لم يكن معرض بيروت للكتاب في أفضل حالاته، هذا العام، ليس فقط بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان منذ سنوات، بل بسبب قلق اللبنانيين على مصيرهم في ظل العواصف التي تضرب المنطقة من كل جانب، ورغم ذلك فإن أروقة المعرض وممراته كانت تغص بألوف الوافدين الذين رأوا فيه عيدهم السنوي الدوري، والبقعة شبه الوحيدة التي تشع بالمعرفة والفرح وتجديد العلاقة بين الأصدقاء المتباعدين، صحيح أن نسبة مبيعات الكتب قد تراجعت عن الأعوام الماضية ــ وفق معظم الناشرين، لكن المعرض ككل معرض مماثل ليس مجرد سوق للبيع والشراء، بل احتفال ثقافي جماعي، ومرآة عاكسة لصورة الأمة في وجوهها الحضارية والمعرفية المختلفة، وإذا خطر للبعض أن يسمي الكتاب سلعة، ككل السلع المماثلة، فهو على الأقل سلعة نبيلة تتصل بأعمق ما في النفس الإنسانية من شفافية وتوهج.
قد تكون ظاهرة تواقيع الإصدارات الجديدة في معرض بيروت هي الظاهرة الأكثر «استشراء» وتفاقما هذا العام، ويكفي أن يتابع المرء أخبار المعرض وأنشطته ليلاحظ سيل الأسماء المندرجة في خانة التوقيعات على اللوائح اليومية لدور النشر، وهذه الظاهرة التي بدأت مع نجوم الأدب المعروفين، كنزار قباني، ومحمود درويش، قبل ثلاثة عقود لم تعد الآن حكرا على النجوم وحدهم، بل تعدتهم إلى كل كاتب ناشئ أو ملفق أوهام أو منتحل صفة، وقد جاءت ظاهرة «الفيس بوك» لتزيد الطين بلة، ولترفع منسوب الادعاء وتضخم الذات بما يدفع الجميع إلى إصدار نصوصهم المتهافتة في كتب مستقلة، ولربما استنفر هؤلاء طوائفهم وأحزابهم وعائلاتهم واحتلوا قوائم الكتاب الأكثر مبيعا، متفوقين على العديد من الرواد والمكرمين.
لم يجد بعض زائري المعرض من أصحاب الدخل المحدود من وسيلة لتفادي الوقوع في أفخاخ الموقعين المنتشرين في ردهات قاعة البيال سوى الاحتماء بالمقهى المخصص لراحة الزائرين من عناء التجول و«الدفع» المرهقين، فأي خطوة متهورة خارج الكافتيريا قد تكبد الفاعل خسائر جسيمة، في ظل استغلال الناشرين لخجل الذاهبين إلى التوقيع ومضاعفة أسعار الكتب الموقعة.
لذلك ارتأى البعض أن يكلفوا واحدا أو أكثر من بينهم لاستطلاع الممرات الآمنة والخالية من الكمائن، قبل أن يسلكوا الطريق الموصلة من الكافتيرا إلى بوابة الخروج.. على أن نجاح هذه الحيلة لم يكن مضمونا تماما؛ لأن الدقائق الفاصلة بين زمن البشارة وزمن الخروج قد تحمل مفاجأة غير محسوبة وموقعين جددا لم يؤخذوا في الحسبان.
لقد هزلت هذه الظاهرة وتفاقمت أي تفاقم. وبات علينا نحن المشتغلين بالكتابة أن نفكر طويلا قبل أن نتحول إلى أحصنة رهان خاسرة في بورصة الناشرين.
قد تكون ظاهرة تواقيع الإصدارات الجديدة في معرض بيروت هي الظاهرة الأكثر «استشراء» وتفاقما هذا العام، ويكفي أن يتابع المرء أخبار المعرض وأنشطته ليلاحظ سيل الأسماء المندرجة في خانة التوقيعات على اللوائح اليومية لدور النشر، وهذه الظاهرة التي بدأت مع نجوم الأدب المعروفين، كنزار قباني، ومحمود درويش، قبل ثلاثة عقود لم تعد الآن حكرا على النجوم وحدهم، بل تعدتهم إلى كل كاتب ناشئ أو ملفق أوهام أو منتحل صفة، وقد جاءت ظاهرة «الفيس بوك» لتزيد الطين بلة، ولترفع منسوب الادعاء وتضخم الذات بما يدفع الجميع إلى إصدار نصوصهم المتهافتة في كتب مستقلة، ولربما استنفر هؤلاء طوائفهم وأحزابهم وعائلاتهم واحتلوا قوائم الكتاب الأكثر مبيعا، متفوقين على العديد من الرواد والمكرمين.
لم يجد بعض زائري المعرض من أصحاب الدخل المحدود من وسيلة لتفادي الوقوع في أفخاخ الموقعين المنتشرين في ردهات قاعة البيال سوى الاحتماء بالمقهى المخصص لراحة الزائرين من عناء التجول و«الدفع» المرهقين، فأي خطوة متهورة خارج الكافتيريا قد تكبد الفاعل خسائر جسيمة، في ظل استغلال الناشرين لخجل الذاهبين إلى التوقيع ومضاعفة أسعار الكتب الموقعة.
لذلك ارتأى البعض أن يكلفوا واحدا أو أكثر من بينهم لاستطلاع الممرات الآمنة والخالية من الكمائن، قبل أن يسلكوا الطريق الموصلة من الكافتيرا إلى بوابة الخروج.. على أن نجاح هذه الحيلة لم يكن مضمونا تماما؛ لأن الدقائق الفاصلة بين زمن البشارة وزمن الخروج قد تحمل مفاجأة غير محسوبة وموقعين جددا لم يؤخذوا في الحسبان.
لقد هزلت هذه الظاهرة وتفاقمت أي تفاقم. وبات علينا نحن المشتغلين بالكتابة أن نفكر طويلا قبل أن نتحول إلى أحصنة رهان خاسرة في بورصة الناشرين.