-A +A
رياض سهيل ( بغداد)
اثار قانون آلية تشكيل الاقاليم والمحافظات , الذي اقره البرلمان العراقي بعد انسحاب كتل كبيرة من الجلسة وغياب عدد آخر من النواب ردود فعل مختلفة ومتناقضة جعلت الاعتقاد لدى العديد من القوى السياسية ان هذا القانون قد اقر من دون تأمين النصاب المطلوب للجلسة , وان تمريره تم من قبل بعض مكونات قائمة الائتلاف الشيعية والتحالف الكردستاني , ضاربين عرض الحائط بمبدأ التفاهم والتوافق حول الشؤون السياسية والقرارات الحساسة بين القوى الفاعلة , فكيف بالاحرى بقانون بمثل هذه الاهمية , يهدد وجود العراق ووحدته ,
اذا كان هناك من يرون بأنه يشكل حلا للازمة العراقية بنسبة نجاح ضئيلة جدا فإن اخرين يؤكدون انه مدخل للتقسيم وتفتيت العراق في ظل الاوضاع الراهنة , وفي ظل الاحتقان الطائفي والمذهبي والعرقي المهيمن على الاجواء السياسية والاجتماعية .كما انه يمثل ضربا لمشروع المصالحة الوطنية .وللوقوف عند رأي القيادات السياسية العراقية من هذا القانون , ومدى تأثيره على المستقبل العراقي , وتداعياته على العملية السياسية ومبادرة المصالحة الوطنية , كان لـ”عكاظ” هذه الحوارات :

سنجد انفسنا امام كانتونات
بداية قال الدكتور اسامة النجيفي عن القائمة العراقية ان القائمة برئاسة الدكتور اياد علاوي ستتخذ موقفا واضحا وصريحا من بعض اعضاء القائمة الذين شاركوا في جلسة التصويت على قانون الاقاليم , والذين لم يتجاوزوا السبعة اعضاء , فيما قاطع 18 عضوا الجلسة , وبتعليمات واضحة من رئيس القائمة .واعتبر النجيفي ان من شارك في الجلسة من القائمة العراقية قد خرج عن اجماع موقف القائمة وتصرف بشكل فردى . وعن رأيه بالقانون وبتداعياته على ارض الواقع , اكد النجيفي ان هذا القانون سيكون مدخلا لتقسيم العراق في ظل الاحتقانات الحالية , وانه ابدا لن يكون عامل وحدة اذا ما مورس تطبيقه على اسس طائفية ومذهبية وعرقية .واضاف اننا سنجد انفسنا امام كانتونات وامارات تعمق الازمة السياسية العراقية , وتهدد محيط العراق بأكمله . فتطبيق الفيدرالية كمبدأ لا نتعارض معه , وانما نتعارض مع المفاهيم التي على اساسها ترى بعض القوى السياسية والدينية تطبيق هذا القانون , وهذا ما يهدد بتقسيم العراق وتفتيته , خاصة اننا ندرك تماما اطماع بعض دول الجوار التي لم تساهم يوما بمساعدتنا على الخروج من محنتنا , بل زادت في الامور تعقيدا وتأزيما .
