رغم الغموض المتعمد الذي أحيطت به زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس الأخيرة للمنطقة، ورغم سحب الدخان والغبار التي أثيرت في أكثر من اتجاه، إلا أن السبب الحقيقي للزيارة بدا واضحاً للعديد من المراقبين للأحداث التي تجري في المنطقة، ويتلخص في استكمال التجهيزات الميدانية لتوجيه ضربة عسكرية لإيران ومحاولة احتواء ردود أفعال الدول العربية المعتدلة في حالة توجيه مثل هذه الضربة.
أما نجاح الوزيرة من فشلها فيما قدمت من أجله فقد بدا واضحاً في ملامح وجهها المتجهم – على غير عادة- والذي كان يوحي بصعوبة المهمة التي تقوم بها بعد اهتزاز صورة أمريكا في المنطقة وفقدانها للبقية الباقية من القبول والاحترام ,والمصداقية على إثر مساندتها الفاضحة للعدوان الإسرائيلي على لبنان وإصرارها على عدم وقف إطلاق النار وموافقتها على قصف لبنان بملايين القنابل العنقودية الأمريكية الصنع، كما اتضح أيضاً في تحذيرات الرئيس المصري حسني مبارك الإستباقية للزيارة حيث حذر علناً من ضرب إيران وما يمكن أن ينجم عنه من تأثيرات ومخاطر قد تحدق بالمنطقة كلها، واتضح أيضاً في تصريحات الوزيرة التي لم تتردد عندما سألت في مصر عن موقف أمريكا من طموحات مصر النووية في الرد سريعاً دون مواربة أو مجاملة للبلد المضيف بأن ما ينطبق على إيران ينطبق على مصر أو غير مصر من الدول الصديقة لأمريكا من رفض لتخصيب اليورانيوم على أراضيها، مما يدل على أنها لم تنجح في عقد أي صفقات من أي نوع مع مصر ولم تضطر بالتالي للمجاملة حتى يبرد حبر الاتفاق. أما في فلسطين المحتلة فهي لم تقدم أية تنازلات لحكومة حماس المنتخبة ولم تبذل أدنى جهد لفتح المعابر أو وقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل بشكل يومي وعشوائي في حق الشعب الفلسطيني بل أصرت على ربط التحاور مع الفلسطينيين بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تعلم أنها لن تتشكل بسبب إصرار حماس على عدم الاعتراف بإسرائيل.
ولكن لب الزيارة وحقيقتها تركزت في آخرها وتمثلت في زيارة العراق وتقديم التنازلات الحقيقية لأطراف مختلفة فيه بغرض تجهيز الأوضاع الميدانية لضربة محتملة لإيران، وأهم هذه التنازلات ما يبدو أنه اعتراف بالكيان الكردي في الشمال ووقوف الوزيرة مع زعيمه على منصة مزينة بالشمس الكردية وفي قاعة ليس فيها ما يدل على أنها عراقية بما في ذلك الأعلام والرموز، وليس هذا فحسب بل والسماح لذلك الزعيم أو ربما الاتفاق معه على الحديث أمامها علناً عن ضرورة إعادة توزيع ثروة العراق النفطية ليحصل الأكراد على ما يظنّونه حقاً لهم فيها باعتبارهم يطالبون بضم محافظة كركوك الغنية بالنفط لإقليمهم قبل إعلانه دولة مستقلة، ويبدو أن الوزيرة لم تكتف بهذا التساهل الرمزي مع الزعيم الكردي من منطلق المجاملة والمداراة بل إن تحركات القوات الأمريكية على الأرض بعد مغادرتها بسويعات قليلة توحي بأن اتفاقاً خطيراً قد حدث وتمثل في مسارعة تلك القوات لمباغتة منطقة كركوك وإغلاقها وشن غارات تفتيش دقيقة من بيت لبيت في الأحياء العربية السنية منها لتجريد السكان من السلاح بدعوى مكافحة الإرهاب والتمرد في حملة أشبه ما تكون بالحملات التي كان الإنجليز يشنونها لتجريد المدن والقرى العربية في فلسطين من السلاح قبيل إعلان دويلة الكيان الصهيوني مما يشير فيما يبدو إلى اعتماد تطبيق خطة تجهيز ميداني للأوضاع في كركوك للاستجابة إلى مختلف الاحتمالات بما فيها تسليم المحافظة بمن فيها وما فيها للكيان الكردي كمكافأة له مقابل الصمت عمّا سيحل بإيران.
وعلى الجانب الآخر نجد أن اتفاقاً آخر قد حدث مع التركيبة الحاكمة في بغداد لبسط نفوذها على جنوب العراق الغني بالنفط وربما إعلانه دولة شيعية مستقلة بعد تطهيره من عناصر جيش المهدي ذي الميول العربية وتسليمه لقيادة شيعية موالية للإحتلال وهذا ما يفسر الهجمات العنيفة غير المسبوقة التي تنفذها القوات الأمريكية بالتعاون مع القوات البريطانية على نطاق كبير في الديوانية والبصرة وباقي مناطق الجنوب.
