أوصى المشاركون في ندوة «عكاظ» بضرورة إنشاء لوبي عربي لمواجهة اللوبي الصهيوني، المدعوم من الإدارة الأمريكية، والمعطل لعملية السلام في الشرق الأوسط وفلسطين تحديدا. وطالبوا الرئيس الأمريكي المنتخب بالنظر بحيادية للقضايا العربية العادلة ووقف الانحياز الأعمى لإسرائيل. وبعد أن بدت ملامح نتائج الانتخابات الأمريكية واضحة للمراقب السياسي، أبدى المشاركون في الندوة التي أقيمت في مقر الصحيفة يأسهم من أن تغير الولايات المتحدة سياستها تجاه ما يجري في المنطقة، خصوصا القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، وملف البرنامج النووي الإيراني، والحركات الشعبية المطالبة بالتغيير.. وشارك في الندوة الدكتور . وليد بن نايف السديري «أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز». والسفير الدكتور عماد شعث «القنصل الفلسطيني العام في جدة».
ومعين السوافيري «نائب القنصل الفلسطيني» ..
فإلى تفاصيل الندوة ومداولاتها:
• عكاظ: ما هو المطلوب من الرئيس الأمريكي المنتخب لتغيير الصورة النمطية للإدارات الأمريكية المتعاقبة الداعمة لإسرائيل، والمتجاهلة للقضايا العربية بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص؟
• شعث: عندما نتحدث عن الدور الأمريكي في المنطقة فإننا نركز على أربعة محاور تتمثل في عموم الوطن العربي، القضية الفلسطينية، الأزمة السورية والشأن الإسرائيلي. فالوطن العربي خارج دائرة الاهتمام في سباق الرئاسة الأمريكية، نظرا لحالة الضعف والوهن الذي يعيشه العرب الباحثون دوما عن الخيار الأقل سوءا بين المرشحين «الجمهوري والديمقراطي»، دون امتلاك أي أثر أو تأثير في ظل غياب الخيارات البعيدة عن فلك الإدارة الأمريكية. فالوطن العربي الذي يحتضن أكثر من 300 مليون نسمة، بموارده، ونفطه، وركائز القوة فيه، كقناة السويس، والإطلالة على البحر المتوسط والبحر الأحمر.. لا يؤثر. والقضية الفلسطينية لن تحظى بأولوية للإدارة الأمريكية الجديدة، بغض النظر عن توجهات الرئيس، وسوف تتحول القضية إلى ملف ثانوي، وفق رغبات الحكومات الإسرائيلية، فمثلا الرئيس أوباما وعد كثيرا بإيجاد حل قاطع للقضية في بداية عهده، لكنه صدم بلوبي صهيوني في الولايات المتحدة أعاقه عن تنفيذ كل هذه الوعود.
• السديري: الواضح أن جميع الإدارات الأمريكية لا تتفق مع ما تطلقه من مبادئ تتبناها أو تدعو إليها من خلال الأمم المتحدة، فرغم أنها تعرض نفسها كوسيط في محاولة لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، إلا أننا لا نجد نتائج على أرض الواقع. والسبب يكمن في طبيعة النظام السياسي في الولايات المتحدة والخلل الحاصل داخله، ما يجعل اختراقه أمرا سهلا للغاية، وأكبر دليل على ذلك ما لاحظناه جميعا من تأثير رؤوس الأموال على مسار العملية الانتخابية، ما يمنح دورا كبيرا لدى الجماعات النافذة. فالواقع الآن يتطلب عدم الاعتماد على رحمة الرئاسة الأمريكية مهما كانت وتعددت وتنوعت أشكالها وتوجهاتها، والواجب فرض الحل من قبل الفلسطينيين أنفسهم والعرب.