قانون مشبوه وغير شرعى
ورأى محمد الدايني من جبهة الحوار الوطني التي يتزعمها الدكتور صالح المطلك , ان قانون الاقاليم سيزيد من معاناة الشعب العراقي ويزيد العملية السياسية تعقيدا . وقال الدايني ان تقسيم العراق جراء هذا القانون لا نراه فقط على مستوى المحافظات او كما يحكى عن ثلاث دويلات شيعية وسنية وكردية , بل نراه سيطال العاصمة بغداد التي يعمل على فرزها الان طائفيا ومذهبيا , وعلى تقسيمها الى “ كرخ “ و” رصافة “ , وهذا ما نشاهده اليوم من اعمال عنف طائفي في العاصمة , ان دلت على شيء , فهي تدل على نوايا القيمين عليها ومآربهم بتقسيم بغداد . واكد الدايني ان النصاب لم يكتمل في تلك الجلسة المشهودة التي تم خلالها تمرير قانون الاقاليم , وان مجموع من حضر من النواب لم يتجاوز الـ 126 نائبا , وليس كما اعلنوا انه حضر 140 نائبا . وبالتالي فإن هذا القانون لا يتمتع بالشرعية طالما اتخذ في جلسة غير نظامية . و اتهم الدايني هيئة رئاسة المجلس , ورئيس المجلس بالتحديد بالتواطؤ لتمرير هذا القانون , من خلال افتتاحه الرسمي للجلسة , والانسحاب فيما بعد وتسليم رئاسة الجلسة لنائبه الشيخ خالد العطية من الائتلاف الشيعي . واضاف انه حتى لو ذهبنا الى القضاء للطعن بما حصل في تلك الجلسة المشؤومة , فإن القضاء لن ينصفنا كونه مرتبطا بالسلطة السياسية القائمة .واشار الى ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحزب الدعوة والاكراد هم الاطراف الثلاثة الذين يقفون خلف تمرير قانون الاقاليم , ومن الواضح ان لكل من هؤلاء اطماعه ومصالحه في موضوع الفيدرالية . وحذر من ان المرحلة المقبلة ستشهد خلطا كبيرا في الكتل السياسية , خاصة ان اطرافا مهمة من الائتلاف تقف ضد مشروع الفيدرالية والتقسيم , كما قد تشهد مناطق الوسط والجنوب المزيد من التوتر الامني في ظل هذه الانقسامات السياسية المتجذرة بين فرقاء الصف الواحد .
مشروع لن يرى النور
وفي ما يتعلق بموقف هيئة علماء المسلمين , قال مصدر مسؤول انه بالرغم من مقاطعة نصف أعضاء البرلمان الذي تأسس في ظل الاحتلال جلسة التصويت على مشروع الفدرالية فقد عمد الآخرون وسط فوضى شهدها العالم كله إلى تمريره.ورغم أننا واثقون أن هذا المشروع لن يرى النور لان معظم الشعب العراقي ضده ، فهو مشروع تقسيم واضح ، والعراقيون يرفضون التقسيم ، فقد أصر أصحاب المشاريع الخاصة من الكتل السياسية ، أرباب الأجندة المتفقة مع الاحتلال ودول إقليمية في الأهداف والمصالح على إقراره. وقال المصدر ان الهيئة تدين هذه الخطوة المشؤومة التي أثارت سخط أبناء العراق الأحرار ، وحظيت بمباركة السفير الأمريكي على نحو من الرضا والابتهاج يدل بوضوح على ان قوات الاحتلال وراء هذا المشروع ، و انها سعت إليه من خلال أصابعها في البرلمان رغم كثرة ادعاءاتها انها حريصة على وحدة البلاد.
