-A +A
ياسر محمد عبده يماني
هيئة الإغاثة الإسلامية من المنظمات التي لها مكانة خاصة في نفسي، فمنذ نشأتها عملت فيها كمتطوع في زمن إشراف الدكتور فريد قرشي ــ رحمه الله ــ فقد كان هو ومجموعة من زملائه في الجامعة، مثل الدكتور إبراهيم الغفيلي وآخرين من الشخصيات المتميزة التي تعمل في مجال العمل الإنساني بأسلوب مميز وعلى أسس علمية، وقد شاركناهم الحلم وتعلمنا على أيديهم الكثير، وخصوصا أساليب الفكر الوقفي، فرأينا كيف يصنع الرجال الأحلام، ويحققون الأهداف بعيدة المدى، ويعملون بجد واجتهاد، ويأخذون بالأسباب التي توصلهم إليها.
كانت تلك الفترة من الفترات المتميزة؛ لأنها شهدت هذا النوع من الفكر، ولا سيما فكر المال الوقفي والتعامل معه بأساليب عالمية حديثة وجديدة في شتى صورها، مثل مشروع سنابل الخير الذي أصبح ــ فيما بعد ــ عصبا رئيسيا في قوام هذه المؤسسة ومصدرا من مصادر قوتها بتوفيق من الله ــ سبحانه وتعالى.

وعلى صعيد نشاط الهيئة في العالم الإسلامي، حققت الهيئة نجاحات كثيرة في التعامل مع الأوضاع المختلفة في دول العالم الإسلامي وفي دول الأقليات الإسلامية، فقد افتتحت كثيرا من المكاتب لتغطي جغرافية معظم الأقطار في العالم، ووضعت برامج عديدة وشاركت العديد من المنظمات الإسلامية ودول كثيرة في برامج أخرى، ولا يستطيع منصف أن ينكر تلك الأدوار الرائدة التي قامت بها، بالرغم من حدوث بعض السلبيات والأخطاء، ولكنها أمر طبيعي في أي عمل بشري بهذا الحجم.
ولقد كان في الفترة الأخيرة الأخ الدكتور عدنان باشا يشرف على هيئة الإغاثة كأمين عام لها، واستطاع أن يؤدي دورا متميزا في إعادة ضبط الأمور الإجرائية والإدارية والتدقيق بعمق في الأمور المالية، بما انعكس على تحسين أداء هذه الهيئة العالمية، وهو رجل إداري نشهد له بالنزاهة والكفاءة.. فجزاه الله خيرا على ما قدم.
وكم فرحنا، مؤخرا، بصدور قرار تعيين الأخ العزيز والأستاذ الفاضل إحسان صالح طيب أمينا عاما لهيئة الإغاثة الإسلامية؛ لأنه جاء بخير خلف لخير سلف، وهنا أحب أن أشير إلى أن الأستاذ إحسان طيب يعتبر من الخبرات الكبيرة في العمل الإنساني والاجتماعي وعمودا أساسيا من أعمدته في المملكة وخارجها، وهو رجل جمع بين المكانة العلمية المتخصصة والخبرة الطويلة المتنوعة في مختلف الأنشطة الاجتماعية والإنسانية، فقد كانت له إسهامات في الجمعيات الخيرية وتطويرها وتوسيع آفاقها وفي فتح القنوات بين الدولة، ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني، وله تاريخ عمل حافل مع دور الأحداث وفي السجون ودور التوجيه ودور الملاحظة ومكافحة التسول، وفي مختلف الأنشطة الاجتماعية التي تعود على المجتمع بالخير، حتى أطلق عليه العاملون والمسؤولون في هذه القطاعات عاشق العمل الخيري، فقد كان يؤدي عمله بحب وعشق وإيمان راسخ بالرسالة التي يؤديها؛ لذلك كان من الشخصيات القليلة التي زاد بريقها عندما تركت العمل العام وواصلت مسيرها في مؤسسات العمل الإنساني الخاصة، فقد شهدت بنفسي كيف كانت تتسابق تلك المؤسسات على استقطابه ليكون مشاركا معها، سواء بصفة دائمة أو بصفة استشارية؛ لذلك جاء تعيينه أمينا عاما لهيئة الإغاثة الإسلامية بمثابة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولا أنسى في هذا المقام أن أتوجه بالشكر لمعالي الدكتور عبد الله التركي؛ لأنه ببعد نظره أحسن الاختيار وأعطى القوس باريها.
وأخيرا، أبارك لأخي الأستاذ إحسان طيب على هذه الثقة، واسأل الله له التوفيق والنجاح، وأن يجري الله على يديه هو وزملائه في الهيئة الخير الكثير، وأن يضفي من روحه الخيرة وهمته المتوقدة على نشاط هيئة الإغاثة بما يعينها على تحقيق المزيد من أهدافها ورسالتها الإنسانية.
والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل.