تكاد ظاهرة النجومية في العالم تقتصر على المطربين والممثلين وبعض أهل السياسة والعرافين... وما إلى ذلك. أما الشعراء والأدباء فليس لهم من هذه الظاهرة نصيب يذكر إلا ما ندر. وهو أمر ليس بالمستغرب في ظل عزوف العرب عن القراءة إلى حد أن الطبعات الأولى من مؤلفات كبار كتابهم ومبدعيهم تظل راقدة في سراديب دور النشر لعقود من الزمن. والكتاب الذين أصبحوا نجوما، كما هو حال نزار قباني ومحمود درويش، لم يحققوا شهرتهم الواسعة بفضل إبداعهم المجرد، بل بسبب الضرب على الوتر العاطفي والشهواني في حالة نزار، وعلى وتر الحنين إلى الأندلس الجديدة المتمثلة بفلسطين في حالة درويش. وهذه الملاحظة ليست في معرض الانتقاص من قيمة الشاعرين الكبيرين، بقدر ما هي تنويه جديد إلى «القيمة المضافة» التي يجب أن يكتسبها المبدع العربي لكي يجد سبيله إلى الشهرة والرواج.
أحببت أن أطل من هذا التمهيد على الظاهرة شبه الفريدة التي تشكلها الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي في المشهد الثقافي المعاصر.
فقبل صدور روايتها الشهيرة «ذاكرة الجسد» عام 1993م، كانت مستغانمي تقبع في دائرة الظل تقريبا، ثم فجأة تغير كل شيء، وبدت الحصاة التي ألقتها الكاتبة في مياه العرب الراكدة قادرة على إحداث آلاف الدوائر. فالرواج الذي تحقق لكتبها المتلاحقة لم يحظ به كاتب عربي من قبل، بمن فيهم نزار نفسه الذي كتب على غلاف إصدار مستغانمي الأول «روايتها دوختني». ذلك أنها الوحيدة بين الكتاب التي تجاوزت طبعات كتبها الثلاثين طبعة، والتي تباع رواياتها من مثل «فوضى الحواس» و«عابر سرير» في المطارات والحوانيت وأكشاك الصحف... وغيرها. وأمس في معرض بيروت للكتاب احتشد الآلاف من «المعجبين» للحصول على توقيع روايتها الجديدة «الأسود يليق بك».
لا أكتب هذه الكلمات في إطار الانتقاص من موهبة أحلام، ولم أشارك من قبل في حملة الاغتيال الممنهجة التي شنها البعض على الكاتبة الأكبر شهرة في بلاد العرب حين نسبوا أعمالها الأولى إلى سعدي يوسف ومالك حداد ونزار قباني وغيرهم. صحيح أنها رأت في لغة نزار النضرة واللينة نموذجها الأبهى، ولكن الأمر لا يتعدى التأثر إلى سواه. كما أن لغتها لا تشبه لغة سعدي يوسف في شيء، لكنني أتساءل ــ بالمقابل ــ عن الأسباب التي هيأت لأحلام سبل النجومية القصوى، في حين أن روائيين كبارا، بمن فيهم مواطنها واسيني الأعرج، لم يحظ بهذا الرواج الشعبي غير المسبوق، هل هو الضرب على أوتار الجسد العربي المغلول، أم الإتقان الماهر للعبة التسويق الإعلامي التي تولتها الفضائيات اللبنانية بامتياز؟ هل هي هالة الانتماء على وهج الكفاح الجزائري، أم انتزاع المبادرة من عهدة الذكور واسترداد الأنوثة العربية لنصيبها من البوح العاشق؟
ربما لهذه الأسباب مجتمعة استطاعت أحلام مستغانمي أن تكون الكاتبة الأكثر نجومية ورواجا في الزمن العربي الراهن. ولكن الرواج والجودة ليسا توأمين دائمين، وعلى الكاتبة أن تتنكب المزيد من المشقة والقلق إزاء مشروعها الروائي الذي يحتاج إلى المزيد من المغامرة واستكشاف المجهول.
أحببت أن أطل من هذا التمهيد على الظاهرة شبه الفريدة التي تشكلها الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي في المشهد الثقافي المعاصر.
فقبل صدور روايتها الشهيرة «ذاكرة الجسد» عام 1993م، كانت مستغانمي تقبع في دائرة الظل تقريبا، ثم فجأة تغير كل شيء، وبدت الحصاة التي ألقتها الكاتبة في مياه العرب الراكدة قادرة على إحداث آلاف الدوائر. فالرواج الذي تحقق لكتبها المتلاحقة لم يحظ به كاتب عربي من قبل، بمن فيهم نزار نفسه الذي كتب على غلاف إصدار مستغانمي الأول «روايتها دوختني». ذلك أنها الوحيدة بين الكتاب التي تجاوزت طبعات كتبها الثلاثين طبعة، والتي تباع رواياتها من مثل «فوضى الحواس» و«عابر سرير» في المطارات والحوانيت وأكشاك الصحف... وغيرها. وأمس في معرض بيروت للكتاب احتشد الآلاف من «المعجبين» للحصول على توقيع روايتها الجديدة «الأسود يليق بك».
لا أكتب هذه الكلمات في إطار الانتقاص من موهبة أحلام، ولم أشارك من قبل في حملة الاغتيال الممنهجة التي شنها البعض على الكاتبة الأكبر شهرة في بلاد العرب حين نسبوا أعمالها الأولى إلى سعدي يوسف ومالك حداد ونزار قباني وغيرهم. صحيح أنها رأت في لغة نزار النضرة واللينة نموذجها الأبهى، ولكن الأمر لا يتعدى التأثر إلى سواه. كما أن لغتها لا تشبه لغة سعدي يوسف في شيء، لكنني أتساءل ــ بالمقابل ــ عن الأسباب التي هيأت لأحلام سبل النجومية القصوى، في حين أن روائيين كبارا، بمن فيهم مواطنها واسيني الأعرج، لم يحظ بهذا الرواج الشعبي غير المسبوق، هل هو الضرب على أوتار الجسد العربي المغلول، أم الإتقان الماهر للعبة التسويق الإعلامي التي تولتها الفضائيات اللبنانية بامتياز؟ هل هي هالة الانتماء على وهج الكفاح الجزائري، أم انتزاع المبادرة من عهدة الذكور واسترداد الأنوثة العربية لنصيبها من البوح العاشق؟
ربما لهذه الأسباب مجتمعة استطاعت أحلام مستغانمي أن تكون الكاتبة الأكثر نجومية ورواجا في الزمن العربي الراهن. ولكن الرواج والجودة ليسا توأمين دائمين، وعلى الكاتبة أن تتنكب المزيد من المشقة والقلق إزاء مشروعها الروائي الذي يحتاج إلى المزيد من المغامرة واستكشاف المجهول.