيم مسكين حتى ولو اغتنى، فلم يبق المال حينئذ مصدرا للغنى تحت ظلال فقد الأركان. ولما كانت السفينة تحتاج إلى عمل تنجو به من طمع مستبد طاغ وجد الخضر حلا استنادا إلى سابق معرفته بملك يأخذ كل سفينة غصبا، وهو أن يحدث عيبا وثقبا في السفينة حين يراه زبانية السلطان يتركوا السفينة.. موسى قام علمه على ما يفهمه قلبه وهو الخشية من الغرق لإنقاذ أرواح المساكين رحمة بهم، والخضر قام علمه على ما يفهمه عقله وهو الأمل في العطب لإنقاذ مال المساكين رحمة بهم، كلاهما كان ينشد الرحمة لأهل السفينة، لكن علم العقل فاق علم القلب، ولذلك قال (فأردت أن أعيبها) بمعنى تعمدت: نسب عمل العيب له ولم يقل «أراد الله» الذي أوحى إليه ليس تأدبا مع الله فحسب، بل لأن إحداث النقص متاح للبشر.
• موقف الغلام: وهذا من العمل بعلم الأخذ بالفتوح والغيبيات، لما كان من علمه الذي فتح الله عليه به أن هذا الغلام سيكون عبئا على والديه الصالحين وسيخالف عقيدتهما ويعقبهما أذى وعقوقا، قام بنزع رأسه عن جسده لعلمه بالغيب مستندا إلى علم ربه، فثار موسى لعلمه بالشهادة متكئا على عاطفته الإنسانية، ولم يقل الخضر هنا (فأردت )، إذ أن إعطاء الولد والصلاح لا يكون إلا من عند الله، لكنه استبدلها بكلمة تدل على الرجاء (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه)، وقال بالجمع؛ لأنه أراد أن يشرك موسى الإنسان في الرجاء وإرادة الخير، وفي قصة الغلام فوائد منها أن المؤمن مطالب بحسن الظن بالله وعدم الجزع من أقداره، وأن الأبوين المؤمنين موعودان بالخلف الطيب بعد الصبر، وأنهما حين الفتنة لا يعلمان ما يعملان ولن يعملا لموت الابن، وأن صلاحهما حجاب عن الأذى والعقوق وأن الإيمان سابق الكفر، هذا هو الأصل، وأن الكفر لا يبدأ الحياة بخير ولا يختمها بسعادة، وأن فقدان الأبناء وموتهم ليس شرطا أن يكون دوما نقصا، فلربما كان للاستبدال، وأن الخوف عليهما من باب خير البر عاجله (فخشينا)، إذ عبر بالفاء الدالة على سرعة الفعل، ولذلك فعلى أي أبوين مؤمنين يفقدان طفلا أن يسلما بما كتب الله وألا يقنطا من روح الله وسابق علمه بالفضل، فلعله أراد أن يبدلهما خيرا وهذا الخير إحلال لن يتم إلا بالإبدال.
• موقف الجدار: اجتمع فيه العلم والحكمة.. الجدار ليس ملكا للبلدة وإنما ليتيمين، وقال «غلامين»؛ لأنهما لو كانتا جاريتين لاختلفت طريقة العمل، فإنهما لما كانا سيصبحان رجلين تم إحكام بناء الجدار، إذ سيقدران على قضه، قوله «في المدينة» إشارة إلى أن الجدار لا ينسب للذين بخلوا، والكنز يحتاج إلى حجبه عن أولئك البخلاء، فلو ترك الجدار لاستولوا عليه، والذي نفع الابنين اليتيمين رحمة الله بهما ثم صلاح أبيهما، وفيه فائدة أن صلاح النفس فيه إصلاح للمال والولد.