الفيدرالية الحل الامثل
لكن التحالف الكردستاني وعلى لسان عبدالخالق زنكنة , رأى باقرار قانون الاقاليم امرا طبيعيا طالما انه مقر في الدستور الذي وافق عليه اغلب الشعب العراقي .وقال ان كافة الكتل السياسية موافقة على عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي اتحادي , وبالتالي كنا نتمنى ان لا تتراجع بعض القوى السياسية عن الاتفاقات التي تم حسمها سابقا , وان لا تقاطع جلسة التصويت على قانون الاقاليم , لان هذا القانون لن يطبق الا بعد 18 شهرا , وهناك مجال لتدارس الكثير من الامور في هذه الفترة .واعتبر زنكنة ان المعارضين للفيدرالية قسمان : قسم يرفض مبدأ الفيدرالية من الاساس ويعتبره تقسيما للعراق , وقسم اخر موافق على الفيدرالية ولكن بشروط معينة . واعطى زنكنة مثلا على الموافقين بشروط حزب الفضيلة من الائتلاف الشيعي الذي يرى الفيدرالية على اساس المحافظات ما عدا اقليم كردستان , وبالتالي هو يدعو الى اللامركزية على مستوى العراق في حال كانت كل محافظة اقليما بحد ذاتها , والتيار الصدري الذي يرفض تطبيق الفيدرالية في ظل وجود الاحتلال , تماما كما يرفض كافة الامور الاخرى من العملية السياسية والانتخابات وغيرها في ظل هذا الوجود .وحول ما اذا كان هذا القانون سيشكل مدخلا الى حل الازمة السياسية في العراق ام الى تقسيمه , اجاب زنكنة ان الفيدراليات في كافة اقطار العالم جاءت لتوحد الشعوب وتذوّب الخلافات بينهم . ونحن نرى بنظام الفيدرالية الحل الامثل لمشكلتنا كأكراد وكعراقيين , ولا نقبل بالعودة ابدا الى نظام الحكم المركزي او المتسلط او الشوفيني او الطائفي .اما بالنسبة لاخواننا العرب من شيعة وسنة , فأنا لا ارى اي فريق منهما يريد تقسيم العراق , بقدر ما انه يريد المحافظة على دوره وحجمه ونفوذه , وان يتفادى العودة الى الماضي البغيض . واذا ما اتفق السنة والشيعة على المخارج القانونية والتنظيمية والاجتماعية لمبدأ الفيدرالية والاقاليم , ولم تتجه الامور الى تقسيمات مذهبية , فان قانون الاقاليم سيكون بنظرنا الحل الامثل للمشكلة العراقية, وسيشكل عاملا للم الشمل العراقي بدلا من تجزئته وشرذمته .
خدمة مصالح و مشاريع خارجية
من جهته قال رئيس جبهة التوافق السنية الدكتور عدنان الدليمي اننا نتوجس كثيرا من القانون الذي تم تمريره في الجلسة النيابية حول الاقاليم والمحافظات , ونعتقد انه سيشكل المرحلة الاولى من تقسيم العراق .واضاف انه بالرغم من وجود فعاليات سياسية وشعبية ودينية وعشائرية ترفض مبدأ الفيدرالية , غير انه توجد بالمقابل مكونات تعمل بحماس كبير وبتفرد رهيب لتمرير مبدأ الفيدرالية وتكريسه خدمة لمصالحها ومشاريعها وارتباطاتها الخارجية .واشار الدليمى الى ان الكتل التي مررت مشروع الاقاليم في مجلس النواب استدعت كامل اعضائها لحضور الجلسة , حتى من غاب عن البرلمان لاكثر من خمسة اشهر , واحتاجوا الى اكثر من ثلاث ساعات لاستكمال النصاب , وهذا ما يعتبر مخالفا للقواعد الدستورية وللنظام الداخلي للبرلمان . اما وقد مرر القانون بهذه الطريقة , فنحن نرى اننا مقبلون على مرحلة سياسية صعبة جدا , وان صراعا مخيفا قد نشهده في الوسط والجنوب العراقيين حول هذا الامر , خاصة ان المكونات السياسية للكتل قد اختلفت في ما بينها , وهذا ما قد يغير خارطة التحالفات المستقبلية , علما بأن ما نشهده اليوم على الساحة العراقية من عمليات عنف وقتل وتصفيات وتهجير , ليس بعيدا عن تفاصيل مؤامرة التقسيم والفرز التي تحاك ضد ابناء شعبنا . شدد على ان جبهة التوافق ستبقى رافضة لقانون الاقاليم , وستعمل جاهدة بالتنسيق مع قوى سياسية اخرى شريفة تهمها مصلحة العراق ووحدته قبل اية مصلحة اخرى , على محاربة تنفيذ وتطبيق هذا القانون , حرصا على مستقبل العراق واهله . مؤكدا على ضرورة المحافظة على وحدة وعروبة واسلامية العراق , ولن نكون طرفا في اي مشروع يؤدي الى التقسيم الذي لن ينتهي بأراضينا , بل سيمتد الى دول الجوار .