• عكاظ: كيف يمكن بناء لوبي عربي لمواجهة اللوبي اليهودي، وإقناع مراكز صناعة القرار في أمريكا بضرورة منح الأولوية للقضايا العربية؟
• شعث: من الممكن أن تنعكس نتائج الانتخابات الأمريكية على الخارطة الحزبية في إسرائيل، وتحديدا في خدمتها رئيس الحكومة الإسرائيلي الأسبق أولمرت. أما الرهان الرئاسي الأمريكي، وادعاء مبادرات جدية لحل الصراع العربي الإسرائيلي فهو رهان مضى عليه أكثر من 60 عاما ونحن في حالة انتظار، والموقف يكمن في «الفرجة» على الانتخابات الأمريكية، وبعدها نعود لانتظار الانتخابات الإسرائيلية، وهكذا دون أي جدوى، إلى أن أصبحنا «مفعولا به»، فلا نملك سوى ردة الفعل، وسط غياب مقومات عربية قادرة على القيام بأفعال. فنحن كعرب نطالب بأربعة أمور أساسية، الأول هو إلزام إسرائيل بالتقيد بكل الاتفاقيات التي وقعت عليها سابقا وفي مقدمتها «أوسلو» و«واي ريفر»، والثاني تنفيذ المبادرة الأمريكية «خارطة الطريق» التي تقضي بحل الدولتين، فمطلوب من الإدارة الأمريكية إلزام إسرائيل بحل دولتها، والثالث تنفيذ مبادرة السلام التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين عام 2002م، وأخيرا مطلوب من إسرائيل نفسها ومن اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي العودة إلى المفاوضات، لكن بعد وقف عمليات الاستيطان، فلا يمكن التفاوض في وقت يستمر فيه بناء المستوطنات. أما ما يخص تشكيل لوبي عربي فلم ننجح كثيرا في ذلك؛ كون الوطن العربي خارج دائرة الاهتمام، والمتنافسان الأمريكيان في نظر العرب سيئان، ونبدي ميلنا للأقل سوءا منهما، بعكس اللوبي الصهيوني، الذي يثبت تأثيره في حركة الانتخابات، وفي عمق السياسة الأمريكية أيضا، ففي الكونجرس يهود، وكذلك في مفاصل الحركة الاقتصادية والثقافية، وفي صندوق البنك الدولي، والخارجية، إلى أن أصبح مندوب الولايات المتحدة في عملية السلام يهودي.
• السديري: إذا شخصنا الواقع نخلص إلى الحكم باستحالة بناء لوبي عربي لمواجهة اللوبي الصهيوني؛ وذلك لأن العالم العربي منكفئ على ذاته، وأصبحت بعض الدول المهمة والمؤثرة منشغلة في نفسها، نتيجة التغييرات التي تشهدها في داخلها على مستوى الأنظمة، كمصر وتونس وليبيا وسوريا، والذي يمكن أن نعلق الأمل فيه هو أن يجري استثمار الحركات الشعبية في إحياء القضية الفلسطينية، كونها أصبحت قوة ضاغطة على الأنظمة، بجانب الدور المنشود من وسائل الإعلام في إيقاظ الضمير العربي نحو مقدساتنا.
• عكاظ: ما المطلوب من الإدارة الأمريكية الجديدة لإيجاد حل عاجل وسريع للأزمة السورية؟
• شعث: لا أعتقد أنه ستكون هناك حرب لإنقاذ الشعب السوري، فهي ليست في أجندات الجمهوريين ولا الديمقراطيين، والولايات المتحدة لو أرادت إنهاء النظام السوري لأنهته في مدة وجيزة، كما استطاعت فعل ذلك في ليبيا. والنظرة الأمريكية لن تتغير تجاه سوريا طالما أن المصالح الأمريكية والإسرائيلية تتقاطع مع الوضع القائم حاليا من اقتتال داخلي ودمار يضعف النظام ويضعف الحالة القادمة بعد نظام الأسد، مما يجعل من ديمومة الحرب والدمار مصلحة يجب العمل على دعمها بعدم التدخل أو مساندة الذين يقاتلون ضد النظام، لا بالسلاح، ولا حتى بفرض قرار حظر الطيران.
• السديري: سياسة أوباما تكشفت ملامحها بتركيزها على معالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في الداخل الأمريكي بعد المخلفات التي تركها له سلفه بوش الابن، لذا لاحظنا أنه ركز في جولاته الانتخابية على الشأن الداخلي أكثر من السياسة الخارجية. فالوصف المطابق لحالته هو أنه «يملك قيادة من الخلف». في المقابل كان رومني مقلقا كثيرا، كونه ظهر أكثر تشددا في الشؤون السياسية، لكنه عاد إلى الهدوء كونه أحس بمخاوف الشعب الأمريكي تجاه الحروب والإقدام على التدخل العسكري. وفي الأيام القليلة هذه سوف تتضح لنا التوجهات الأمريكية نحو الأزمة السورية، وإن كنا على يقين بأن النظام زائل لا محالة.
• عكاظ: كيف سيصبح تعامل الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية مع حقبة الربيع العربي والملف النووي الإيراني؟
• السديري: الحالة يكسوها الغموض، فالصورة الظاهرة أن إيران تقف ضد السياسة الأمريكية في هذا الجانب، فهي دولة إقليمية تحاول مد نفوذها. وفي مقابلها دولة عظمى تفرض هيمنتها، والموقف الجديد يعتمد على نتائج الانتخابات الإيرانية المقبلة، ومدى قيام حركات ثورية في إيران، فلا شك أن السياسة الحادة التي تنتهجها إيران غير منتجة، وتقود إلى مشكلات كثيرة هي في غنى عنها.
• السوافيري: في الحقيقة، نحن غير متفائلين بحيادية الرئيس الأمريكي الجديد خاصة أن جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة تعاملت مع إسرائيل كالطفل المدلل، وتجاهلت قضايا الأمة العربية. وللأسف الشديد، الدول العربية لا تملك في الوضع الحالي أي أدوات تستطيع من خلالها مواجهة اللوبي اليهودي.