وهكذا يتضح أن السيناريو المحتمل للضربة الأمريكية لإيران سيستند على تنازلات حقيقية ومكافآت مجزية لمختلف الأطراف العراقية المتعاونة بتنفيذ بعض من مطالبها على الأرض وتمكينها من الحصول على مكاسب ميدانية يصعب التفريط بها مع محاولة ضمان وقوف الأطراف العربية المعتدلة التي تستشعر الخطر الإيراني النووي أكثر من غيرها على الحياد في ضربة يبدو أن العد التنازلي لها قد بدأ ولربما أصبحت قاب قوسين أو أدنى..
altawati@yahoo.com
أما نجاح الوزيرة من فشلها فيما قدمت من أجله فقد بدا واضحاً في ملامح وجهها المتجهم – على غير عادة- والذي كان يوحي بصعوبة المهمة التي تقوم بها بعد اهتزاز صورة أمريكا في المنطقة وفقدانها للبقية الباقية من القبول والاحترام ,والمصداقية على إثر مساندتها الفاضحة للعدوان الإسرائيلي على لبنان وإصرارها على عدم وقف إطلاق النار وموافقتها على قصف لبنان بملايين القنابل العنقودية الأمريكية الصنع، كما اتضح أيضاً في تحذيرات الرئيس المصري حسني مبارك الإستباقية للزيارة حيث حذر علناً من ضرب إيران وما يمكن أن ينجم عنه من تأثيرات ومخاطر قد تحدق بالمنطقة كلها، واتضح أيضاً في تصريحات الوزيرة التي لم تتردد عندما سألت في مصر عن موقف أمريكا من طموحات مصر النووية في الرد سريعاً دون مواربة أو مجاملة للبلد المضيف بأن ما ينطبق على إيران ينطبق على مصر أو غير مصر من الدول الصديقة لأمريكا من رفض لتخصيب اليورانيوم على أراضيها، مما يدل على أنها لم تنجح في عقد أي صفقات من أي نوع مع مصر ولم تضطر بالتالي للمجاملة حتى يبرد حبر الاتفاق. أما في فلسطين المحتلة فهي لم تقدم أية تنازلات لحكومة حماس المنتخبة ولم تبذل أدنى جهد لفتح المعابر أو وقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل بشكل يومي وعشوائي في حق الشعب الفلسطيني بل أصرت على ربط التحاور مع الفلسطينيين بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تعلم أنها لن تتشكل بسبب إصرار حماس على عدم الاعتراف بإسرائيل.
ولكن لب الزيارة وحقيقتها تركزت في آخرها وتمثلت في زيارة العراق وتقديم التنازلات الحقيقية لأطراف مختلفة فيه بغرض تجهيز الأوضاع الميدانية لضربة محتملة لإيران، وأهم هذه التنازلات ما يبدو أنه اعتراف بالكيان الكردي في الشمال ووقوف الوزيرة مع زعيمه على منصة مزينة بالشمس الكردية وفي قاعة ليس فيها ما يدل على أنها عراقية بما في ذلك الأعلام والرموز، وليس هذا فحسب بل والسماح لذلك الزعيم أو ربما الاتفاق معه على الحديث أمامها علناً عن ضرورة إعادة توزيع ثروة العراق النفطية ليحصل الأكراد على ما يظنّونه حقاً لهم فيها باعتبارهم يطالبون بضم محافظة كركوك الغنية بالنفط لإقليمهم قبل إعلانه دولة مستقلة، ويبدو أن الوزيرة لم تكتف بهذا التساهل الرمزي مع الزعيم الكردي من منطلق المجاملة والمداراة بل إن تحركات القوات الأمريكية على الأرض بعد مغادرتها بسويعات قليلة توحي بأن اتفاقاً خطيراً قد حدث وتمثل في مسارعة تلك القوات لمباغتة منطقة كركوك وإغلاقها وشن غارات تفتيش دقيقة من بيت لبيت في الأحياء العربية السنية منها لتجريد السكان من السلاح بدعوى مكافحة الإرهاب والتمرد في حملة أشبه ما تكون بالحملات التي كان الإنجليز يشنونها لتجريد المدن والقرى العربية في فلسطين من السلاح قبيل إعلان دويلة الكيان الصهيوني مما يشير فيما يبدو إلى اعتماد تطبيق خطة تجهيز ميداني للأوضاع في كركوك للاستجابة إلى مختلف الاحتمالات بما فيها تسليم المحافظة بمن فيها وما فيها للكيان الكردي كمكافأة له مقابل الصمت عمّا سيحل بإيران.
وعلى الجانب الآخر نجد أن اتفاقاً آخر قد حدث مع التركيبة الحاكمة في بغداد لبسط نفوذها على جنوب العراق الغني بالنفط وربما إعلانه دولة شيعية مستقلة بعد تطهيره من عناصر جيش المهدي ذي الميول العربية وتسليمه لقيادة شيعية موالية للإحتلال وهذا ما يفسر الهجمات العنيفة غير المسبوقة التي تنفذها القوات الأمريكية بالتعاون مع القوات البريطانية على نطاق كبير في الديوانية والبصرة وباقي مناطق الجنوب.
وهكذا يتضح أن السيناريو المحتمل للضربة الأمريكية لإيران سيستند على تنازلات حقيقية ومكافآت مجزية لمختلف الأطراف العراقية المتعاونة بتنفيذ بعض من مطالبها على الأرض وتمكينها من الحصول على مكاسب ميدانية يصعب التفريط بها مع محاولة ضمان وقوف الأطراف العربية المعتدلة التي تستشعر الخطر الإيراني النووي أكثر من غيرها على الحياد في ضربة يبدو أن العد التنازلي لها قد بدأ ولربما أصبحت قاب قوسين أو أدنى..
altawati@yahoo.com