شاع بين الكتاب، والباحثين من شباب الأكاديميين مقولة نقدية عجيبة يعزونها إلى عماد الدين الأصفهاني. وقد ظل طلاب الدراسات العليا في جامعة وهران يضحكون منا أكثر من عشرين عاما، كلهم يعزوها إليه.
وجاء علي يوم وقد كنت بصدد عمل كتابي «نظرية النص الأدبي»، وكان فصل منه يقتضي أن يكون موضوعه «حيز اللغة»، فصدرت بالمقولة فصل الكتاب، فلما أردت أن أعزوها إلى صاحبها، وهو العماد الأصفهاني المزعوم، كان علي أن أوثقها بالرجوع إلى أحد كتبه الذي جاءت فيه. وبحثت فيما كان لدي من كتبه فلم أعثر عليها، ثم استنجدت ببعض الباحثين الشباب فقتلوا كل كتبه المعروفة قراءة وبحثا فلم يعثروا لها على أثر، إلا ما كان من أحدهم الذي قال لي: إنها للعسقلاني، وليست للعماد الأصفهاني. ولكن العسقلانيين كثير مثلهم مثل الأصفهانيين والجرجانيين، فلم يشف هذا الجواب لنا غليلا.
واتفق أن تواضع الأستاذ علي العبادي، من الطائف، فطلب إلي أن أكتب له مقدمة لأحد كتبه، وكان في صدرها أيضا هذه المقولة على أنها للأصفهاني، فكتبت إليه ألاحظ أنها ليست له، والتمست منه أن يبحث عن صاحبها الحقيقي في المظان من مكتبته الكبيرة، فلم ينته إلى شيء.
والتقيت بالمرحوم الدكتور عز الدين إسماعيل بقرطبة على هامش إحدى الندوات الدولية فتناقشنا في صاحبها، فاستبعد أن تكون للعماد، لكن دون أن يجيب إجابة حاسمة. وكان الشاعر التونسي الدكتور نور الدين صمود حاضرا فزعم أنها، فعلا، للعماد، وأنه سيرسل إلي إثبات ذلك بمجرد عودته إلى تونس، وكانت المفاجأة أنه نقل المقولة مما أورده أحد «المحققين» المصريين من صدر أحد الكتب المشروحة...
وبعد البحث الطويل انتهينا إلى أن المقولة النقدية، وقد آن لنا أن نذكر نصها، وهو: «لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن؛ ولو زيد لكان يستحسن؛ ولو قدم هذا لكان أفضل؛ ولو ترك لكان أجمل؛ وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر». وقد آن لنا أيضا أن نذكر صاحبها الحقيقي، وهو: القاضي الفاضل عبدالرحيم البيساني العسقلاني المتوفى سنة 596، أو 597، يخاطب بها صديقه ومعاصره عماد الدين الأصفهاني، مستعجبا من أمر الكتابة وسخاء عطائها. وقبلها: «وقد وقع لي شيء وما أدري أوقع لك أم لا؟ وها أنا أخبرك به، وذلك أني رأيت أنه لا يكتب إنسان...». وممن أثبت هذه المقولة للعسقلاني، ثلاثة من كتاب التراجم على الأقل، منهم كبريت الحسيني في كتابه: رحلة الشتاء والصيف.
وجاء علي يوم وقد كنت بصدد عمل كتابي «نظرية النص الأدبي»، وكان فصل منه يقتضي أن يكون موضوعه «حيز اللغة»، فصدرت بالمقولة فصل الكتاب، فلما أردت أن أعزوها إلى صاحبها، وهو العماد الأصفهاني المزعوم، كان علي أن أوثقها بالرجوع إلى أحد كتبه الذي جاءت فيه. وبحثت فيما كان لدي من كتبه فلم أعثر عليها، ثم استنجدت ببعض الباحثين الشباب فقتلوا كل كتبه المعروفة قراءة وبحثا فلم يعثروا لها على أثر، إلا ما كان من أحدهم الذي قال لي: إنها للعسقلاني، وليست للعماد الأصفهاني. ولكن العسقلانيين كثير مثلهم مثل الأصفهانيين والجرجانيين، فلم يشف هذا الجواب لنا غليلا.
واتفق أن تواضع الأستاذ علي العبادي، من الطائف، فطلب إلي أن أكتب له مقدمة لأحد كتبه، وكان في صدرها أيضا هذه المقولة على أنها للأصفهاني، فكتبت إليه ألاحظ أنها ليست له، والتمست منه أن يبحث عن صاحبها الحقيقي في المظان من مكتبته الكبيرة، فلم ينته إلى شيء.
والتقيت بالمرحوم الدكتور عز الدين إسماعيل بقرطبة على هامش إحدى الندوات الدولية فتناقشنا في صاحبها، فاستبعد أن تكون للعماد، لكن دون أن يجيب إجابة حاسمة. وكان الشاعر التونسي الدكتور نور الدين صمود حاضرا فزعم أنها، فعلا، للعماد، وأنه سيرسل إلي إثبات ذلك بمجرد عودته إلى تونس، وكانت المفاجأة أنه نقل المقولة مما أورده أحد «المحققين» المصريين من صدر أحد الكتب المشروحة...
وبعد البحث الطويل انتهينا إلى أن المقولة النقدية، وقد آن لنا أن نذكر نصها، وهو: «لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن؛ ولو زيد لكان يستحسن؛ ولو قدم هذا لكان أفضل؛ ولو ترك لكان أجمل؛ وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر». وقد آن لنا أيضا أن نذكر صاحبها الحقيقي، وهو: القاضي الفاضل عبدالرحيم البيساني العسقلاني المتوفى سنة 596، أو 597، يخاطب بها صديقه ومعاصره عماد الدين الأصفهاني، مستعجبا من أمر الكتابة وسخاء عطائها. وقبلها: «وقد وقع لي شيء وما أدري أوقع لك أم لا؟ وها أنا أخبرك به، وذلك أني رأيت أنه لا يكتب إنسان...». وممن أثبت هذه المقولة للعسقلاني، ثلاثة من كتاب التراجم على الأقل، منهم كبريت الحسيني في كتابه: رحلة الشتاء والصيف.