-A +A
فهيم الحامد
اليمن الذي زرته قبل سبعة أشهر يختلف لحد ما عن اليمن الذي أزوره حاليا، فلقد شهد اليمن العام الماضي تحديات سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة بسبب ثورة شباب اليمن التي أدت إلى تغيير نظام الحكم وظهور حكومة وفاق وقيادة رئاسية ومعارضة يمنية جديدة وفق المبادرة الخليجية. وفي نفس الوقت، نلحظ بزوغ إشكالات ومعوقات من نوع آخر جعلت اليمن يدور في محيط مشكلات تحتاج لمزيد من وحدة الصف وحشد الطاقات لمواجهة التحديات بعقلية مختلفة غير تلك السائدة قبل الثورة؛ لأن الفشل الآن ــ لا قدر الله ــ يعني الدخول في النفق المظلم.
والرئيس هادي رغم مرور أكثر من عام على توليه السلطة ما زال يواجه تعقيدات كبيرة جراء عدم الوصول إلى رؤية توافقية لجلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار الوطني، رغم الوصول لتركيبة المتحاورين، فضلا عن الأعمال الإرهابية التي لا يزال يقوم بها تنظيم القاعدة رغم دحرها من محافظة أبين، والتي ما تزال تشكل تحديا كبيرا للأمن والسلام في اليمن.

والانفراج الذي حدث مؤخرا على المستوى الأمني السياسي جاء نتيجة تنفيذ المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والجهود المضنية التي بذلها وما يزال يبذلها الرئيس اليمني هادي لإحداث التوافق وحلحلة معوقات الحوار. ومما لا شك فيه أن عدم إيجاد حلول لهيكلة الجيش والمؤسسات اليمنية، والتي تعتبر مطلبا رئيسيا لأطراف الأزمة خاصة في ظل استمرار بعض القيادات العسكرية في مواقعها بل وتمسكها بهذه المواقع التي كانت متواجدة فيها إبان حكم النظام السابق، يعتبر عائقا رئيسيا للشروع في الحوار الوطني.
اليمن وبعد أكثر من عام من توقيع المبادرة الخليجية لا يزال في عراك مستمر مع التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والمتجسدة في تدخل أطراف خارجية متمثلة بإيران والتي تسعى لإفشال المساعي الهادفة لإنجاح التسوية السياسية عبر المبادرة الخليجية، بالإضافة إلى دعم طهران الفاضح والمعلن للحوثيين بهدف تكريس مبدأ الطائفية والمذهبية وتحويل اليمن إلى ساحة صراعات طائفية.
ويبقى الإنسان اليمني المنهك صامدا وواقفا على سيف حاد، فهو الخاسر الوحيد من تدهور الأوضاع وهو الكاسب الوحيد من التسوية السياسية. ويبدو أن الشعب استفاد من تجربة الثورة اليمنية التي حولت اليمن لساحة صراعات داخلية وخارجية كان وقودها الأبرياء من الشعب اليمني وأصبح أكثر وعيا وأكثر حرصا على مصالح وطنه.