-A +A
محمد مجاهد الزيات
بعد أسبوع حافل من الاحتجاجات والمواجهات بين قوى المعارضة للرئيس مرسي والمؤيدة له، وصل الاحتقان إلى مستوى غير مسبوق، حيث أصرت جبهة الإنقاذ الوطني التي تمثل الكيان الوطني للمعارضة على ضرورة إلغاء الإعلان الدستوري الأخير، وتأجيل الاستفتاء على الدستور في الوقت الذي يتمسك فيه الرئيس مرسي بموقفه مع قبوله بالنظر في بعض ما تطرحه المعارضة من خلال حوار وطني شامل.
ودعا الرئيس للحوار، وكان المشهد السياسي قبل هذا الحوار قد بلور ملامح جديدة على الساحة السياسية المصرية، من خلال المؤتمر الصحفي للمرشد العام للإخوان الذي حرص خلاله على إيضاح ما يملكه من نفوذ وسلطة وتوجيه للعملية السياسية، وأعقبه مؤتمر صحفي آخر تصدره خيرت الشاطر الرجل القوي في الجماعة. وأكد المؤتمران على الدعم الواضح للإعلان الدستوري، وضرورة إجراء الاستفتاء على الدستور في موعده، واتهام جهات وشخصيات مصرية بالتآمر ومحاولة تقويض الشرعية.

وجاء بيان القوات المسلحة الذي يحذر من الدخول في مواجهات يمكن أن تدخل مصر في نفق مظلم، وفسر البعض بيان القوات المسلحة بأنه موقف محايد، يحذر فيه أطراف الصراع السياسي، ويؤكد مراقبة الجيش للتطورات واستعداده للوقوف في وجه أي محاولة لزعزعة الاستقرار، كما فسره البعض الأخر أنه دعم لمؤسسة الرئاسة ويأتي في إطار رفض محاولات بعض قوى المعارضة لتجاوز المظاهرات السلمية إلى تهديد المؤسسات الرسمية، وإن كنت أرى أن الطرفين حملا البيان أكثر مما يحتمل، وأنه جاء ليؤكد أن القوات المسلحة لا تزال إحدى القوى التي تملك تأثيرا في تفاعلات الأزمة السياسية، وإن كانت تؤكد على التزامها بالشرعية.
المهم هنا أن نشير إلى أنه رغم صدور إعلان دستوري جديد يلغي الإعلان القديم الذي أثار الخلاف السياسي الكبير، إلا أن الأزمة السياسية لا تزال تتفاعل، ولا شك أن الإعلان الجديد قد استهدف بالدرجة الأولى إزالة الخلاف القائم بين مؤسسة الرئاسة والسلطة القضائية، فلاشك أن التخلي عما تضمنه الإعلان الدستوري السابق من تحصين لقرارات الرئيس وتكبيل ليد السلطة القضائية في مواجهته قد زال في الإعلان الدستوري الجديد، وهو ما يرجح معه أن تتم ترضية السلطة القضائية، وتنفصل بذلك عن قوى المعارضة السياسية، وتوافق على الإشراف القضائي على الاستفتاء أو على الأقل يوافق جمهور كبير من القضاة، الأمر الذي يمكن أن يخفف المعارضة في مواجهة الرئاسة.
هذا المشهد السياسي بملامحه الجديدة يعكس بصورة كبيرة حجم طبيعة ومدى الانقسام الذي تشهده الحياة السياسية في المرحلة الأخيرة، والتي تنذر بمزيد من الاحتقان السياسي الذي سوف يفرض تداعيات على الحياة في مصر خلال الفترة المقبلة.