يتفق أنصار قطبي جدة الاتحاد والأهلي على قيمة الانتصار في المواجهة المرتقبة بينهما غدا على ملعب مدينة الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة وأهميته، وفقا للصراع المحتدم بين الناديين منذ سنوات والذي بلغ ذروته أخيرا بعد الأحداث التي حفلت بها مواجهتهما الآسيوية والأداء المتذبذب لهما محليا، ويتطلع مدربا الفريقين إلى الاستفادة من المواجهة المثيرة لدغدغة مشاعر الجماهير المحتقنة عليهما واستثمار ذلك في ترتيب الأوراق واستعادة الروح الغائبة، غير أن النقاد الرياضيين ينقسمون حول ما إذا كانت المواجهة تمثل بطولة خاصة بين الناديين أم لا، إذ يرى فريق أنها لا تتعدى حدود تنافس دوري قابل للتعويض محملين عدة أطراف تهويل الفوز فيها وقيمته، بينما يعتقد آخرون أنها أشبه بالبطولة باعتبار ترقب الجماهير لها وفي ظل التنافس المثير بين القطبين خارج الميادين وعلى مستوى المواجهات، في القضية التالية نفتح الملف مع نخبة من النقاد ونقف على حقيقة قيمة المواجهات وتأثيرها الجماهيري:
يقول رئيس النادي الأهلي الأسبق وعضو شرفه الحالي عبدالعزيز عبدالعال إن أي تنافس في مدينة واحدة يحمل نكهة خاصة وطعما مختلفا كما هو الديربي، وتظل هذه المواجهة جزءا مهما في تركيبة الأهداف التي تحملها إدارات الأندية مهما حاولت الحديث عن غير ذلك، غير أنها إن تجاوزت حدود المنافسة الشريفة وشابها الغلو يصبح الأمر هنا مرفوضا، وأضاف مع الأسف شاهدنا خروجا عن النص كثيرا في عدة مواجهات ولا أعتقد بان التصور لدى المشجع الاتحادي أو الأهلاوي بأن ينظر لمباراة دورية على أنها بطولة حتى وإن كانت تشهد كل هذه المنافسة الساخنة.
ومضى يقول أخذت المواجهات التنافسية في الفترة الأخيرة منحى غير الذي نأمله ولا يمكن أن نصفها هنا بهذا المفهوم، لأن من يعرف التنافس بين الاتحاد والأهلي الممتد لأكثر من 50 سنة يدرك أن ذلك بعيد عن ما بين الناديين من احترام متبادل وحضور قوي، وأضاف كنا تجدنا نتسامر ونسهر مع بعضنا وعلاقتنا بلاعبي الاتحاد جيدة وأذكر فريد زاهد والسحيم وغيرهما وهي علاقات أخوية لكنها لم تمنعنا من المنافسة مع بعض، لأننا ندرك معنى المنافسة الشريفة بضوابطها الأخلاقية والرياضية، فالعلاقات بين الأهلي والاتحاد لا تتجاوز المألوف وكل عائلة في جدة تضم الأهلاوي والاتحادي، ومع الأسف المنافسة الحالية ملوثة وهي امتداد للانفلات الذي تعيشه العديد من المباريات مما انعكس سلبا على أداء اللاعبين داخل الملعب وظهر الجانب غير الجيد للمنافسة لذا آمل تدخل العقلاء من الطرفين للحد من هذه الانتهاكات للروح الرياضية.
تأجيج الإعلام
من جانبه، يرى المدرب الوطني حمزة إدريس أن هذا المفهوم أصبح واردا وفرضته طبيعة المنافسة والظروف، وقال إن الأحداث الأخيرة التي رافقت مباراة الاتحاد والأهلي آسيويا سيكون لها دور كبير في ترسيخ هذا المفهوم عند الكثير من أنصار الفريقين على أنها «بطولة»، وأصبح كل فريق يلعب من أجل تحقيق الفوز لذلك من المتوقع أن تجد الضغط النفسي والعصبي طاغيا على أداء اللاعبين ما يسبب انخفاضا في المستوى العام للمباراة. وبين هداف الاتحاد التاريخي بأن الأحداث الأخيرة لا يمكن تعميمها على مباريات الفريقين على اعتبار أنها جاءت في ظل ظروف مختلفة فهي مباراة تمثل خروج مغلوب في بطولة قارية كما أنها حملت ردة فعل على القضايا التي واكبت مواجهات الفريقين مثل تقسيم الملعب وكذلك تأجيل لقائهما في الدوري كل ذلك انعكس على وضعية الفريقين وأصبحت المباراة خارج الملعب أكثر من داخله، وأرجع حمزة إدريس ذلك إلى بعض الإعلاميين من الطرفين متهما إياهم بإثارة التوتر والشد النفسي بين اللاعبين مما يؤثر سلبا على المباراة، مستبعدا تعاطي مدربي الفريقين مع المباراة على أنها «بطولة «، حيث قال ربما تكون الفكرة موجودة منذ وقت طويل لكن الآن الأمر تغير والفكر اختلف فلم يعد هناك من يفكر بهذه الطريقة لكن يجب أن لا نغفل بأن مباراة الاتحاد والأهلي هي مباريات جماهيرية وديربي قوي من المهم فيه تحقيق الفوز لما لذلك من تأثير من الناحية المعنوية والنفسية للاعبين أو لجماهيرهم، ولا نختلف بأن هذه المواجهات تلعب دورا كبيرا في تحسين الأوضاع الإدارية والمالية للنادي وتساعد على معالجة كثير من الأخطاء وتقويم الأمور وربما تمنح الفريق الرابح دفعة معنوية في مشواره بالدوري والعكس صحيح.
