-A +A
أحمد الشميري
ألقت الأزمات والحروب التي عاشها اليمنيون طيلة العقود الماضية بظلالها على الواقع المعيشي للمواطن اليمني، وأدت إلى ارتفاع نسب البطالة والفقر وزيادة نسبة الهجرة إلى خارج البلاد.
فالغربة بحد ذاتها ليست وليدة اليوم، بل إنها عادة سائدة تحبها فئات من اليمن كحب أبناء قبائل صنعاء والمجاورة لها لثقافة العسكرة غير أنها أتسمت بالرسمية والقانونية، وجعلت المهاجر اليمني محل احترام وتقدير من فئات وشعوب تلك البلدان.

عاشت اليمن منذ القدم حروبا قبلية، وأخرى مع قوى الاستثمار القادمة من خلف البحار، وظلت تكافح من أجل عيش أفضل لأبنائها، ومع بزوغ شمس ثورة 26سبتمبر عام 1962م والفتن الداخلية بدءا من المناطق الوسطى، وانتهاء بحرب الانفصال ثم القاعدة ازدادت المعاناة، وجعلت فئات كبيرة من اليمنيين يدفعون الثمن قاسيا نتيجة لتلك الحروب مما جعل المواطن اليمني يبحث عن وسيلة أخرى تنقذه في ظل تجاهل الحكومات، والارتفاع المتواصل للأسعار فلم يجد وسيلة سوى التهريب غير القانوني، ومسالكه الخطرة بحثا عن مصدر رزق.
فلقد تعددت وسائل التهريب وتنوعت خططها وحيلها التي جميعها تحدث بعيدا عن أعين السلطات الرسمية سوى خطة قائد سيكل الموتر (الدراجة النارية) القادم من مدينة الحديدة في إحدى ليالي رمضان الماضي حيث عبر المنفذ اليمني على متن دراجته ليصل إلى آخر نقطة على الحدود بعد عبوره كل النقاط والجمارك وبدون أي وثيقة أو اوراق رسمية إلى أن احتجزه حرس الحدود للتأكد من صحة ختم أوراقه فسأله إلى أين ذاهب؟ أجابهم أنا ذاهب للبحث عن رزقي على ظهر الموتور الذي أمتلكه ماذا تريدون مني.
تلك المحاولة بحد ذاتها خاطئة وغير رسمية لكن حرس الحدود كانوا بمثابة الأم الحنون فسلموه للمنفذ اليمني، وبنفس اللحظة ومع دراجته، وبكل احترام فتلك المواقف النبيلة وغيرها كثيرة تستوجب علينا حسن الجوار، وفي نفس الوقت نوجه عتابنا للحكومات اليمنية التي اعتمدت نهجا خاطئا يفتقر إلى الخطط والبرامج الفعلية للتخلص من مخلفات الهفوات غير المحسوبة.