-A +A
عبدالله الاشعل
الخلاف بين السلطة وقطاع من المعارضة في مصر حول الإعلان الدستوري الجديد هو شكل من أشكال الصراع السياسي، وسببه الأساسي هو حالة التربص بالسلطة الجديدة من جانب القضاء منذ أن تم حل مجلس الشعب بحكم من المحكمة الدستورية العليا والذي لقي نقدا شديدا، ووصف بأنه حكم سياسي أو حكم قضائي دوافعه سياسية. ولكن هذا الخلاف امتد إلى قطاعات مختلفة داخل مصر وخارجها، ويهمني أن أشير إلى أن هذه الأزمة المفتعلة يمكن أن تؤدي إلى نتائج خطيرة في الساحة المصرية، بل يمكن أن تصعد القوى المناهضة للرئيس حملتها من الاعتراض والاعتصام والتحريض على الأخوان ومقارهم وسقوط ضحايا من الطرفين، وهي مقدمات إن لم يتم تداركها يمكن أن تنزلق بها البلاد إلى الفوضى. هذه الحالة ألقت عبئا ثقيلا على السلطات الأمنية في الوقت الذي تم فيه الزج بالقضاء والنقابات في هذه المعركة التي انفجرت وكأن المسرح كان ملتهبا ومعدا سلفا. وانهيار البورصة وخسارتها لحوالي ثلاثين مليار جنيه (أي خمسة مليارات من الدولارات) له دلالته الأخطر، خاصة وأن هذا المبلغ هو نفسه الذي وعد صندوق النقد الدولي بإقراضه لمصر، كما أنه الأخطر بعد الثورة وبعد ما شهدته البورصة من قفزات هائلة، وفي وقت بدأ الاقتصاد فيه يتعافى، مما يؤكد خطورة الأزمات السياسية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
انخرط الخارج فورا في الحديث، وشكل قوة ضاغطة على النظام، فقد صرح ماكين عضو الكونجرس الذي سبق أن رحب بالثورة وبفوز الأخوان بالرئاسة، بأن واشنطن تشجع الاتجاه نحو الديمقراطية، ولكنه يرى أن المساعدات لمصر سوف ترتبط بأي محاولة لإعاقة هذا الاتجاه. كذلك أعلنت منظمات حقوق الإنسان العالمية إدانتها لهذا الإعلان. والمطلوب الآن الإسراع في إيجاد مخرج سياسي لهذه الأزمة المفاجئة الطارئة؛ لأنها يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية وإلى سقوط النظام.

المشكلة ليست في الإعلان الدستوري بذاته، ولكن صدور الإعلان كان كلمة السر في اشتعال الموقف، خاصة وأن صياغته جانبها الصواب وتوقيته بحاجة إلى مراجعة، فليس المهم السلامة القانونية للإجراء، ولكن الأهم دراسة التربة التي ينزل هذا الإجراء عليها.
إن هذه الأزمة قابلة للاتساع وإن خسائر الإعلان تفوق كثيرا ما كان يتوخاه من منفعة الشعب والوطن، كما أنه يؤدي إلى آثار خطيرة في علاقات مصر الخارجية.