اهتمام جماهيري
أما إبراهيم سويد نجم الأهلي والاتحاد السابق فيرى أن مباريات الاتحاد والأهلي أشبه بالبطولة لما لها من تحضيرات خاصة وتهيئة وكذلك اهتمام جماهيري وإعلامي فكل شيء يسبق المباراة يؤخذ باهتمام، وقال تعتبر المواجهة بطولة عند البعض نتيجة ما يعيشه من حماس سواء بسبب انتماء لهذا النادي أو بسبب البئية التي يعيش فيها، فإن هذا الوضع كنا نشعر به نحن عندما كنا لاعبين ندرك بان جمهور الاتحاد أو الأهلي يتعاطى مع هذا المباراة بأهمية خاصة مما ينعكس على اللاعبين بالضغوطات النفسية التي قد تؤثر على مستوى المباراة.
وعن كون المواجهة ستكون معول عودة واستقرار قال أصبح هناك وعي وبات كل فريق يبحث عن بطولة ولعل ما شاهدناه للاتحاد على مدار 15 سنة الماضية يؤكد بأنه حقق إنجازات كبيرة وكذلك الأهلي الذي ينافس بشكل كبير على البطولات وهذا لم يكن يتحقق لولا أن كل فريق لديه رؤية بأن يكون بطلا من خلال البطولات الرسمية نحن لا ننكر مدى أهمية المباراة إلا أنها تظل منافسة تقليدية وأنا أتصور لو أن أحد الفريقين يفتقد إلى عاملي الجمهور والإعلام لوجدت المواجهات أقل من عادية لكن المكانة الكبيرة التي يتمتع بها الاتحاد والأهلي وكونهما من كبار الكرة السودية فمن الطبيعي أن يكون التنافس بينهما على أعلى مستوى لكن أتمنى أن يغلف ذلك التنافس الروح الرياضية قبل المباراة وبعدها.
وما من شك أن مواجهات الديربي لها طعم ومذاق خاص عند محبي الناديين، وهناك من يتابع لقاءتهما ويحرص على معرفة تفاصيلها الدقيقة قبل وبعد إقامتها وذلك من منظور تاريخي (تنافسي) تكون ولادته الحقيقة منذ تلك المواجهة التي حقق فيها الاتحاد فوز تاريخيا ثقيلا على الأهلي بثمانية أهداف مقابل هدفين ومنذ ذلك الحين أصبح الأهلايون همهم الأكبر كسر هذا الرقم، وتفوق فريقهم في العصر الذهبي وهزم الفريق الاتحادي بنتائج ثقيلة وصلت إلى خمسة أهداف عدة مرات.
صحوة وتعديل
من جانبه، تحدث الإعلامي المخضرم عبدالله الشيخي وقال لا نستطيع أن نغير الحال حتى ولو تحدث الإعلاميوين جميعا والنقاد وقالوا بأن المباراة عادية فإن الجمهور هو المقيم الحقيقي وهو من يرى المباراة بأنها بطولة أو أنها تعالج كافة الإشكاليات التي يمر بها كل فريق لذلك تظل المباراة مباراة بطولة على اعتبار أن كل فريق مطالب بتحقيق الفوز وأعتقد لو تحقق ذلك لربما حقق الفريق الفائز مكاسب عديدة وتغيرت لديه أشياء كثيرة والفوز في مثل هذي المباريات ينسى الجمهور أي انكسارات أو إخفاقات وعلى سبيل المثال لو استطاع أحد الفريقين كسب المباراة المقبلة أعتقد وبرغم كل الأوضاع السئية التي يمر بها كل فريق وبرغم المستويات الضعيفة التي قدمها بالدوري فإن الفوز بالديربي هي بمثابة طوق النجاه للإدارات وللمدربين وللاعبين وهذا حال كل الديربيات في العالم، فهي بطولة حتى لم تكن متوجا سواء قبلنا بها أو لم نقبل، إلا أن الملاحظ على مباريات الأهلي والاتحاد أنها أخذت منحنى آخر نرفضه جميعا بجعلها على صفيح ساخن يقودها للخروج عن الأخلاق الرياضية وهذا مرفوض ولا علاقة له بالمنافسة، قد نلتمس العذر للشد العصبي والضغوطات التي يجدها اللاعب في المباريات المفصلية كخروج المغلوب ولكن لا نقبلها في المباريات الدورية إطلاقا، فالمكسب والخسارة ليست نهاية المطاف وأمر طبيعي طالما تلعب كرة قدم لكن في تصوري من يساهم في هذا الاحتقان الذي يلقي بظلاله على المباريات هو عدم التهئية النفسية والإدارية وأيضا الفنية للاعبين مما يتم تعويضها بالشد كما أن لبعض الإعلاميين دور في هذا الاحتقان من خلال ما تفرزه أقلامهم، لذا زملائي الإعلاميون مطالبون بالمساهمة في توعية المدرجات وترسيخ الاخلاق الرياضية كمبداء نسير عليه في الرياضة وهو شعارنا أولا وأخير واختتم الشيخي حديثه بأنه يتطلع لمشاهدة مباريات الاتحاد والأهلي وغيرها من المنافسات المحلية كما نشاهد مباريات برشلونة وريال مدريد وميلان والإنتر تبدأ بمصافحة وتبادل قمصان وتنهتي كذلك.