ارتبط الحج بالاستطاعة فكانت الناس تبذل جهدا مضنيا ثم تحج وفقا للمعطيات التي تخدم بساطتها، ولكن المتغيرات العالمية في الاقتصاد مع ارتفاع الأسعار شملت تكاليف الشعائر الدينية، وأصبح المجتمع المحلي والدولي يعاني من نفس الشيء ونقيضه، لم يعد الفكر عين الوجود بل أصبحت المادة عينه، إن توفرت تهيأ لك كل شيء بما فيها ركن الحج، وإذا أردت النجاح لأي قانون أو نظام هيأ له مقاطع بديلة تفي بالغرض الآخر والذي يفرضه الوقت الراهن، إن المادة أسقطت جزءا كبيرا من صور الاستطاعة والتيسير، لم يعد البذل ممكنا كما كان في السابق بسب انتكاسة الاقتصاد العالمي، والبحث عن أوجه الرفاه أو الممكن تعذر على الناس، فلم تعد الناس تبحث إلا عن غاية واحدة وعن اليسير الذي يبسط لها الطريق للوصول من حيث شدت الرحال، إن الحملات ومؤسسات الطوافة رفعت أسعار تكلفة الفرد، وبذلك افتقر الكثير للحركة الحرة في ممارسة الاعتماد على الذات في توفير المكان والتهيئة الكاملة لأداء مناسك الحج. وتحديد الأسعار من وزارة الحج يهيئ لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، إن تقنين الكسب المادي للحملات من أجزاء ذلك القانون والنظام المنوط بهما، ولم نلحظ أي تنظيم يشير إلى تحديد التكلفة، إن تعزيز السلوك الإنساني من روافد الدين وحثه على مساعدة الغير على عكس الاستغلال الذي لا يخدم الحاج بل يستنزف مدخراته قبل بلوغه الهدف، عندما كانت الطوافة عمل أفراد وتعارف الناس على ذلك كانت الفرص متاحة للحج أكثر بل كانت متاحة للجميع، ثم تحولت إلى تقنية تستغل قبل أن تخدم الحاج، ولم نعد نشاهد أو نسمع سوى أعمال لمؤسسات تمارس التجارة ولا ضير في ذلك، لقد كانت وما زالت أرض الحجاز مرتبطة بحركة التجارة منذ القدم عبر رحلتي الشتاء والصيف شمالا نحو الشام وجنوبا نحو اليمن، ولكن لابد أن تبدأ القائمة بمصلحة الحاج الذي يقصد بيت الله العتيق من أقاصي العالم ليقدم كل ما يملك في حساب هذه المؤسسات، ومن المؤسف جدا لا يجد ما يتوقعه من اهتمام وعناية كاملة من الشركات، ثم تشاهد مناظر تسيء للنظر من افتراش في العراء ومخلفات وفوضى تتناثر في كل الأنحاء والأرجاء. ولقد قدمت الدولة مشكورة خدمات عظيمة للحج والحجاج ولن يتوقف هذا التنظيم أبدا، لأن هذه الأرض هي قبلة المسلمين في صلواتهم اليومية ومصدر الرسالة المحمدية، وتتطلع دولتنا للأفضل دائما مسخرة كل الجهود والإمكانات لخدمة حجاج بيت الله الحرام.